مجموعة Alexander McQueen ربيع وصيف 2026: بين الطقوس والأسطورة

  • تاريخ النشر: الإثنين، 06 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 6 دقائق قراءة | آخر تحديث: السبت، 08 نوفمبر 2025
مقالات ذات صلة
مجموعة Alexander McQueen ربيع 2024
مجموعة Alexander McQueen لربيع وصيف 2023
مجموعة Alexander McQueen لربيع وصيف 2022

في فسحةٍ اتسمت بالطقوس والاحتفالات الصاخبة، انطلق عرض ألكسندر ماكوين Alexander McQueen لربيع وصيف 2026 كحلمٍ جنوني، آسر، مغرٍ، ومشحون بإيقاع بدائي. غمرت الأجواء الصوتية، المليئة بالتنهدات الحنجرية والصيحات الحيوانية، نبرةً من القلق والترقب.
في أحدث عروضه، استوحى المدير الإبداعي شون ماكجير من فيلم "The Wicker Man" الشهير الصادر عام 1973، الذي يتناول الغموض الوثني والرعب النفسي، ومن خلال هذه الرؤية السينمائية، استكشف ماكجير الإيمان والخصوبة والقوة الأنثوية، خالقًا قصةً تمزج بين روحانية الفولكلور الخام وشغف العلامة التجارية الراسخ بالخطر والحسية والانحلال.

عودة الطقوس القديمة بثوب عصري

  • بأسلوبٍ أقرب إلى المسرحية الطقوسية، اختار ماكجير أن يقدّم العرض داخل قاعةٍ مهيبة غمرها الضوء الذهبي الخافت، وكأنها معبدٌ وثنيٌ في لحظة عبادة.
  • الموسيقى لم تكن مجرد خلفية، بل كانت جزءًا من السرد: إيقاعات خفيفة تتصاعد لتتحول إلى خفقاتٍ تشبه نبض الأرض، تُرافقها أصوات بشرية تهمس وتصرخ، تعبيرًا عن التحول بين الأنوثة المقدسة والوحشية الغريزية.
  • كل إطلالة كانت أشبه بقرابين على مسرحٍ مقدس، تجسيدًا للطقوس التي جعلت ماكوين دومًا علامة تتحدى المألوف.

من التمرد إلى الطهارة الجديدة: إحياء فلسفة ماكوين

  • إذا كان جوهر دار Alexander McQueen يزدهر دائمًا بالتوتر بين الجمال والوحشية، والبنية والفوضى، فإن رؤية ماكجير بدت أكثر شخصيةً وناضجة هذه المرة.
  • فهو لم يسعَ إلى تكرار درامية لي ماكوين، بل إلى ترجمة رموزها إلى لغة أنثوية جديدة: أكثر وعيًا بالجسد، وأكثر دقة في سردها البصري.
  • قدّم المجموعة كاملة للنساء، في خطوةٍ تحتفي بالأنوثة كقوة روحية وغريزية في آنٍ واحد، الأنوثة التي لا تُخضع نفسها، بل تُعلن حضورها.

العودة إلى "البامستر": التمرد في أدق تفاصيل الخياطة

  • افتُتحت المجموعة بإطلالات تُعيد إلى الأذهان صيحة "البامستر" الشهيرة من تسعينيات القرن الماضي، تلك التي لطالما ارتبطت بالتحرر والتمرد.
  • لكنّ ماكجير أعاد تفسيرها بذكاء معاصر، إذ ظهرت التنانير المنخفضة بخطوطٍ منحوتة من صوفٍ كحليٍّ مصقولٍ وجلدٍ مرنٍ مصقولٍ بلمعانٍ داكن، مزودة بسحّابات طويلة وثنيات دقيقة على الورك، وكأنها دروعٌ احتفالية تحرس الجسد وتكشفه في الوقت نفسه.
  • ارتبطت هذه الإطلالات بسترات ضباط مُزينة بالضفائر المعدنية ومعاطف مستوحاة من أزياء الفروسية، لتجسد ازدواجية القوة والضعف التي لطالما ميّزت إرث ماكوين.

تفكيك الخياطة كفعل تحرري

  • تُعد الخياطة الدقيقة حجر الأساس في إرث ماكوين، وقد حافظ ماكجير على هذه الروح مع إعادة تفسيرها بمقاربة جديدة.
  • فقد بدت البدلات والسترات العسكرية وكأنها خضعت لطقسٍ من التحوّل، الياقات ممزقة، الحواف غير متساوية، والكتافات مهترئة كما لو أنها تآكلت بالنار أو بالملح.
  • لكن هذا “العيب المتعمد” كان جزءًا من الجمال ذاته: إعلانًا بأن الكمال لم يعد الغاية، بل التجربة الإنسانية خلف القطعة هي ما يمنحها الحياة.
  • لقد تحولت الصرامة الكلاسيكية إلى كيانٍ نابضٍ بالعاطفة، حيث تتنفس الأقمشة وتتحرك بحرية بين الصراع والتحرر.

الأنوثة كقوة متمردة

  1. بعيدًا عن الأنوثة الهشة التي تروّجها بعض دور الأزياء، قدّم ماكجير أنوثةً صلبة، لكنها لا تخلو من الحسية.
  2. فقد ظهرت الفساتين بأقمشة شفافة تلتف حول الجسد كضوءٍ خافتٍ يمر عبر الزجاج، إلى جانب بلوزات الكورسيه التي تستعيد شكل الجسد الأنثوي كتمثالٍ مُكرّس للجمال الخام.
  3. الفساتين القطنية المهترئة، التي بدت وكأنها نجت من عاصفةٍ صيفيةٍ أو طقسٍ مقدس، أعادت تعريف الرقة من منظورٍ بدائيٍ صادق.
  • كل قطعة كانت تحكي قصةً، لا عن الكمال، بل عن البقاء والاستمرار والتجدد.

الطبيعة كرمزٍ للخصوبة والجنون

  • سيطر على المجموعة حضورٌ قويٌّ للطبيعة، ليس كزينةٍ سطحية، بل كعنصرٍ رمزيٍّ أساسيّ.
  • ظهرت مطبوعات الأزهار والحشرات، التي بدت للوهلة الأولى رومانسية، لتكشف عند التدقيق عن تشابكٍ مثيرٍ لحشراتٍ دقيقةٍ داخل بتلاتٍ ناعمة.
  • لقد كانت هذه الازدواجية بين الجمال والغرابة، بين الخصوبة والانحلال، هي قلب المجموعة النابض.
  • أزياء مطرزة بالخرز والريش كأنها قطرات ندى على بشرة الفجر، وأخرى جلدية تُحاكي القفص أو درع المحارب، في مزيجٍ من التحرر والقيود التي تتعايش بانسجام.

الضوء والظل: الحوار البصري للمجموعة

لم يكن العرض مجرد أزياء، بل كان قصيدة بصرية بين الضوء والظل:

  • استخدم ماكجير إضاءةً مركزةً تحاكي شعلة نارٍ مقدسة، مما جعل الأقمشة اللامعة كالحرير والساتان تنبض بوميضٍ درامي.
  • في المقابل، برزت الظلال العميقة على الجلد والجلود الممزوجة، لتخلق إحساسًا بالتوتر، بين العري والحماية، وبين الكشف والاختباء.
  • إنها لعبة الضوء التي جعلت العرض يبدو كرحلةٍ ليليةٍ في غابةٍ غامضةٍ تضيئها النار من الداخل.

الخياطة كفعل مقاومة

استعاد ماكجير من خلال هذه المجموعة مفهوم ماكوين الأصلي: أن الخياطة ليست زينةً، بل فعلٌ مقاوم:

  • ففي كل قطعة، هناك نَفَسٌ من التحدي، سواء في الفساتين التي تتحدى الجاذبية بخفةٍ متعمدة، أو في المعاطف التي تذوب طبقاتها لتكشف عن قلبٍ هش.
  • إنها أزياء تجرّح بقدر ما تُدهش، تحكي قصة إنسانية عن الرغبة في الحرية، عن الجمال الذي يولد من الصراع، وعن الفن الذي لا يخاف من الظلام.

بين الماضي والحاضر: ماكجير يرسم مستقبل ماكوين

يُثبت شون ماكجير في موسمه الثاني أنه لا يطارد أشباح لي ماكوين، بل يبني امتدادًا طبيعيًا لإرثه:

  1. لم تكن مجموعة ربيع وصيف 2026 محاولة لتقليد الماضي، بل نقطة انطلاق نحو فصلٍ جديد من تطور الدار.
  2. من خلال المزج بين الفولكلور والرغبة، بين الطقوس البدائية والدقة الحرفية، قدّم ماكجير عرضًا يذكّرنا بأن الموضة لا تزال قادرة على أن تخيف وتفتن وتُلهم في آنٍ واحد.
  3. لقد تحولت الأزياء في يده إلى أداة روحية، تروي قصة الإنسان حين يقف على الحافة، بين الحضارة والفطرة.

ماكوين كما لم نره من قبل

  • لم يكن عرض ألكسندر ماكوين لربيع وصيف 2026 مجرد استعراضٍ للأزياء، بل تجربة حسّية كاملة.
  • لقد جمع بين الطقس والأسطورة، بين الجسد والرمز، بين الغريزة والعقل، ليقدّم عرضًا يستحضر السحر البدائي الذي طالما كان في قلب الدار.
  • في زمنٍ تغرق فيه الموضة بالحنين المكرر، جاء ماكجير ليُعيد إشعال النار، لا نار الفوضى، بل نار الإبداع الحقيقي.

لقد كانت هذه المجموعة تذكيرًا قويًا بأن الضوء لا يُرى إلا عبر الظلام، وأن الموضة لا تزال، في يدٍ جريئة، قادرة على أن تكون فنًّا حيًّا وطقسًا إنسانيًا مقدسًا.