تعزيز قيمة الأخوَّة بين الأبناء وطرق التعامل الصحيحة بين الأخوة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
تعزيز قيمة الأخوَّة بين الأبناء وطرق التعامل الصحيحة بين الأخوة

عندما نريد أنْ نُظهر محبتنا لشخص ما بشكلٍ استثنائي نقول له (أنتَ مثل أخي)، حيث لا يوجد شخص يمكن أن تجتمع له الأمور التي تجتمع عند الأخوة، فصلة الدَّم في المقام الأول إلى جانب التجربة المشتركة في الطفولة والشباب التي قد تستمر حتى النهاية، لذلك نجد أن للأخوة أولوية عند بعضهم في كل شيء خاصةً عندما تجمعهم علاقة جيدة، لكن من هو المسؤول عن تطوير وتعزيز قيمة الأخوة بين الأشقاء؟! وإلى أي حد قد ينقلب هذا الحب بين الأخوة إلى عداوة وكره.

ما الذي يجعل من علاقة الأخوة أكثر تميزاً بالنسبة إلى غيرها؟!

كنا نتمنى لو كان بالإمكان أن نخوض بشرح مستفيض عن العلاقة بين الأخوة وحقيقتها، لكن الأمر أوضح من أن نستفيض به لذلك سنكتفي بشرح يسير لنشوء هذا الرابط بين الأشقاء وتطوره، وذلك من خلال النظر إلى أمرين رئيسيين، الأول هو الارتباط الطبيعي بالأخ، والثاني هو الأخوة الموازية.

الارتباط الطبيعي بالأخ

جميعنا يلاحظ في الحالات الطبيعية الترابط بين الأخوة خاصة في المراحل الأولى من الحياة (الطفولة والشباب)، ويمكن أن نتتبع ببساطة أسباب هذا الترابط لنجدها كالآتي:

  • صلة الدَّم هي المميز الأول للأخوة، لكن هذا العنصر من عناصر العلاقة الأخوية يفقد قيمته تماماً بغياب عناصر أخرى. 
  • الحياة المشتركة بين الشقيقين من حيث الإقامة والطعام والمصروف والطبقة...إلخ، وكلما كان الأهل عادلين مع الأبناء كلَّما تعزز الرابط بينهم وهذا ما سنأتي على ذكره منفصلاً.
  • القيمة الاجتماعية للأخوة والتي يتم تعزيزها لدى الأطفال من خلال التأكيد على تمييز الأخ عن غيره من الأصدقاء أو رفاق الدراسة واللعب، وإصرار الأهل على أن يمنح الأخوة بعضهم عناية استثنائية.

الأخوّة الموازية

ونقصد بالأخوة الموازية علاقة الصداقة المتينة التي تنشأ بين شخصين لا يتمتعان برابط الدَّم لكن علاقتهما تصل إلى مرحلة سامية حدَّ الأخوة، ولذلك قلنا أن صلة الدم تفقد تأثيرها في حال غياب العناصر الأخرى، كما سنلاحظ هنا أن الأخوَّة والصداقة أمرين متقاربين من حيث المفهوم، لكن على أرض الواقع قد يفقد الأشقاء معاني الصداقة ويصبح الرابط الوحيد بينهم هو صلة القرابة، لذلك نجد أنَّ السؤال الأهم في هذ المجال هو: من المسؤول عن تعزيز علاقة الأخوة ببعضهم البعض؟.

يستطيع الأهل أن يحددوا مستقبل علاقة أبنائهم ببعضهم من خلال مرحلة الطفولة

لا شكَّ أن المسؤولية الكبرى في تحديد طبيعة العلاقة بين الأشقاء تقع على عاتق الأهل بالدرجة الأولى، خاصة في المراحل العمرية الصغرى حيث يتم تشكيل شخصية الأبناء وتهذيب سلوكهم، وسنرى في كثير من الأمثلة المحيطة بنا أن تقارب الأخوة أو تنافرهم يعود لمشاعرهم في تلك المراحل العمرية، حيث يقول أحدهم: "لقد كان أخي أنانياً منذ الصغر!"، ويقول آخر: "كنا دائماً أصدقاء ونتبادل كل شيء فيما بيننا".

ما يهمله الأهل في العلاقة بين الأبناء

الفخ الكبير الذي قد يقع به الآباء والأمَّهات هو التركيز على تربية أبنائهم كأفراد مستقلين دون النظر إلى طبيعة العلاقة بينهم، أو اعتبار أن النزاعات التي تدور بين الأخوة لا تتعدى كونها نزاعات بين أطفال أشقياء ستزول مع الزمن، كذلك التعامل مع بعض الصفات السلبية لدى الأبناء من باب أنها ستزول وحدها.

لكن المتفق عليه أن التصرفات السلبية أو العلاقات السيئة قد تستمر ما لم تتم معالجتها، وقد تستمر إلى الأبد ما لم يتمكن الأبناء من علاجها لاحقاً عندما يكبرون، لذلك يجب على الأهل أن ينتبهوا جيداً إلى علاج المشكلات الفردية لدى كلِّ واحد من أبنائهم على حدة (الأنانية، الغضب المفرط، الوشاية...) إضافة إلى علاج المشكلات التي تنشأ بين الأبناء كنتيجة طبيعية لتلك الصفات التي لا يخلو منها الأطفال، ولا ريب أن زيارة الاستشاري المختص ستحمل فائدة كبيرة للأهل والأبناء.

نصائح واقتراحات لتعزيز العلاقة بين الأشقاء الصغار

  • إعطاء كلِّ الأطفال حقهم من الرعاية بشكل متوازن ومن كلِّ النواحي.
  • عدم حل المشكلات بالانتصار لأحد الأبناء على حساب الآخر، وإيجاد صيغة مناسبة تجعل من الأبناء يحلون مشاكلهم بأنفسهم مستقبلاً بودية ومحبة.
  • تعزيز مفهوم الخصوصية لدى الأبناء منذ الطفولة المبكرة، لأن انتهاك الخصوصية من أكثر المشكلات التي تواجه الأشقاء في مراحل لاحقة خاصة مرحلة المراهقة.
  • عدم وضع الأبناء في مقارنة دائمة بين بعضهم، حيث يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية، فبدلاً من تحفيز الابن الكسول في المدرسة سنراه أصبح أكثر عناداً وعزلة مع الوقت، كما سيتشكل لديه ميول عدوانية تجاه أخيه.
  • امنعوا أبناءكم من الاعتداء على بعضهم لفظياً أو جسدياً، لكن لا تعاقبوهم بشكل جماعي أو أمام بعضهم.
  • ليكن الاحترام المتبادل بين الأبناء هو القاعدة الأساسية، ولا يمكن أن يكتسب الأبناء هذا الاحترام إلَّا من الأبوين والأشخاص المحيطين بهم والذين يكونون على اتصال مباشر بهم.

هل يمكن أن تنقلب العلاقة بين الأخوة من الحبِّ إلى الكره؟!

نسمع الكثير من المقولات والأمثال الشعبية التي تؤكد على متانة العلاقة بين الأخوة أو بين الأقارب عموماً على غرار (الظفر لا يخرج من اللحم) و (الدم لا يتحول إلى ماء)، لكن على أرض الواقع لا يوجد أبداً ما يمنع تحول الأخوة إلى أعداء وربما أعداء قساة على بعضهم البعض.

حيث نجد ذلك في حياتنا اليومية حين نرى أخوة تصارعوا على الميراث سنواتٍ طويلة دون أن يتوصلوا إلى حل أو بحالات أخرى من القطيعة بين الأشقاء لأسباب تافهة أحياناً، لكننا نجد العداوة تأخذ طباعاً أكثر قسوة حين نبحث عنها في كتب التاريخ فجميعنا يعلم أن ملوكاً قتلوا أخوتهم للاستيلاء على العرش مثلاً.

ما يهمنا فعلياً هو كيف نتجنب انتقال علاقة الأخوة إلى عداوة، والحفاظ على الحد الأدنى من الود بين الأشقاء إن لم يكن هناك ذاك القدر الكبير من المحبَّة.

كيف أتجنب المشاكل مع أخوتي؟

  • إن الزيارات المتكررة بين الأخوة تساهم في تنمية الشعور بالمودة بينهم، وإن تعذرت الزيارة سيكون الاطمئنان هاتفياً أو بأي وسيلة أخرى أمراً ضرورياً.
  • لا بد من احترام خصوصية الأشقاء، فهذا الشقيق قد أصبح يمتلك حياة خاصة ومستقلة، له زوجة وأبناء ولديه مسؤولياته، لذلك لا يجب أن نتوقع منه أن يهتم بنا أكثر من اهتمامه بعائلته، كما أننا لن نفعل ذلك معه.
  • إذا كانت العلاقة متوترة جداً بين شقيقين لا بد أن يكون أحدهما على الأقل يتمتع بالقدر الكافي من الوعي والحكمة للحفاظ على الاتصال بينهما على الأقل.
  • إذا كان الخلاف قد وقع فعلياً فلا بد من محاولة التخلص منه وحلِّه، وقد يكون التنازل عن بعض الأمور مهماً في مثل هذه الأحوال.
  • الخلافات على الميراث من أكثر الأمور تعقيداً في العلاقة بين الأشقاء، ولا يمكن أن نقدم أي شيء جديد في هذا النوع من الخلافات، حيث لا بد من وجود طرف مخطئ على الأقل إن لم نقل أنَّ كل الأطراف مخطئة، لكننا ننصح بتجاوز هذه الخلافات والتفكير بقيمة العلاقة بين الأشقاء التي لا تقدر بثمن والتي قد لا تعوض.

ختاماً.... إن إدراك الفرق بين الأخوة بمعناه البيولوجي والأخوة بمعناها الاجتماعي والمجازي هو أول مرحلة في تحسين العلاقة بين الأشقاء، فلا يكفي أن يشترك الشقيقان بالأب والأم ليكونا متفقين، بل لا بد من المشاركة بينهما في التجارب والآمال والطموح، لا بد أن يجد أحدهما الآخر يسنده في أوقات الشدَّة ويفرح معه في أوقات الفرح، إنَّها صداقة عميقة تعززها صلة الدم، لكن هذه الأخيرة لن تكون ذات قيمة مع غياب الأولى.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار