فيلم البجعة السوداء Black Swan

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 15 مارس 2016 آخر تحديث: الأحد، 20 مارس 2022

عساف الروسان - جخه موفي

في الميلودراما النفسية للمخرج دارين أرونوفسكي البجعة السوداء، يروي الفيلم قصة راقصة باليه نينا (ناتالي بورتمان)، جميلة، ضعيفة، ساذجة وعلى حافة إنهيار عصبي بسبب تخبطها في أداء الشخصية المزدوجة في باليه بحيرة البجع.

نينا الفتاة الرقيقة والهشة، بلا شك مثالية لدور البجعة البيضاء، ولكن مخرج العمل توماس (فينسنت كاسل)، تساوره الشكوك في قدرتها على تجسيد دور البجعة السوداء فهو يدعي أنها تجيد تقنية الرقص وليس الشعور.

نينا التي كرست حياتها لرقص الباليه، سنوات من السعي نحو الكمال، سنوات من التدريب البدني والعقلي الذي يأخذك بعيداً عن الحياة الطبيعية. ففي فن الباليه، يتجسد من خلال أدائها وهم الانتصار على الواقع أو حتى الانتصار على الجاذبية وهذا الصراع بين المثالية والواقع يستهلكها تماماً، خاصة أننا نستشعر أن هذا لم يكن بالضرورة خيارها بل هو أكثر واقعاً وجدت نفسها فيه. فوالدتها، إيريكا (باربرا هيرشي)، كانت راقصة باليه فيما مضى ولمرة واحدة، والآن كل حياتها منصبة على متابعة مهنة ابنتها ويعيشان سوية في شقة صغيرة، معاً يمضيان الوقت تتحادثان كأنهما أختان ومع ذلك تشعر أن هناك شيئاً ما خاطئ.

كي تستطيع نينا أداء الدور الذي انتظرته طوال عمرها، يجب أن تغوص بعمق لتستشعر جانبها المظلم، مع كل بروفة تزداد الهلوسات، ونوبات القلق تتصاعد ونراها أقرب لانهيار عصبي، خاصة عندما يعجب المخرج توماس بأداء راقصة باليه جديدة لديها روح حرة غير تقليدية هي ليلي (ميلا كونيس)، فهي جريئة وواثقة وأيضاً تبهر نينا نفسها، ليس فقط كمنافس ولكن أيضاً باعتبارها قدوة يحتذى بها، لكن هل تريد ليلي أن تسرق منها دور البطولة؟

خيوط القصة الرئيسية للـ”البجعة السوداء” تقليدية: ما يحدث وراء الكواليس، والتنافس والغيرة الفنية، لكن أرونوفسكي ينطلق من هذه العناصر ويأخذنا في رحلة مخيفة من داخل ذهن نينا التي فيما يبدو تبدأ بالخلط بين حدود الواقع والوهم.

هذا التصور يتضح لنا في بداية الفيلم مع مشاهد الحلم (حرفياً) ليتقاطع مع حلم حياة راقصة باليه في الواقع، لذلك من المنصف أن نرى أن الفيلم عن الخوف والحب والكره، الخوف من الفشل، الخوف من أن يخذلك جسمك، الخوف من التجاهل، حب الكمال، حب الرقص، وربما الأسوأ الخوف من تسبب خيبة أمل للمرأة التي تحبها – أمها- وتكرهها أيضاً كراهية عميقة فهي السبب في كل ما يحدث.

البجعة السوداء قد يبدو مشوشاً وخارجاً عن السيطرة من أول مشاهدة، لكن مع المشاهدة الثانية وبعد معرفتك للقصة ومسار الأحداث والشخصيات ستلاحظ أن كل شيء مرتب بشكل دقيق، نعم بعض المشاهد والموسيقى التي تعلو وتعلو أراه مبالغاً فيه، لكن التجربة البصرية غنية وممتعة، ورؤية ناتالي بورتمان تغوص في هذه الشخصية ممتع وغالبا مخيفاً وهي تحاول أن تعكس الصراع بين الخير والشر في باليه تشايكوفسكي “بحيرة البجع”.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار