صورة الجسد أو (Body Image)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
صورة الجسد أو (Body Image)

لأن مفهوم صورة الجسد مطروح بشدة ونعاني منه كثيراً في حياتنا اليومية، سنتعرف في هذا المقال على الموضوع بشكل دقيق وبأمثلة كثيرة، لكن قررت أن أستعين بآراء الأشخاص من حولي لكي أمنح الموضوع واقعية تشبهنا، جاءني الكثير من الآراء التي أبدى أصحابها الانزعاج من تعليقات الناس، وتحدثوا لي حول الحرية الشخصية وتفكير المجتمع والكبت والرغبة في التغيير وغيرها، لكن لم أتوقع أن أكون على تماس مباشر مع تجربة حقيقية سببها تأثيرات صورة الجسد، وأن ما نتحدث عنه بطريقة بسيطة فتك بفتاة لمدة ثلاث سنوات، وكاد يودي بحياتها.

ما هو مفهوم صورة الجسد (Body Image)؟

صورة الجسد تعني إدراك الفرد لجمالية وجاذبية جسده، وكيف ينظر له الناس في مجتمعه، لعل أول صياغة لذا المصطلح كانت من قبل دكتور الأعصاب النمساوي بول شيلدر (Paul Schilder) في كتابه (The Image and Appearance of the Human Body) عام 1935، حيث أكد فيه أن المجتمع لديه قيمة كبيرة لجمال الجسم البشري، وفي كثير من الأحيان قد لا تتوافق معايير الجمال لدى الفرد مع معايير مجتمعه.

يستخدم هذا المفهوم في العديد من المجالات مثل؛ الطب النفسي والتحليل النفسي والدراسات الثقافية والنسوية، كما أظهر تقرير في عام 2007 - أصدرته جمعية علم النفس الأمريكية (American Psychological Association)- أن ازدياد التعاطي ذو الطابع الجنسي مع الفتيات والنساء في وسائل الإعلام أدى لزيادة قلق النساء تجاه مظهرهن وشكلهن.

اضطرابات ومشاكل نفسية واجتماعية ترافق الصورة السلبية عن الجسد

لن تتوقف صورة الجسد السلبية عند التفكير فقط بل ستتعداه لتؤثر على الشخص نفسياً وجسدياً، وقد تصل للعديد من الأمراض مثل:

  1. اضطرابات الأكل، مثل الشراهة وفقدان الشهية.
  2. عدم تطوير المهارات الذاتية.
  3. تقدير سيء للذات وانعدام احترامها.
  4. ممارسة أنماط يومية غير صحية.
  5. تعاطي المخدرات.
  6. نظام غذائي سيء.

كيفية تجنب التأثير السلبي للتواصل الاجتماعي على صورة الجسد عند المراهقين

في عالم كالذي نعيشه اليوم أصبحت فيه تفاصيل حياتنا وحياة الناس اليومية متاحة أمام الآخرين، وربما مشاركة الصور الشخصية والمناسبات والرحلات أصبح أمراً لابد منه، وقد أصبح مقدار الرضا الذاتي أو التقبل المجتمعي لأي شخص يتعلق بمقدار ما يحصل عليه من اعجابات أو تعليقات على الفيسبوك وغيره من المواقع، لذا قد يتأثر الشباب في مرحلة المراهقة وغيرها بطريقة سلبية عندما يرون صور الآخرين ويشعرون بعدم الرضا تجاه أشكالهم، إليك عزيزي القارئ بعد التعليمات التي تساعدك في تجنب التأثيرات السلبية لهذه المواقع على أطفالك أو الشباب من حولك:

شجعهم من خلال طرح الآراء الإيجابية عنهم

يتأثر المراهقون بآراء أقرانهم والمقربين منهم، لذا على الأهل تغيير طريقة تفكيرهم بأجسادهم وإعطائهم آراء إيجابية حولها، ومحاولة تفضيل الصورة الجيدة عوضاً عن السيئة لتجنيبهم الانتقادات السلبية من المحيط.

الحديث عن الأشياء الجيدة التي يقوم بها الجسد

علينا تذكير المراهقين بقدرات وإمكانيات جسدهم، مثل اللعب والجري والرقص وممارسة الرياضات المختلفة، أو العزف على الآلات الموسيقية وغيرها.

إبعادهم عن الصور المثالية والنمطية في وسائل الإعلام

بدلاً من الهوس بتغيير أجسامنا حتى تصبح مشابهة لما نراه في وسائل الإعلام، على الأهل التركيز على أن يمارس أطفالهم الرياضة وهواياتهم المختلفة، وملاحظة الأجزاء المميزة والجميلة في أجسامهم، وهو أمر قد يبدو عادياً لكنه يترك أثراً كبيراً في نفسية المراهق، كما يمكنك أن تشاهد الفيديوهات على وسائل الإعلام وتحاول أن تنتقدها مع أطفالك، لكي تكتشف هل هي حقيقية أم مزيفة أم مبالغ فيها؟ ولماذا؟ كما يمكننا مشاهدة مقاييس الجمال التي تغيرت في العالم، على سبيل المثال، من خلال فيديو يظهر التغيرات الكبيرة التي تتم على صور الفتيات في الإعلانات.

أكدت دراسة أجريت في جامعة فلوريدا عام 2014 على 84 امرأة، نشرت في المجلة العامة لاضطرابات الأكل (The International Journal of Eating Disorders)، - أن تصفح الفيسبوك لمدة 20 دقيقة يحسن من مستوى الثقة بالنفس أكثر من البحث العادي على شبكة الإنترنت للمدة ذاتها أي 20 دقيقة، لذا وكما يقول كلير مايسكو (Claire Mysko) الخبير في صورة الجسد والقيادة وتأثير وسائل الإعلام: " ليست مواقع التواصل الافتراضي هي السبب بالتقليل من الثقة بالنفس واحترام الذات، بل هي تملك كافة العناصر لتحقيق ذلك لأنها توفر بيئة تزدهر فيها كل الأفكار والسلوكيات الخاطئة".

ماذا نعني بتقدير واحترام الذات؟

ينضوي تحت مفهوم صورة الجسد ما يدعى باحترام الذات (التقييم الذاتي) (تقدير الذات)، وتبعاً لما جاء في كتاب علم النفس وتقدير الذات (The Psychology of Self-Esteem)، الذي نشر عام 1969 للمتخصص بعلم النفس؛ الأميركي ناثنال براندن(Nathaniel Branden)، "فإن تقدير الذات هو حاجة أساسية للإنسان ولطبيعته وبقائه، كما أنه ينشأ من معتقدات الشخص ووعيه، ويترافق احترامه لذاته مع المشاعر والأفكار والسلوكيات".

(كأنك نحفان!، شو مغيرة بحالك فيكي شي؟ شو هاللون هاد!؟ بس لو انك أطول شوي!!)

كثيراً ما نسمع هذه التعليقات من الناس أو نراها على شاشات التلفاز أو وسائل الإعلام الأخرى، وقد يتحول يومنا الجميل والنشيط إلى يوم تعيس مع مشاعر سلبية، وعدم رغبة بأي شيء مع انخفاض ملحوظ لمعدل الثقة بالنفس، لذا كان هذا الموضوع محط اهتمام الكثير من المؤسسات، ومنها شركة المنتجات التجميلية العالمية دوف (Dove)، وضمن مشروعها الخاص بمفهوم الجمال كمصدر للثقة، أصدرت تقريراً للجمال والثقة بالنفس عالمياً (The Dove Global Beauty and Confidence Report) تضمن هذا التقرير آراء 10,500 امرأة وفتاة حول العالم، من عمر 10 حتى 64 سنة من 13 بلداً، وقد أجريت الدراسة عام 2015، فجاءت نتائجها على الشكل التالي:

  • 89% من النساء الأستراليات يقمن بإلغاء خطط ومشاريع أو حتى مقابلات عمل؛ لأنهن غير راضيات عن مظهرهن.
  • 69% من النساء و65% من الفتيات يعانين من ضغوط وقلق؛ بسبب وسائل الإعلام والمقارنة الدائمة مع مقاييس الجمال على هذه الوسائل.
  • كما توصل التقرير إلى أن 89% من النساء قد يمتنعن عن تناول الطعام ويعرضن أنفسهن لمخاطر متعددة؛ لكي يحققن الوزن المثالي الذي يشاهدنه في وسائل الإعلام.
  • وجاءت النساء في جنوب أفريقيا في المرتبة الأولى بمعدل 64% من الرضا عن الذات والقبول بمظهرهن، بينما النساء في بريطانيا حققن ما يعادل 24% رضا عن أجسامهن وأشكالهن فقط.
  • بينما أسوء إحصائية كانت للنساء في اليابان بمقدار 20% رضا عن أشكالهن ومظهرهن الخارجي.

ما هو اضطراب تشوه الجسم.. (Body Dysmorphic Disorder)؟

(BDD) أو اضطراب تشوه الجسم، هو اضطراب القلق المتعلق بصورة الجسم أو كيف ينظر الناس لأنفسهم وأشكالهم، يتم تشخيص هذا المرض عندما تتشكل لدى الشخص مخاوف وسواسية حول عيب ما في جسده، ولا يمكنه أن يتخلص من تفكيره به أو ملاحظته دائماً أو الإفراط في استخدام المرايا ومراقبة البشرة، وغيرها من السلوكيات التي تتطور لوسواس قهري.

وتسبب هذه الهواجس والسلوكيات اضطراباً عاطفياً، وعوائق لدى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، وتختلف هذه المخاوف من شخص لشخص ومن يوم لآخر، وقد تصل ببعض الأشخاص حيال قلقهم حول مظهرهم الخارجي أن يمتنعوا عن مقابلة الناس أو الخروج أمام العلن.

أما مشاكل هذا المرض فهي مشاكل أخرى تتعدد بين:

  • مشاعر الخجل، الشعور بالذنب أو الشعور بالوحدة.
  • عزل النفس، وعد الرغبة بمقابلة الناس تجنباً للمواقف التي تسبب الحرج،
  • الاكتئاب أو القلق.
  • سوء استخدام الكحول أو المخدرات الأخرى.
  • الشعور الدائم بالحاجة للقيام بعمليات تجميل لتغيير شكل جسدهم.
  • اضطرابات الأكل.
  • إيذاء النفس.
  • أفكار انتحارية.

الصورة الإيجابية للجسد.. كيف نعززها ونحافظ عليه؟

ربما صورة الجسم الإيجابية ستكون الدواء لكثير من المشاكل التي تعاني منها في حياتك، أثناء التواصل مع المحيط أو العمل أو ممارسة الهوايات التي تحبها أو تحقيق الإنجازات على صعيد حياتك الشخصية، كذلك زيادة الثقة بالنفس واحترامها والشعور بالراحة والنوم الجيد والطعام المتوازن؛ فعلياً سيشهد جسدك ارتفاعاً نوعياً في هرمون السعادة، ولكي تحافظ على هذه الصورة الإيجابية يمكنك فعل الآتي:

  • أن تتقبل جسدك وتتعامل معه بكل سهولة.
  • أن تتكلم عن جسدك دون خجل أمام الناس.
  • أن تقدر جسدك وكل ما يفعله لك لكي تحقق أحلامك.
  • قم بوضع قائمة تتضمن أكثر صفات تحبها في جسدك.
  • حاول أن تنظر لنفسك بشكل كامل أي عندما تنظر إلى المرآة أو تتخيل صورة عنك، لا تركز على أجزاء بل انظر إلى الصورة الكلية الجميلة.
  • حاول أن تحيط نفسك بالأشخاص الإيجابيين على الدوام؛ لأنهم سيساعدونك بتعزيز الأفكار الجيدة.
  • أسكت كل الأصوات في رأسك التي تقول لك بأنك غير جميل وتحتاج لتغيرات كثيرة، وأنك لا تستحق الاهتمام، وثم استبدلها بأفكار جميلة وإيجابية.
  • قم بارتداء الثياب المريحة كي تتعامل مع جسدك بسهولة كما ذكرنا "معه" وليس ضده.
  • عليك أن تكافئ جسدك في كثير من الأحيان أي قيلولة صغيرة، حمام ممتع، مكان جميل للاسترخاء وشراء ثياب جميلة.
  • عليك أن تكون ناقداً لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وحاول أن تتجنب الأفكار السلبية والصور التي تؤثر عليك بطريقة سيئة.

أخيراً.. تعرفنا في هذا المقال على مفهوم صورة الجسد، وكيف نتأثر بوسائل الإعلام، كذلك كيف يؤثر هذا الموضوع علينا، ربما نلامسه ونستخدمه سواء على أنفسنا أو مع الآخرين؛ من خلال الانتقادات التي نلقيها ونستقبلها حول مظهرنا، ربما علينا أن نأخذ القرار بالإيجابية، فعندما نفعل ذلك سندرك التغيرات الجيدة التي ستحصل في حياتنا وعلى مستوى إنجازاتنا.