دليل المسلم للأضحية: الشروط، الأنواع، والطريقة الشرعية

  • تاريخ النشر: الأحد، 01 يونيو 2025 آخر تحديث: الجمعة، 06 يونيو 2025
دليل المسلم للأضحية: الشروط، الأنواع، والطريقة الشرعية

تُعد الأضحية من الشعائر العظيمة التي يُتقرب بها إلى الله تعالى في عيد الأضحى المبارك، وهي سنة مؤكدة عن النبي محمد ﷺ. وللأضحية مكانة كبيرة في قلوب المسلمين لما تحمله من دلالات الإخلاص والتقوى، إضافة إلى تجسيد روح التكافل الاجتماعي. سنقدم لكم الدليل الشامل للأضحية وشروطها، أنواعها، والطريقة الشرعية لأدائها.

حكم ذبح الأضحية وفضله

الأضحية هي كل ما يذبحه المسلم من الإبل، والبقر، والغنم يوم النحر، أي يوم عيد الأضحى المبارك وما يليه من أيام التشريق الثلاثة.

وقد اختلف العلماء في حكمها على قولين: الأول: أنها سنة مؤكدة، وهذا قول الجمهور. واستدل الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره" رواه مسلم.
وبأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن أمته، وبقوله " ثلاث هن عليَّ فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى" أخرجه الحاكم . واستدلوا أيضاً بما صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يظن أن الأضحية واجبة.

وثاني القول إنها واجبة وهو قول الأوزاعي والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد. فهم اعتمدوا على قوله صلى الله عليه وسلم: "من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم.
وقوله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة: "يا أيها الناس إن على أهل كل بيت أضحية وعتيرة". لكن هذه الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، وقد ذكر معها العيترة وليست بواجبة عند من قال بوجوب الأضحية. والعتيرة هي الشاة تذبح عن أهل البيت في رجب عند أهل الجاهلية، وقد أبطل الرسول -صلى الله عليه وسلم- صفة الذبح خصوصاً في شهر رجب.

لذا، فحكم ذبح الأضحية سنة مؤكدة، ليست واجبة، لكن يكره تركها للقادر على الذبح. ولا شك أن تارك الأضحية مع قدرته عليها قد فاته أجر عظيم وثواب كبير .

الشروط التي يجب أن تتوفر في الأضحية الصحيحة

لضمان قبول الأضحية ونيل الأجر، لا بد من توافر الشروط التالية:

  • النية:  أن تكون بنية التقرب إلى الله لا رياءً ولا عادة.
  • الوقت:  لا تصح الأضحية إلا بعد صلاة العيد وحتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق (13 ذي الحجة).
  • العمر المناسب:
    • الإبل: خمس سنوات فما فوق.
    • البقر: سنتان.
    • المعز: سنة.
    • الضأن (الخروف): ستة أشهر إن كان سمينًا.
  • السلامة من العيوب:  لا تجزئ إن كانت عوراء، مريضة، عرجاء بيِّن عرجها، أو هزيلة.
  • الملكية الشرعية:  يجب أن تكون ملكاً للمضحي أو مأذوناً له من مالكها.

كما يجب توفر الشروط التالية المُتفق عليها على المُضحّي حتى يقع عليه حكم الأضحية:

  • أن يكون المضحي مسلماً.
  • لا يُكلّف المسلم غير العاقل بالأضحية.
  • يرى المذهب المالكي أن يمتلك المضحي ثمن الأضحية زائداً عن حاجته، بينما يرى الحنابلة أنّ القادر هو من يستطيع الحصول على ثمن الأضحية، حتى لو استدان ثمنها، فقط لو علم بقدرته على سدّ الدين.
  • يرى الشافعية أنّ البلوغ شرط من شروط المُضحّي، بينما لا يعتبرها المالكية شرطاً.
  • تشترط المالكية ألا يكون المُضحّي حاجّاً من باب التخفيف على الحاجّ، لكن المذاهب الأخرى لم تشترط ذلك.

أنواع الأضاحي

شرّع الإسلام الأضحية من بهيمة الأنعام فقط، وتشمل اللحوم الحمراء من:

  • الخروف أو المعز:  يجب أن تكون أتمّت سنة ودخلت في الثانية. ويجزئ عن شخص واحد، ويمكن أن يضحى به عن عائلة أيضاً.
  • الغنم: من أكثر الأضاحي شيوعاً وسهولة، يشترط أن تكون أتمّت ستة أشهر ودخلت في السابعة، بشرط أن تكون سمينة. ويجزئ عن شخص واحد فقط.
  • البقرة:  يشترط أن تكون أتمّت سنتين ودخلت في الثالثة. ويجزئ الاشتراك فيها ل7 أشخاص، بشرط أن تكون النية واحدة (أضحية أو عقيقة).
  • الناقة:  تُعدّ من أغلى الأضاحي وأعظمها أجراً، ومن يُضحّي بها يكون قد قدّم أضحيةً عظيمة. يُشترط أن تكون أتمّت خمس سنوات ودخلت في السادسة، ويُمكن أن يشترك فيها سبعة أشخاص إذا كانت النية واحدة.

متى يبدأ وقت الأضحية ومتى ينتهي؟

إنّ أيام الذبح أربعة أيام: يوم الأضحى، والأيام الثلاثة التي تليه، أي أيام التشريق الثلاثة (أيام العيد). ويبدأ وقت الذبح على وجه التحديد بعد صلاة عيد الأضحى وينتهي مع غروب شمس ثالث أيام التشريق. ولا حرج إذا تأخر المضحي في توزيعها إلى ما بعد أيام التشريق.

وقد ورد عن النبي ﷺ: "من ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب السنة" [رواه البخاري].

صيغة الدعاء عند ذبح الأضحية

السنة لمن أراد أن يذبح الأضحية أن يقول عند الذبح: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، هذا عني (وإن كان يذبح أضحية غيره قال: هذا عن فلان) اللهم تقبل من فلان وآل فلان (ويسمي نفسه).

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ (يعني السكين) ثُمَّ قَالَ اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ .

كيفية توزيع الأضحية حسب السنة النبوية

لم يفرض الله سبحانه وتعالى قدراً معيناً على المضحّي فيما يأخذه من أضحيته لنفسه، أو ما يُخرجه منها للفقراء، وإنما ترك الأمر واسعًا. وقد دلت آيات القرآن الكريم على استحباب الأكل من الأضحية، إلى جانب إطعام المحتاجين من الفقراء والمساكين، كما في قوله تعالى:

﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]

﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: 36]

ومن السنة أن يُقسّم المسلم أضحيته إلى ثلاثة أقسام:

  • ثلثٌ يأكله هو وأهل بيته.
  • ثلثٌ يُهديه لأقاربه وجيرانه.
  • ثلثٌ يتصدق به على الفقراء والمحتاجين.

ومع ذلك، فالأمر فيه سعة، فمن أراد أن يتصدق بأكثر من الثلث فلا بأس، ومن اكتفى بإخراج جزء للفقراء وأكل الباقي مع أسرته فلا حرج عليه، لأن الشريعة لم تُقيّد ذلك، وإنما أرشدت إلى التوازن بين الأكل والإهداء والصدقة.

اختلفت آراء المذاهب الأربعة في مسألة توزيع لحم الأضحية، وانقسم الفقهاء في ذلك إلى 3 اتجاهات رئيسية:

  • القول الأول:  وهو مذهب الحنفية والحنابلة، حيث رأوا أن الأفضل تقسيم الأضحية إلى 3 أجزاء، ثلث للفقراء، وثلث للمضحي، وثلث للإهداء، وقال الحنفيّة إنّ الأفضل للمُضحي إن كان مُوسِراً أن يتصدق بالثلثين، ويأكل الثّلث.
  • القول الثاني: تبنّاه الشافعية، حيث رأوا أن الأفضل أن يُوزَّع معظم الأضحية على الفقراء والمحتاجين، ويكتفي المضحي بالقليل منها للأكل.
  • القول الثالث: وهو رأي المالكية، الذين لم يُلزموا بتقسيم معين، بل أباحوا للمضحي الحرية الكاملة في توزيع الأضحية كيفما شاء؛ فله أن يأكل، أو يُهدي، أو يتصدق بأي مقدار، دون قيد في النسب. وقد استدلوا بما ورد في صحيح مسلم عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ، أنه قال: (ذَبَحَ رَسولُ اللهِ ﷺ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ). ويدل هذا الحديث على جواز الادخار والأكل من الأضحية دون تحديد نسبة معينة للتوزيع.

ختاماً، أضحية عيد الأضحى شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وفيها تذكير بتضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام، وطاعة سيدنا إسماعيل عليه السلام. فلتكن أضحيتك هذا العيد خالصة لوجه الله، كاملة الشروط، تتبع فيها السنة وتطلب بها رضا الرحمن.

:موضوعات ذات صلة

شاهدي أيضاً: تهاني عيد الأضحى

  • الأسئلة الشائعة عن دليل المسلم للأضحية

  1. هل الأضحية واجبة أم سنة؟
    الأضحية سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، وليست واجبة عند جمهور العلماء، إلا أن بعض الفقهاء كالحنفية يرون وجوبها على القادر.
  2. ما هو وقت ذبح الأضحية؟
    يبدأ وقت الذبح بعد صلاة العيد مباشرة في يوم النحر (10 ذو الحجة)، ويستمر حتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق (13 ذو الحجة).
  3. هل يجوز التصدق بالأضحية كلها؟
    نعم، يجوز للمضحي أن يتصدق بجميع لحم الأضحية، ويجوز له أن يأكل منها ويهدي ويتصدق، والأفضل أن يجمع بين الأكل والصدقة والإهداء كما فعل النبي ﷺ.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار