بدانة الطفل بين الأسباب والنتائج والحلول

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 11 أكتوبر 2021
بدانة الطفل بين الأسباب والنتائج والحلول

البدانة أو الوزن الزائد؛ بات هذا المصطلح أحد أكبر الهواجس التي تواجه عدداً كبيراً من البشر في هذه الأيام سواء في ما يخص أجسادهم أو أجساد أطفالهم، وقد يكون السبب الأساسي في هذا؛ هو التقدم التكنولوجي الهائل الذي يعتبر من أبرز سمات عصرنا، حيث أدى التقدم إلى انخفاض معدل الأنشطة التي كان البشر مضطرون للقيام بها بأنفسهم، فقد أصبحت الآلات الحديثة في شتى المجلات تقوم بالكثير من المهام عوضاً عن البشر، إذاً الهدف هو تخفيض الوزن الزائد. أما الدوافع فهي الحصول على جسد صحي رشيق ومتناسق، أو التخلص من العقبات المتعددة التي تنغص حياة الشخص البدين، والأهم من ذلك الوقاية من الأمراض التي تعتبر البدانة سبباً رئيسياً للإصابة بها.

الأسباب والعوامل التي تؤدي لزيادة وزن الطفل وبدانته

عندما يراودك التساؤل عن السبب الذي يقف وراء حالة البدانة لدى طفلك وزيادة وزنه، فهنا لابد لك من إلقاء نظرة على عاملين يعتبران الأساسيان ويتفرع عنهما باقي العوامل الفرعية المتسببة في حصول هذه الحالة، وهذين العاملين هما؛ نشاط طفلك وحركته من جهة، وعادات طعامه وأنواعه من جهة أخرى. أما بقية العوامل الفرعية فمنها مثلاً:

  • أنواع الأطعمة التي يتناولها طفلك خلال يومه مثل: (الحلويات الشيبسات البسكويت، الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة كذلك المكسرات والمياه الغازية).
  • الإدمان على التلفزيون ووسائل التكنولوجيا الأخرى كألعاب الفيديو أو الأنترنيت، حيث أن هذه الأشياء تقلل حركة الطفل ونشاطه؛ لأن الوقت الذي يقضيه بممارسة ألعاب تحتاج للحركة والنشاط سوف يتناقص لصالح استخدام هذه الوسائل من جهة، كما أن الطفل سوف يتناول أطعمة التسالي خلال استخدامها من جهة أخرى.
  • بعض الأطفال يفرغون شعورهم بالغضب والتوتر عن طريق تناول الطعام، وبعضهم الآخر يتسلى بالطعام.
  • عادات تناول الطعام وخاصة في مجتمعاتنا تعتبر من الأسباب الرئيسية لزيادة الوزن عند الصغار والكبار مثل: (تناول العشاء في وقت متأخر قبل النوم مباشرة، شرب السوائل مع الطعام كالمياه والعصائر، كثرة المقبلات التي تقدم على المائدة).
  • عدم وجود نظام ومواعيد ثابتة لتناول وجبات الطعام.
  • بعض الأطفال لديهم استعداد بيولوجي لزيادة الوزن أكثر من غيرهم، ويمكن القول أن الوراثة تؤثر في هذه المسألة.
  • وهناك أسباب صحية كإصابة الطفل ببعض الأمراض مثل: السكري أو اضطرابات في إفرازات بعض الغدد المتعلقة بالنمو أو حتى مشاكل في جهاز الهضم كشعوره بالجوع بشكل زائد عن الحد.

الآثار والمضار التي قد تعكسها بدانة طفلك على حياته

ربما تتلخص الصورة الظاهرة لمضار بدانة الطفل في شكل جسده غير المتناسق أو بطئ حركته وقلة نشاطه، ولكن هذه الصورة تعتبر قاصرة عن إجمال جميع الآثار السلبية التي تسببها بدانة طفلك، حيث أن هذه المضار والعوارض تبتعد أكتر من ذلك لتفرض آثارها السلبية على صحة طفلك الجسدية؛ وتكيفه الاجتماعي أو رضاه النفسي والعاطفي، ومن هنا جاز تقسيم هذه الآثار إلى:

أولاً . المضار الجسدية والصحية التي تسببها بدانة الطفل

  • شكل جسم غير متناسق مليء بالترهلات، يسبب صعوبة في الحركة.
  • الكسل والبرود الذي قد يصل إلى البلادة في النشاط الحركي والذهني.
  • الشعور بالإرهاق وممارسة كل شيء بصعوبة (ارتداء الملابس، صعود الدرج .. إلخ).
  • عدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي ومريح.
  • الشعور ببعض الآلام بالمفاصل والأطراف؛ وخاصة عند المشي لفترة طويلة نسبياً أو الجري.
  • وهناك آثار قد تنعكس أمراضاً على صحة الطفل مثل: ارتفاع ضغط الدم، الربو، ارتفاع الكولسترول والشحوم الثلاثية، تلف الكبد، مشاكل في التنفس وخاصة أثناء النوم.

ثانياً . الآثار الاجتماعية لبدانة الطفل

  • عدم القدرة على مجاراة الأقران واللعب معهم وخاصة الألعاب التي تحتاج لحركة ونشاط.
  • السخرية من قبل بعض الأصدقاء، أو حتى بعض الكبار الذين ينقصهم التوازن النفسي.

ثالثاً . الآثار النفسية والعاطفية الناتجة عن بدانة الطفل

  • الشعور بالاكتئاب لأنه يعلم أن لديه مشكلة ويعتقد أنه من الصعب التغلب عليها.
  • شعوره بالنقص وعدم الثقة بالنفس؛ لأنه لا يستطيع تكوين علاقات بسهولة مع الآخرين، كما يشعر بأنهم يستطيعون فعل الكثير من الأشياء التي يعجز هو عنها.

الأخطاء التي قد يرتكبها الوالدين أثناء مواجهة مشكلة السمنة عند طفلهم

لا بد أن يتعامل الوالدين بطريقة عاطفية مع معظم المشاكل التي قد تواجه أطفالهم فنجدهم (يشفقون أو يغضبون، يفرحون أو يحزنون) أثناء تعاملهم مع طفلهم، وكما هو معروف لا مكان لهذه المشاعر عندما نريد التفكير بعقلانية وإيجاد الحلول للمشاكل العالقة، فكثيراً ما تأتي العاطفة بنتائج عكسية قد تزيد المشكلة تعقيداً بدلاً من حلها، فهنا تناسب الوالدين؛ العبارة المشهورة (من الحب ما قتل) ولكننا سوف نطرحها بطريقة أخف وقعاً ونقول: (من الحب ما أضر)، ولهذه الأسباب وغيرها قد نجد الكثير من الآباء يرتكبون الأخطاء وهم يعالجون مشكلة البدانة عند طفلهم، ومن أكثر هذه الأخطاء شيوعاً ما يلي:

  1. الإهمال وعدم إبداء ما يكفي من اهتمام نحو المشكلة، فبعض الأهل ينظرون للمسألة على أنها عادية ولا داعي للقلق بشأنها، وقد يكون السبب في ذلك أن الوالدين أنفسهم يعانون من زيادة الوزن.
  2. السخرية من الطفل وشكله، ويحدث هذا من قبل الوالدين عادة بدافع حث الطفل على محاولة إنقاص وزنه الزائد أو إتباع أنشطة رياضية أو أنظمة غذائية معينة.
  3. المبالغة والتشدد في إجبار الطفل على إتباع نظام غذائي قاسي، وهذا ما قد يؤدي لمشاكل وأعراض جانبية لا تحمد عقباها على صحة الطفل مثل: (سوء التغذية، ضعف المناعة، فقر الدم)، هذا بالإضافة لأن بعض أنواع الريجيم والبرامج الغذائية غير المدروسة والمخططة من قبل أخصائي التغذية؛ قد يكون لها انعكاسات سلبية على نمو الطفل.
  4. مشاهدة التلفزيون أو برامج الكومبيوتر وممارسة ألعاب الفيديو؛ هي من الأنشطة المحببة بالنسبة لطفلك وإبعاده عن هذه الأشياء قسراً ودون موافقته يؤدي لنتائج عكسية، فبدلاُ من تحقيق الهدف المرجو من هذا الإجراء يمكن أن يدخل الطفل في نوبات غضب عدوانية أنت بغنى عنها، وعوضاً عن سياسة الإجبار يمكنك تجريب الإقناع والتعويد بشكل متدرج ومرن.
  5. بعض الأهل ينظرون إلى الوجبات السريعة والمأكولات المعلبة والجاهزة؛ على أنها تسد حاجات الطفل الغذائية ويمكن أن تحل مكان الطعام المنزلي الصحي والنظيف، وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من المأكولات يحتوي على نسبة كبيرة من الزيوت والدهون والشحوم التي تؤدي لزيادة وزن الطفل وبدانته.
  6. إدخال فكرة في رأس الطفل مفادها بأن النحافة هي شيء جيد والسمنة أو البدانة هي شيء سيء وقبيح، وهذا سوف يؤدي لأن يصبح هدف الطفل هو إنقاص الوزن قدر المستطاع بدرجة مبالغ فيها، قد تؤثر على صحته وتقبله للطعام مستقبلاً بدلاً من الهدف الفعلي وهو الحصول على جسم رشيق وبصحة جيدة.

الحلول لمواجهة سمنة الأطفال وبدانتهم

عندما ننظر بإمعان إلى الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى السمنة، يمكن لنا أن نستخلص منها الطرق الأفضل لمواجهة هذه المشكلة، فبما أن معظم تلك الأسباب تتمحور حول نشاط وعادات الطعام لدى الطفل، بالتالي فإن التخلص من بدانة الطفل يكون عن طريق تحفيز وتشجيع نشاطه من جهة والانتباه لعادات وأنواع طعامه من جهة أخرى، ومن ثم إعادة توجيه هذه العادات وذلك النشاط بطريقة إيجابية تساعده على تخفيض وزنه وتمتعه بجسم صحي ومتناسق، ويتم ذلك من خلال:

  • الطريقة التقليدية لا تفقد رونقها ولذلك لا بد من الإشارة في البداية صديقي القارئ إلى أن ممارسة الأنشطة الرياضية تعتبر من أهم وأنجح وأقدم الأساليب استعمالاً في مواجهة مشكلة البدانة لدى الكبار والصغار، فهي تساهم في تخفيض الوزن والحصول على جسم صحي ورشيق، ولذلك يجب أن تعود طفلك المواظبة على أحد التمارين الرياضية حتى تصبح هذه التمارين طقساً يومياً لا يمكن الاستغناء عنها.
  • كما يمكنك أن تعود طفلك منذ نشأته على تعلم أحد الألعاب الرياضية المفيدة، والتي تتناسب مع رغبته وميوله (ككرة القدم) للذكور و (الأيروبيك) للإناث أو (السباحة) لكلا الجنسين.
  • وعليك الانتباه أيضاً لنوع الأنشطة الروتينية التي يمارسها طفلك خلال يومه (كالجلوس أمام شاشة التلفاز أو الكومبيوتر لساعات طويلة وتناوله في هذه الأثناء للعديد من الأطعمة الضارة كالشيبسات أو المشروبات الغازية) وتعويده استبدال هذه العادات باللعب مع الأصدقاء والأقران في المدرسة أو الحي.
  • تطبيق مواعيد محددة ومنظمة لتناول وجبات الطعام يلتزم فيها جميع أفراد الأسرة صغاراً وكباراً، فبعض الأطفال يتناولون وجبات صغيرة ولكن مرات عديدة خلال اليوم وهذه المسألة تعتبر من الأسباب التي تؤدي لسمنتهم وبدانتهم.
  • بالإضافة لأنه يجب عليك الانتباه لنوع الأطعمة التي يتناولها الأطفال، حيث أن بعض الأطعمة تحتوي على نسبة أعلى من الشحوم والزيوت والدهون التي تسبب السمنة مثل: (المكسرات، الوجبات السريعة الحلوى البسكويت أنواع الشيبسات والأطعمة الجاهزة)، وحاول أن تعود طفلك استبدال هذه الأطعمة بأخرى تحوي نسبة أقل من هذه العناصر وتتمتع بقيمة غذائية أفضل؛ كالفواكه والخضراوات بالإضافة للحوم النقية من الشحوم والدهون.
  • الالتزام من قبل جميع أفراد الأسرة بأنواع وعادات الطعام الصحية.
  • أخيراً وليس آخراً يجب أن تتقبل طفلك وتشعره بمحبة كل المحيطين به، كما يجب أن تشعره أيضاً بأن عليه تعديل وزنه دون أن تحرجه أو تسخر من شكله فهذا يولد ردّ فعل عكسي لديه.

تناولنا في هذه الدراسة البحثية، بدانة الأطفال كمشكلة لها آثارها السلبية على العديد من جوانب حياتهم الصحية والنفسية والاجتماعية، كما تعرفنا على الأسباب التي عادة ما تؤدي لزيادة وزن الأطفال وبدانتهم؛ حيث أن هذه الأسباب تتمحور في نشاطهم وعادات طعامهم، أخيراً.. تعرضنا للمشاكل التي يقع فيها الوالدين وهم يعتقدون أنهم يساعدوا طفلهم للتخلص من بدانته، ومن ثم الطرق الصحيحة والصحية الخالية من الأعراض الجانبية لتحقيق هذه الغاية.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار