مهرجان البحر الأحمر 2025 يعين شون بيكر رئيسًا للتحكيم
في خطوة تؤكد مكانته المتزايدة على خارطة المهرجانات العالمية، أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن اختيار المخرج الأمريكي شون بيكر Sean Baker رئيسًا للجنة تحكيم الأفلام الطويلة ضمن الدورة الخامسة من المهرجان، المقرر إقامتها في مدينة جدة التاريخية خلال الفترة من 4 إلى 13 ديسمبر 2025، وسط ترقب واسع من صنّاع السينما ومحبيها في المنطقة والعالم.
شون بيكر رئيس لجنة تحكيم الأفلام الطويلة
ويعد شون بيكر واحدًا من أبرز المخرجين في السينما المستقلة المعاصرة، إذ استطاع خلال السنوات الأخيرة أن يحقق إنجازات غير مسبوقة جعلته في صدارة المشهد السينمائي الدولي. فقد حصد فيلمه الأخير Anora عام 2024 خمس جوائز أوسكار عن فئات: أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل مونتاج، وأفضل ممثلة، بالإضافة إلى فوزه بالسعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي، وجوائز مرموقة من البافتا ونقابات السينما الأمريكية.
هذا النجاح الاستثنائي جعل بيكر أول مخرج في التاريخ يفوز بالسعفة الذهبية والأوسكار لأفضل فيلم في العام نفسه، وهو إنجاز لم يحققه سوى كبار السينما عبر التاريخ.
رؤية المهرجان ودلالات الاختيار
يأتي اختيار شون بيكر لرئاسة لجنة التحكيم كتأكيد من إدارة المهرجان على التوجه الدولي المتنامي للحدث، وسعيه لترسيخ مكانة السعودية كمركز رئيسي لصناعة السينما في المنطقة. فقد أوضحت إدارة المهرجان في بيانها أن اختيار بيكر يعكس الإيمان العميق بأهمية التنوع السينمائي والانفتاح على المدارس الفنية المختلفة، لا سيما تلك التي تحمل رسائل إنسانية وتتناول قضايا المهمّشين، وهو ما تميّزت به أعمال بيكر منذ بداياته.
ومن المتوقع أن تمنح مشاركة مخرج بحجم بيكر الدورة الخامسة زخمًا فنيًا ونقديًا مميزًا، خصوصًا في فئة الأفلام الطويلة التي تشهد هذا العام منافسة قوية بين مجموعة من الأعمال العربية والعالمية. وسيقود بيكر لجنة التحكيم لاختيار الفائزين في أهم جوائز المهرجان، والتي تشمل جائزة اليسر الذهبي لأفضل فيلم، واليسر الفضي لأفضل مخرج، إضافة إلى جوائز الأداء والسيناريو والتصوير.
دورة مختلفة تنتظرها الأنظار
تُقام الدورة الخامسة من المهرجان في قلب جدة التاريخية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لتواصل بذلك المهرجان تقليده السنوي في دمج الفن السابع بالهوية الثقافية للمدينة الساحلية العريقة. ويتضمن البرنامج لهذا العام عروضًا لأكثر من 120 فيلمًا من أكثر من 60 دولة، تغطي أنماطًا متنوعة من الدراما، والوثائقيات، والسينما التجريبية، إلى جانب عروض خاصة لأفلام سعودية جديدة من إنتاج جيل الشباب.
كما يشهد المهرجان مشاركة موسعة من نجوم وصنّاع السينما العرب والعالميين، إضافة إلى سلسلة من الندوات وورش العمل التي تجمع بين المحترفين والموهوبين الصاعدين في مجالات الإخراج والإنتاج والكتابة والتصوير. ومن المنتظر أن تركز الدورة الخامسة على تمكين المواهب السعودية من خلال برامج تطويرية مثل معمل البحر الأحمر وصندوق البحر الأحمر لدعم الأفلام، اللذين أسهما في السنوات الأخيرة في دعم عشرات المشاريع السينمائية العربية.
شون بيكر: من الهامش إلى القمة
اشتهر شون بيكر بقدرته على تصوير الواقع من زوايا غير مألوفة، وغالبًا ما تتركز أفلامه على الشخصيات المنسية في المجتمعات الحضرية. من أبرز أعماله السابقة The Florida Project (2017) وTangerine (2015)، اللذان نالا إشادات نقدية واسعة لأسلوبهما الواقعي وقدرتهما على مزج الجماليات البصرية بالدراما الإنسانية.
بيكر هو أحد أبرز من أعاد تعريف مفهوم السينما المستقلة، إذ يعتمد في أعماله على ميزانيات محدودة وممثلين غير محترفين في كثير من الأحيان، لكنه يتمكن من تقديم أفلام تحقق تأثيرًا عالميًا بفضل صدقها الفني وعمقها الإنساني. ومع النجاح الساحق لفيلمه الأخير Anora، أصبح رمزًا عالميًا للسينما الحرة التي تتحدى القوالب التجارية التقليدية.
أهمية تعيينه لمهرجان البحر الأحمر
يعد اختيار بيكر رئيسًا للجنة تحكيم الأفلام الطويلة خطوة نوعية في مسار المهرجان، إذ يضيف إلى الحدث بُعدًا فنيًا عالميًا ويعزز من صورته كمحطة رئيسية للسينما الجادة في الشرق الأوسط. كما أن وجود مخرج حاصل على الأوسكار والسعفة الذهبية سيجذب أنظار وسائل الإعلام الدولية، ويمنح الأفلام المشاركة فرصة للانتشار والتقدير النقدي عالميًا.
ويرى نقاد عرب أن هذا التوجه يؤكد سعي السعودية إلى تعزيز مكانتها في صناعة السينما العالمية، ليس فقط كموقع تصوير أو سوق توزيع، بل كمحرك ثقافي حقيقي يُسهم في تطوير لغة السينما وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب.
مهرجان البحر الأحمر السينمائي
بين جدة التاريخية وشخصية سينمائية فذة مثل شون بيكر، يبدو أن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025 يستعد لتقديم دورة استثنائية تجمع بين الهوية المحلية والانفتاح العالمي، وتعيد التأكيد على أن السعودية باتت وجهة رئيسية للفن السابع في المنطقة.
وسيكون الجمهور والنقاد على موعد مع حدث يحمل في طياته الكثير من التوقعات، وسط أجواء فنية غنية بالحوار، الإبداع، والاحتفاء بالسينما كفن يوحّد الثقافات ويمنح الإنسان نافذة أوسع على العالم.