محطات في حياة لطفي لبيب: ما لا تعرفه عن الفنان الذي جمع بين السلاح والفن

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 30 يوليو 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
وداعاً الفنان لطفي لبيب: عبقري الكوميديا الذي جسد أوجاع الحياة ببسمة صادقة
محطات في حياة نانسي عجرم توجت مشوارها الفني
بعد وعكتها الصحية: محطات من مسيرة حياة الفهد الفنية

فقدت الساحة الفنية المصرية اليوم واحدًا من أبرز وجوه الفن العربي وأكثرها تأثيرًا، برحيل الفنان القدير لطفي لبيب عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد تدهور مفاجئ في حالته الصحية استدعى نقله إلى العناية المركزة، حيث دخل في غيبوبة قبل أن يُعلن وفاته صباح الأربعاء.

وقد نعته نقابة المهن التمثيلية وعدد كبير من الفنانين، وسط حالة حزن واسعة اجتاحت جمهوره في مصر وخارجها.

لطفي لبيب: نشأة صعيدية وبدايات متأخرة

وُلد لطفي لبيب في 18 أغسطس 1947 بمركز ببا في محافظة بني سويف، ونشأ في أسرة مصرية مسيحية محافظة. تلقى تعليمه الأولي في بيئة تقليدية تحمل طابع الصعيد المصري، وتأثر مبكرًا بجو الأسرة الدافئ وشغفها بالثقافة، مما ساهم في تشكيل وعيه الفني.

حصل على ليسانس الفلسفة من كلية الآداب بجامعة عين شمس، ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج فيه عام 1970، لكن مسيرته الفنية تأجلت طويلًا بفعل ظروف التجنيد والعمل بالخارج.

لطفي لبيب مقاتل في حرب أكتوبر وراوي لتجاربها

بعد تخرّجه، قضى ست سنوات كاملة في صفوف القوات المسلحة المصرية، وشارك فعليًا في حرب أكتوبر 1973 ضمن كتيبة "26 مشاة"، وهي أول كتيبة عبرت القناة.

هذه التجربة تركت أثرًا عميقًا في وجدانه، وثّقه لاحقًا في كتابه "الكتيبة 26"، الذي يُعد شهادة فنية وتوثيقية عن أيام الحرب ومشاهدها من قلب المعركة، كاتبًا بأسلوب ساخر وجريء مزيجًا من السيرة والبطولة والانكسار.

انطلاقته المسرحية وسنوات الانتظار

بدأ لطفي لبيب رحلته مع التمثيل متأخرًا في أوائل الثمانينيات، بعد عودته من الخارج. شارك في أعمال مسرحية مثل "المغنية الصلعاء" و"الرهائن"، ليشق طريقه لاحقًا نحو السينما والتلفزيون، بهدوء وصبر.

وبرغم بداياته المتواضعة، لم يتوقف عن التقدم بخطى ثابتة، حتى أصبح وجهًا مألوفًا في مختلف أنواع الأدوار، لا سيما في الكوميديا الاجتماعية والدراما الإنسانية.

أدوار خالدة في السينما والتلفزيون

خلال مشواره الفني، قدم لطفي لبيب ما يقرب من 400 عمل فني، تنوّعت بين السينما والدراما والمسرح. ومن أبرز أفلامه: "السفارة في العمارة"، "عسل إسود"، "كده رضا"، "التجربة الدنماركية"، "صعيدي في الجامعة الأمريكية"، "بوشكاش"، و"زهايمر". كان حضوره لافتًا حتى في أصغر الأدوار، وترك بصمة كوميدية وإنسانية تميّزه عن سواه.

أما في الدراما، فقد برع في أعمال مثل "رأفت الهجان"، "المال والبنون"، "أرابيسك"، "صاحب السعادة"، و"عفاريت عدلي علام"، حيث أتقن أداء شخصيات الأب، الموظف، المسؤول، أو رجل الدين، بأسلوب واقعي لا يخلو من الطرافة والدفء.

رفض التطبيع رغم الشهرة

أدى لطفي لبيب في فيلم "السفارة في العمارة" شخصية السفير الإسرائيلي، وهو الدور الذي رسّخ شهرته بين الجمهور. لكنه، في موقف وطني صريح، رفض لاحقًا دعوة لتكريمه من السفارة الإسرائيلية في القاهرة، مؤكدًا أن أداءه كان نقدًا ساخرًا لا قبولًا سياسيًا، وأن مشاركته في حرب أكتوبر تجعله غير قابل لأي شكل من أشكال التطبيع، مستشهدًا بزملائه الشهداء في المعركة.

صوت هادئ وابتسامة لا تُنسى

بملامحه الهادئة وصوته الدافئ، استطاع لطفي لبيب أن يجذب الجمهور بجاذبية ناعمة ودون صخب، ليصبح "الأب" و"الظل الخفيف" و"المثقف البسيط" الذي يسكن ذاكرة المشاهد العربي. حتى في أدواره الثانوية، كان حضوره طاغيًا، يسرق المشهد بذكاء الممثل وخفة الروح.

رحلة المرض.. وصراع لم يوقف الإبداع

في السنوات الأخيرة، تعرّض لطفي لبيب لجلطة دماغية أثرت على الجانب الأيسر من جسده، مما جعله يعلن تقاعده شبه الكامل من التمثيل. لكنه استمر في الظهور بين الحين والآخر، وشارك مؤخرًا في فيلم "أنا وابن خالتي" رغم صعوبة حالته، في إصرار واضح على مواصلة الفن حتى آخر لحظة.

قبل أيام من وفاته، عانى من نزيف حاد بالحنجرة والتهاب رئوي، نُقل على إثره للعناية المركزة، لكنه لم ينجُ.