عيد التحرير في الكويت

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 26 فبراير 2024
عيد التحرير في الكويت

يحتفل الشعب الكويتي في 26 شباط/فبراير من كل عام بعيد التحرير من الاحتلال العراقي لبلادهم، حيث تعرضت الكويت في عام 1990 إلى غزو القوات العراقية لأراضيها، وسنقدم لك في هذا المقال شرحاً مبسطاً عن أسباب الغزو العراقي للكويت، وأحداث يوم التحرير الكويتي ومظاهر الاحتفال به.

عيد التحرير الكويتي ومظاهر الاحتفال به

بشكل متزامن مع احتفال الكويت بالعيد الوطني، تحتفل الكويت سنوياً بعيد آخر يسمى "عيد التحرير"، لإحياء ذكرى تحرير الكويت من القوات العراقية في 26 شباط/فبراير عام 1991، التي احتلتها لما يزيد عن 7 أشهر أسفرت عنها خسائر في الأرواح والماديات. [1]

ويمثل هذا العيد أحد أيام العطلة الرسمية المبهجة والممتعة للشعب الكويتي، ومن مظاهر الاحتفال بعيد التحرير في الكويت ما يأتي: [1]

  • تزيين الشوارع والأبنية بسلاسل الأضواء الكبيرة والمتلألئة في كل مكان.
  • عرض للوحات فنية تحكي عن صمود الشعب الكويتي منذ القدم واحتفاله بالتحرر والحرية.
  • إلقاء الخطابات السياسية التي تعبر عن التقدير والإجلال لأرواح الكويتين الذين راحوا ضحية هذه الحرب.
  • تُقام الولائم ويُرفع العلم الكويتي على الأبنية العالية والأبراج، فتصبح الكويت بزينتها في ذلك اليوم لوحة بلورية لامعة.

أسباب الغزو العراقي للكويت

لم يكن الغزو العراقي على أراضي الكويت نابعاً من الفراغ والعدم، ولا شك أن هناك أسباباً دفعت العراق للهجوم على الكويت بهدف تحقيق غاياته التي يطمح لها؛ وبالعودة إلى أسباب الصراع بين كل من الكويت والعراق نجد أنه تمحور حول عدة أمور، والتي تتمثل فيما يأتي: [2]

الصراع حول جزيرتي بوبيان ووربه

كانت هاتان الجزيرتان تنتميان إلى الكويت، ولكن العراق طالب بضمهما إليه مراراً منذ عام 1960، بحجة أنهما يوصلان العراق إلى المياه المفتوحة للخليج الفارسي، ولكن الكويت كانت ترفض طلب العراق باستمرار، باعتبار أن ذلك يعدّ هجوماً على مصالحها الوطنية.

صراعات حدودية بين العراق والكويت

لم تكن الحدود بين العراق والكويت واضحة المعالم بعد استقلالهما عن الاستعمار البريطاني، ما أدى إلى نزاعهما حول حقول نفط الرميلة الواقعة على الحدود، ففي عام 1990، طالب العراق بوقف الكويت لحفر آبار النفط متهماً إياها بسرقة نفطها من الجانب العراقي بواسطة آلات حفر مائلة.

وطالب العراق بأن تدفع لها الكويت مبلغ 2.4 مليار دولار كتعويض عما سرقته؛ فرفضت الكويت دفع التعويض، مؤكدة على أن الحفر كان قد تمّ بصورة شرعية تماماً.

غرق العراق في الديون الخارجية

قبل حرب العراق مع إيران عام 1980، كان العراق بلداً اقتصادياً مزدهراً يمتلك نحو 35 مليار دولار من عائدات الاحتياطات النفطية، لكن عند خوضه الحرب مع إيران أصبح الاقتصاد العراقي في حالة خراب وتدهور.

وبعد انتهاء الحرب كان العراق مديناً بنحو 80 مليار دولار لجيرانه، الذين وفروا له المواد الغذائية والمعدات الحربية والعسكرية اللازمة، مما جعل العراق حينها محتاجاً لإعادة بناء البنية التحتية التي مزقتها الحرب، الأمر الذي تطلّب ما يُقدّر بـ230 مليار دولار.

وبالتالي كان أمل العراق في سداد ديونه عن طريق كسب المزيد من عائدات بيع النفط، لكن نتيجة إفراط الإنتاج النفطي من الكويت والإمارات العربية المتحدة بدأت أسعار النفط بالتراجع، مما دفع منظمة الأوبك (OPEC) إلى وضع شروط حول حصص وكمية النفط التي تستطيع كل دولة من الدول الأعضاء أن تنتجها، لمنع حدوث المزيد من الانخفاض في أسعار النفط.

لكن الكويت والإمارات العربية المتحدة كانتا قد تجاهلتا تلك القرارات والشروط واستمرتا في الإنتاج بشكل مفرط، مما أدى إلى هبوط أسعار النفط من سعر 18 دولاراً إلى 7 دولارات للبرميل الواحد، وهذا ما سبّب خسارة مادية باهظة للعراق من العائدات النفطية.

أسباب أخرى

كانت الكويت من أكثر الدول مساعدة للدولة العراقية والشعب العراقي خلال فترة الحرب مع إيران، إلا أن التحول في الموقف العراقي تجاه الكويت لم يكن مبرراً وفقاً لوجهة نظر البعض.

إذ تم إلقاء اللوم على صدام حسين باعتبار أنه حاول تحقيق مآرب شخصية تتمثل في إبقاء الجيش في حالة قتال متواصل، ليضمن استمراره في الحكم، بالإضافة إلى مجموعة من الروايات الأخرى التي ألقت اللوم على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

الغزو العراقي للكويت

هجمت القوات العراقية بتاريخ 2 آب/أغسطس عام 1990 على الأراضي الكويتية، لاحتلالها وضمها إلى أراضيها وإعلانها محافظة من محافظاتها، حيث دخلت قوات النظام العراقي السابق نحو الساعة 2:00 صباحاً بالتوقيت المحلي أراضي دولة الكويت المسالمة. [2]

وكان هجوماً مفاجئاً أدى إلى احتلال القوات العراقية للكويت، وتهجير العديد من سكان الكويت إلى أراضي المملكة العربية السعودية والبلدان المحيطة، ولكن الأمير جابر الصباح، حينها كان قلقاً على شؤون شعبه وسلامته، فأصدر قرارات لرعاية وتنظيم الأمور المعيشية والمالية للعائلات الكويتية في الداخل والخارج، لكي يضمن سلامتهم وراحتهم. [2]

وقد قام الشيخ جابر الصباح بحضور المؤتمرات والجلسات المختلفة على الصعيد الخارجي، والتي تتناول موضوع غزو الاحتلال العراقي للكويت، في محاولة لإيصال صوته وصوت شعبه للمجتمع الدولي ككل، داعياً جميع الدول العربية والعالمية لنصرة قضية الكويت والوقوف معها ضد الاحتلال. [2]

وشكّل ذلك ردود فعل دولية قوية ضد الاعتداء على سيادة الكويت، وقد ندد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بهذا الغزو العدواني وطالب العراق بالانسحاب من الأراضي الكويتية، حيث فرض في السادس من آب/أغسطس حظراً عالمياً على التجارة مع العراق. [2]

وفي التاسع من آب/أغسطس، بدأت عملية درع الصحراء ونزلت قوات الولايات المتحدة الأمريكية إلى الخليج العربي، لمواجهة الجيش العراقي وطرده من الكويت، وفي الوقت ذاته، كان الرئيس صدام حسين يحشد قواته في الكويت استعداداً للحرب. [2]

وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر، أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يجيز استخدام القوة من قبل قوات الائتلاف العسكري المُشكّل من عدة دول لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ضد العراق في حال انسحب من الأراضي الكويتية حتى تاريخ 15 كانون الثاني/ديسمبر عام 1991. [2]

لكن الرئيس العراقي السابق صدام حسين رفض الانسحاب مُصرّاً على موقفه، ما دفع القوات الأمريكية بمشاركة قوات من بريطانيا ومصر وفرنسا والمملكة العربية السعودية والكويت (قوات الائتلاف)، إلى البدء بما يُسمى عملية "عاصفة الصحراء" والانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، بقيادة قوات أمريكية برئاسة الجنرال نورمان شوارزكوف. [2]

أما عن غاية الولايات المتحدة من الدخول في الحرب يمكننا إيجازها في مرحلتين، هما كما يأتي: [2]

  • كانت الولايات المتحدة الأمريكية مؤيدة للعراق في حربه مع إيران خلال 8 سنوات، (1980-1988)، نظراً لعدائها مع إيران عند وصول التيار الإسلامي للسلطة بقيادة الخامنئي عام 1979.
  • خرج العراق من الحرب مع إيران منتصراً، ويمتلك جيشاً ضخماً، وأسلحة كيماوية وبيولوجية وصواريخ، مما أثار قلق الولايات المتحدة حول وجود قوة في المنطقة قد تهدد مصالحها مستقبلاً، وبخاصة فيما يتعلق بالنفط الذي يعد الغاية الرئيسية لها، ما دفع العديد من المحللين إلى اتهام الولايات المتحدة بالتخطيط لحرب الخليج، من أجل القضاء على قدرات الجيش العراقي وإبقاء وجودها في المنطقة، بحيث كانت الكويت ضحية هذه المؤامرة.

انتهاء الحرب وتحرير الكويت

بدأت طائرات قوات الائتلاف بقصف مواقع وأهداف لها في بغداد وما حولها، واستمرت القوات المتحالفة لمدة 6 أسابيع بشن حرب جوية مكثفة ضد الجيش العراقي والبنية التحتية المدنية، أما القوات العراقية كانت قد وصلت إلى مرحلة شبه عاجزة عن المواجهة والاستمرار في الحرب. [1]

فما كان منها إلا أن تطلق صواريخ سكود ضد إسرائيل في 17 كانون الثاني/يناير عام 1991، لكي تثيرها للدخول في الصراع، وبالتالي حل الدعم العربي للحرب ضد العراق، لكن لم تتحقق آمال صدام حسين بذلك الأمر، حيث بقيت إسرائيل خارج دائرة الصراع بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن بيّنت لإسرائيل أنها ستستهدف مواقع صواريخ السكود في العراق وتطيح بها. [1]

وفي 24 شباط/فبراير من العام نفسه، بدأت قوات الائتلاف هجومها البري على العراق، في حين كانت القوات العراقية، بدأت تفقد قوتها، مما دفعها إلى الاستسلام بعد يومين من الهجوم عليها، وهكذا تحررت الكويت من الاحتلال العراقي في 26 شباط/فبراير عام 1991. [1]

وقد تم تأكيد نهاية الصراع في 3 نيسان/أبريل عند إصدار القرار رقم 687 من قبل مجلس الأمن الدولي، وقد أعلن الشيخ الأمير جابر الصباح رحمه الله بعدها عن فرحه بالتحرير شاكراً الدول الإسلامية ودول الخليج العربي ودول التحالف الدولي التي وقفت معه في أزمة بلاده، موجهاً التحية لشعبه الصامد، الذي قدم العديد من الشهداء فداءً للوطن. [1]

وفي الختام، حملت هذه الحرب في طياتها نتائج سلبية وسيئة جداً بحق الإنسانية، وأسفرت عن ضحايا وقتلى ومصابين كُثُر، إضافة إلى أنها أدت إلى انقسام الصف العربي بين مؤيد ومعارض، وتدمير آبار النفط والغاز مع تصاعد سحب الدخان الكثيفة التي أثرت سلباً على صحة السكان في المنطقة أيضاً، وهذا ما يدفعنا للتفكير ملياً في القيمة العظيمة للسلام والأمن بعيداً عن الحروب والصراعات.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار