الجزائريون صانعو الاستقلال وقادته

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 22 فبراير 2023
الجزائريون صانعو الاستقلال وقادته

يقال: "في الوحدة قوة وفي التّفرق ضعف"، اجتمع الجزائريون فأصبحوا أقوياء، وبعد تضحيات عظيمة قدمها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد جزائري، نجح الجزائريون في إخراج الفرنسيين من بلادهم، ليكون يوم الخامس من تموز/يوليو عيد الاستقلال الجزائري، وليكن اسم الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد في الوطن العربي.

تاريخ الثورة الجزائرية حتى الاستقلال

نتيجة استمرار فرنسا في احتلال الجزائر، ورفضها الانسحاب منه، وارتكابها المجازر بحق الشعب الجزائري، أعلن الجزائريون حرب تحرير بلدهم من الاستعمار الفرنسي في الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1954، وهو ما صار يعرف باليوم الوطني في الجزائر.

وذلك بعد اجتماع قادة جبهة التحرير الوطني، والجناح المسلح لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، ومن بينهم: أحمد بن بلة، وهواري بومدين، والشاذلي بن جديد، ومحمد بوضياف.

وقامت الحرب على تخطيط مشترك بين القادة المذكورين لإنجاز عدة عمليات عسكرية ضد الفرنسيين في جميع أنحاء البلاد في وقت واحد، وهذا ما حدث بالفعل، فتشتت القوات الفرنسية، وهُوجمت مقار جبهة التحرير الوطني.

فشكل الجزائريون اتحادات للمواجهة ومتابعة النضال كالاتحاد العام للعمال الجزائريين، حيث نظموا ثورات ضد الفرنسيين في كل أنحاء الجزائر، وبذلك أمست فرنسا مقيدة بثلاثة أنواع من الضغوط.

الأول: المظاهرات السلمية المطالبة بالاستقلال، والثاني: ازدياد عمليات المقاومة المسلحة ضد جنودها، والثالث: وقوف الحكومة الجزائرية المؤقتة إلى جانب الشعب، حيث عرض ممثلها في الأمم المتحدة قضية بلاده في جدول أعمال المنظمة الدولية عام 1958، الأمر الذي اُعتبر نجاحاً للدبلوماسية الجزائرية.

استمرت الثورة الجزائرية حتى التاسع عشر من شهر آذار/ مارس من عام 1962، حيث وقّعت فرنسا مع الجزائريين اتفاقية (إيفيان) التي تنص على وقف إطلاق النار، على أن يجري استفتاء لتقرير المصير في الجزائر، يختار الجزائريون على أساسه، إما الاستقلال عن فرنسا أو الانضمام لها.

فصوّت الجزائريون بنسبة 99.72% لصالح الاستقلال عن فرنسا، حيث انسحبت الأخيرة، وأعلن الجزائريون استقلال بلادهم في الخامس من شهر تموز/يوليو من عام 1962. [1]

التغييرات التي طرأت على الجزائر بعد استقلالها

بعد استقلال الجزائر بموجب اتفاقية إيفيان تم اعتماد الدستور الجزائري والعلم الوطني، والنشيد الوطني في عام 1963، إضافةً لذلك سعت الجزائر للتخلص من آثار الاستعمار الفرنسي.

إذ غيّر رئيس الجمهورية هواري بو مدين العطلة الأسبوعية في عام 1976، لتصبح يومي الخميس والجمعة بعد أن كانت يومي السبت والأحد خلال وجود الاستعمار الفرنسي.

وبقيت كذلك حتى الرابع عشر من شهر آب/أغسطس من عام 2009، حيث جعل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العطلة الرسمية الأسبوعية يومي الجمعة والسبت. [2]

ذكرى الاستقلال والاحتفال في كل مكان

عمّت الاحتفالات أنحاء الجزائر في الخامس من شهر تموز/يوليو عام 1962، حيث نزل الجزائريون إلى الشوارع رجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفالاً، سيراً على الأقدام وفي السيارات، حاملين علم بلادهم، لقد زال الاحتلال وأصبحت الجزائر حرة مستقلة.

هذه المشاعر الصادقة ومظاهر البهجة التي ظهرت في هذا اليوم، يُحيها الجزائريون كل عام في الخامس من شهر تموز/يوليو، إنه "عيد الاستقلال" عن المستعمر الفرنسي، حيث تُقام الاحتفالات، وتُزين الشوارع بالألعاب النارية، وتنتشر الأعلام الجزائرية مُزينة واجهات المحال والشوارع، في كل أنحاء البلاد، إضافةً للعروض الفلكلورية.

وفي هذا اليوم، يزور الجزائريون المتاحف الوطنية لاستذكار أحداث الماضي والثورة الجزائرية الكبرى، كما تمتد الاحتفالات إلى السفارات الجزائرية في الخارج، فهذه المناسبة تحمل العز والفخر لكل الجزائريين ويحتفلون بها أينما وجدوا في العالم. [2]

رموز الاستقلال رؤساء للجزائر حتى الآن

لعب العديد من الشخصيات الجزائرية دوراً بارزاً في الوصول إلى الاستقلال، واستأنفت عملها السياسي بعد الاستقلال، ومن ضمن هذه الشخصيات ما يأتي: [3]

جميلة بوحيرد

انضمت إلى جبهة التحرير الوطني مع اندلاع الثورة الجزائرية الكبرى في الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1954، ثم التحقت بصفوف الفدائيين فكانت أولى المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي.

إذ أُلقي القبض عليها بعد إصابتها برصاصة في الكتف في عام 1957، وفي الأسر عانت من التعذيب، واستخدم الفرنسيون معها الضربات الكهربائية كي تعترف على زملائها، لكنها تحمّلت الألم.

وقد قالت جميلة بوحيرد جملتها الشهيرة: "أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة".

وهذا ما حدث، حيث حكمت عليها المحكمة بالإعدام في السابع من آذار/مارس عام 1985، لكن الحكم لم يُنفّذ نظراً لتدخل لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وخرجت من السجن عام 1962، وتزوجت بوحيرد من محاميها الفرنسي جاك فيرجيس سنة 1965 الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني، وبقيت بعيدة عن الحياة السياسية في بلدها.

أحمد بن بلة

كانت مهمته عندما اندلعت الثورة الجزائرية تنسيق وتهريب السلاح من مصر إلى الجزائر بتشجيع من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إضافةً لاطلاعه تونس والمغرب بمخرجات المفاوضات التي كان الزعماء السياسيون الجزائريون قد بدأوها مع المستعمر.

وعندما اختطفت فرنسا الطائرة التي كانت تقلهم جميعاً في طريقهم إلى تونس، سُجن بن بلة مرة ثانية، ثم أُطلق سراحه بعد سريان تطبيق اتفاقية "إيفيان" مع المستعمر، حيث أصبح رئيس أول حكومة جزائرية، ثم أول رئيس للجمهورية عام 1962 وبقي في الحكم 3 سنوات، ثم قام وزير الدفاع هواري بومدين بالانقلاب عليه، واُعتقل للمرة الثالثة مدة 15 عاماً، وتوفي عام 2012.

هواري بومدين

التحق بجيش التحرير الوطني مع اندلاع الثورة الجزائرية الكبرى، حيث امتلك خبرة عسكرية مكنته من استلام منصب وزير الدفاع بعد استقلال الجزائر عام 1962، واتهم بومدين آنذاك "رئيس الجمهورية أحمد بن بلة" بالاستفراد بالحكم وتقزيم دور الجيش، وانقلب عليه، وأصبح رئيساً لـ"مجلس التصحيح الثوري"، واُنتخب عام 1975 رئيساً للجمهورية الجزائرية ليصبح ثاني رئيس للجمهورية بعد الاستقلال.

اهتم بومدين ببناء الدولة الجزائرية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، حيث شجع على الزراعة ووزّع الأراضي على الفلاحين، كما عمل بومدين على نقل الثورة الصناعية من الاتحاد السوفيتي إلى بلده، فقام ببناء معامل الحديد والمصانع والبنَى الصناعية البترولية.

أما من الناحية السياسية فقد أسس دستوراً جديداً، وكان من مؤيدي القضية الفلسطينية، كما أيّد حركة البوليساريو في الصحراء الغربية، وعمل على بناء الجيش الجزائري وتقويته مستفيداً من امتلاك الجزائر للثروة النفطية، وتوفي في السابع والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1978.

