نايلة الخاجة: أول مخرجة إماراتية تتحدى الحواجز بجرأة وشغف

نايلة الخاجة: أول مخرجة إماراتية تكسر الحواجز لتعيد صياغة المشهد السينمائي بإبداع وشغف متواصل.

  • تاريخ النشر: الجمعة، 22 أغسطس 2025 زمن القراءة: 8 دقائق قراءة آخر تحديث: الأحد، 24 أغسطس 2025
نايلة الخاجة: أول مخرجة إماراتية تتحدى الحواجز بجرأة وشغف

في يوم المرأة الإماراتية، تحتفي ليالينا برمز من رموز الإبداع والريادة الفنية؛ أول مخرجة إماراتية، نايلة الخاجة، التي كسرت الحواجز وفتحت الأبواب أمام جيل جديد من المبدعات.. من طفولتها التي شكّلتها افلام والدها القادمة من مختلف أنحاء العالم، إلى أولى تجاربها السينمائية الجريئة وهي في الخامسة عشرة، نسجت نايلة مسيرتها بخيوط الشغف والإصرار. 

على مدى ثلاثة عقود، خاضت تحديات مجتمع محافظ، وواجهت النقد بعزيمة لا تلين، لتصبح اليوم اسماً بارزاً في صناعة السينما الإماراتية والعربية. 

في هذا الحوار الخاص، تكشف نايلة الخاجة عن البدايات، والهوايات التي صقلت رؤيتها البصرية، وعلاقتها بزميلاتها المخرجات، ورأيها في الذكاء الاصطناعي ودوره في الإخراج، إضافة إلى محطات فنية صنعت هويتها الإبداعية.

حوار يُلهم كل امرأة تحلم بترك بصمة في عالم الفن، ويؤكد أن الإصرار والشغف هما التذكرة الحقيقية نحو العالمية.

  • متى بدأت رحلتك مع عالم الإخراج؟ وهل كان هذا الحلم يرافقك منذ الطفولة؟

يمكنني القول إن بذرة الحلم نمت في داخلي دون وعي منذ الصغر. كان والدي يقتني مجموعة نادرة من الأفلام التجارية وغير التجارية، ويحرص في كل رحلة سفر على العودة محمّلاً بأعمال سينمائية من شتى أنحاء العالم.

كبرت وأنا أتنقل بين عوالم مختلفة من خلال الشاشة، أتنفس الصورة وأتذوق فن الحكاية البصرية. ومع مرور الوقت، أصبح من الطبيعي أن أجد نفسي منجذبة إلى عالم الإخراج، وكأن الطريق كان مرسوماً لي منذ البداية.

  • ما هو أول عمل أخرجته، وكيف تنظرين إليه اليوم بعد كل هذه التجربة؟

أخرجت أول فيلم قصير وأنا في الخامسة عشرة من عمري، وكانت فكرته غريبة للغاية. تدور أحداثه حول فتاة تريد تصوير فيديو موسيقي، فتسرق بقرة وتلوّنها بألوان زاهية، ثم تصطحبها إلى الصحراء برفقة رجل مسن. 

كانت أشبه بلوحة سريالية، وقد نفذت الفكرة فعلاً، لكن واجهت مشكلة كبيرة عند محاولة إزالة الألوان عن البقرة. صورته بعدسة 8 ملم القديمة، واليوم أراه تجربة بريئة ومغامرة فنية مميزة رغم غرابتها. شاهدوا أيضاً عدد جديد من مجلة ليالينا يحتفي بيوم المرأة الإماراتية.

نايلة الخاجة نجمة غلاف مجلة ليالينا

"الفن مثل الموسيقى لا يمكن للجميع أن يتذوقه بالطريقة نفسها"

  • ما أبرز التحديات التي واجهتك كمخرجة إماراتية في مجتمع محافظ نوعاً ما؟

التحديات التي أواجهها لا تختلف كثيراً عن بقية السينمائيين، وأهمها ندرة المنتجين. فوجود منتجين أكثر يعني أفلاماً أكثر، لأن المنتج هو من يمسك بزمام المشروع منذ السيناريو وحتى التسويق، ويختار المخرج المناسب.

  • هل واجهتِ شكوكاً أو انتقادات كونكِ امرأة في مجال تقني وفني؟

بالتأكيد. أذكر أنني عرضت قديماً فيلماً وثائقياً بعنوان اكتشاف دبي، فغادر أحد الحضور القاعة أثناء العرض ومرّ بجانبي لينتقد العمل بأسلوب جارح. شعرت حينها بإحباط شديد، لكن مع مرور الوقت أصبح النقد السلبي نادراً. الفن مثل الموسيقى، لا يمكن للجميع أن يتذوقه بالطريقة نفسها.

  • هل ساعدكِ الرسم في تطوير الحس البصري وصياغة الصورة السينمائية؟

بالتأكيد، الرسم جزء لا يتجزأ من روحي وهويتي الفنية. أعشق الألوان والرسم على القماش، وهذا الشغف ينعكس بوضوح على أعمالي السينمائية، التي تميل في الغالب إلى الألوان الداكنة لما تمنحه من مساحة أوسع لابتكار أجواء بصرية خاصة. 

في فيلمي الأخير باب، حرصت أن تكون المشاهد أقرب إلى لوحات فنية تنبض بالحياة، واليوم أجد نفسي أرسم بالإضاءة كما ارسم بالفرشاة، لأحول الكادر السينمائي إلى عمل تشكيلي متكامل.

"إلى كل امرأة تحلم بالإخراج.. جربي، وأطلقي العنان لشغفك"

  • هل سبق وأن دمجتِ بين الرسم والسينما في أحد مشاريعك؟

نعم، وهذا الدمج حاضر بوضوح في العديد من أعمالي، سواء في توظيف الألوان أو تشكيل الإضاءة بطريقة فنية أقرب إلى اللوحات التشكيلية. 

أتعامل مع الكادر السينمائي كمساحة للرسم، أوزع عليها الضوء والظل كما أوزع الألوان على القماش، لأخلق مشهداً يحمل حسًّا بصرياً وجمالياً يتجاوز حدود الصورة التقليدية.

  • كيف تصفين علاقتك بالمخرجات الإماراتيات مثل نهلة الفهد وفرح النابلسي؟

لكل مخرجة بصمتها الإبداعية وخطها الفني المميز؛ أعمالي تميل إلى السريالية والغوص في الأبعاد النفسية، بينما تتألق نهلة في تقديم الدراما التليفزيونية، وتبدع فرح في معالجة الدراما الاجتماعية. 

ورغم اختلاف التوجهات والأساليب، يجمعنا احترام متبادل ورغبة حقيقية في التعاون، ودعم بعضنا البعض كلما سنحت الفرصة.

لقاء نايلة الخاجة

"الممثلون قد يكونون أكثر عرضة للاستبدال بالذكاء الاصطناعي"

  • كيف ترين تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنة الإخراج؟

بدأت استخدام الذكاء الاصطناعي منذ نحو أربع سنوات في فيلم طويل. جربت تحويل لغة الفيلم من العربية إلى الصينية مع الحفاظ على أصوات الممثلين الأصلية، وعرضته في أماكن يرتادها الجمهور الصيني مثل دبي مول و دراغون مارت. 

كانت ردود الفعل إيجابية جداً، وشعرت أن التجربة صنعت جسراً بين الثقافتين الإماراتية والصينية.

"فيلم باب الذي كان تجربة فنية متكاملة"

  • هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستبدل الحس الإنساني للمخرج؟

لا أعتقد ذلك في الوقت الحالي. ربما يتغير الأمر بعد 15 أو 20 سنة، لكن حتى الآن المخرجون في أمان، بينما الممثلون قد يكونون أكثر عرضة للاستبدال، خصوصاً مع ظهور فيديوهات كاملة من إنتاج الذكاء الاصطناعي.

  • هل تستخدمين أدوات الذكاء الاصطناعي في مشاريعك القادمة؟

نعم، أرى أنه أداة مساعدة يمكن توظيفها بذكاء لخلق أعمال مبتكرة. 

ما أبرز أفلامك حتى الآن؟

من أبرزها فيلم باب الذي كان تجربة فنية متكاملة، تعاونت فيه مع الموسيقار العالمي الحائز على جائزتي أوسكار أي. آر. رحمان، والمصور العالمي روغير ستوفرس، إضافة إلى فريق إماراتي من 18 شخصاً. صورناه كاملاً في رأس الخيمة.

لقاء نايلة الخاجة مع مجلة ليالينا


"حافزي الأكبر هو إيصال الفيلم الإماراتي إلى العالمية"

  • هل الجوائز حافز لكِ للاستمرار؟ 

حافزي الأكبر هو إيصال الفيلم الإماراتي إلى العالمية. حقق فيلمي الأول عرضاً في تسع دول، وأطمح أن يصل الثاني إلى عدد أكبر وينشر ثقافتنا عالمياً. النجاح بالنسبة لي إما أن يكون عبر فيلم يحقق انتشاراً تجارياً وعالمياً، أو عبر فيلم فني يدخل مهرجانات عالمية.

  • ما العمل الذي كان نقطة تحول في مسيرتك؟

فيلما حيوان الموجود على نتفليكس، والظل، شكّلا نقطة تحول كبيرة من حيث النضج الإخراجي.

  • ما الفرق بين الإخراج فقط، والإخراج مع الإنتاج؟

الفرق جوهري وكبير. فكوني أجمع بين دور المخرجة والمنتجة يمنحني حرية كاملة في اختيار كل تفاصيل المشروع، بدءًا من مرحلة التمويل ومرورًا باختيار فريق العمل، وصولًا إلى التسويق والعرض. 

هذه الازدواجية تمنحني أيضًا سيطرة أكبر على المسار الإبداعي للعمل، وتتيح لي تنفيذ الرؤية الفنية بدقة دون التنازل عن أي عنصر يعبّر عن هويتي السينمائية.

"ممنوع الاستسلام"

  • هل شعرتِ يوماً بالوحدة في هذا الطريق؟

كثيرًا، إلى حد أن فكرة الاستسلام راودتني في بعض اللحظات الصعبة. لكن كان هناك دائمًا صوت يمدّني بالقوة، صوت زوجي الذي قال لي بحزم: "ممنوع الاستسلام"، فكانت كلماته بمثابة دفعة جديدة للاستمرار والمضي قدمًا مهما كانت التحديات.

رسالتي للمرأة الإماراتية .. انطلقى وجربي كل ما تستطيعين

  • كيف ترين المرأة الإماراتية؟

مثابرة.

  • هل حدث أن أسيء فهم فيلم من أفلامك؟

نعم، فيلم باب لم يُفهم بالطريقة التي تمنيتها من الجميع.

  • هل تشاهدين أفلامك بعيون ناقدة؟

بالطبع، فأنا أكثر شخص ينتقد أعمالي. النقد مفيد جداً، وأكثر من انتقدوا أعمالي هم زوجي والمخرج والناقد مسعود أمر الله.

  • هل أفلامك تعكس شخصيتك وتجاربك؟

نعم، مثلاً فيلم الجارة يمزج بين الحزن والكوميديا، وهو قريب من روحي.

كواليس جلسة تصوير نايلة الخاجة


"فيلم باب لم يُفهم بالطريقة التي تمنيتها"

  • كيف تتعاملين مع الرقابة؟

حاليًا، لا توجد رقابة صارمة، والسبب أننا نلتزم باحترام القوانين والأنظمة، ونتجنب تجاوز الخطوط الحمراء السياسية أو الدينية. 
هذا الوعي المسبق بالحدود المسموح بها يتيح لنا الإبداع بحرية دون الاصطدام بالعوائق الرقابية.

  • هل هناك جائزة لم تحصلي عليها بعد و تطمحين لها؟

لا أسعى للجوائز، بل لانتشار الفيلم ووصوله لأكبر شريحة من الجمهور.

  • ما أصعب "لا" سمعتيها؟

كانت من بنك أراد استبدالي في إخراج إعلان بشخص دربته أنا، فقط لأنه أجنبي ورجل.

  • كيف تتمنين السينما الإماراتية بعد عشر سنوات؟

أتمنى أن تنتقل السينما الإماراتية من كونها مجرد حركة واعدة إلى صناعة حقيقية متكاملة الأركان، وهو الحلم الذي أعمل عليه منذ ثلاثة عقود.

المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة

"لا أحب الروتين وأستمتع بإدهاش الآخرين"

  • هل أنصف الجمهور المحلي السينما الإماراتية؟

ليس بالقدر الكافي حتى الآن، ولا بد من تغيير هذه النظرة، فنحن نمتلك المواهب والإمكانات، وما نحتاجه هو وجود منتجين أقوياء يدفعون عجلة الصناعة إلى الأمام.

  • لو كانت حياتك فيلماً، ما عنوانه؟

مفاجأة، لأنني لا أحب الروتين وأستمتع بإدهاش الآخرين في كل مرحلة من حياتي

  • ما رسالتك لكل امرأة تحلم بخوض مجال الفن والإخراج؟

انطلقي بشغف، وجربي كل ما تستطيعين، وابدئي بالتطوع في مجالات السينما لتكتشفي ميولك، سواء في التمثيل أو الإخراج أو كتابة السيناريو أو تصميم الديكور والأزياء. النجاح ينتظر من يصرّ عليه.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار