2026 عام التداول المُدار بالبيانات لا المُدار بالحدس

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 زمن القراءة: 9 دقائق قراءة
مقالات ذات صلة
كيف تتغير هرموناتك على مدار الشهر
نجمات ارتدين نفس الفستان على مدار 2021
نجمات وأميرات كررن نفس الإطلالات على مدار سنوات

حين ننظر إلى مشهد الأسواق مع نهاية 2025، يبدو أن 2026 لن يكون مجرد “عام جديد” للمتداولين، بل مرحلة انتقالية كاملة في طريقة فهم السوق واتخاذ القرار. في مقدمة هذا التحول تظهر عوامل متداخلة: تسارع التنظيم، وارتفاع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وتنامي المشتقات كأداة يومية، وتحوّل أمن الحسابات والمدفوعات إلى جزء من الانضباط المالي لا رفاهية تقنية. وفي بيئات مثل الأردن، حيث يتزايد الاهتمام بالتداول المنظم وتحت الرقابة، يصبح الحديث عن 2026 أكثر حساسية لأن اختيار الوسيط والبنية التنظيمية وطرق التمويل باتت تؤثر على “جودة التجربة” بقدر ما تؤثر الاستراتيجية نفسها. لهذا نسمع كثيرًا عن 
Exness الاردن ضمن سياق النقاش حول حضور الوسطاء عالميًا ومحليًا وما يرتبط به من متطلبات رقابية وتجربة دعم محلية. 

لكن النقطة الأهم أن 2026 سيعيد تعريف سؤال المتداول التقليدي: بدل “ما اتجاه السوق في مختلف أنواع التداول المختلفة مثل تداول العملات ؟” سيصبح السؤال الأول: “هل أتداول داخل نظام آمن ومنظم؟ وهل أستخدم أدوات تناسب سرعة السوق الجديدة؟” هنا تبرز قيمة الوعي بمشهد شركات التداول المرخصة في الأردن ومعنى الترخيص عمليًا، لا كشعار تسويقي، بل كمنظومة التزامات تخص حماية العميل والشفافية وإدارة المخاطر. 

سرعة التسوية والتمويل: عندما تصبح “العملية” جزءًا من الميزة التنافسية

السنوات الماضية أظهرت أن سرعة الأسواق لا تتعلق فقط بسرعة تنفيذ الأوامر داخل المنصة، بل بسرعة “دورة ما بعد الصفقة”: التسوية، والتأكيدات، وحركة الضمانات، وإدارة السيولة. انتقال أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك) إلى تسوية T+1 في مايو 2024 جاء بدافع تقليل المخاطر ورفع الكفاءة، وهو اتجاه دفع أسواقًا أخرى لمناقشة التحرك في المسار نفسه. 

ما الذي يعنيه هذا للمتداول في 2026؟ يعني أن الهامش الزمني للأخطاء التشغيلية يقل، وأن أي ضعف في البنية (من وسيط إلى بنك إلى مزود دفع) سيظهر بسرعة أكبر. كما يعني أن الوسطاء سيستثمرون أكثر في “هندسة العمليات” نفسها: مطابقة المدفوعات، تتبع السحوبات، حماية مصادر التمويل، وربط ذلك بمنطق مكافحة الاحتيال وغسل الأموال. في 2026، ستصبح كفاءة الإيداع والسحب، ووضوح مسارات التمويل، جزءًا من تقييم الوسيط، وليس تفصيلة خدمية ثانوية.

من التداول اليدوي إلى “السوق الخوارزمي”: كيف ستتغير المنافسة على جزء من الثانية؟

هناك حقيقة صلبة عن أسواق اليوم: جزء كبير من السيولة والسعر يتشكل عبر أنظمة عالية السرعة وخوارزميات تتنافس على فروقات صغيرة جدًا. إحدى أوراق بنك التسويات الدولية (BIS) تشير إلى أن متداولي التردد العالي (HFTs) يمثلون أكثر من 50% من حجم تداول أسواق الأسهم. 

في 2026، الأثر المتوقع لهذا الواقع ليس أن “الإنسان سيختفي”، بل أن قواعد اللعب ستزداد تقنية. ستجد أن سيولة بعض المنتجات تبدو عميقة، لكنها في لحظة خبر أو صدمة تتغير طبيعتها بسرعة لأن مزودي السيولة الخوارزميين يعيدون التسعير في أجزاء من الثانية. هذا يفسّر لماذا سيزداد اهتمام المتداولين بأدوات مثل مراقبة الانزلاق السعري، وجودة التنفيذ الفعلية، وسلوك السبريد أثناء الأخبار، بدل الاكتفاء بمتوسطات تسويقية.

كما سيزداد تمايز الوسطاء في 2026 بناءً على “كيف” ينفذون الأوامر، لا فقط “كم” يعلنون من فروقات سعرية. المتداول الذي يفهم الميكروستركتشر (Microstructure) سيملك أفضلية؛ لأنه سيبني استراتيجيته على واقع السيولة لا على افتراضات عامة.

الذكاء الاصطناعي: من أداة تحليل إلى “وكيل قرار” — مع فرص ومخاطر

الذكاء الاصطناعي لم يعد فكرة مستقبلية؛ هو واقع يتوسع بوتيرة واضحة. تقرير ماكنزي “حالة الذكاء الاصطناعي 2025” يذكر أن 88% من المشاركين أفادوا بأن مؤسساتهم تستخدم الذكاء الاصطناعي بانتظام في وظيفة واحدة على الأقل، وأن التوجه نحو “الذكاء الوكيلي” (Agentic AI) بدأ يتوسع أيضًا، مع نسب تُظهر انتقالًا تدريجيًا من التجارب إلى التوسع. 

وعلى مستوى الاستخدام الفردي، تشير دراسة/متابعة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي بين البالغين (18–64) في الولايات المتحدة ارتفع إلى 54.6% في أغسطس 2025 (بعد أن كان 44.6% في أغسطس 2024)، مع مؤشرات على توفير وقت عمل مكافئ لنسبة 1.6% من ساعات العمل على مستوى القوة العاملة عند احتساب المستخدمين وغير المستخدمين. 

في 2026 سينعكس ذلك على التداول عبر ثلاث طبقات واضحة. الطبقة الأولى هي “المساعد التحليلي”: تلخيص أخبار، استخراج سيناريوهات، تحويل بيانات إلى رؤى بسرعة. الطبقة الثانية هي “المساعد التنفيذي”: اقتراح إدارة صفقات، ضبط مخاطرة، تنبيه لتغير نظام السوق. الطبقة الثالثة والأكثر حساسية هي “الوكيل” الذي ينفذ أوامر أو يعدّل مراكز بشكل شبه مستقل.

لكن هنا تظهر المشكلة المهنية: الذكاء الاصطناعي قد يُخطئ بثقة، وقد يخلط بين سياقات، وقد يبالغ في تفسير بيانات ناقصة. لذلك سيتحوّل معيار الاحتراف في 2026 من “هل تستخدم AI؟” إلى “كيف تتحقق من مخرجاته؟ وكيف تمنع أن يصبح مصدر مخاطرة جديد؟”. سيحتاج المتداول إلى قواعد واضحة للتحقق، مثل ربط التحليل بمصادر رسمية، وعدم السماح للأداة بتجاوز حدود المخاطرة، واعتبار مخرجاتها إشارات قابلة للفحص لا أوامر نهائية.

الفوركس أكبر… والتحوط أكثر: سيولة قياسية تعيد ترتيب الأدوات

في 2026 سيبقى الفوركس في قلب التحول، ليس فقط لأنه سوق ضخم، بل لأن طبيعته مرتبطة بالتجارة العالمية والسياسة النقدية والتحوط. تقرير BIS عن مسح 2025 يشير إلى أن متوسط دوران سوق الفوركس العالمي بلغ 9.5 تريليون دولار يوميًا في أبريل 2025، بزيادة 27% عن أبريل 2022، مع نمو قوي في التداولات الفورية والآجلة والخيارات مقارنة بفترات سابقة. 

الرسالة للمتداول هنا مزدوجة. من جهة، السيولة الضخمة تعني فرصًا كثيرة وتنوعًا أكبر في الأدوات. ومن جهة أخرى، توسع التحوط عبر المشتقات (خصوصًا الخيارات) يعني أن حركة السوق قد تتأثر بشكل متزايد بمراكز التحوط وإعادة التوازن، لا فقط بالتوقعات الاتجاهية. هذا يفسر لماذا قد ترى في 2026 حركات “غير بديهية” بعد خبر ما: السوق لا يتصرف فقط وفق الخبر، بل وفق تموضع تحوطي سابق وكيفية تفكيكه أو تدعيمه.

انفجار المشتقات: عندما تصبح الخيارات “لغة السوق اليومية”

الخيارات والعقود المستقبلية لم تعد أدوات نخبوية في أسواق بعينها. بيانات جمعية صناعة العقود الآجلة (FIA) عن 2024 تُظهر قفزة ضخمة في أحجام الخيارات عالميًا، حيث بلغ حجم الخيارات 177.12 مليار عقد في 2024 بزيادة كبيرة مقارنة بالسنة السابقة، بينما بلغ حجم العقود الآجلة 28.22 مليار عقد. 

هذه الأرقام تشرح لماذا سيتغير التداول في 2026: لأن مزيدًا من المشاركين، أفرادًا ومؤسسات، يستخدمون المشتقات للتحوط والمضاربة بسرعة، ما يزيد من الحساسية لمستويات مثل أسعار تنفيذ الخيارات (Strikes) وأيام الاستحقاق، ويعزز ظواهر مثل تسارع الحركة قرب الإغلاق أو قرب تواريخ الاستحقاق.

وهنا يقع الفارق بين “التداول الأكثر نشاطًا” و“التداول الأكثر خطورة”: المشتقات تعطيك قوة لكن أيضًا تضاعف المخاطر. لذلك سيبدو 2026 عام من يتقن إدارة المخاطرة (Position sizing, hedging logic, drawdown control) أكثر من عام من يطارد الصفقات.

التنظيم في 2026: من قيود إلى “معايير سوق” تفرض نفسها

2026 سيشهد استمرار تشديد التنظيم، خاصة في التشفير والأصول الرقمية، لكن الأثر سيمتد إلى التداول عمومًا عبر متطلبات الامتثال والتدقيق التقني وحماية العملاء. في أوروبا، إطار MiCA يضع قواعد موحدة ويؤسس لسجلات مرحلية تخص مقدمي خدمات الأصول المشفرة والجهات غير الممتثلة، مع تحديثات رسمية منشورة عبر ESMA.

أما في الأردن، فهناك مؤشرات تنظيمية واضحة تجاه ترخيص وتنظيم مزودي خدمات الأصول الافتراضية، بما يتضمن متطلبات تتعلق بالأمن، والافصاح، ومراقبة التداول، وحفظ سجلات أصول العملاء، والفصل بين أصول العملاء وأصول المزود، وفق مسودة تنظيم منشورة ضمن قنوات رسمية. 

في 2026، لن يكون التنظيم مجرد “فلتر دخول”، بل معيار يفرز السوق: وسيط يلتزم ويستثمر في الحوكمة والتكنولوجيا سيتقدم، ومن يعتمد على مناطق رمادية سيواجه تضييقًا أو انقطاعًا في قنوات الدفع أو صعوبات في الشراكات البنكية.

أمن الحسابات والمدفوعات: لماذا سيصبح أهم من “أفضل استراتيجية”؟

التحول الرقمي يرفع تكلفة الخطأ. تقرير FBI عن “جرائم الإنترنت 2024” (نُشر في 2025) أشار إلى خسائر مُبلَّغ عنها تتجاوز 16 مليار دولار، وأن أكثر الخسائر جاءت من احتيال الاستثمار، خصوصًا الاحتيال المرتبط بالعملات المشفرة، بأكثر من 6.5 مليار دولار. 

هذه ليست أرقامًا للاقتباس فقط؛ هي تفسير مباشر لِمَ سيزداد تشدد منصات التداول في 2026 حول توثيق الهوية، وربط السحب بمصدر الإيداع، وتوسيع إشعارات الأمان، ورفع حساسية أنظمة اكتشاف الأنماط المشبوهة. كما تفسر لماذا سيصبح “انضباط الأمن” مهارة تداول: حماية البريد الإلكتروني، المصادقة الثنائية، تجنب الروابط، وتنفيذ عمليات الدفع من داخل منطقة العميل فقط.

ماذا يعني كل ذلك للمتداول في الأردن تحديدًا؟

في 2026، المتداول الأردني سيجد نفسه أمام بيئة أكثر نضجًا من حيث النقاش حول التنظيم، وأعلى وعيًا بمفهوم الترخيص والمسؤولية. وجود مسارات ترخيص وتنظيم للأصول الافتراضية يعني أن السوق يتجه لتعريف الأدوار: من هو مشغل منصة؟ من هو حافظ أصول؟ ما هي مسؤوليات الفصل والإفصاح؟ 

وفي السياق نفسه، عندما يعلن وسيط عن حصوله على ترخيص محلي أو عن وجود مكتب منظم تحت إشراف الجهة الرقابية، فإن ذلك يصبح عنصرًا عمليًا في تقييم المخاطر، لأن الإشراف المحلي عادة يرتبط بمسارات شكوى أو التزامات حوكمة أو معايير تدقيق أعلى. 

لكن الرسالة الأساسية: 2026 لن يرحم “التداول العشوائي” حتى لو كانت الأسواق تمنح فرصًا أكثر. سيكافئ من يبني نظامه: اختيار وسيط منظم بوضوح، فهم شروط السحب والإيداع، توثيق الحساب مبكرًا، استخدام أدوات تحليل حديثة دون التنازل عن التحقق، واعتبار إدارة المخاطرة جزءًا من الهوية المهنية لا مجرد إعداد داخل المنصة.

خاتمة: 2026 ليس عامًا “للتوقع”… بل عامًا “للجاهزية”

السؤال الواقعي ليس: “هل ستصعد الأسواق أم تهبط؟” بل: “هل أنت جاهز لسوق أسرع، وأكثر خوارزمية، وأكثر تنظيمًا، وأكثر حساسية للأمن السيبراني؟”. أرقام الفوركس القياسية، وقفزة المشتقات، والانتشار المتسارع للذكاء الاصطناعي، والتوجه العالمي لتقصير التسويات… كلها مؤشرات على أن التداول يتحول إلى صناعة إدارة مخاطر وبيانات قبل أن يكون حرفة توقّع اتجاهات.