المرأة القوية تمكن غيرها من النساء

يوم المرأة العالمي - دارين بربر

  • تاريخ النشر: الإثنين، 08 مارس 2021
المرأة القوية تمكن غيرها من النساء

كان ذلك في عام ١٩١١ عندما احتُفِلَ للمرة الأولى باليوم العالمي للمرأة، وبعد ١١٠ سنوات لا يزال من الضروري التكلم عن هذا النهار أكثر من أي وقتٍ مضى. لم يسبق لعدد النساء الملهمات، و النساء الأبطال و أهم النساء القدوات، أن يكون بهذا الارتفاع من قبل. إحدهن هي دارين بربر، رياضية، مدربة حياة، مدربة شخصية، ومتحدثة محفزة من لبنان. تعيش في دبي منذ عام ٢٠٠٦ و قصتها قد تسببت بالكثير من الإثارة و التأثير في عام ٢٠١٧. خسرت دارين ساقها في سن ال١٥ بسبب سرطان العظم وتعرضت لإصابة بليغة في منتصف العقد الثالث من عمرها، مما غير حياتها بأكملها. بدأت تتدرب و خسرت ٢٥ كيلوغراماً خلال سنة. وكانت أول عربية مبتورة الساق تشارك في عرض Famous World Beauty Fitness and Fashion 

 ومنذ ذلك الحين تحمل لقب WBFF للتحول.

المرأة القوية تمكن غيرها من النساء

تبع ذلك المزيد من الإنجازات و الجوائز حتى أنها أصبحت سفيرة للعديد من الأحداث الرياضية.

جميع المقابلات تدور حول مسيرتها الرياضية، و التحول الناجح الذي حققته، و الإنجاز المذهل للقيام بذلك بعد عملية البتر و الحادث الذي تعرضت له. لمقابلتنا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لعام ٢٠٢١، أردنا أن نتعرف على المرأة خلف الأضواء : الإبنة، الأخت، الزوجة و الأم لطفلين. أسئلة عن آرائها فيما يتعلق بالنساء و دورهن في المجتمع، حول أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وعن قدواتها في الحياة، وكيف تعيش «تمكين المرأة» في منزلها، و ماذا يمكننا أن نفعل لنزدهر و ننمو بشكل مستمر، لم تجعل هذه المقابلة مقابلة ملهمة فقط بل جعلتها مقابلة تثقيفية و قوية.

هل اليوم العالمي للمرأة هو يوم مهم و يوم ذات مغزى بالنسبة لك؟

«نعم، بالطبع، ينبغي أن يكون هناك يوم حيث نحتفل بالمرأة، و لا سيما في أوقاتٍ كهذه حيث أصبحت النساء صاخبات يعبرن أكثر عن أنفسهن».

سبق وأن قالت دارين في مقابلة لها عام ٢٠١٨، أنه بامكانها أن تشعر بالتغيير تجاه المواضيع المتعلقة بحقوق المرأة و مساواتها. «على مر السنين تم إسكات النساء و أعطيت لهن أدوار محدودة في المجتمع». كما أضافت دارينالان، حان وقت التألق و تحرير أنفسنا من الصورة النمطية». وتوضح، أنه كان لا بد للنساء أن ترقى إلى مستوى توقعات معينة تحد من المرأة نفسها و ما يمكِنُهن فعله و ما سيفعلنه. يمكنك أن تكوني أكثر بكثير من مجرد أم أو زوجة أو ما يحاول المجتمع و وسائل التواصل الاجتماعي أن يجعلك تصدقين. وبحسب دارين، « على النساء أن يعشن

شخصيتهن الحقيقية و أن يَحْبِبْن أنفسهن».   

هل تعتقدين أن ايجابية الجسد و حراك مساواة المرأة ما زال مستمراً؟ هل هو أقوى الآن و يحظى بالاهتمام أكثر من السنوات الماضية؟

تعتقد دارين أن أعداد متزايدة من الناس أصبحت تدرك إيجاد طريقها، البدء برحلتها، و تقبلها، وذلك هو أهم بكثير من مجرد متابعة الآخرين.

تم تسليط الضوء على مواضيع و مجالات معينة مثل عرض الأزياء لتجنب النماذج غير الصحية و لحماية جيل الشباب من بعض التوقعات الحياتية التي يمكن أن يكون لها عواقب شديدة. تشير مرة أخرى إلى مدى أهمية حب الذات و أن لكل شخص مساراً فردياً و فريداً كما أن كل شخص لديه مهارات و قدرات مختلفة في الحياة.

يبدو أن أهمية التواصل الاجتماعي  هي نعمة و نقمة في آنٍ واحد. من جهة، إنه لأمر مذهل أن تتاح الفرصة للجميع أن «يتمكنوا من رفع أصواتهم عالياً، لإظهار أنفسهم، و لعرض مواهبهم و إبداعهم». يستخدم العديد من المشاهير، و الشركات و الأشخاص الناجحين، نفوذهم كفرصة لتقديم مساهمة كبيرة لإحداث تأثير إيجابي على سلوك متابعيهم، عقلياتهم و أنماط حياتهم. من الناحية الأخرة، أن تكون حاضراً و بشكل ملموس كهذا يفسح المجال للإهانات المسيئة، كما أن المنصات الاجتماعية توفر الامكانية لأشخاص سلبيين بالتعبير عن أنفسهم. ولكن، «إذا بحثت و اتبعت الأشخاص المناسبين، ستجد أناس يحدثون تغيير في العالم» أكدت دارين. تجد مصدر إلهامها في السيَر الذاتية و الكتب التي تروي قصة شخص قد تغلب أو لا يزال يعمل على التغلب على صعوبات الحياة  و بسبب ذلك أصبح ناجحاً. «لكل شخص قصته الخاصة، و قد تعرض لآلام معينة دفعته إلى تغيير طريقة تفكيره و التمرد على ظروفه، و قد ولد من جديد للقتال و لإثبات نفسه. أنا أتطلع إلى هؤلاء الناس».

أوبرا وينفري هي واحدة من هؤلاء الأشخاص، التي تعجب قصتها دارين لأنها كانت من معجبيها منذ أوائل سنوات مراهقتها. قراءة قصص كهذه، و التعرف على كفاح الآخرين و كيف تمكنوا من النهوض مرة أخرى بعد سقوطهم يمنحها الأمل و يدفعها إلى عدم الاستسلام، «الصعوبات و التحديات موجودة لكي تنمو. إنها موجودة لتخرجك من منطقة راحتك و لاكتشاف الشخص الجديد الذي يمكنك أن تصبح عليه. إذا لم تتحدى نفسك، فلن تعرف أبداً ما أنت قادر عليه».

ماذا عن ابنتك، هل تتأثر فعلاً ببعض الصور النمطية الخاصة بأجساد النساء؟ كيف تتعاملين مع ذلك؟

للأسف، هذا الموضوع له تأثير حتى على الفتيات الصغيرات مثل ابنة دارين، البالغة من العمر ثماني سنوات فقط. «اعتادت على الوقوف أمام المرآة تسألنيماما كيف أبدو؟ هل أبدو نحيفة؟و أجبتهاكلا، تبدين بصحة جيدة. الأمر لا يتعلق بأن تكوني نحيفة أو سمينة بل بأن تتمتعي بصحة جيدة“». عندما لا تريد دارين ابنتها أن تأكل بعض الأطعمة، تشرح لها ذلك بطريقة سهلة تمكنها من فهم أن ذلك سيؤثر على صحتها و قدرتها على الحركة و النشاط. « لا ينبغي أن تنظر إلى نفسها و تقول    ”أريد أن أبدو نحيفةلا، عليها أن تقول أنها تريد أن تكون بصحة جيدة و تكون نشيطة و تشعر بالارتياح». تضيف دارين أنها حريصة على الكلمات و اللغات التي تستخدمها لتتجنب تشويه الجسد و إثارة حالة عدم الأمان مهما كلف الأمر. فهي تستخدم فقط كلمات مثل الصحة، اللياقة، والنشاط لأن هذا يجب أن يكون الهدف، كما يجب أن تكون هذه هي الطريقة التي تريد أن تشعر بها. كذلك تشير أن «الأرقام الموجودة على المقياس لا تحدد قيمتك».

في حديثنا عن الجمال نفسه و كيف يمكن للأشخاص المختلفين أن يشبهوا دارين، أخبرتنا أن ابنتها سألتها ذات مرة لماذا ساقكِ لا تشبه ساقي. بصفتها والدتها، تحاول دارين أن تعلم إبنتها حب الذات و الثقة بالنفس. «الأمر لا يتعلق في كونها لا تراني جميلة. لديها هذا التعاطف و تريدني أن أكون مثلها. لدينا هذه الغرائز، فنحن نريد الكمال». و لكن ما هو الكمال؟ ما هو العادي و الطبيعي؟ نرى أشخاص مختلفين عنا، لديهم عجز أو ما نسميه بالإعاقة، نشعر فوراً بالأسف و الشفقة تجاههم أو نعتقد أنهم غير سعداء، و لكن الأمر ليس كذلك. «تماماًتجيب دارين. ذات مرة، رآني أصدقاء أولادي بصحبتهم ولاحقاً تواصلوا معهم قائلين «أوه، لدى والدتك ساق واحد، نحن آسفين» و لكن دون تردد أو شعور بالخجل ، كان جواب أولادي، أنني عادية و طبيعية و بإمكاني القيام بأي شيء. إن الأمر يتعلق بالطريقة التي تعيش بها حياتك. إذا كنت تحب نفسك و لديك ثقة بنفسك، فذلك سيظهر عليك وللآخرين. الجمال الحقيقي يأتي من داخل الانسان و يظهر عليه من الخارج. الطريقة التي تتصرف بها أو تتحدث بها مع الآخرين ، هناك الكثير من الأمور التي تجعلك جميلة، الأمر لا يتعلق بمظهرك».

هل تعتقدين بعد أن خسرت ساقك و في مسيرتك لخسارة الوزن، واجهتي تحديات لن يضطر الرجل على مواجهتها ؟

بالنسبة لدارين، تمتثل النساء للعديد من الالتزامات بسبب المجتمع الذي نعيش فيه. كان خوفها من كونها امرأة ذات إعاقة جسدية مرتبط بالزواج. كان هناك وقت تفكر فيه برأي المجتمع و أن الناس ستفكر بأن لا أحد يريد مواعدتها أو الزواج منها. « لا يزال الناس يعتقدون أن عليك الزواج في سن معين. ولكن الأمر يختلف حين يتعلق بالأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة لأنهم لا يقررون إختيار شريك حياتهم، بل ينتظرون مجيئ الشريك». إلا أن دارين لم تدع ذلك يؤثر عليها. تعرفت على زوجها، وقعا في الحب، تزوجا، و رُزقا بطفلين. تقول دارين أنها عاشت حياة طبيعية ولكن المجتمع لم يتوقع ذلك. و تردف قائلةً «لقد نشأت مع عائلتي التي دعمتني ومنحتني الثقة و دعتني أعيش حياة طبيعية. كانت أمي تدفعني دائما للذهاب إلى المدرسة حتى لو لم أكن أشعر بالرغبة للقيام بذلك. لم تكن تمنحني المجال للخضوع لمشاعري و الاستسلام». كان هناك الكثير من اللحظات التي أرادت فيها أن تستسلم لكن عائلتها كانت دائماً تعطيها القوة. في الوقت الذي كانت تكبر فيه و تصبح امرأة مستقلة، لم تفكر أبداً أنها امرأة تفتقر إلى شيء لا يجعلها تستحق ما يكفي من الحب و الزواج، بغض النظر عما يعتقده المجتمع. وتقول : «ولكن، للإجابة على السؤال، إذا كنت رجلاً فسيكون الأمر صعباً أيضاً، لكنني أعتقد أن الرجال قد حصلوا على مزيد من الحرية لاتخاذ القرارات في العالم». تضيف قائلةً  :« على الرغم من أن حياتهم صعبة أيضاً. أعترف بذلك بسبب المسؤولية التي عليهم تحملها. من المتوقع أن يكون الرجال هم المعيلون الوحيدون لأسرهم عندما يتزوجون و عليهم توفير حاجات أسرهم، فذلك هو أيضاً طريقة تفكير خاطئة. يجب أن يتزوج شخصان، و يعملان معاً من أجل عائلتهما. نحن متساوون. أنا و زوجي نتعاون في المنزل، يساعدني كثيراً و أنا أساعده أيضاً. نحن نتساعد لأننا شركاء في نهاية اليوم. نحن نبني عائلة. وذلك أشبه بشركة. إذا كنت تعمل في شركة و موظفو هذه الشركة لا يعملون كفريق واحد سوف تنهار هذه الشركة. لن ينجحوا».

المرأة القوية تمكن غيرها من النساء

برأيك ما الذي يمكننا فعله كنساء لتمكين أنفسنا و تمكين النساء الأخريات أكثر؟

«أعتقد أنه على  النساء تثقيف أنفسهن. عندها سيكون لهن الثقة لمواجهة أي شيء في العالم» أجابت دارين. كما تناولت مدى أهمية التعليم في إعطاء المرأة الفرصة للقيام بما تريد في حياتها، كما سلطت الضوء على أهمية التعليم عندما تصبح المرأة أم، فهناك جيل يجب تدريسه، و أنت مسؤولة عنه.

ما هي خططك للمستقبل؟

فيما يتعلق بوضع حياتها الحالي و أهدافها المستقبلية، أخبرتنا دارين عن مهنتها كمدربة شخصية و مدربة حياة. فهي تتطلع إلى مساعدة الناس لتغيير حياتهم و العمل معهم كما دعمهم من البداية. «يسعدني ذلك جداً. إنه شعور مليئ بالراحة و الرضا عندما تعطي أكثر مما تأخذ. لذلك عندما أغير حياة شخص  و نظرته للحياة، أشعر بسعادة تامة، و أريد أن أمرر شخصياً هذه الرسالة إلى جميع  الأشخاص، كيف يمكنهم أن يحبوا أنفسهم، كيف يمكنهم أن يؤمنوا بأنفسهم من جديد، و كيف يكون لديهم أمل في المستقبل. تحويل حياتهم رأساً على عقب».

هل لديك زبائن أو أشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة يتواصلون معك؟

«نعم، أن أدرب الكثير من الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة كما العديد من الأشخاص العاديين، الذين لا يعانون من إعاقات. ولكن، بالنسبة لي، الإعاقة ليس أمراً جسدياً، بل هو أمراً يتعلق بالتفكير». توضح قائلةً، أنها ترى الإعاقة في عدم الاحترام و التضارب الذي يعاني منه الأشخاص تجاه أنفسهم و صحتهم لأنهم يدّعون عدم قدرتهم على الالتزام بنظامهم الغذائي، و القيام بتمارينهم، وإيجاد أعذار، و المحافظة على فكرة أنه ليس لديهم الوقت للقيام بكل هذا. وأضافت «لا أصدق أن الناس ليس لديهم ساعة واحدة في اليوم ينفقونها على أنفسهم، للعناية بأجسادهم، و للعناية بصحتهم. الأمر كله يتعلق بالأولويات في الحياة».

علاوةً على ذلك، لا يتعلق الأمر بالهوس حول الطريقة التي يبدو بها الشخص، «الأمر يتعلق بحب نفسك و الاهتمام بالأشياء الصغيرة التي ستبني الصورة الكبيرة. لا يمكنك أن تعطي من كوب فارغ ، عليك أن تكون ممتلئ لكي تعطي».

في نهاية مقابلتنا، سألنا دارين بربر، التي تصف نفسها بأنها امرأة مقاومة، قوية، صبورة، واثقة من نفسها، طموحة و شغوفة، و التي تجد دائماً سبباً للابتسام أو الضحك، إذا كان لديها أي نصيحة أخيرة للقراء الإناث، و النساء عامة و الجيل القادم. «أريد أن أقول لهن أن يكنَ على طبيعتهن دائماً، أحببن أنفسكن، أحببن ما تفعلن، افعلن ما هو محبب لكن» أجابت. و بأخذ ذلك بعين الاعتبار، نتمنى لدارين و لكل امرأة على هذا الكوكب يوماً عالمياً سعيداً للمرأة و لا ننسى أبداً ما قالته ميشال أوباما، «لا يوجد حد لما يمكن أن نحققه نحن كنساء».استمررن بالتقدم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار