كل عقبة تتخطينها تُمهّد الطريق لغيرك
في يوم المرأة الإماراتية، تتحدث امرأتان إماراتيان عن مسيرتهما المهنية، وكيف ساعدهما الشغف بمهنتهما والفخر بتراثهما، على تجاوز كل التحديات
- تاريخ النشر: الخميس، 28 أغسطس 2025 زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
مقابلة بمناسبة يوم المرأة الإماراتية
بينما تواصل دولة الإمارات مسيرة الابتكار والتطوير، تمضي المرأة الإماراتية بطموح وعزيمة في رسم ملامح المستقبل. وتشارك، بقيادتها وإبداعها ورؤيتها، في تحقيق طموحاتنا للأجيال المقبلة.
وفي هذه المناسبة، نسلّط الضوء على قصتين ملهمتين لاثنتين من الكوادر النسائية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: هاجر حسن المنهالي، عالمة آثار ساهمت في أعمال التنقيب بجزيرة مروّح، وأجرت أبحاثاً حول التطور الجغرافي لجزر أبوظبي، والشيف خلود عتيق، التي تقدم المطبخ الإماراتي في الفعاليات الدولية، وألفت كتاب الطهي باللغتين العربية والإنجليزية: "سراريد: المطبخ الإماراتي بين البر والبحر".
ما الذي ألهمك لاختيار مهنتك؟
- هاجر: اخترت علم الآثار لشغفي بالتنقيب عن الحكايات التاريخية الخفية بين طبقات الاكتشافات الأثرية. نشأت وسط ثقافتنا الغنية وتراثنا العريق، وازداد فضولي لمعرفة المزيد عن تاريخ أجدادنا وآبائنا الذين عاشوا على هذه الأرض قبل عصر الأبراج والمدن الحديثة، وكيف ساهمت حياتهم في تشكيل واقعنا اليوم.
- خلود: بدأت رحلتي من حبي الكبير لتراثنا وثقافتنا. وبعد إكمال دراستي، فكرت كثيراً في المهنة التي أرغب في العمل بها، وكيف يمكنني أن أُسهم في خدمة وطني. أدركت حينها أن فن الطهي هو شغفي الحقيقي، ولاحظت أن المأكولات الإماراتية الأصيلة لا تُقدَّم بالشكل الذي يليق بها في الفنادق والمطاعم، قررت حينها تكريس جهدي لحفظ تراث المطبخ الإماراتي، ومشاركته مع الأجيال المقبلة، وتقديم تجربة طهي لا تُنسى لزوارنا، تعكس روح ثقافتنا الغنية.
-
من كان قدوتك؟
-
هاجر: والدايّ، بلا شك، هما قدوتي الأولى. والدتي علّمتني الصبر والتواضع، وأهمية الإخلاص لما أؤمن به. وأكنّ احتراماً بالغاً للنساء الإماراتيات اللواتي اخترن العمل في مجالات لم يكن للمرأة حضور فيها من قبل. لقد أثبتن أنه يمكننا، بالإيمان والإصرار، فتح جميع الأبواب أمام الأجيال القادمة.
-
خلود: والدتي وعمّاتي وخالاتي وجاراتي كنّ مصدر إلهامي. في كل زيارة لهن، كنت ألمس شغفهن بالطبخ، وحرصهن الدائم على تطوير مهاراتهن، واكتشاف وصفات جديدة. ذلك الحب والاهتمام زرعا في داخلي الرغبة في تحويل الطهي إلى مهنة، ورسالة لحفظ تراثنا ومشاركته بفخر مع العالم، تماماً كما كنّ يقدّمن أطباقهن بمحبة للعائلة والجيران.
-
ما هي العقبات التي واجهتك وتغلبت عليها؟
- هاجر : اختيار مهنة غير مألوفة للنساء هو تحدي بحد ذاته. واجهت أحياناً تساؤلات حول قدرتي على النجاح، لا سيما وأن عملي يتطلب التواجد الميداني لساعات طويلة تحت الشمس، وأحياناً في مواقع نائية تتطلب صبراً وجهداً جسدياً وذهنياً كبيراً. لكن هذه التحديات زادتني إصراراً على الاستمرار.
- خلود: واجهت تحديات عديدة في بداياتي، من أصعبها العمل في مطبخ فندقي، مرتدية زي الطهاة لساعات طويلة، أعدّ كميات كبيرة من الطعام بمعايير تختلف كثيراً عن الطبخ المنزلي. كانت هذه التجربة جديدة على مجتمعنا. وتجاوزت التحدي بتطوير مهاراتي، والتعلم المستمر، وإثبات قدرتي على تقديم أطباق عالية الجودة. ولن أنسى أبداً شعوري بالفخر عندما قُدِّمت وصفة الهريس التي أعددتها للمرة الأولى في مأدبة فندقية.
-
كيف يساهم عملك في حفظ أو تعزيز التراث الثقافي الإماراتي؟
- هاجر كل قطعة أثرية نكتشفها، وكل موقع نوثّقه وندرسه، يُثري السجل التاريخي لدولة الإمارات. ويضمن دراسة هذه الكنوز وحفظها وتسليط الضوء عليها، وتقديمها ليس فقط للباحثين، بل أيضاً لمجتمعنا والعالم. إنها مسؤولية تتجاوز الحاضر، هدفها حماية تراثنا ليبقى حيًّا في ذاكرة الأجيال القادمة، يروون من خلاله قصص من سبقونا ويتعلمون منها.
- خلود: أحافظ على الوصفات الإماراتية الأصيلة من خلال البحث الميداني وجمع القصص الشفوية من الجدات والأمهات، ثم توثيقها بطريقة منهجية وتعليمات واضحة تتماشى مع متطلبات المطابخ الحديثة. أدرب الطهاة على تحضير هذه الوصفات بالطريقة الصحيحة، وأمثل المطبخ الإماراتي في الفعاليات المحلية والدولية، سواء من خلال إعداد المجبوس في المهرجانات الثقافية أو تقديم اللقيمات في عروض الطهي العالمية. كما أبتكر أطباقًا جديدة تنبض بروح التراث، وتمزج بين الأصالة واللمسات العصرية.
-
ما رسالتك للجيل الجديد من الإماراتيات؟
- هاجر: أود أن أضيف فقط، كوني شجاعة ولا تخافي من دخول مجالات لا ترين فيها الكثير من النساء. كل عقبة تتخطينها تُمهّد الطريق لغيرك. تراثك هو مصدر قوتك، احمليه بفخر، فهو دليلك إلى المستقبل الذي تطمحين إليه. دولة الإمارات مليئة بالفرص التي تنتظرك.
- خلود: آمني بنفسك وبقدراتك. اختاري ما تحبين، وابذلي فيه جهدك، واعتبري كل تحدٍ فرصة جديدة للتعلم والتطور. تمسّكي بجذورك وقيمك، وافتخري بتمثيل وطنك، فنجاحك هو نجاح لكل امرأة إماراتية. وتذكّري أن حتى أبسط المبادرات – كمشاركة وصفة جدتك في فعالية مدرسية – قد تكون نقطة البداية لرحلة حافلة بالإنجازات.




