مجموعة Dior خريف 2025 في كيوتو

مقالات ذات صلة

مجموعة Dior هوت كوتور خريف 2025

Dior تحتفي بالتراث الياباني في مجموعة لما قبل خريف 2025

مجموعة Dior ما قبل خريف 2021

بعض عروض الأزياء تتجاوز كونها عروضاً موسمية إلى ما هو أعمق وأكثر شعرية، تُصبح جغرافيات عاطفية، ترسم خرائط جديدة للعلاقات بين الثقافات، وتُعيد صياغة الزمن في نسيج بصري معبّر، هذا تمامًا ما قامت به دار ديور Dior في عرضها لموسم خريف وشتاء 2025-2026، حين اختارت مدينة كيوتو اليابانية، وتحديدًا حديقة معبد توجي التاريخي، موقعًا لتقديم مجموعةٍ تُجسّد لقاءً بين التقاليد اليابانية والهوية الجمالية للدار الفرنسية العريقة.

في مجموعة خريف 2025، تستكشف ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الإبداعية لخطوط أزياء ديور النسائية، عوالم العادات الدينية والثقافية عبر العالم، محوّلة إياها إلى خطابٍ بصريّ يجمع بين المقدس والأنيق. من خلال ثيمات الجسد والهوية والرغبة، تقدم المجموعة حوارًا بين الماضي والحاضر، بين الشرق والغرب، وبين الأبعاد الثنائية والثلاثية للتصميم.

إعادة تخيل تراث ديور والكيمونو

1. تستلهم كيوري روح كريستيان ديور، الذي قدّم في خريف وشتاء 1957 تصاميمَ مثل "باليتات ديور" و"معطف ديور"، المصممة خصيصًا لترتدي فوق الكيمونو مع احترام شكله المميز.

2. منذ لحظة العرض الأولى، بدت المجموعة وكأنها بيان جمالي هادئ، يتحدث لغة الأقمشة والانسيابية والتوازن، لم تسعَ كيوري إلى محاكاة الكيمونو التقليدي بتفاصيله المتعارف عليها، بل استخدمت جوهره كمنطلق للتجريب الفني، فأعادت تشكيل الكيمونو بأبعاد جديدة تُراعي حركة الجسد ومساحته، في انسجام فريد بين الراحة والدقة.

3. الأكمام الواسعة، القصّات التي تحيط بالجسم من دون أن تقيّده، والأحزمة التي تُبرز الخصر بلطف لا تُقيّد، كلّها تفاصيل أعادت تعريف العلاقة بين الثوب والجسم. بدا التصميم وكأنه يحتضن الجسد بدلًا من أن يُقيّده، في تحوّل فلسفي واضح عن المفهوم التقليدي للأزياء كوسيلة للزينة فقط.

4. هنا، تعيد كيوري تفسير هذه الفكرة بسترة كيمونو معاصرة، تدمج بين الحرفية الغربية والأناقة اليابانية، مؤكدةً على التفاعل المستمر بين المصادر المختلفة للإلهام في عالم الموضة.

استلهام من أرشيف ديور:  بروح شرقية

1. رغم الاستيحاء من الكيمونو الياباني، فإن ماريا غراتسيا كيوري لم تغفل عن جذور دار ديور، فاستعادت عناصر أساسية من أرشيف السيد كريستيان ديور نفسه، مثل معطف "باليتو" الشهير، وإعادة صياغته بلمسة شرقية، التصاميم جاءت واسعة، بتفاصيل دقيقة وخياطة معمارية تُبرز الخطوط والانسيابية في آن واحد.
2. تجلّى هذا التمازج في الأقمشة المختارة بعناية، حيث لعب الحرير دورًا محوريًا، إلى جانب تطريزات ذهبية هادئة وطبعات خفيفة مستوحاة من الطبيعة اليابانية، مثل أزهار الكرز وأمواج البحر، لا زخرفة مفرطة، بل توازن متناغم بين الجمال والبساطة، حيث أصبح القماش نفسه هو البطل.

الملابس كحوار فلسفي: الجسد، المساحة، والهوية

1. ما قدّمته كيوري في هذه المجموعة يتجاوز الموضة بكثير. فالثوب هنا لا يرتدي فقط، بل يُعبّر عن تجربة حياتية كاملة. من خلال أسلوبها التأملي، تسائل كيوري علاقة الجسد بالملبس، وتمنح المرأة حرية الحركة والتعبير دون الحاجة إلى المبالغة.
2. هي رؤية ترى في الكيمونو رمزاً للانسياب والاحتواء، وفي الوقت نفسه، وسيلةً للهندسة الفنية التي تُشكّل الجسد وتُرافقه برفق، لم يكن هناك سعي لإبراز الجسم بمقاييس جامدة أو أنماط مألوفة، بل جاءت التصاميم كامتداد للجسد، كأنها تكمله لا تفرض عليه شكلاً غريبًا.

رحلة إلى اليابان: من مارك بوهان إلى المسرح التقليدي

1. يستحضر الألبوم رحلةً إلى اليابان، حيث تم الكشف عن تصاميم مارك بوهان لديور في طوكيو عام 1971، في لحظة تاريخية جمعت بين الحداثة الغربية والجمالية الآسيوية.
2. تتجسد هذه الإشارة في حوارٍ مع شخصيات مسرحية يابانية آسرة، مما يضفي طابعًا دراميًا على القطع، كما تلهم زيارة كيوري لمعرض "حب الموضة: بحثًا عن ذاتي" في كيوتو رؤيةً جديدةً تدمج ثقافتين مختلفتين في قالبٍ واحد، يعكس تعقيد المشاعر وفرادة الجسد عبر التصميم.

القطع: بين الثراء البصري والحركة الشعرية

تتميز المجموعة بستراتٍ ومعاطفَ عريضة الخطوط، تُحاط أحيانًا بأحزمةٍ تضفي طابعًا نحتيًا. تتحول الملابس إلى قطعٍ فنية بفضل:

• الأقمشة الحريرية المطرزة برسومات حدائق يابانية.
• السراويل الواسعة والتنانير الطويلة التي تتماوج مع كل حركة، كأنها فرشاةٌ ترسم على الهواء.
• التطريز الذهبي الذي يعبر عن الرغبة والجمال، بينما تظهر الأنماط الزهرية كقصصٍ مرئية على القماش.

اللون واللمسات الأخيرة: كثافة الأسود وروعة الذهب

1. يظل الأسود لونًا محوريًا في المجموعة، مكثفًا وعميقًا، كرمزٍ للغموض والأناقة، بينما يبرز التطريز الذهبي كلغةٍ للرفاهية والرغبة، مؤكدًا على أن الموضة ليست مجرد مظهر، بل هي تعبير عن الروح.
2. هكذا تقدم ديور مجموعةً متحوّلة، تختزل رحلةً بين الثقافات، وتجسّد حوارًا بين الماضي والمستقبل، كل ذلك عبر رؤية ماريا غراتسيا كيوري التي تضع الجسد والإنسان في قلب الإبداع.

عرض يحمل البعد الشعري والوجداني: كيوتو بين المقدس والمدنس

1. لم يكن اختيار الموقع عشوائياً، ففي هذا المكان المعلّق بين الروحانية والواقع، بين الحجر المقدس والأزهار المتفتحة، صنعت ماريا غراتسيا كيوري لحظة تواصل نادرة، العرض لم يكن استعراضاً مهيباً، بل همسة هادئة، تليق بجمال اليابان المتأمل، وتُحاكي انسيابية الكيمونو، واحترام الفضاء الشخصي، وتقديس التفاصيل.
2. في حديقة زن، وبين أشجار الكرز التي تُنذر ببدايات جديدة، سارت العارضات بخطى ثابتة ووجوه خالية من الزينة المفرطة، بأناقة صامتة، يذكّرن بمحاربات الـ"أونا-بوغيشا" في العصر الحديث، قويّاتٌ بهدوئهنّ، أنيقاتٌ بإصرارهنّ، المكان، الإضاءة، الموسيقى، وحتى حركة العارضات، كل تفصيلة في العرض بدت مدروسة كجزء من عمل فني كامل.
3. الألوان كانت مائلة للدرجات الترابية الهادئة مثل البيج، الرمادي، الأبيض الكريمي، والأزرق الباهت، لتعكس إحساسًا بالسكينة والتأمل، أما الأحذية والإكسسوارات، فجاءت متناغمة مع روح المجموعة: بسيطة، غير متكلفة، ولكن تحمل طابعًا فنيًا دقيقًا.

تصاميم للمرأة المتأملة، المتحررة، المتصلة بذاتها

1. من خلال هذه المجموعة، توجّه كيوري رسالتها إلى المرأة التي ترى في الملابس امتدادًا لفكرها، لا مجرد واجهة، إنها مجموعة تتحدث بلغة الجسد، وتحترم حريته، وتُقدّم تصاميم تحتفي بأنوثة ناعمة، متأصلة، لا تُفرض عليها قوالب.
2. ديور خريف 2025 ليست فقط استلهامًا من الكيمونو، بل حوار صامت بين الغرب والشرق، بين ما هو ثابت وما هو متحوّل، بين التقاليد والحداثة، في هذا اللقاء الفني، لا يتم فقط تقديم أزياء تُلبس، بل تُحكى من خلالها قصة، تُعبّر عن الذات، وتحتفي بجمال التجربة الإنسانية.