مريم آلبلوشي أول لاعبة جودو إماراتية تكشف لليالينا محطات من مسيرتها

  • تاريخ النشر: الجمعة، 24 أكتوبر 2025 زمن القراءة: 7 دقائق قراءة

رحلة امرأة إماراتية تكسر الحواجز بالرياضة وتُلهم الأجيال بقوتها وإصرارها لتغيير المفاهيم الاجتماعية

مقالات ذات صلة
على يد زوجها: مقتل لاعبة جودو مصرية دفاعاً عن طفليها
زهرة لاري أول لاعبة تزلج إماراتية تكشف لنا عن أهم إطلالاتها من شي إن
حكم نهائي من القضاء الإماراتي ضد مريم حسين

في عالمٍ تتسارع فيه الإنجازات الرياضية النسائية في دولة الإمارات، تبرز قصص تلهم الأجيال وتكسر الحواجز، من بينها قصة امرأة جعلت من الرياضة أسلوب حياة ورسالة فخر واعتزاز. 

بدأت رحلتها من بساطة الطفولة وحب الحركة، لتصبح أول إماراتية تمارس رياضة الجودو، وتفتح الأبواب أمام فتياتٍ كثيرات دخلن بعدها ميادين المنافسة بثقة. 

مسيرتها لم تكن مجرد سلسلة من البطولات، بل رحلة إنسانية مليئة بالإصرار، التحدي، والدعم العائلي، جعلت منها قدوة في ميادين الرياضة والحياة على حد سواء

  • كيف بدأت رحلتكِ في عالم الرياضة؟ وما أول لعبة مارستِها؟

الرياضة كانت جزءاً من حياتي منذ الطفولة، أشعر أنها وُلدت معي. لكن بدايتي الفعلية ودخولي إلى عالم الرياضة كان من خلال رياضة الجودو، التي كانت المحطة الأولى في مشواري الرياضي.

  • ما الذي جذبكِ لهذا النوع من الرياضات؟

رياضة الجودو لا تعتمد على القوة الجسدية فقط، بل على الذكاء والتحليل العقلي أيضاً، وهذا ما جذبني إليها. كما أنني رأيت فيها فرصة لإثبات أن المرأة الإماراتية قادرة على دخول مجالات رياضية تنافس فيها الرجال.

كنت أول امرأة إماراتية تمارس هذه الرياضة، فقلت في نفسي: "لتكن الجودو هي بداية قصتي المؤثرة في عالم الرياضة". تصفحوا مجلة ليالينا وعدد خاص عن المراة الإماراتية.

  • أي من هذه الرياضات تعتبرينها الأقرب إلى قلبكِ؟ ولماذا؟

بالتأكيدالجودو هي الأقرب إلى قلبي، فهي كانت البوابة التي فتحت لي أبواباً لرياضات أخرى مثل كرة الطائرة. 

ومن خلالها طورت شخصيتي وثقتي بنفسي، خصوصاً أنني كنت في طفولتي خجولة ومنطوية نوعاً ما. الرياضة علمتني أن التحدي الحقيقي ليس مع المنافس، بل مع نفسك وقدرتك على التطور.

"التحدي الحقيقي ليس مع الخصم… بل مع نفسك"

  • كيف تطور أداؤكِ الرياضي مع مرور السنوات؟

الرياضة لم تطورني بدنياً فقط، بل فكرياً وشخصياً أيضاً. مع الممارسة والاحتكاك بالآخرين اكتشفت قدرات لم أكن أعرفها عن نفسي. 

تعلمت كيف أوازن بين الرياضات الفردية القتالية و الجماعية مثل كرة الطائرة، مما جعلني اتطور كلاعبة، وأم، وزوجة، وقائدة فريق يضم أكثر من 35 لاعبة. الرياضة بالنسبة لي أسلوب حياة وليست مجرد نشاط بدني.

"بدعم عائلتي وبلادي وصلتُ إلى العالمية… فكل امرأة إماراتية قادرة أن تكون بطلة بطريقتها الخاصة "

  • من كان أول داعم لكِ في مسيرتكِ الرياضية؟

والدي كان الداعم الأول والأكبر، كان يقول لي دائماً: “انطلقي، وأنا معك”. بصراحة كنت مترددة في البداية بسبب نظرة المجتمع لرياضة قتالية تمارسها امرأة، لكن دعم والدي وعائلتي منحني الثقة للاستمرار رغم الخسائر الأولى.

كما أنني لا أنسى دعم قيادتنا الرشيدة والاتحاد الرياضي الذين وفّروا لنا البيئة المثالية للتميز. ورؤية علم الإمارات يرفرف في البطولات العالمية كانت لحظة فخر لا تُنسى. 

" الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات) قدوتي الأولى، فهي التي فتحت أمام المرأة الإماراتية أبواباً واسعة في مختلف المجالات، ومن واجبنا أن نرد الجميل بالعطاء والمثابرة"

  • ما النصيحة التي تلقيتها وكانت نقطة تحول في مسيرتكِ؟

النصيحة التي غيرت مساري كانت بسيطة لكنها قوية: “استمري ولا تخافي، نحن معك"، سمعتها مراراً من عائلتي وزوجي، خصوصاً بعد الزواج حين خفت أن أضطر لترك الرياضة. 

مررت بفترات صعبة وضغوطات كثيرة كأي أم وزوجة، وفكرت أحياناً في الاعتزال، لكن رسائل الدعم التي تصلني من الناس كانت تعيدني من جديد. 

عندما يكتب لي أحدهم: "أنتِ قدوتنا، نريد أن نكون مثلك" أشعر وكأن كل التعب يزول، وهذه الرسائل أصبحت وقودي للاستمرار.

  • ما أبرز التحديات التي واجهتكِ كونكِ امرأة تمارس رياضات قوية؟

أول تحدٍّ كان نظرة المجتمع. في بداياتي لم يكن من السهل تقبل فكرة أن امرأة إماراتية تمارس رياضة قتالية، وتلقيت الكثير من الانتقادات. لكن مع مرور الوقت والدعم الذي حصلت عليه، تغيّرت الصورة تماماً، وأصبحت هذه الرياضات تُدرّس في المدارس.

أما في كرة الطائرة، فكان التحدي هو غياب المرافق الخاصة بالنساء، لكن بفضل القيادة الحكيمة أصبح لدينا الآن نادي متكامل يتضمن جميع أنواع الرياضات النسائية، وأنا فخورة بقيادته.

  • هل شعرتِ في أي مرحلة بوجود قيود أو صعوبات اجتماعية؟

نعم، خصوصاً بعد الزواج، كنت خائفة من أن زوجي لا يتقبل ممارستي لرياضة قتالية. لكن المفاجأة أنه كان أكبر داعم لي، لأنه بطل في رياضة الجوجيتسو، بل كانت الرياضة سبباً في تقاربنا أكثر.

أما التحدي الآخر فكان مع أطفالي، إذ خفت أن يخجلوا من أن والدتهم لاعبة، لكن العكس تماماً حدث! عندما بحثوا عن اسمي في “غوغل” وقالوا لي بفخر “ماما، أنتِ بطلة”، شعرت أن كل التعب كان يستحق.

11. هل تغيرت نظرة المجتمع الآن مقارنة ببداية مسيرتكِ؟

تماماً. نحن نتحدث عن فرق 15 سنة، واليوم نرى فتيات إماراتيات يرفعن علم الدولة في ألعاب قتالية مثل الكاراتيه والتايكوندو والملاكمة، هذا التغيير مصدر فخر حقيقي، لأنه يعكس مجتمعاً صحياً يدعم طموح بناته.

"الرياضة مدرستي الأولى في القوة والعزيمة… واليوم أفتخر بأن أكون قدوة لكل فتاة تؤمن بحلمها" 

  • كيف تشعرين بعد أن أصبحتِ مصدر إلهام للنساء؟

أشعر بفخر كبير وسعادة لا توصف. كان حلمي منذ الصغر أن أغير حياة شخص واحد على الأقل، فكيف وأنا اليوم مصدر إلهام للعديد من النساء الإماراتيات؟ هذه مسؤولية ورسالة أحملها بكل حب، وأتمنى أن يواصل أولادي من بعدي هذه المسيرة.

  • هل ترين أن وجود قدوة نسائية في هذه المجالات يزيد إقبال الفتيات عليها؟

أكيد، وجود قدوة يفتح الباب أمام الكثيرات. أشعر بسعادة كبيرة وأنا أرى هذا الجيل الجديد من الفتيات يدخل الرياضة بثقة. صحيح أنني اعتزلت اللعب، لكنني ما زلت موجودة كمدربة وداعمة.

  • ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها لكل امرأة تفكر في خوض هذه الرياضات؟

ابدئي الآن، ولا تؤجلي حلمك، كوني قوية، فالعمر ليس عائقاً أمام ممارسة الرياضة. المجال مفتوح للجميع، والمهم هو أن تؤمني بنفسك و تخطو الخطوة الأولى.

  • هل واجهتِ انتقادات؟ وكيف تعاملتِ معها؟

نعم، واجهت الكثير، لكنني تعاملت معها بإيجابية. كنت أعتبر الانتقاد دافعاً لا عائقاً. حتى الخسارة كنت أراها فرصة للتعلم. في النهاية، الانتقاد هو نوع من النصيحة التي تساعدك على النمو.

  • هل هناك موقف معين ترك أثراً فيكِ؟

كثير من المواقف أثرت فيّ، لكن أكثرها بقاءً في ذاكرتي حين قال لي أحدهم: “لن تتمكني من تحقيق شيء، توقفي”، في تلك اللحظة قررت العكس تماماً. قلت لنفسي: “سأُكمل لأثبت أنني أستطيع”، وفعلاً واصلت حتى وصلت للعالمية.

  • كيف تستعدين للمشاركة في ألعاب الماسترز القادمة؟

أنا في غاية الحماس لأن الإمارات تستضيف ألعاب الماسترز عام 2026. هذه البطولة ليست مجرد منافسة، بل احتفاء بالثقافات والمواهب العالمية، ومناسبة لتشجيع الجميع على ممارسة الرياضة.

بعد اعتزالي كرة الطائرة العام الماضي عدت للتدريب من جديد، وهذه البطولة ستكون بوابتي للعودة للملاعب بروح جديدة.

  • ما رأيك في أهمية ألعاب الماسترز لتشجيع الجميع، بما في ذلك كبار السن؟

فكرتها رائعة، لأنها تفتح الباب للجميع — من الشباب إلى كبار السن — لممارسة الرياضة. قيادتنا دائماً تشجع هذا الاتجاه وتطلق مسابقات تعزز النشاط البدني، وهو ما يدعم مفهوم “الشيخوخة الصحية”، وأتمنى أن أكون جزءاً من هذا الحراك الجميل، كمدربة ولاعبة ومواطنة إماراتية فخورة.

  • هل لدى أحد من أطفالكِ شغف بالرياضة مثلك؟

كنا نعتقد أن أحدهم سيكمل في الجودو أو الجوجيتسو، لكن المفاجأة أنهم جميعاً يحبون كرة القدم! ومع ذلك، المهم أن حب الرياضة تجمعنا كأسرة واحدة، نتدرب ونمارس اللياقة معاً بروح الفريق الواحد.
كلمة أخيرة.. 

"أقول لكل امرأة إماراتية: أنتِ مصدر القوة، وأساس المجتمع. كل الشكر والتقدير لأم الإمارات على دعمها اللامحدود، وأؤمن أن كل امرأة في هذا الوطن قادرة على أن تكون قدوة ومصدر إلهام لغيرها"