أسباب الإصابة بالإمساك وطرق العلاج

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الجمعة، 17 سبتمبر 2021
أسباب الإصابة بالإمساك وطرق العلاج

يعتبر الجهاز الهضمي من أكثر الأجهزة فعاليةً وعملاً، فهو الطريق الوحيد الذي يحصل الجسم من خلاله على كل المواد والعناصر الأساسية اللازمة لعمله ونموه، حيث تبدأ وظيفته من لحظة تناول الطعام وتقطيعه في الفم بواسطة الأسنان، حتى وصوله للأمعاء وامتصاص المواد الضرورية منه، وطرح الفضلات المتبقية.

بالتالي هذا يعني أن أي اضطراب يحدث على مستوى أي قسمٍ من جهازنا الهضمي، ينعكس مباشرة على صحتنا ونمط حياتنا، والإمساك -كواحدٍ من الاضطرابات التي تصيب الجهاز الهضمي على مستوى الأمعاء- ليس شاذاً عن القاعدة، فهو يتسبب بمشاكل عدة سنستعرضها سوية في هذا المقال، ولكن لنتعرف أولاً على الأمعاء ووظيفتها.

ما هو الإمساك، وما هي أنواعه؟

الأمعاء عبارة عن جزء من الجهاز الهضمي، تأخذ شكل أنبوبٍ يمتد من المعدة وحتى فتحة الشرج، كما تعتبر الأمعاء بقسميها الأمعاء الدقيقة والغليظة الجزء الأساسي المسؤول عن هضم الطعام، حيث يصل الطعام إليها آتياً من المعدة ويسلك طريقه على طولها، وأثناء هذا المرور تقوم الأمعاء بدورها بامتصاص ما يلزم الجسم، وترك الباقي ليخرج على شكل فضلاتٍ.

طبعاً هذه المواد الطعامية والفضلات لا تتحرك ضمن الأمعاء من تلقاء نفسها، بل هي تمشي وتعبر نتيجة تقلص العضلات الموجودة في جدران الأمعاء، وهذه العضلات لاإرادية (أي أنها تتقلص بشكل غير خاضع لإرادتنا وتحكمنا وفق أسلوبٍ يحدده الجسم بنفسه)، تدعى هذه التقلصات بالحركات التمعجية للأمعاء (تحرك المواد الموجودة في الأمعاء ليتم امتصاصها وطرح المتبقي)، والتي تكون محصلتها النهائية التغوط وإخراج الفضلات.

ما هو الإمساك؟ وما هي أنواعه؟

يحدث الإمساك عموماً عندما تضطرب وتنقص التقلصات والحركات التمعجية للأمعاء لسبب ما، كوجود انسدادٍ في الأمعاء أو اضطرابٍ على مستوى الأعصاب التي تتحكم بالتقلص، أو غيرهما من الأسباب التي سنأتي على ذكرها، هذا النقص في التقلصات ينعكس على حركة المواد ضمن الأمعاء (أي أن حركة هذه المواد تصبح أبطأ، وإطراحها يصبح أقل)؛ فتتراكم في الأمعاء.

يختلف تعريف الإمساك بين الناس، فمنهم من يعتبر أن تغير عدد مرات التغوط المعتادة - نقصاً أو زيادة - يدعى إمساكاً، ومنهم من يعتبر أن تغوط برازٍ قاسٍ والإحساس بعدم إفراغ الأمعاء يعتبر إمساكاً.

أنواع الإمساك

طبياً يعرف الإمساك على أنه حدوث أقل من ثلاث عمليات تغوط في الأسبوع، والإمساك الشديد هو حدوث أقل من عملية تغوط واحدة في الأسبوع، ويقسم الإمساك إلى نوعين:

  1. إمساك حاد: يحصل فجأةً بدون سابق إنذار، حيث يتوقف خروج البراز، وتتطور أعراض الألم البطني بسرعةٍ، وهذا الإمساك يعتبر حالة عاجلة يجب التدخل فيها بسرعة ومعرفة المسبب.
  2. إمساك مزمن: وهو الأشيع، يحدث بشكل متكرر كل فترة ويزول تلقائياً، وتتكرر هذه الحلقة لفترة طويلة وهو يعالج بشكل تدريجي.

ولكن ألا يجب أن نعلم، ما هو عدد مرات التغوط الطبيعية عند الإنسان؟ في الحقيقة لا يوجد عددٌ محددٌ للمرات التي يجب أن نفرغ بها أمعاءنا؛ لأن الأمر يختلف من فردٍ لآخر حسب تركيب جسده ونوعية الحمية والطعام الذي يتناوله، لكن العدد يتراوح ضمن مجال من 3 مرات يومياً حتى 3 مرات أسبوعياً عند 95 بالمئة من البشر، ووسطياً مرة واحدة في اليوم عند أغلب الناس، إن التبدلات في عدد المرات بشكل مؤقت أو خفيف ليس بمشكلة، لكن التبدل المستمر على المدى الطويل يدفعنا للتفكير بموضوع الإمساك.

أسباب حدوث الإمساك

كما تكلمنا، فإن الآلية الأساسية لحدوث الإمساك هو اضطراب وبطء حركة المواد ضمن الأمعاء عموماً، ولكن على وجه التحديد يكون الاضطراب على مستوى الأمعاء الدقيقة (الكولون)، وحقيقةً لا يوجد سبب واضح ومحدد لحدوث الإمساك، بل هناك عدة عوامل تتشارك مع بعضها تجعل حدوث الإمساك أمراً محتملاً ومتوقعاً أكثر، وسنستعرض هذه العوامل كالتالي:

  • تجاهل الحاجة للتغوط: يعد السبب الأهم للإمساك، حيث أننا نعلم أنه في حال الحاجة للتغوط وإفراغ الأمعاء، يحدث تنبيه على مستوى فتحة الشرج بوجود فضلاتٍ بحاجةٍ للإفراغ، هذا التنبيه العصبي يدعى بـ (منعكس التغوط)، وهو يحدث بشكل لا إرادي، حيث يدفع الفضلات نحو فتحة الشرج، والاستجابة الطبيعية المفروضة له هو الذهاب للمرحاض وإفراغ الأمعاء، عملية الإفراغ هذه يتحكم بها الإنسان.

تجاهل هذا المنعكس يحدث نتيجة لأسباب عدة قد تكون إرادية، كأن لا يذهب الشخص للمرحاض وهو خارج المنزل لأن ذلك يشعره بالإحراج، أو نظراً للعمل الكثير أو عدم وجود مرحاضٍ قريبٍ لحظة حدوث المنعكس، هذا التجاهل يجعل الفضلات تتراجع قليلاً عن فتحة الشرج (ترتد)، وهنا تزول الرغبة العاجلة بالتغوط، لكن بالمقابل تتجمع الفضلات أكثر في منطقة المستقيم (Rectum) (وهو القسم الأخير من الأمعاء الغليظة الذي يقع قبل فتحة الشرج مباشرةً).

إذا حدث هذا التراكم لمرات قليلة فذلك لا يعد مشكلةً، ولكن عندما تتكرر حالة تجاهل منعكس التغوط وتراكم وتجمع الفضلات في المستقيم لفترات طويلةٍ، هنا سيصبح المستقيم متوسعاً وجدرانه متمددة على نحو دائم، بالتالي التنبيه ومنعكس التغوط يصبح ضعيفاً وهذا يعني لا تقلص عضلي كافٍ من الأمعاء يدفع الفضلات خارجاً، فيضطرب إفراغ الأمعاء ويحدث الإمساك.

  • الطعام الفقير بالألياف: الألياف عبارة عن مكونات طبيعية موجودة في غذائنا توجد في الخضراوات والفواكه بشكل أساسي، ولها دور في تسهيل عملية التغوط وتنظيم عملية إفراغ الأمعاء؛ فتجعل البراز ليناً وتسهل حركته ضمن الأمعاء؛ بالتالي تسهل إفراغه.

العديد من الناس يكون نظامهم الغذائي فقير بهذه الألياف، حيث لا يتناولون كميات كافية من الأطعمة التي تحوي أليافاً، هذا يؤثر وينعكس سلباً على حركة المواد في الأمعاء ويساهم في حدوث الإمساك.

  • قلة تناول السوائل: السوائل مهمة لجسمنا بشكل كبير للعديد من الأعضاء والوظائف ومن ضمنها الأمعاء، فالماء يسهل حركة المواد ضمن الأمعاء ويجعلها لينة وسهلة الامتصاص والإخراج. فعدم تناول كميات كافيه من الماء والسوائل عموماً من عصير وغيره يجعل البراز قاسياً وصعب التحرك والإخراج من الأمعاء؛ بالتالي المساهمة بحدوث الإمساك.
  • قلة ممارسة التمارين الرياضية: ممارسة الرياضة تعتبر مهمة لصحة الجسد ككل، فهي تقوم بتنشيط القلب والتنفس والدورة الدموية، وتنظيم وتنشيط تقلصات العضلات بالجسم ككل، ومن ضمنه عضلات الأمعاء، عدم ممارسة الرياضة والجلوس لفترات طويلة يجعل تقلصات الأمعاء أضعف؛ بالتالي تحرك المواد ضمنها أضعف، وهذا يزيد احتمال حدوث الإمساك.
  • الأدوية: تبين أن هناك عدد من الأدوية تؤثر على الأمعاء ومرونتها، فتجعلها ضعيفة وغير قادرة على تحريك المواد ضمنها بشكلٍ فعال بالتالي تتسبب بالإمساك كعارض جانبي لاستخدامها، وسنستعرض أهم الأدوية التي تؤثر على حركة الأمعاء:
  1. مسكنات الألم: (مورفين)، (كودئين)، وغيرها من الأدوية التي تستعمل بشكل متكرر لتسكين الآلام المختلفة التي نعاني منها، والعديد من الأشخاص يستعملونها بشكل عشوائي دون استشارة الطبيب، تبين أن هذه الأدوية تساهم في حدوث الإمساك كعارض جانبي لها، حيث وجد أنها تضعف تقلصات الأمعاء، وتؤخر مرور المواد ضمنها؛ فيحدث الإمساك.
  2. مركبات الحديد: الحديد كمعدن مهم جداً للجسم، فهو مكون أساسي لتشكيل كريات الدم الحمراء، هذه الكريات تعتبر المسؤول الأساسي عن نقل الأغذية والأوكسجين لكل أنحاء الجسم، وعندما ينقص الحديد في جسمنا نتيجة اضطراب ما (كحدوث نزف أو عدم تناول كميات كافية من المواد الحاوية على الحديد) يؤثر هذا على تشكل الكريات الحمر ويجعله أقل، هنا يحدث ما يسمى بفقر الدم بعوز الحديد، يعالج فقر الدم بعوز الحديد بإعطاء أدوية تحوي الحديد تعوض النقص الحاصل، وتنشط تشكل الكريات الحمر من جديد. وجد أن هذه المركبات الحاوية على الحديد تسبب الإمساك أحياناً؛ لأن الحديد الموجود فيها ينشط بعض أنواع الجراثيم الضارة الموجودة في أمعاء بعض الأشخاص، هذه الجراثيم تنمو وتسبب اضطراب في حركة الأمعاء وتحدث الإمساك.
  3. مركبات الكالسيوم: يعد الكالسيوم أيضاً من المواد الضرورية للجسم، فهو المكون الأساسي للعظام و الأسنان، عدا عن وظائفه المهمة الأخرى في الجسم من تركيب الهرمونات وغيرها، لذلك يعتبر نقصه وعوزه في الجسم أمراً يجب علاجه بالأدوية الحاوية على الكالسيوم؛ لتفادي المشاكل الناتجة عن نقصه مثل تليين العظام وغيرها.

هذه الأدوية الحاوية على الكالسيوم تسبب الإمساك عن طريق تثبيط وإنقاص تقلصات الأمعاء، فعند تناول هذه الأدوية يرتفع تركيز الكالسيوم في الدم، وهذا الارتفاع يؤثر على عضلات الجسم كلها، ومن ضمنها عضلات الأمعاء، ويجعل تقلصها ضعيفاً وقليل الفعالية في تحريك المواد ضمن الأمعاء؛ وهذا يسبب حدوث الإمساك.

  • متلازمة الأمعاء الهيوجة (IBS): أو ما يعرف عامياً بالكولون العصبي، هو عبارة عن اضطراب مجهول السبب يؤثر على حركة الأمعاء، فيجعلها مضطربة وغير مستقرة، تزداد أحياناً هذه الحركات وتتسارع (تهتاج)؛ مسببة حدوث حركة سريعة جداً للمواد ضمن الأمعاء، وهذا يسبب الإسهال، أو يجعل حركات الأمعاء وتقلص عضلاتها ضعيفة للغاية، ما يجعل حركة المواد ضمن الأمعاء بطيئة جداً، وهنا يحدث الإمساك. (سنتكلم عن هذه المتلازمة بالتفصيل في مقال مستقل لاحقاً).
  • أمراض المستقيم وفتحة الشرج: هي اضطرابات تحدث على مستوى القسم الأخير من الأمعاء الذي هو المستقيم، وعلى مستوى فتحة الشرج، وقد تكون سبباً أو نتيجة للإمساك (بمعنى أوضح، هذه الأمراض والاضطرابات قد تحدث بشكل معزول عن الإمساك وحدوثها يسبب الإمساك، أو أن الإمساك الموجود عند المريض يحرض حدوث هذه الأمراض)، وهذه الاضطرابات هي:
  1. الشق الشرجي (Anal Fissure): الذي هو عبارة عن جرح يحدث في محيط فتحة الشرج نتيجة أسبابٍ عدةٍ كالضغط الزائد ومحاولة إخراج الفضلات قسراً أثناء التغوط، هذا الجرح يجعل التغوط مؤلماً، ويجعل المريض يتجنب الدخول للمرحاض لتجنب الألم؛ مما يسبب الإمساك.
  2. البواسير (hemorrhoids): هي عبارة عن توسع عقدٍ مكونةٍ من تجمع أوعية دموية تتوضع في جدران المستقيم وحول فتحة الشرج، هذا التوسع إذا كان شديداً، تبرز وتظهر البواسير في المستقيم والشرج مسببةً ألماً إزعاجاً أثناء التغوط، وممكن أيضاً أن تسبب انسداداً في فتحة الشرج ويحدث الإمساك.
  • قصور الدرق (hypothyroidism): قصور الغدة الدرقية يعني عدم تشكيل الغدة الدرقية لهرموناتها بشكلٍ كافٍ، هذه الهرمونات مهمة لكل خلايا الجسم، فهي تجعلها تنتج الطاقة اللازمة لعملها، وعند نقص هرمونات الدرق تصبح الخلايا بلا طاقة وغير قادرة على العمل، وعضلات الأمعاء تتأثر بهذا النقص، ويصبح عملها بطيئاً؛ بالتالي يحدث الإمساك.
  • الحمل: تعاني بعض الحوامل من الإمساك إما نتيجة ارتفاع مستويات الهرمونات الجنسية في الدم أثناء الحمل وأهمها البروجسترون، وهو ضروري لاستمرار الحمل وتطوره، ولكن له أثر جانبي بأنه يضعف التقلصات العضلية في الجسم؛ بالتالي يؤثر على الحركات التمعجية لعضلات الأمعاء ويجعلها أضعف، فتصبح حركة المواد في الأمعاء أبطأ، أو نتيجة كبر حجم الرحم بفعل نمو الجنين ضمنه ما يجعله يضغط على الأمعاء، كلا السببين يساهمان في حدوث الإمساك عند الحوامل.

أهم الأعراض المترافقة مع الإصابة بالإمساك

أعراض الإمساك ليست نوعية أي بما معناه هي لا تترافق مع الإمساك لوحده، بل يمكن أن نجد تشابهاً بينها وبين العديد من أمراض البطن عموماً والأمعاء على وجه الخصوص، كسرطان الأمعاء أو متلازمة الأمعاء الهيوجة، وغيرها من الأمراض والاضطرابات، فكلها قد نجد فيها الألم البطني وحس النفخة والثقل في البطن، وسنستعرض فيما يلي أهم الأعراض التي تترافق مع الإمساك:

  1. حركة أمعاء غير منتظمة: وهو العرض الأوضح والموجه قبل وخلال حدوث الإمساك، ويعني أن تواتر الخروج الى المرحاض والتغوط مختلف ومتغير بشكل كبير نتيجة اضطراب تقلص الأمعاء، فأحياناً ممكن أن يدخل المريض عدة مرات متتالية للتغوط خلال فترة زمنية قصيرة، وأحياناً قد يبقى عدة أيام دون أن يأتيه إحساسٌ بالحاجة للتغوط.
  2. صعوبة إخراج الفضلات: يعني أنه عند الدخول الى المرحاض ومحاولة إخراج الفضلات، لا تتم العملية بسهولة، بل يحتاج المريض أن يبذل مجهوداً عبر الضغط على نفسه بقوة لمحاولة إخراج الفضلات.
  3. فضلات قاسية صغيرة الحجم: عادةً يكون البراز ليناً متماسكاً ويخرج بكميات كبيرة، ولكن في حالة الإمساك يكون تقلص عضلات الأمعاء مضطرباً وضعيفاً والفضلات أقسى فيصبح إخراجها أصعب؛ بالتالي تخرج على دفعات صغيرة وقاسية.
  4. الإحساس بعدم الإفراغ التام للأمعاء: كما قلنا الفضلات قاسية، وتقلص عضلات الأمعاء مضطرب وضعيف، وتخرج بكميات قليلة؛ هذا كله يجعل الإفراغ لمحتوى الأمعاء من الفضلات عبر الشرج غير كامل، بالتالي لا يشعر المريض بأن أمعاءه قد تم تفريغها بشكل مريح وكامل.
  5. إحساس بالثقل والنفخة في أسفل البطن: نتيجة لتكرار تراكم الفضلات في المستقيم وعدم إفراغها الكامل؛ يزداد الضغط ضمن الأمعاء ويتولد لدى المريض شعور دائم بأن بطنه ممتلئ وثقيل وهناك ثقل مزعج أسفل بطنه.
  6. النزف الشرجي: يعني خروج الدم من فتحة الشرج أثناء محاولة التغوط، وهذا يدل على أن الإمساك شديد، والفضلات قاسية جداً وتجرح الأمعاء أثناء مرورها؛ مسببة حدوث النزف من فتحة الشرج.

الإجراءات والفحوصات الطبية التي تشخص الإصابة بالإمساك

الإمساك -كما قلنا- غالباً يكون اضطراباً مزمناً (أي أن المسببات والأعراض تتطور بشكل تدريجي خلال فترةٍ طويلةٍ)، بالتالي حتى يشخص الإمساك الأمر يحتاج لمجموعة من الإجراءات والفحوصات التي يجريها الطبيب بالتعاون مع المريض حتى يضع التشخيص بدقة، وسنعرض فيما يلي الإجراءات التي يستخدمها الطبيب في التشخيص:

  • القصة المرضية: هنا يجب شرح الحالة للطبيب بشكل دقيق مع الإجابة على أسئلته، كعدد مرات التغوط هل زادت أم نقصت؟ هل إفراغ الأمعاء كامل ومريح أم لا؟ هل هنالك جهد مبذول أثناء التغوط؟ طبيعة النظام الغذائي هل يحوي أليافاً أم أنه فقيراً بها؟

بشكل عام؛ فإن عدد مرات تغوط أقل من ثلاث مرات أسبوعياً، مع تغوط غير مريح وإجهاد أثناء محاولة الإفراغ، كلها علامات توجه الطبيب نحو تشخيص الإمساك.

  • الفحص السريري: يجعل الطبيب المريض يستلقي على ظهره ويكشف له عن بطنه، ويبدأ بتأمل وجس البطن لتحديد ما إذا كان هناك كتلة في منطقة ما في البطن تضغط على الأمعاء مسببة حدوث الإمساك، أو ألم في منطقة ما من البطن كألم التهاب الزائدة الدودية في أسفل وأيمن البطن؛ الذي من الممكن أن يسبب إمساكاً أيضاً.

والخطوة التالية والأهم في الفحص السريري هي إجراء ما يعرف بالفحص الشرجي (المس الشرجي)، حيث يطلب الطبيب من المريض أن يستلقي على جنبه، ويقوم هو بعد ارتداء قفاز معقم بفحص فتحة الشرج من الخارج أولاً، ويتحرى وجود شق شرجي مؤلم أو بواسير متوسعة تضيّق فتحة الشرج أو تسدها مسببة الإمساك، ومن ثم يفحص الشرج من الداخل عبر إدخال إصبعه، ويتحرى وضع عضلة الشرج، هل هي فعالة أم متشنجة؟ هل يوجد بواسير متوسعة في المستقيم؟ هل يوجد تجمع لكتلة برازيه قاسية ضمن المستقيم أم لا؟

  • الصورة الشعاعية البسيطة للبطن X-RAY: هنا يتم أخذ صورة شعاعية للبطن تظهر فيها الأمعاء ككل، سواء الدقيقة أو الغليظة (الكولون)، الهدف من هذه الصورة تحري ما إذا كان هنالك تضيقٌ شديدٌ في مكان ما من الأمعاء يسبب توقف خروج الفضلات وتجمعها، كوجود ما يعرف بالانحشار أو الحصاة البرازية (سنتكلم عنها في مضاعفات الإمساك)، أو وجود جسم أجنبي (غريب) يسد الأمعاء مثل بعض المواد الصلبة الغريبة التي لا تهضم.
  • حقن الباريوم ضمن الأمعاء (Barium Enema): في هذا الإجراء يستلقي المريض على بطنه، ويتم حقن الباريوم السائل ضمن الكولون عبر فتحة الشرج حتى يمتلئ الكولون والمستقيم، ومن ثم يتم أخذ صور شعاعية بسيطة أثناء إفراغ المريض للباريوم عبر فتحة الشرج،

حيث يسمح هذا الإجراء بمعاينة الكولون (الأمعاء الغليظة) من ناحية شكله، هل هو طبيعي؟ هل يوجد خلل فيه كتضيقات مثلاً؟ أو ورم ضمنه؟ تسبب حدوث الإمساك وضعف إفراغ الأمعاء.

  • تنظير هضمي سفلي (Colonoscopy): يتم إدخال منظار لين مزود بكاميرا متصلة بشاشة عرض ضمن الكولون عبر فتحة الشرج، يسمح بمعاينة المستقيم والكولون بشكلٍ مباشرٍ؛ لتحري وجود بواسير متوسعة في المستقيم، أو وجود ورم ضمن أي قسم من أقسام الكولون يسد جوفه مسبباً الإمساك.
  • الدراسة الحركية للكولون (Colonic Motility Study): يستعمل هنا منظار الكولون المستخدم للتنظير لإدخال مستشعر، هذا المستشعر يكون بشكل أنبوب صغير يعمل على قياس شدة تقلصات العضلات في جدار الأمعاء ومقارنتها مع القيم الطبيعية، فإذا كانت التقلصات أقل من الطبيعي؛ فهذا يعني وجود مشكلة تسبب ضعف التقلصات وبالتالي ضعف حركة المواد ضمن الأمعاء وحدوث الإمساك.

علاج الإمساك ونصائح لتجنبه

الخطوة الأهم في علاج الإمساك هي تحديد ما إذا كان الإمساك حاداً (أي حصل فجأةً)، وتطورت أعراض الإمساك بسرعة كبيرة، كتوقف خروج الفضلات تماماً والألم والإزعاج البطني الشديد، وهي حالة تتطلب تدخلاً سريعاً، وإجراء كافة الفحوص اللازمة لمعرفة المسبب ومعالجته، كوجود ورم في الكولون أو حصاة برازية متشكلة.

أو إذا كان الإمساك مزمناً (أي له فترة طويلة وأعراضه ليست شديدة)، وهنا التداخل لا يكون عاجلاً مثل الإمساك الحاد، ولكن يجب الإسراع في معالجته قدر الإمكان لتحقيق الراحة للمريض وتجنب الاختلاطات، واستعادته لحركة أمعاء طبيعية وهو الهدف الأساسي للعلاج.

العلاجات والنصائح المتبعة في الإمساك

  • الملينات (Laxatives): تعتبر الخيار الأساسي في المعالجة، وهي عبارة عن مواد تعمل على تسهيل عملية إفراغ الفضلات من الأمعاء، هذا التسهيل يتم بآليات مختلفة حسب نوع الملين المستخدم والطريقة التي يعمل بها، فهناك أنواع تعمل على جعل البراز هشاً سهل الإفراغ من خلال زيادة الماء فيه، وأنواع أخرى تحرض الأمعاء على الحركة بشكل أكبر، وسنعرض فيما يلي أنواع الملينات المستخدمة:
  1. الملينات المشكلة للكتلة (Bulk-forming laxatives): هي ملينات تعمل على زيادة كتلة البراز من خلال إعادة الماء إليه وجعله أكثر طراوةً؛ مما يسهل عملية إفراغ الأمعاء، يجب شرب كميات كبيرة من الماء عند أخذ هذه الملينات، أثرها لا يبدأ مباشرة بل يحتاج إلى يومين أو ثلاثة أيام، وأكثر الملينات الكتلية المعروفة هو الفيبوجل (Fybogel).
  2. الملينات الأوزمولية (Osmotic laxatives): تشكل الخط الثاني للعلاج في حال لم يسترح المريض على الملينات المشكلة للكتلة، تعمل على زيادة وجود الماء ضمن الأمعاء، وجود الماء يلين البراز ويجعل حركة مروره ضمن الأمعاء أسهل؛ بالتالي إفراغه أسهل. أكثر الملينات الأوزمولية شيوعاً هو اللاكتولوز (lactulose)، عبارة عن نوع من السكريات، تبدأ آلية عمله حين يصل إلى الأمعاء، فيتحطم إلى حموض تقوم بسحب الماء إلى الأمعاء، مما يسهل حركة المواد ضمن الأمعاء ويعالج الإمساك.
  3. الملينات المحرضة أو المخرشة (stimulant laxatives): عندما تكون الفضلات لينة وليس من المفترض أن تسبب مشكلة في خروجها، تكون المشكلة على مستوى الحركات التمعجية في الأمعاء وتقلصات عضلاتها غير الفعالة، وهنا يأتي دور الملينات المخرشة، فهي تعمل على تحريض عضلات جدار الأمعاء حتى تتقلص بشكلٍ فعالٍ أكثر؛ فتسبب إخراج الفضلات، أشهر هذه الملينات هو دواء البيساكوديل (Bisacodil).

هذه الملينات المحرضة يظهر تأثيرها خلال فتره قصيرة حوالي 6 ل 12 ساعة، وهي تستعمل لفترات قصيرة وحسب إرشادات الطبيب.

  • تناول المزيد من الألياف: تكلمنا سابقاً عن أهمية الألياف وأثرها الإيجابي على حركة الأمعاء، وكيف أن قلة تواجدها يساهم في حدوث الإمساك، لذلك ينصح بتناول المزيد من الأغذية الحاوية على الألياف التي نجدها بشكل أساسي في الخضار والفواكه.
  • تناول كميات كافية من السوائل: تقدر الحاجة الوسطية للسوائل عند الإنسان بحولي 2 ل 3 لتر في اليوم، نحصل عليها من شرب الماء والسوائل المختلفة، هذه السوائل مهمة لكل الجسم، وللأمعاء وحركتها أيضاً.
  • الذهاب إلى المرحاض حالما يحدث التنبيه: تكلمنا عن منعكس التغوط وأنه يضعف مع تجاهله باستمرار، ويصبح قليل الفعالية في إفراغ الأمعاء، لذلك يجب المحاولة قدر الإمكان بالاستجابة لمنعكس التغوط.

الانحشار البرازي (Faecal imapaction) وعلاجه

يعني الانحشار البرازي أو الحصاة البرازية وجود كتلة من البراز أصبحت جافةً وقاسيةً جداً إلى حد جعلها تعلق وتنحشر في إحدى مناطق الأمعاء، هذا الانحشار يمنع البراز من المرور؛ ويسبب إمساكاً شديداً وألماً، وحتى من الممكن أن يؤدي للموت في بعض الحالات التي تهمل.

كل ما يساهم في حدوث الإمساك يساهم في حدوث هذا الانحشار، بمعنى آخر الانحشار البرازي اختلاط ومضاعفة للإمساك المهمل.

أعراض الانحشار

  • إسهال مائي ناجم عن تسرب السوائل من محيط هذا الانحشار وخروجه من فتحة الشرج.
  • غثيان وإقياء ناجم عن ارتفاع الضغط ضمن الأمعاء بفعل الانسداد الحاصل.
  • ألم بطني.
  • تعرق.
  • صعوبة تنفس عندما يصبح تجمع البراز كبيراً إلى حد يضغط الكولون على الرئتين.

تشخيص الانحشار البرازي

يشخص الانحشار بنفس الطرق والخطوات التي يشخص بها الإمساك.

علاج الانحشار البرازي

يتم استخدام مزيج من الملينات بأنواعها الثلاثة التي ذكرناها سابقاً، إما عن طريق الفم أو عن طريق حقن عن طريق الشرج، لتحريض إطراح هذا الانحشار والتخلص منه، وفي حال الفشل عن طريق الملينات، نلجأ للتفتيت والتخلص من هذا الانحشار يدوياً عن طريق منظار الكولون، وفي بعض الحالات الشديدة جداً، قد لا نجد حلاً إلا فتح البطن بعملية جراحية لاستئصال الكتلة المنحشرة والمسببة للانسداد. عادةً بعد زوال الحصاة أو الانحشار، تعود حركة الأمعاء وإخراج الفضلات لطبيعتها.

أخيراً.. لابد من التذكير دوماً بضرورة الاهتمام بنمط حياتنا وغذائنا، واتباع قواعد صحية بسيطةٍ، فهذا يجنبنا الكثير من المتاعب والاضطرابات التي تزعجنا وتسبب خللاً في نظام حياتنا، فدرهم وقايةٍ خيرٌ من قنطار علاج.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار