دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 20 مايو 2014 آخر تحديث: الإثنين، 07 فبراير 2022
دلال الغامدي

  عندما كانت صغيرة تمنت أن يكون لها شأن في مجال الفن التشكيلي؛ لأنها كانت ترى اللوحة ملاذا لها من خلالها تستطيع التعبير فيه بكل حرية عن كل ما بداخلها فعملت على ذلك واجتهدت وتخصصت وحصلت على البكالوريوس في الفنون الجميلة انها الفنانة دلال فؤاد الغامدي التي ما زالت تعمل على تطوير موهبتها لتصل إلى أعلى المراتب وذلك من خلال إيجاد خط خاص بها ومدرسة تخصها كما تقول، وذلك كي تساعدها على ترك اثر ايجابي في الساحة التشكيلية وفي مجال الفن التشكيلي السعودي والعربي والعالمي، إلتقت بها ليالينا و دار هذا الحوار الشيّق :

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون

أي المدارس الفنية تسير عليها دلال في أعمالها ؟

كنت أعمل على المدرسة الواقعية في البدايات,  وﻻزلت أعشقها حيث تستهويني التفاصيل, وأحبُّ اﻻنتصار عليها في تطبيقها على لوحتي, يشعرني ذاك الإحساس بالسعادة, وأستخدم المدرسة التجريدية في أغلب أعمالي الحالية, وقد أستخدم غيرها مستقبلاً تبعاً لمزاجية الفنان الذي بداخلي .


لكل فنَّان مصدر طاقة و إلهام، ممن تستمدينها؟ و هل هناك عرّاب لك ترين فيه طموحك وتطلعاتك ؟

باختصار وبكلمة واحدة مصدر طاقتي و إلهامي وعرّابي بعد الله عزّ وجل هو والدي - أطال الله في عمره - أرى فيه أحلامي, وأسعى ﻷحققها لأجعله فخوراً بي دائماً, فهو من سقى بذرة الفنِّ في روحي بصبره وتشجيعه, فلم تترك يداه يدي منذ أن بدأت طريقي في مجال الفنِّ التشكيلي, سهل لي الصعاب وأضاء لي الضوء الأخضر لممارسة عشقي للألوان باحتراف, بعد أن قلدني قلادة الثقة, وربّاني على رؤية الله بين عينيّ في كل تصرفاتي, وألا أجتاز حدي, وأن أحترم أهلي ومجتمعي ووطني .


لكل ناجح قصة ، كيف استطعتِ النجاح ؟

النجاح والفشل طريقان أمامنا, نحن من نختار أين نسير, ومن أين ننطلق. بالعمل والمثابرة واﻻجتهاد والإرادة ووضع الحلم والهدف نصب أعيننا سنتمكن من الوصول لما نتمنى, وسنتخطى كل العقبات والصعوبات والمستحيلات بكل سهولة, بعد الله ستتيسر كل المعوقات باﻻلتزام بأخلاقيات العمل والتواجد اﻻجتماعي, فما كان لك سيأتيك دون الحاجة لأخذه بطرق مشينة, أو المنافسة بطرق غير شريفة أو التسلق على ظهور الآخرين, مما يفسد طعم النجاح العصامي الحقيقي الذي تستحقه.


متى تحولت أعمال دلال من الهواية إلى الاحتراف ؟

منذ أن تخرجت من المدرسة بدأت لديّ الخطة لتجسيد العشق المدفون بداخلي للألوان, فتخصصت في دراستي الجامعية في دراسة التربية الفنية, لصقل الموهبة بالتعليم الأكاديمي الذي يهذب تلك الهواية, ويجعل منها فناًّ تشكيلياً مميزاً يحمل رسالة, ويسعى للتطور والإبداع المستمر .


هل خدمتك المعارض بشكل خاص ؟

طبعاً .. المعارض التشكيلية خدمت كلَّ الفنانين في الظهور والتواجد, وإبراز كل تلك الرسائل الملونة على جدرانه لإشباع وتغذية بصر المتلقي والفرد المهتم والناقد والفنّان, فقد كانت تحمل نفس وظيفة المجلة التي تعرض كل ما هو جديد ومميز ومبتكر من مختلف المناطق أو مختلف البلدان, ولكننا ﻻ زلنا بحاجة إلى صاﻻت عرض تشكيلية تضاهي الصاﻻت العالمية, لكي يبرز الفن التشكيلي السعودي عربياً وخليجياً وعالمياً وإقليمياً أيضاً, فلا ينقصنا الفنّ وﻻ الإبداع وﻻ الفنانين, نحتاج فقط جهة تدعم وتتبنى الفنّ السعودي لترقى به عالمياً
 

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون


الفنُّ في المطلق يحمل رسالة، ما هي رسالتك التي تسعين لإيصالها للعالم ؟

بداخلي رسائل كثيرة, ولكل لوحة من لوحاتي رسالة, فأنا أعمل وأرسم لتوجيه رسائل لونية بإحساس فنانة وعيون مجتمع .


حضورك في معرض “الكرة تجمعنا» كان مميزاً ، ماذا أضاف لك ؟

بحكم أن الرياضة السعودية بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة هي حديث كل بيت سعودي بسيط, حيث ﻻ يخلو منزل من مشجع أهلاوي أو أسرة اتحادية أو جيران نصراويين أو إخوة هلاليين, ومن هنا حاولت الدخول عليهم من خلالها, فكانت تجربة معرض الرياضة السعودي الأول «الكرة تجمعنا» كان مفتاحاً لدخولي لمجتمع الرياضة, وإيصال رسائل مختلفة من خلال الألوان, فحاولت أن أجمع بين فنِّ اللون وفنِّ كرة القدم لنبذ الأفكار العنصرية والتعصبية في المجال الرياضي, واﻻجتماع  تحت لواء الفنِّ والإبداع, فأضاف لي الرؤية الحقيقية لعالم الكرة, وأضاف لي جمهور كرة القدم  خبرة رياضية, واستطعت من هنا التواصل معهم بإيصال فكر وروح الفنِّ التشكيلي, وربطه بثقافة مهمة في وطني, أﻻ وهي الثقافة الرياضية.


يبقى الجانب الحرفي في المملكة يفتقد للدعم و التكريم كما في غيرها، ما رأيك ؟

وطني المملكة العربية السعودية مليء بالشباب والشابات المحترفين المبدعين, أصحاب الفكر الراقي واﻻبتكار المميز, فقد نافسوا خارجياً أصحاب البلدان المبتعثين فيها, ولكن هنا أصواتهم ضعيفة ومنخفضة لتلك الآذان التي ﻻ تسمع إﻻ أصحاب الفيتامينات, فإن كنت صاحب طموح, وتحمل هدفاً ورسالة, وبيدك شهادة يجب أن تكافح وتنحت في الصخر ليعلو صوتك, ويسمع صدى إبداعك ونجاحك وإنجازك الكل, فيلتفتون لك ويتبنون فكرك ويدعمونك هذا (إن سمعوك) ومن ثَم يكرمونك ويفرحون بكفاءاتك.

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون


أعتقد أن لغة الريشة لغة رائعة بما تقدمه، أيٌّ من جوانب الحياة يجذبك في أعمالك ؟

كلُّ جوانب الحياة تخضع تحت إمرة الريشة واللون, فلا حدود وﻻ قيود في الرسم والتعبير والإبداع.. الرسم هو لغة لونية صامتة, تتحدث بلغة الإحساس والعيون, تدرك مكامن الضعف وتعبر عنه بقوة وصرامة بحروف لونية تسعى لإيصال صورة حسية راقية بمفهوم فلسفي يدركه المتلقي ويبدع في ابتكاره الفنان, هذا بصفة عامة, أما بصفة خاصة فأنا تجذبني النواحي الإنسانية اﻻجتماعية في العالم, وكل ما يخص المرأة من إحساس ومعوقات وأحلام وطموحات وعقبات, ورسائل مليئة بألوان من الأمل واليأس, ومن الفرح والحزن, ومن النجاح والفشل, فلا أحد يستطيع التعبير عن المرأة أصدق من إحساس امرأة مثلها .


ما هي الأشياء التي يجب أن تتوافر في الفنان لتصل أعماله للجمهور بشكل بسيط وواضح ؟

الصدق . الإحساس . الرسالة .. فليس الهدف من الرسم أو الفن التشكيلي هو مسابقة الزمن لضخ الأعمال في صاﻻت العرض وملء جدرانها بشيء ميت ﻻيحمل روح الفنان, وﻻ رسالة موجهة, وﻻ صدق إحساس, فمتى ما توافرت كل تلك الشروط, استطاع الفنان أن يسلب لبَّ المتلقي ببساطة روحه المنتشرة في كل لون في اللوحة, واستفزت مشاعره لمحاولة فهم مغزاها وفك رموزها, والوصول للمعنى والرسالة الحقيقية التي يقصدها الفنان من لوحته.

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون


بعيداً عن الفن .. أي الهوايات التي تملأ وقت فراغك ؟

غالباً الرسم يأخذ كل وقتي, ولكنني مأخوذة بكل ما يتعلق بالألوان من تصاميم ديكور .. تغليف هدايا .. مكياج .. بالإضافة إلى الكتابة, فأنا ألجأ للحرف وأعبر به حين تملُّ مني لوحتي .


كما يقال الفنانُّ التشكيلي منزوٍ في بعض جوانب حياته، ما سبب ذلك ؟

قدرة الفنان في تحوير الحقيقة وابتكار زاوية جديدة لرؤيتها, يستنزف مجهوداً ذهنياً عالياً يحتاج فيه الفنان أن يحاول ويحاول ويحاول لإيجاد تلك الزاوية واﻻنطلاق منها لبداية اغتيال بياض لوحته وفرض أفكاره وإبداعه عليها, وهذا يستغرق وقتاً وصفاء ذهن وأجواء مناسبة لخلق الفنِّ في أي لوحة, وهذه هي النقطة الأصعب من إنجاز أي لوحة, فمتى ما بنى الفنان فكرته فإن التنفيذ يصبح أسهل وأريح .

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون


أين وصلت أعمالك ؟

حالياً وصلت أعمالي للمتلقي العادي البسيط, والفنان الأكاديمي والمختص السعودي, فقد حرصت على إيصال الفنِّ التشكيلي للعامة, والخروج به عن إطار صاﻻت العرض ورواده من النخبة المختصة في الفنِّ التشكيلي, وكان بداية في إقامة معرضي السابق ( لوحتي رسالتي) في مقهى ثقافي, حيث كانت فكرة لإيصال الفنِّ لعامة الناس, وإيصاله حيث تواجدهم وعدم اﻻنتظار لحضورهم لصاﻻت العرض كأفراد مهتمة بالفنِّ التشكيلي, ومن ثَم أتت مشاركتي في معرض الرياضة, فخدمت نفس الهدف, ولكنها خاطبت فئة مجتمعية مختلفة, ومن هنا حاولت توضيح ضرورة الفنِّ وأهميته في التعبير عن كل ما يمرُّ به المجتمع, وضرورة اﻻهتمام به, ولفت النظر إليه, وتواجده في كل مكان بيت أو مكتب أو مطعم لإضفاء جمالية للمكان, ناهيك عن رسالة اللون واللوحة, وأخيراً وليس آخراً أتمنى وأسعى لتصل لوحاتي وأعمالي للوطن العربي ثم العالمية بإذن الله تعالى, وهذا ما أطمح لتحقيقه خطوة بخطوة, حينما أثبت قدميَّ وأبني اسماً محلياً في وطني وبين أهلي .

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون


ما هي الطقوس المصاحبة لمرسمك ؟

باختصار : لوحة .. ألوان .. هدوء .. موسيقى .


أحب الأعمال التي قدمتيها لقلبك ؟ و ما سبب تعلقك بها ؟

كل أعمالي قريبة إلى قلبي, وكل لوحة تمثل جزءاً من إحساسي, ولكن من تشغلني هي اللوحة الأخيرة التي أقوم بتنفيذها حالياً لتعرض ضمن مجموعة من الأعمال في اليوم العالمي للمرأة الذي ستقيمه منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة في الأسبوع الأول من مارس, والتي تتحدث عن طموح المرأة السعودية من فتيات وشابات ونساء المملكة العربية السعودية اللآتي رفعن اسم وطنهن عالياً على مختلف مناطقهن وقبائلهن, وذلك بتحقيق أحلامهن والإنجاز والتميز في مجاﻻتهن على كافة الأصعدة التعليمية أو العلمية أو الثقافية مهما اختلفت, فكان سعيهن لطريق النجاح وتحقيقاً لذواتهن فأصبحن فخراً لأهلهن, ومثالاً يحتذى به في مثل ذلك اليوم, رغم كل المعوقات والصعوبات التي واجهنها من الأسرة والمجتمع.


هل ترين أن التعليم في المملكة مقصرٌ في إيصال هذا الفنِّ للناس ؟

طبعاً وبلا شك .. ﻻ زال أفراد من المجتمع ﻻ يعون أهمية الفنِّ في تخليد تاريخ الشعوب, فهو مؤرخ ومسطر لوني في لوحة, باعتبار أن اللوحة كتاب تلمس من خلاله حضارة وتقدم بلدان بأكملها وتوجهاتهم الفكرية والثقافية في كل تلك الحقب والعصور, فلا زال إلى الآن طلاب يرون أن حصة التربية الفنية هي حصة للعب واللهو والفراغ في حين يجهل المعلم أو التربوي أن المدرسة هي أساس زرع بذور التوجهات والميول لدى الطلاب,  فإقامة المعارض السنوية ﻻ تكفي حيث يجب إقامة الندوات والمحاضرات العامة التي تساهم في نشر ثقافة الفن التشكيلي وضرورة وجوده واﻻهتمام واﻻعتناء به بصورة عامة لتطور المجتمع والنهوض به للمنافسة الفنية العالمية .

دلال الغامدي: الرسم اللغة الصامتة للإحساس والعيون



ماذا تتمنين في المستقبل .. على الصعيدين الشخصي والعام ؟
على الصعيد الشخصي أتمنى أن أستطيع الوصول لبصمة فنية مبتكرة خاصة بي يعرفني الناس من خلالها .. وأن أستطيع أن أغرس في نفوس الناس حبَّ الألوان وكيفية استيعاب رموزها والإحساس بها, فالألوان أساس الحياة, فكم هي تعيسة لو لم تكن بالألوان .. أما على الصعيد العام فأتمنى أن تلتفت إلينا الجهات المعنية لمؤازرة ومساعدة من يستحق الدعم واﻻهتمام, ومدِّ اليد له لتحقيق أهدافه وإظهار فنِّه دون اللجوء إلى الصعود على أكتاف الآخرين, وردع ومنع ذاك الفنان الزائف الخاوي الذي يبحث عن الشهرة والظهور بدون رسالة وبلا فكر أو هدف من تلويث الساحة التشكيلية بلوحاته الفارغة, وتطهيرها من أشباه الفنانين الذين أصبحوا بين يوم وليلة فنانين عالميين فقط لأنهم يملكون ذاك الفيتامين, فقد مللنا من هذا وذاك, وانحصر الظهور وانحصرت العالمية لهم وعليهم, فقط لأنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف .

كلمة أخيرة ..
أشكر لكم استضافتي, وأتمنى أن أكون عند حسن ظن ربي بي, ثم حسن ظن أهلي ثم حسن ظنكم دائماً .. ودمتم بخير.

أخر الأخبار من المجتمع السعودي:

Gucci تطلق مبادرة أجراس التغير في الشرق الأوسط مع الأميرة الطويل

تغريدة شاب سعودي مقعد تتصدر قائمة الأكثر تغريداً في تاريخ تويتر وتنقذ حياته!

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار