زياد الرحباني

ولد الفنان والموسيقار زياد الرحباني في 1 يناير 1956، في أسرة فنية من الطراز الأول، حيث إن والدته هي الفنانة اللبنانية فيروز، ووالده الموسيقار عاصي الرحباني، واستطاع أن يخلق لنفسه طابعًا خاصًا في الموسيقى ميّزه عن عائلة الرحباني.

كانت موهبة زياد الرحباني واضحة منذ طفولته، خاصة مع نشأته في تلك العائلة الفنية. في سن العاشرة، بدأ في تلقي دروس البيانو، وهو ما أثّر على دراسته، خاصة أنه بدأ ينجذب إلى الموسيقى بشدة ويخبئ أوراق النوتة الموسيقية خلال دروسه بين دفاتره لكي يتمكن من الكتابة عليها دون أن يشعر أحد.

بدأ مستوى دراسته في التدهور حتى وصل إلى مرحلة الثانوية ولم يستطع أن يجتازها بسبب تركيزه وهوسه بالموسيقى، إلا أنه حظي بتشجيع والده على احتراف الموسيقى، على عكس رغبة والدته التي أرادت أن يكمل دراسته أيضًا بجانب الموسيقى.

زياد الرحباني الشاعر والموسيقي

بدأ زياد رحباني الكتابة في سنوات مبكرة وهو لا يزال في الثانية عشرة من عمره. نشر ديوانًا له في عام 1971، وكان من ضمنه ديوان "صديقي الله" الذي كان أول مجموعة من قصائد النثر باللغة العربية الفصحى.

حين بلغ زياد الخامسة عشرة من عمره، قدم لحنه الأول بصوت هدى حداد من خلال أغنية "ضلي حبيني يا لوزيه". إلا أن اللحن الذي حقق له شهرته كان أغنية "سألوني الناس" ضمن مسرحية "المحطة"، حين كان والده يرقد في المستشفى. كتبها عمه منصور الرحباني إهداءً لشقيقه، وغنتها فيروز لعاصي الرحباني.

لم يقتصر اشتراك زياد في تلك المسرحية على لحن الأغنية فقط، بل شارك في أول دور تمثيلي له بدور شرطي في تلك المسرحية. كما لحن مقدمة مسرحية "ميس الريم"، وحصل على نفس الدور في المسرحية ذاتها.

كان أول عمل مستقل لزياد الرحباني موسيقى بعنوان "سهرية"، وتوالت بعدها أعماله سواء مع عائلة الرحباني أو بمفرده.

أعمال زياد الرحباني المسرحية

مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، أفرزت فناً جديداً من زياد الرحباني، الذي قدم العديد من المسرحيات عرض فيها أفكاره ورؤيته بشكل جريء، كان من بينها "نزل السرور"، التي دارت أحداثها حول فندق يقتحمه مسلحون يساريون بقيادة (عباس)، فيخيرهم الأخير بين الثورة والموت.

كانت المسرحية الثانية بعنوان "بالنسبة لبكرا شو"، عام 1978، والتي كان من أشهر أغانيها "عايشة وحدا بلاك" بالإضافة إلى أغنية "البوسطة".

وبعد خمس سنوات من الحرب اللبنانية، قدم زياد الرحباني مسرحية "فيلم أمريكي طويل"، التي تعد واحدة من أهم أعماله المسرحية، وناقش فيها الطائفية في حوار بين شخصيات العمل والجدال السياسي والاجتماعي. شارك في العمل جوزيف صقر وسامي حواط، إلى جانب كارمن لبس وآخرين، وهو من تأليف وتلحين وإخراج زياد الرحباني.

زياد الرحباني والبرامج الإذاعية

خلال الحرب الأهلية اللبنانية أيضاً، انطلقت مسيرة زياد الرحباني الإذاعية من خلال برنامج "بعدنا طيبين، قول الله" عام 1976، ثم "العقل زينة" و"نصف الألف خمسمية"، وغيرها من الحلقات الإذاعية التي اعتمد فيها على أسلوبه الساخر للحديث عن الأوضاع السياسية والاجتماعية.

سلّط زياد الرحباني الضوء على الأوضاع الاجتماعية التي أدت إلى الحرب، وكانت منصة لطرح أفكاره بشكل أكثر وضوح، ثم قدّم تسجيلات إذاعية بعنوان "الإعلان رقم" وذلك بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005.

زيجات زياد الرحباني

في بداية العشرينيات، استقل زياد الرحباني عن أسرته من أجل تحقيق الاستقلال الفكري والاقتصادي لنفسه، بجانب عدم قدرته على تحمل الخلافات العائلية المستمرة في المنزل بين والده ووالدته. لذا عمل عازفاً في بعض الحفلات.

في عام 1979، تزوج زياد الرحباني من دلال كرم، التي تعرف عليها في مسرحية "ميس الريم". إلا أن فيروز وعاصي الرحباني لم يكونا راضيين عن هذا الزواج أو إنجاب طفل فيه أطلق عليه اسم "عاصي".

انتهت علاقة زياد الرحباني ودلال بالطلاق، وكتب زياد أغنية "مربى الدلال" بصراحة بعد انفصاله عنها، خاصة مع شدة حبه لها. إلا أنه مر بتجربة قاسية خلال هذا الزواج حين رفع دعوى أمام المحكمة لإنكار نسب ابنه وشطبه من سجله العائلي. وبعد إجراء فحص DNA، أثبت عدم انتساب عاصي الصغير لزياد الرحباني.

جاءت تلك القضية وسط شائعات عن معرفة زياد الرحباني بالفعل بعدم أبوته لعاصي، لكنه اتخذ هذا القرار لتجنب استخدام اسم العائلة.

دخل زياد الرحباني في علاقة مع الفنانة كارمن لبّس، التي انضمت إلى الفرقة من أجل مسرحية "فيلم أمريكي طويل"، ودامت 15 عامًا، إلا أنها لم تكتمل أيضاً بسبب عدم قدرته على الاستقرار ورفض الكثيرين لتلك العلاقة، كما أوضحت كارمن لبّس فيما بعد، مشيرة إلى أنهما تزوجا دون توثيق رسمي بسبب وضعهما في ذلك الوقت.

علاقة فيروز وزياد الرحباني

مرت علاقة فيروز وزياد الرحباني بالعديد من التغيرات، بداية من الثنائية الفنية التي قدّماها سوياً، ثم إلى القطيعة لمدة 3 سنوات، بسبب تصريحاته حول آرائه السياسية وحديثه عن توجهات والدته السياسية أيضاً في عام 2013.

انتهت تلك الأزمة بينهما بمكالمة هاتفية، وحيلة كانت فيروز تستخدمها، حيث أوضح زياد الرحباني أنه هاتفها وظل صامتاً مثلما كانت تفعل ليبدأ الحديث بينهما وينتهي الخلاف.

وفاة زياد الرحباني

في 26 يوليو 2025، رحل زياد الرحباني عن عالمنا عن عمر ناهز 69 عاماً بعد صراع مع المرض، حيث أوضحت العديد من المصادر أنه عانى من مشاكل في الكبد وكان بحاجة إلى زراعة كبد.

وفي 28 يوليو، شيّع الآلاف جثمان زياد الرحباني بالورود في شوارع بيروت إلى مثواه الأخير، وسط دموع وبكاء وتصفيق وكلمات أغانيه التي تركها لمئات من محبيه ليتذكروه بها طويلاً.