رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 04 أكتوبر 2016
رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

لا تنتهي مفاجآتها ولَفتاتها، التي تُحرّكها إنسانيتها المفرطة وذكاؤها الحاد في التعبير عن كل ما تشعر به.   
فبعد أن أبهرت حواسنا كممثلة قدَّمت أجمل الأدوار، وطبعت في ذاكرتنا الشخصيات الورقية التي جسَّدتها فاستحالت نساء من لحم ودم. ها هي تطلق سراح موهبتها ككاتبة، لتضحكنا من شدة الألم في كوميديا حقيقية تواجهك فيها ببساطة وواقعية قل نظيرهما، وتتنقل بين مواضيعها كالأخطبوط، لتمسّ بسلاسة معالجتها قلب كل من تابعها، واضعة إصبعها على الجرح. 

 كانت أذكى من كل المنتجين في لبنان، فوجدت في مسرحيتها "حبيبي مش قاسمين" التي أطلقتها منذ أيام، فرصة لتحقق أمنيتها بلقاء من لم تجتمع به قبلاً.. 

 أما هو، الخبير المُحنَّك في إطباقه على كل أمل لك بالتفلت من جاذبيته التي اجتمعت فيها الموهبة والدهاء والشقاوة في اللعب على أوتار القلب بكل بساطة وصدق وعفوية. فقد كان الرجل المناسب في المكان المناسب، فحقق الثعلب المثقف الناطق بلسان الشارع ونبضه مع غولة التمثيل تركيبة جديدة وخلطة سحرية يفاجئك فيها كم الإنسجام اللامحدود بينهما.. 

إنهما رولا حمادة وعمار شلق اللذان اجتمعا أخيراً على خشبة مسرح مونو ليقدِّما "حبيبي مش قاسمين"، يلتقيان هذه المرة عبر صفحاتنا ليتحدَّثا عن تجربتهما الأولى بكل ما تحتويه من متعة وشغف وإصرار على الإيمان بالمسرح اللبناني..

رولا: "حبيبي مش قاسمين" أول تجربة لرولا حمادة ككاتبة، كيف تصفها؟ 
هي التجربة الأولى المعلَنَة، وهناك تجارب أخرى في الأدراج... الأصداء التي أتلقاها جميلة لدرجة أنها أخافتني لكثرة ما سمعت "خليكي عم تكتبي". وهنا أود الإشارة إلى أنني مستمرة في التمثيل الذي أعشق، أما الكتابة فسأمارسها بحسب مزاجي وعندما أكون مقتنعة بالنص الذي يخرج مني، وليس لأنها فرض واجب. لكن على المدى البعيد ستكون أحد أهدافي المستقبلية. 

عمار: كيف وجدت رولا ككاتبة وما الذي شجَّعك لقبول الدور؟ 
 عندما اتصلَت لتعرض عليّ الدور قلت لها، كنت أتمنى وجود منتج ذكي يجمعنا في عمل تلفزيوني منذ زمن، لكن للأسف هذا الذكي لم يظهر. فشكراً لأنكِ حققتِ أمنية هذا اللقاء على خشبة المسرح التي نعشق... وعندما قرأت النص فوجئت بالسهل الممتنع الذي كَتَبَته، وجُننت بحياكتها للواقع بهذه السهولة وأخبرتها بأنني معها حتى العظم. 


رولا: ما الذي شجعكِ على الكتابة، وما هي الرسالة التي أردتِ توجيهها؟ 
بعد أن قدَّمتُ منفردة مسرحية "الست لميا" سمعتهم يقولون، لن تؤدي أدواراً إلى جانب أحد بعد الآن، معتبرين أنَّ من يقدم الـ Monodrama يكون مرتاحاً لدرجة يصبح فيها غير متحمسٍ للَّعب أمام آخرين... لا شك بأنَّ تجربة هذا النوع من المسرح مريحة جداً، لكن هناك متعة كبيرة أيضاً في أن تتشاركي الأداء مع آخرين. منذ ذلك الحين قررت أن أكتب نصاً لشخصين أو زوجين، فتطوَّرت الفكرة وقلت لِم لا!! هناك تفاصيل كثيرة تزعجني في هذا المجتمع فلأحاول أن أضيء عليها بطريقتي "والهيئة مشي الحال".

 
عمار: هل حفَّزتك تجربة رولا على الكتابة؟ 
رولا
أثبتت بأنها موهوبة جداً في الكتابة، أما أنا فلا. ولا أريد أن أحذو حذو من يريد أن يثبت بأنه موهوب في كل شيء، لكنه في الحقيقة ليس كذلك "ما بدي أضحك ع حالي". 


رولا: ما العلامة التي تعطينها لنفسك؟ 
لست أنا من أُقيّم نفسي، بل أترك هذه المهمة لك وللناس وللمثقفين الذي حضروا المسرحية. لا شك في أنَّ كل عمل يحتمل الملاحظات أو الإنتقادات، لكن الحمد لله لم تكن قاسية أو جوهرية كما كنت أتحضَّر لإمكانية مواجهتها... كنت أقول "رح ينشروني ويقولوا صار الممثلات بدهن يكتبوا". 

رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

عمار: ما النقطة التي تعطيها لرولا ككاتبة؟ 
"رولا بتوزع علامات مش نحنا اللي منعطيها إياها"... جذبني النص لدرجة أنني عندما بدأت بقراءته لم أتركه، وعندما انتهيت قلت "يه خلص"؟! وهذا ما أسمعه أيضاً من الجمهور في المسرح. لم نشبع من المسرحية ولم نشعر بالوقت.

كم كنت خائفة، وكم كان سهلاً عليك التنقل بين كل المواضيع التي طُرحت في المسرحية "العلاقة الزوجية، العقم، الخيانة، الذكورية، العلاقة اللبنانية السورية وغيرها"؟ 
عندما قرأتها لبعض المقرَّبين، تفاجأت برد فعلهم الإيجابي الكبير وتساءلت ما الذي يميِّزها لكي يحبوها إلى هذا الحد؟! فنادرة هي الأمور التي تبهرني ولست من الناس التي تُبجل بالأعمال التي تقوم بها. لكن عندما لمست المزيد من هذا الإعجاب بعد أن بدأنا بالتنفيذ الفعلي مع عمار والشاب الموهوب مصطفى حجازي والمخرج القدير موريس معلوف قلت "لأ بتحرز هالمسرحية تنعمل" وللآن لم أستوعب أن يلقى ما كتبته هذا الصدى الكبير وكأنه حلم. أما في ما يتعلق بالمواضيع فلم تكن مقصودة، بل أعتقد بأنَّ الفن تراكُم وكل هذه التراكمات التي عشتها ولَّدت هذه الخلطة. الحمد لله، كل من يتابع المسرحية يشعر بأنَّ أحد مواضيعها مسّت به، وهذا أمر غاية في الروعة بالنسبة لي.

عمار: كيف تلقيتَ الخوض في الموضوع السياسي اللبناني السوري وهل شعرتَ بالخوف من طرحه بهذا الوضوح والجرأة؟
الموضوع طُرح من منطلق إنساني إجتماعي أكثر من كونه سياسياً، لا افتراء فيه أو هجوم على أحد. هناك منطق تاريخي وإنساني كان موجوداً في الماضي وما زال في حاضرنا. طريقة الطرح المسرحي لم تكن فجَّة، بل كوميدية مُعالجتية، إن صح التعبير. وفي الوقت نفسه عرضت مشكلة فعلية في البلد. أكاد أجزم بأن ما قالته رولا في المسرحية تقوله الناس بين بعضها، وهذا هو هدف المسرح. أن نسمّي الأشياء بأسمائها وأن نضع الإصبع على الجرح ونضيء على المشكلات. "مش مسؤوليتنا نلاقي الحل!! المفروض المسؤولين يلاقوا الدوا".

رولا: أنتِ من عرضتِ الدور على عمار، لِم هو بالذات وكيف وجدت هذه الخلطة التي تقدَّم للمرة الأولى؟ 
لا أعرف!! أحب عمله كثيراً وكنت أرغب بأن نجتمع منذ زمن، لكن للأسف تأخرنا كثيراً... قدمت أدواراً مع كافة الممثلين في لبنان تقريباً إلا معه، فوجدت في هذه المسرحية فرصة. وهل هناك فرصة أجمل من فرصة المسرح؟ العمل مع عمار متعة، ولشدة الإنسجام بيننا "نقزوا" وباتوا يتساءلون أيعقل أنهما يمثلان سوياً للمرة الأولى؟ أتمنى أن نجتمع قريباً في مسلسل تلفزيوني.

عمار: ما الذي اكتشفته في رولا؟
في "حبيبي مش قاسمين" أؤدي معها أجمل "ماتش تنس". طوال عمري أتمنى أن أتوفَّق بنص "بيضحك الناس من البكي"، فأتى النص الذي أؤديه مع ممثلة "غولة" وقديرة كرولا، ومخرج له تاريخه في المسرح اللبناني... كل الظروف مؤاتية "وشو بدي أحسن من هيك".

رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

 عمار: لسنا معتادين عليك في الأدوار الكوميدية، ما الذي قدمته لك هذه التجربة، وهل كنت تتوقع لها هذه الأصداء؟ 

 صراحة كنت أتوقعها، وهي من المرات النادرة التي أفعل. في العادة أقدم عملاً وأقول "نحنا وحظنا"، لكن عندما قرأت توقعت بأن يكون النجاح حليف هذه المسرحية. هذه التجربة غسلتني من غبار الأعمال التلفزيونية، إذ أعتبر المسرح كالشلال الذي أقف تحته لينظفني. فهو يوقظ الممثل الحقيقي بداخلي... في التلفزيون نحتال أحياناً كثيرة لأن اختياراتنا لبعض أدوارنا تخضع لمجموعة من الإعتبارت والعوامل التي لها علاقة بالانتشار أو بالمال وغيرهما...لم أشعر بأنني أؤدي دوراً كوميدياً، المسرحية "ضحكتنا من البكي" وهذه هي الكوميديا الحقيقية. الكلمة والموقف والحركة في المسرح هي التي تخلق الجو الكوميدي، وليس اللعب على الكلام وتقديم الكاركتيرات النافرة ولا زجاجة بيرة بتفور من يد أحدهم!؟ 

4 سنوات متتالية وأنت تقدِّمين الأعمال المسرحية، لم هذا الإصرار على المسرح وعلى ماذا تراهنين؟
توقفت لعشر سنوات عن المسرح لأنه كما تعلمين "ما في جمهور، وما بيعمل فرق"، لكنني تنبَّهت بعد العودة بأن جمهور الشباب حاضر بشكل ملحوظ،  فاعتبرت الإستمرارية واجباً علينا وقرَّرت التمسك بالمسرح على الرغم من غياب الدعم... صعب جداً أن تُخرجي مسرحية!! "ما حدا بيعطيك إنتاج" إلا المؤمنين بالثقافة، والمثل على ذلك أسماء رعاة مسرحيتي، مركز الصفدي الثقافي اسمه يدل عنه، جمعية إيناس أبو عياش الخيرية لدعم المبدعين و Scope for printing التي يمتلكها منصور شلالا المثقف والفنان. أما البنوك أو غيرها فالأمر لا يعني لهم، رغم أن ميزانية مسرحية لا توازي قيمة عشاء عمل عندهم. سنة بعد أخرى ألحظ الوعي على قدرة الدراما المسرحية في رفع الإنسان وعلاجه على المستوى الشخصي، وألحظ أيضاً أنَّ إقبال الجمهور يتضاعف. والمثل في ذلك العلاج بالدراما أو الـ Drama therapy التي تتقنها الممثلة زينة دكاش التي تعمل مع المساجين وفي أمكنة محدَّدة جداً وغير متاحة لكل الناس، لكنني أجدها أحدثت فرقاً في المدينة. لذا أشعر بأنه واجب علينا أن نضع يدنا بيد جيل الممثلين والمسرحيين الشباب أمثال مصطفى حجازي الموهوب الذي يأتي كل يوم بفرح ليؤدي دوره، كي لا ييأسوا ويقولوا "ما في مسرح". 


رولا: ما الجديد الذي تحضِّرينه تلفزيونياً، وماذا عن التجارب غير المعلنة التي أشرت إليها في البداية؟
تلفزيونياً صوَّرت الشقيقتان، وأخبئ مسرحية جديدة لكنها ليست مناسبة للمزاج اللبناني في الوقت الحاضر. كذلك تعاونت مع الممثلة مارينال سركيس على كتابة مسلسل تلفزيوني منذ العام 2007، لم يبصر النور بعد "ناطرين شي منتج يقول هاتوه". 


لكنكما لم تعلنا عنه قبلاً فكيف يعلم به المنتجون؟
 (ضاحكة) الآن باتوا يعرفون "واللي عبالو يطّلع عليه يحكيني".   

عمار: ماذا عن الجديد الذي تحضره؟ 
بدأت بتصوير مسلسل "صمت الحب" من كتابة وإخراج ليليان البستاني، إنتاج أفكار برودكشن. العمل يروي قصة صراع بين الواجب والحب في قالب جديد، إن صح القول.  


رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"

رولا حمادة وعمّار شلق: نعيش الحلم ونتحدّى لنبقى "مش قاسمين"