رها محرق.. أيقونة سعودية على قمة العالم

رها محرق: أول سعودية تصل إلى قمة إيفرست، رمز الإلهام وعنوان الإرادة القوية للمرأة السعودية.

  • تاريخ النشر: الإثنين، 22 سبتمبر 2025 زمن القراءة: 12 min read آخر تحديث: الأربعاء، 22 أكتوبر 2025
رها محرق.. أيقونة سعودية على قمة العالم

رها محرق، شابة سعودية في الثالثة والثلاثين من عمرها، صنعت لنفسها مكانًا بين رواد التحدي والإنجاز بعد أن أصبحت أول امرأة سعودية تصل إلى قمة جبل إيفرست، وأصغر شابة عربية تعانق أعلى نقطة على كوكب الأرض.

ولدت رها في أسرة داعمة لأحلامها، لكن طريقها لم يكن معبدًا بالورود، إذ واجهت العديد من التساؤلات والتحديات الاجتماعية أثناء خوضها مجالًا غير مألوف للنساء العربيات. 

رحلتها إلى قمة العالم لم تكن مغامرة جسدية فقط، بل كانت انعكاسًا لقوة الإرادة وروح القيادة التي تتحلى بها المرأة السعودية. 

اليوم، تُعتبر رها محرق رمزًا للإلهام وقدوةً للأجيال الجديدة، إذ تختزل قصتها قيم الشجاعة والتفرد وتعكس صورة المرأة السعودية التي تثبت حضورها العالمي بإنجازات تتجاوز الحدود. هي ليست فقط متسلقة جبال، بل صوت ملهم يدعو كل شاب وشابة إلى الإيمان بقدراتهم والسعي نحو القمم، أيًا كان شكلها.

في إطار احتفالات اليوم الوطني السعودي، تفتح ليالينا صفحاتها لتروي حكاية استثنائية بطلتها رها محرق، الشابة السعودية التي تسلقت قمة جبل إيفرست لتسطر اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الإنجاز العربي والعالمي.

في هذا الحوار الخاص، تكشف لنا رها أن مغامرتها لم تكن مجرد رحلة تسلق، بل كانت رحلة إصرار وإيمان بالذات ورسالة للعالم بأن الروح السعودية قادرة على بلوغ أعلى القمم.

  • ما الذي دفعكِ لاتخاذ قرار تسلّق قمة إيفرست رغم المخاطر والتحديات الكبيرة؟

لم يكن هدفي مجرد مواجهة الخطر، بل كانت رحلتي بحثًا عن ذاتي واكتشافًا لقدراتي الحقيقية. كنت مؤمنة أن في داخلي مساحة أكبر بكثير مما عشته، وأن علي أن أختبر حدود الحلم لأعرف من أنا فعلًا. 

تسلّق إيفرست بالنسبة لي لم يكن فقط تحديًا جبليًا، بل رمزًا لكل قمة نسعى لبلوغها في حياتنا. أعلم أن ليس كل إنسان سيقف على قمة إيفرست، لكنني أؤمن أن لكل واحد منا "جبلًا" خاصًا به، تحديًا شخصيًا ينتظر أن يُتسلّق. 

وكوني ابنة السعودية، كان يهمني أن أحمل معي روح وطني إلى أعلى نقطة في العالم، لأثبت أن المرأة السعودية قادرة على الوصول حيثما أرادت، وأن طموحنا لا تحده قمم ولا قيود. شاهدوا أيضًا عدد خاص من مجلة ليالينا بمناسبة اليوم الوطني السعودي.

أول سعودية على قمة ايفرست رها محرق

  • كيف استعددتِ جسديًا ونفسيًا لهذه الرحلة؟

التحضير لم يكن مجرد تمارين بدنية، بل كان رحلة متكاملة. تدربت على قوة التحمل، مواجهة الجهد الطويل، والتعايش مع قسوة البرد ونقص الأكسجين. لكن الأصعب والأهم كان الإعداد النفسي والروحي. 
علّمت نفسي الصبر، درّبت ذهني على مواجهة الخوف بدلًا من الهروب منه. كنت أردد دائمًا أن "الجبل الحقيقي في داخلي"، فإذا تمكنت من قهره، استطعت أن أتغلب على كل ما حولي. 
وحين حملت راية وطني في حقيبتي، شعرت أن قوتي تتضاعف، وأنني لا أصعد وحدي، بل أصعد بروح كل سعودية وسعودي يؤمن بأن لا شيء يقف أمام الإرادة.

"إما أن تنكسر أو أن تنهض"

  • ما هو أصعب موقف واجهتِه خلال التسلق؟

الأصعب لم يكن الجليد القارس ولا نقص الأكسجين، رغم قسوتهما، بل تلك اللحظة التي يرتفع فيها صوت الشك داخلك. اللحظة التي تقف فيها أمام نفسك عارياً من كل شيء، لتختار: إما أن تنكسر أو أن تنهض. 

بالنسبة لي، كان القرار واضحاً… اخترت النهوض. في تلك اللحظة أدركت أن قوة الإنسان لا تُقاس بعضلاته، بل بصلابة روحه وإيمانه.
وحين تذكرت أنني أحمل معي اسم وطني إلى القمة، ازداد يقيني بأن الاستسلام لم يكن خياراً، وأن السعودية تستحق أن أرفع رايتها حيث لا تصل إلا الأرواح العظيمة.

  • ماذا شعرتِ بعد وصولكِ إلى قمة العالم؟

عند تلك اللحظة، لم أشعر أنني وحدي فوق القمة. كنت أحمل معي كل فتاة حُرمت من أن تحلم، وكل قلب سعودي تمنى أن يرى صورة مختلفة عن بناته، صورة تعكس قوتهن وطموحهن.

كان الهواء خفيفًا، واللحظة قصيرة، لكنها حملت ثِقَل وطن بأكمله. هناك، على "سقف العالم"، أدركت أن إنجازي لم يكن شخصيًا فحسب، بل رسالة أمل لكل شابة عربية وسعودية: أن القمم وُجدت لتُعتلى، وأنه لا شيء أقوى من إرادة تؤمن بذاتها. تلك اللحظة ستبقى محفورة في داخلي ما حييت، كنبض وطني في أعلى نقطة على الأرض.

رها محرق

  • كيف أثّر هذا الإنجاز على مسار حياتكِ وشخصيتكِ؟

إيفرست لم يكن مجرد محطة في حياتي، بل تجربة أعادت صياغتي بالكامل. علّمني أن القوة لا تعني غياب الخوف، بل القدرة على المضي قدمًا رغم حضوره. منحني يقينًا بأن كلمة "مستحيل" ليست سوى جدار يمكن كسره، وأن القمم ليست دائمًا من حجر وجليد؛ أحيانًا تكون أحلامًا بعيدة أو قيودًا مزروعة داخلنا. 
هذا الإنجاز جعلني أكثر إيمانًا بنفسي وبقدرة المرأة السعودية على أن تكون في المقدمة، وأقوى في رسالتي لكل شاب وشابة بأن الطريق إلى القمة يبدأ بخطوة جريئة واحدة.

"أشعر أن ما حققته لم يكن نهاية بل مجرد بداية "

  • كونكِ أول سعودية وأصغر عربية تتسلق إيفرست، كيف ترين دوركِ في تمكين المرأة السعودية والعربية؟

أشعر أن ما حققته لم يكن نهاية، بل مجرد بداية صغيرة في طريق طويل ينتظر أن تمشيه نساء كثيرات. لم أتسلق الجبل كي أكون عنوانًا أو رقمًا يُسجَّل، بل لأفتح بابًا تستطيع أخريات عبوره بخطوات أكثر ثقة.

دوري كان أن أُظهر أن الأمر ممكن، وأن المرأة السعودية والعربية قادرة على الوصول إلى حيثما أرادت. اليوم أرى جيلاً جديدًا من الفتيات ينظرن إلى القمم – أيًا كان شكلها – بعيون مختلفة، وهذا بالنسبة لي هو الإنجاز الحقيقي.

  • هل واجهتِ معارضة أو تحديات اجتماعية قبل رحلتكِ؟ وكيف تعاملتِ معها؟

بالتأكيد، لم يكن الطريق سهلاً. كانت هناك أصوات كثيرة تحاول أن تثنيني عن قراري، بعضها بدافع الخوف عليّ، وبعضها الآخر لأنه من الصعب تقبّل أن فتاة سعودية تختار طريقًا غير مألوف. 

لكنني اخترت أن أُصغي للصوت الأعمق داخلي، صوت قلبي وإيماني بقدرتي. هو الصوت الذي قادني خطوة بخطوة حتى وصلت إلى القمة. 
أدركت أن التحديات الاجتماعية جزء من الرحلة، وأنني حين أتجاوزها لا أمثل نفسي فقط، بل أمثل كل سعودية تثبت أن طموحها لا يعرف حدودًا.

رها محرق على غلاف مجلة ليالينا

" أنا ابنة السعودية التي آمنت أن لا شيء يحدّ طموحها"

  • ما هي رسالتكِ للفتيات اللواتي يرغبن في خوض مغامرات مشابهة؟

رسالتي لكل فتاة هي: لا تنتظري من يمنحكِ الإذن لتعيشي حلمكِ. الأحلام لا تحتاج إلى توقيع موافقة، بل إلى إصرار وإيمان بالنفس.

العالم واسع بما يكفي ليحتضن أجنحة كل واحدة منكن، حتى لو اختلفت القمم التي تطمح لها كل فتاة. قد تكون قمتكِ جبلًا من حجر، أو هدفًا دراسيًا، أو إنجازًا مهنيًا، لكن الأهم أن تتحلي بالشجاعة للسير نحوه.

أنا ابنة السعودية التي آمنت أن لا شيء يحد طموحها، وأتمنى أن ترى كل فتاة سعودية وعربية في قصتي دليلًا على أن المستحيل ليس إلا بداية الحلم.

  • برأيكِ، ما الذي تغيّر في نظرة المجتمع السعودي للمرأة بعد هذه التجربة؟

أعتقد أن التجربة لم تغيّر صورة المرأة السعودية فحسب، بل غيّرت صورة الحلم ذاته. حين وقف علم المملكة على قمة إيفرست، أصبح من الممكن أن يرى الناس أن ابنة وطنهم قادرة على حمل رايته إلى أعلى نقطة على وجه الأرض. 

لم يعد الإنجاز مقصورًا على الرجال أو على مجالات بعينها، بل بات رسالة واضحة بأن المرأة السعودية تستطيع أن تتصدر المشهد وتفتح آفاقًا جديدة. 

بالنسبة لي، كان أجمل ما في الرحلة هو أنني لم أغيّر قناعتي بنفسي فقط، بل ساهمت في تغيير نظرة مجتمع كامل إلى طاقات بناته.

"المرأة السعودية لم تعد على الهامش"

  • كيف ترين تطور دور المرأة السعودية في الرياضة والمغامرات خلال السنوات الأخيرة؟

ما يحدث اليوم هو تطور جميل ومُلهم بحق. المرأة السعودية لم تعد على الهامش، بل أصبحت شريكة كاملة في الحلم، تصنع لنفسها مكانًا وتثبت حضورها في ميادين كانت بعيدة عنها يومًا ما.

في الرياضة والمغامرات، أصبحت الفتاة السعودية لا تكتفي بالمشاركة، بل تحقق الإنجازات وتكتب قصص نجاحها بجرأة وثقة. هذا التطور ليس مجرد انتصار فردي، بل انعكاس لرؤية وطن يمنح بناته الفرص ويؤمن بقدراتهن على رسم ملامح المستقبل.

"عندما رفعت العلم السعودي على قمة إيفرست شعرت أنني أرفع معه قصة وطن يتغير"

  • كيف ترين ارتباط إنجازكِ بروح اليوم الوطني ورفع اسم المملكة عالميًا؟

كل خطوة على الجبل كانت في داخلي نشيدًا للوطن. كنت أشعر أنني لا أصعد وحدي، بل أحمل معي تاريخًا وحاضرًا ومستقبلًا ينهض.

وعندما رفعت العلم السعودي على قمة إيفرست، شعرت أنني أرفع معه قصة وطن يتغير ويُحلّق عاليًا، وطن يثبت للعالم أن أبناءه وبناته قادرون على الوصول إلى أبعد القمم. كانت لحظة اختلط فيها العرق بالدموع، لكنها ستبقى دائمًا رمزًا للفخر والانتماء.

  • هل تشعرين أن إنجازكِ كان بمثابة مساهمة في إبراز صورة السعودية الحديثة؟

أحب أن أصدق ذلك. بالنسبة لي، الإنجاز لم يكن مجرد صعود إلى قمة جبل، بل رسالة بسيطة وعميقة للعالم أن السعودية أرض الطموح، أرض تحتضن أحلام شبابها وبناتها وتمنحهم القوة ليكتبوا قصصًا جديدة.

إذا كانت رحلتي قد ساهمت في إظهار صورة السعودية الحديثة، فذلك شرف أعتز به، لأن وطني اليوم ليس فقط حاضرًا على خريطة العالم، بل حاضر أيضًا في قصص الإلهام والإنجاز.

  • ما رسالتكِ للشباب والشابات السعوديين في هذه المناسبة الوطنية؟

رسالتي بسيطة: لا تكتفوا بأن تحلموا. الأحلام جميلة، لكن قيمتها الحقيقية في تحويلها إلى خطوات ملموسة. فالخطوة الصغيرة التي تبدأ من أرض وطننا قد تقودكم إلى آفاق أبعد مما تتخيلون، نحن جيل محظوظ بوطن يمنحنا الفرص، وكل ما علينا هو أن نملك الشجاعة لنخطو بثقة.

  • هل ترين أن شخصية المغامِرة يمكن أن تلتقي مع شخصية المهتمة بالموضة؟

بالتأكيد، أرى أن الرابط بينهما هو الحرية. على الجبل، أتعلم أن أكون صادقة مع نفسي، والموضة بالنسبة لي وسيلة للتعبير عن هذا الصدق بلغة خاصة. 

المغامرة والموضة في جوهرهما ليسا متناقضين، بل يكملان بعضهما البعض. كلاهما يمثل مساحة للتفرد والانطلاق، وهو ما يعكس أيضًا صورة المرأة السعودية اليوم: قوية، حرة، ومليئة بالتنوع.

  • كيف تصفين أسلوبكِ الشخصي في الأزياء؟

أحب أن يكون أسلوبي بسيطًا ومريحًا، لكن دائمًا يحمل لمسة شخصية تميزني. أحرص أن أُشبه نفسي في كل مكان، سواء كنت على قمة جبل أو وسط مدينة مزدحمة، لأن الأناقة الحقيقية بالنسبة لي هي أن تكون صادقًا مع ذاتك.

  • هل تستلهمين الموضة من رحلاتكِ وتجاربكِ حول العالم؟

بالتأكيد. كل بلد أزوره يترك أثره في ذوقي وألواني واختياراتي. السفر بالنسبة لي ليس فقط مغامرة أو تجربة، بل مصدر إلهام أعود منه محمّلة بالذكريات والتفاصيل التي تضيف إلى أسلوبي الشخصي لمسات جديدة.

رها محرق نجمة مجلة ليالينا

  • هل لديكِ تعاونات مع علامات أزياء أو مشاريع قادمة في هذا المجال؟

نعم، لدي بعض المشاريع التي أعتز بها كثيرًا، لأنها تمثل مزيجًا بين عالميّ: روح المغامرة التي أحياها، وذوقي في التعبير عن الذات من خلال الأزياء. أشعر أن هذا الدمج يعكس حقيقتي ويتيح لي مشاركة الآخرين جزءًا من رحلتي بأسلوب مختلف.

  • ما نصيحتكِ للفتيات السعوديات اللاتي يرغبن في الجمع بين شغف المغامرة والموضة؟

لا تضطرين للاختيار بين الاثنين. يمكنك أن تكوني قوية وعملية في مغامراتك، وأنيقة في أسلوبك. هويتك الحقيقية هي أن تصنعي توازنك بنفسك.

  • هل تخططين لمغامرات أخرى مماثلة في المستقبل؟

المغامرة بالنسبة لي لم تنتهِ بعد. ما زلت أؤمن أن أمامي طرقًا جديدة لأكتشفها، بعضها على قمم الجبال، وبعضها الآخر في داخلي. المغامرة الحقيقية لا تنحصر في مكان أو زمان، بل هي أسلوب حياة.

  • ما هو الحلم الذي لم تحققيه بعد؟

الحلم الأكبر بالنسبة لي ليس قمة جديدة أصعدها، بل أثر أتركه بعدي. أريد أن يرى جيل كامل نفسه قادرًا لأنني تجرأت وفتحت الطريق. أن يصبح حلمي جسرًا لأحلام غيري، هذا هو الإنجاز الحقيقي.

"عائلتي كانت السند الأول والأكبر"

  • من هم الأشخاص الذين دعموا رحلتكِ منذ البداية؟

عائلتي كانت السند الأول والأكبر. والداي كانا الدعاء في غيابي، واليقين حين ضعفت، والنور الذي سار أمامي. دعمهما هو ما جعل خطواتي أثبت، وقوتي أعمق، وهو ما جعلني أؤمن أن الإنجاز لا يولد من فرد وحده، بل من جذر قوي يغذيه الحب والدعم.

  • إذا عدتِ بالزمن للوراء، هل كنتِ ستخوضين التجربة نفسها من جديد؟ ولماذا؟

من أعماقي، نعم... كنت سأختارها مرة أخرى بلا تردد، لأن هذه الرحلة لم تمنحني القمة فقط، بل منحتني نفسي.

كل خطوة، حتى تلك التي كانت الأصعب والأكثر إيلامًا، صنعتني كما أنا اليوم. على الجبل، تعلمت أن القوة الحقيقية ليست في الوصول، بل في الطريق نفسه. ولهذا، كانت التجربة تستحق كل لحظة.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار