ديوغو جوتا: الطفل الحالم الذي أصبح أيقونة الملاعب

  • تاريخ النشر: الخميس، 03 يوليو 2025 آخر تحديث: الجمعة، 04 يوليو 2025
ديوغو جوتا: الطفل الحالم الذي أصبح أيقونة الملاعب

لم يكن ديوغو جوتا، الذي ودع الحياة فجأة عن عمر 28 عاماً، مجرد مهاجم موهوب في صفوف ليفربول، بل كان مثالاً حياً على الشغف والمثابرة والنجاح الصاعد من بلدات الظل نحو أضواء البطولات الكبرى. فبينما كانت النهاية مأساوية، فإن القصة التي سبقتها تستحق أن تُروى للأجيال.

من جوندومار إلى حلم الطفولة

وُلِد ديوغو جوتا في بلدة جوندومار شمال البرتغال، ونشأ وسط عائلة متوسطة؛ كان والداه، جواكيم وإيزابيل، يؤمنان بحلمه الكروي منذ نعومة أظافره.

لم ينضم جوتا في بداياته إلى أكاديميات الأندية الكبرى مثل بورتو أو بنفيكا رغم محاولاته، بل واصل طريقه عبر نادٍ محلي صغير، دفع له والده رسوم اللعب حتى بلوغه السادسة عشرة.

ديوغو جوتا

ورغم قلة الإمكانيات، آمن جوتا بنفسه. وفي حوار سابق مع شبكة سكاي سبورتس قال إنه في طفولته لم يلعب للأندية الكبرى، وكان من بين الأفضل لكن لم يكن الأفضل. وأضاف أنه حين حصل على فرصته، لم يفرط بها.

ذلك الإصرار المتوقد ظل يرافقه خطوة بخطوة، يوماً بيوم، حتى تحقق الحلم الكبير باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.

بداية احترافية وتطور متسارع

انطلقت مسيرة جوتا الاحترافية مع فريق باكوس دي فيريرا البرتغالي عام 2013، حيث لفت الأنظار سريعًا بمهاراته وقدرته على تسجيل الأهداف. في عام 2016، انضم إلى أتلتيكو مدريد الإسباني، لكنه لم يخض معهم أي مباراة رسمية، ليعود معارًا إلى بورتو، ثم إلى وولفرهامبتون الإنجليزي عام 2017.

مع وولفرهامبتون، سجل جوتا 18 هدفًا في موسمه الأول، وقاد الفريق للصعود إلى الدوري الممتاز. سرعان ما أصبح لاعبًا محوريًا في هجوم الفريق، وساهم في تحقيق المركز السابع مرتين متتاليتين، وبلوغ ربع نهائي الدوري الأوروبي موسم 2019-2020.

المحطة الأبرز ليفربول

في سبتمبر 2020، حط جوتا رحاله في أنفيلد، بعد أن قرر يورغن كلوب منحه فرصة ليكون منافسا للثلاثي الناري محمد صلاح وروبرتو فيرمينو وساديو ماني. لم يحتج البرتغالي وقتا طويلا لإثبات نفسه، فسجل في أول مباراة له بعد دخوله بثماني دقائق فقط.

وفاة ديوغو جوتا

تمتع جوتا بقدرة مميزة على تسجيل الأهداف بكلتا قدميه، وكان عنصراً حاسماً سواء أساسياً أو بديلاً. في موسم 2021-2022، ساهم في رحلة ليفربول نحو رباعية تاريخية، حيث فاز بكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة، ونافس على لقب الدوري حتى اللحظة الأخيرة، وخسر نهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد.

حلم تحقق قبل الرحيل

في مايو 2025، تُوِّج جوتا أخيرًا بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مع ليفربول، في لحظة وصفها بأنها إنجاز استثنائي لشاب من جوندومار. كما كان ضمن تشكيلة البرتغال المُتوجة بدوري أمم أوروبا في يونيو.

وقبل أيام من وفاته، تزوج جوتا من شريكته ووالدة أطفاله الثلاثة روت كاردوسو في 22 يونيو، وكتب في منشور مؤثر أن ذلك كان يومًا لن ينساه أبدًا. كان في ذروة الفرح والنجاح، ووصف نفسه بأنه أسعد رجل في العالم في مقابلة نُشرت قبل ساعات من الحادث.

ديوغو جوتا وزوجته

تفاصيل حادث ديوغو جوتا

في فجر يوم الخميس، 3 يوليو 2025، اصطدمت سيارة كان يستقلها جوتا وشقيقه الأصغر أندريه، وهو لاعب كرة قدم أيضًا، على الطريق السريع A-52 قرب مدينة زامورا في شمال غرب إسبانيا. ووفقًا للتقارير الإسبانية، فقدت السيارة السيطرة إثر انفجار إطارها، واصطدمت ثم اشتعلت فيها النيران.

رجال الإطفاء عثروا على جثتين متفحمتين لرجلين يبلغان من العمر الثامنة والعشرين والسادسة والعشرين. وأكدت الشرطة الإسبانية أن كل المؤشرات تشير إلى أن الضحيتين هما ديوغو وأندريه، بانتظار تأكيد رسمي نهائي عبر تحليل الحمض النووي.

شهود العيان الذين أبلغوا خدمات الطوارئ أفادوا أن ألسنة اللهب امتدت بسرعة إلى المناطق المحيطة، مما أعاق جهود الإنقاذ.

ديوغو جوتا

رحيل ديوغو جوتا شكل صدمة كبيرة في عالم كرة القدم وفي قلوب جماهير ليفربول والبرتغال. ترك وراءه زوجة مخلصة، وثلاثة أطفال، ووالدين كانا أول من آمن بحلمه.

لكن الأهم أنه ترك قصة ملهمة لطفل لم تُمنح له الفرصة مبكرًا، لكنه صنعها بنفسه، حتى أصبح نجمًا في أحد أكبر الأندية في العالم وحقق ما كان يعتبره يومًا مستحيلًا.

هكذا تنتهي رحلة جوتا، لكنها تظل حية في ذاكرة كرة القدم. قصة كفاح، وانتصار، وحب، وحلم تحقق في أعظم الملاعب، قبل أن يخطفه الموت فجأة وهو في قمته.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار