وفاة بيورن أندرسن: النجم السويدي صاحب صراع "أجمل فتى في العالم"

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
وفاة شريفة فاضل بعد صراع مع المرض: صاحبة لقب أم البطل
وفاة الفنان محمد نجم بعد صراع مرير مع المرض
وفاة نجم سوبر ستار سعد جمال الدين بعد صراع مع المرض

رحل الممثل والموسيقي السويدي بيورن أندرسن Björn Andrésen عن عمر ناهز 70 عامًا، بعد مسيرة فنية حملت المجد والاضطراب في آنٍ واحد، تاركًا خلفه إرثًا سينمائيًا معقدًا بدأ منذ مراهقته في فيلم "الموت في البندقية" عام 1971.

وفاةبيورن أندرسن Björn Andrésen بعد انطلاقة مفاجئة إلى قمة الشهرة

ولد بيورن أندرسن في ستوكهولم عام 1955، ونشأ في كنف جدته بعد وفاة والدته المأساوية حين كان في العاشرة من عمره.

دفعت الجدة حفيدها إلى التمثيل وعالم عروض الأزياء رغبةً منها في أن ترى "نجمًا في العائلة"، وهو ما تحقق بالفعل حين اختاره المخرج الإيطالي لوتشينو فيسكونتي لأداء دور "تادزيو" في فيلمه المأخوذ عن رواية توماس مان "الموت في البندقية".

أدى الدور وهو في الخامسة عشرة من عمره، ليصبح خلال أيام رمزًا للجمال الأوروبي الرقيق. وصفه فيسكونتي آنذاك أمام الصحافة بأنه "أجمل فتى في العالم"، وهي عبارة تحولت إلى عبء رافقه طوال حياته، وظلت تلاحقه في كل مرحلة من مسيرته المهنية.

تجربة مؤلمة خلف الكواليس

كشفت السنوات اللاحقة عن الوجه الآخر لتلك الشهرة المبكرة. شعر أندرسن بأنه فقد السيطرة على حياته منذ تصوير الفيلم، وصرّح لاحقًا بأنه شعر وكأنه "حيوان غريب داخل قفص"، في إشارة إلى الطريقة التي عامله بها فيسكونتي وفريق العمل.
تعرض المراهق حينها لمواقف غير مريحة، منها إجباره على حضور أماكن ليلية لا تناسب عمره، وهو ما وصفه لاحقًا بأنه ترك أثرًا نفسيًا عميقًا فيه.

وأكد في أحاديثه القديمة أنه لو أتيح له اليوم أن يواجه المخرج الراحل، لكان رفض تلك المعاملة بشدة، موضحًا أن عالم السينما في تلك الحقبة لم يكن يراعي حدود المراهقة أو مشاعر الممثلين الصغار.

من نجم عالمي إلى موسيقي يبحث عن ذاته

بعد النجاح الكبير للفيلم، انتقل أندرسن إلى اليابان، حيث وجد جمهورًا واسعًا يراه كأيقونة للجمال الأوروبي. تحولت شهرته هناك إلى ما يشبه "الهستيريا الجماهيرية"، وشارك في إعلانات وأعمال فنية، حتى وصف تلك الفترة بأنها تشبه صعود فريق "البيتلز" في أميركا من حيث الشعبية الجارفة.

ورغم الانبهار الجماهيري، سعى أندرسن إلى الهروب من صورة "الفتى الجميل" والتركيز على الموسيقى، فدرس العزف على البيانو وتفرغ للتأليف، ليصبح موسيقيًا بارعًا شارك في أعمال فنية عديدة في بلده السويد. إلا أن الدور الذي اشتهر به ظل يلاحقه كظل ثقيل، حتى قال في أحد لقاءاته: "بدأت حياتي المهنية من القمة، ثم قضيت العمر أهبط منها تدريجيًا".

خلافات فكرية وتجارب شخصية مؤلمة

عاد أندرسن إلى الأضواء عام 2003 حين اعترض على استخدام صورته على غلاف كتاب الكاتبة البريطانية جيرمين غرير "الفتى الجميل"، دون إذنه. رأى أن هذا الاستخدام يذكّره بتجربته المؤلمة مع فيسكونتي، وأوضح رفضه التام لأي محاولة لتجميل فكرة "الإعجاب باليافعين"، معتبرًا أنها تنطوي على استغلال واضح.

ورغم اعتراضه، رفض الناشرون طلبه بحذف الصورة، ما أثار جدلًا واسعًا حول حقوق الصورة واستغلال الممثلين في صناعة النشر والإعلام.

في حياته الشخصية، تزوّج أندرسن من الشاعرة سوزانا رومان، وأنجب منها ابنة تدعى روبين، بينما فقد ابنه إلفين بشكل مأساوي وهو في عمر تسعة أشهر نتيجة متلازمة موت الرضيع المفاجئ، وهي الحادثة التي تركت أثرًا عميقًا في نفسه.

ظهور متأخر في "ميدسومار" واستعادة السلام الداخلي

عاد أندرسن إلى الشاشة العالمية عام 2019 من خلال مشاركته في فيلم الرعب الأميركي "ميدسومار" للمخرج آري أستر، حيث جسد دور رجل مسن يشارك في طقس تضحية دامي، كان الدور محدودًا لكنه أعاد اسمه إلى الواجهة بعد غياب طويل.

صرّح حينها بسعادة بالغة لمشاركته، واعتبر أن موته في فيلم رعب "كان بمثابة حلم طفولي تحقق أخيرًا".

وفاة هادئة ونهاية لمشوار طويل

أُعلن عن وفاة أندرسن يوم الأحد، وفق ما أكده المخرجان كريستيان بيتري وكريستينا ليندستروم، اللذان قدما عام 2021 الوثائقي "أجمل فتى في العالم" الذي تناول حياته وصراعه مع الشهرة والهوية. لم تُكشف أسباب الوفاة، إلا أن زملاءه وصفوه بأنه شخص شجاع عاش بتوازن بين الألم والإبداع حتى أيامه الأخيرة.

رحل بيورن أندرسن بعد أن ترك خلفه أكثر من 30 عملًا فنيًا بين السينما والتلفزيون والموسيقى، مجسدًا قصة فنان صعد بسرعة إلى القمة، لكنه دفع ثمنها عمرًا كاملًا. ورغم كل ما واجهه من معاناة، ظل اسمه محفورًا في ذاكرة السينما العالمية كرمز للجمال الإنساني الذي تحوّل إلى عبء ثقيل على صاحبه.