الشاذلي بن جديد

التحق بجيش التحرير الوطني مع اندلاع الثورة الجزائرية الكبرى، أصبح وزيراً للدفاع عام 1978، ليصبح بعد وفاة هواري بو مدين ثالث رئيس للجمهورية الجزائرية عام 1979، اعتمد الشاذلي سياسة اقتصادية متقشفة تسببت باحتجاجات واسعة في البلاد.

أما من الناحية السياسية فقد سمح بالتعددية الحزبية للمرة الأولى في تاريخ الجزائر، حيث تحولت جبهة الإنقاذ الإسلامية إلى حزب سياسي فاز في الانتخابات، لكن الجيش لم يكن راضياً عن النتيجة فأقال الرئيس الشاذلي بن جديد عام 1991، وتوفي في السادس من تشرين الأول/أكتوبر عام 2012.

محمد بوضياف

يلقب بـ "سي الطيب الوطني"، انضم إلى حزب الشعب الجزائري، ثم حركة "انتصار الحريات الديمقراطية"، ثم أصبح عضواً في المنظمة السرية التي تمخضت عنهما، فسجنته فرنسا، عاد إلى الجزائر عام 1952.

وانضم إلى جيش التحرير الجزائري، حُكم عليه بالإعدام عام 1963 لأنه طالب بالتعددية الحزبية، لكن الحكم لم يُطبّق، حيث أفرجت عنه السلطات الجزائرية بعد 3 أشهر، اعتزل الحياة السياسية حتى عام 1992.

إذ استدعته السلطات الجزائرية لاستلام السلطة بعد عزل الشاذلي بن جديد، نظراً لشعبيته لدى الجزائريين الذين دخلوا في أتون حرب أهلية، وبعد وصوله لرئاسة الجزائر ألقى خطاباً في الجزائريين، فقام ملازم في القوات الخاصة يُدعى مبارك بومعرافي باغتيال محمد بوضياف رمياً بالرصاص أثناء إلقاء الخطاب في التاسع والعشرين من شهر حزيران/يونيو من عام 1992.

الرئيس علي كافي

التحق بجيش التحرير الجزائري عام 1954، وبعد الاستقلال عُين سفيراً في سورية ولبنان والعراق وإيطاليا، وبعد اغتيال محمد بوضياف أصبح عضواً في المجلس الأعلى للدولة في عام 1994، وساهم بتنظيم انتخابات رئاسية في عام 1995 فاز فيها اليمين زروال رئيساً للجمهورية.

الرئيس اليمين زروال

التحق بجيش التحرير الجزائري عام 1954، أصبح رئيساً لأركان الجيش الجزائري في عام 1974، استقال من منصبه في عام 1991 بسبب خلافه مع الرئيس الشاذلي بن جديد، ترشح للانتخابات الرئاسية في عام 1995، وساهم بتنظّيم انتخابات رئاسية عام 1999 فاز فيها عبد العزيز بوتفليقة برئاسة الجمهورية.

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة

التحق بجيش التحرير الجزائري عام 1954، ترشّح للانتخابات الرئاسية عام 1999 وفاز بها، حكم الجزائر منذ عام 2000 وحتى عام 2019، منذ توليه الرئاسة تعهّد بوتفليقة بإعادة الأمن والسلام للجزائر، وإنعاش الاقتصاد، ووقّع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوربي في الثاني والعشرين من شهر نيسان/أبريل من عام 2001.

الرئيس عبد القادر بن صالح

ولد في عام 1941، وتوفي في 22 أيلول/سبتمبر من عام 2021، وقد تولى الرئاسة يوم 2 نيسان/أبريل من عام 2019، وانتهت ولايته 19 ديسمبر 2019.

الرئيس عبد المجيد تبون

ولد في 17 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1945، وتولى الرئاسة في يوم 19 كانون الأول/ديسمبر من عام 2019، وما زالت ولايته مستمرة حتى الآن.

ختاماً، الخامس من تموز/يوليو يعد يوماً للافتخار بالحرية والاستقلال في حياة كل جزائري، فهو يومٌ تتغنى به الجزائر منذ عام 1962 حيث أصبحت ملكة قرارتها، فانضمت لجامعة الدول العربية، وإلى منظمة الأمم المتحدة، وإلى اتحاد المغرب العربي، ومارست ولا تزال تمارس منذ ذلك الوقت دورها الإقليمي الفعال بما يتناسب مع حجم الجزائر وثرواتها وهمة أبنائها.