السينما السعودية تسرق الأضواء في مهرجان مالمو

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 22 أبريل 2025
السينما السعودية تسرق الأضواء في مهرجان مالمو

تشهد الدورة الخامسة عشرة من مهرجان مالمو للسينما العربية، والتي تنطلق في مدينة مالمو السويدية خلال الفترة من 29 أبريل إلى 5 مايو 2025، حضورًا سعوديًا لافتًا يعكس تطور صناعة السينما في المملكة وتحولها من الإنتاج المحلي المحدود إلى منصة دولية قادرة على المنافسة والتميّز.

حضور سعودي يلفت الأنظار

تحل السينما السعودية ضيف شرف استثنائي على مهرجان مالمو هذا العام، في خطوة تعد تتويجًا لمسيرة فنية متصاعدة تنتهجها هيئة الأفلام السعودية، ضمن استراتيجيتها لتعزيز حضور المملكة في المشهد السينمائي العالمي.

وتشمل المشاركة مجموعة متنوعة من الأفلام الطويلة والقصيرة التي تمثل أصواتًا مختلفة ومواهب سعودية صاعدة ومخضرمة، مما يعطي صورة شاملة عن التطور الذي شهدته الصناعة خلال السنوات الأخيرة.

"نورة" لتوفيق الزايدي: دراما تنبض بروح العلا

يتصدر قائمة الأفلام السعودية المشاركة فيلم "نورة" للمخرج توفيق الزايدي، وهو العمل الذي يشارك رسميًا في المسابقة الدولية للأفلام الطويلة، ما يجعله محط اهتمام النقاد والجمهور على حد سواء. الفيلم، الذي صُوّر بالكامل في محافظة العلا ذات الطبيعة الخلابة، يتناول قصة فتاة متمردة تسعى لتحقيق ذاتها وسط تقاليد مجتمعية صارمة، ويغوص في التوترات الداخلية بين الفرد والمجتمع.

الفيلم سبق أن عُرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ونال استحسانًا نقديًا بفضل أسلوبه البصري المميز والأداء العميق لبطليه، إلى جانب موسيقاه التصويرية الآسرة. ما يميز "نورة" أيضًا هو استخدامه لطاقم عمل محلي بالكامل تقريبًا، ما يعكس الرهان على الكفاءات السعودية.

مدينة الطين لهيفاء المنصور: توثيق للنسوية في قلب الصحراء

من بين الأعمال اللافتة في البرنامج أيضًا فيلم "مدينة الطين" للمخرجة هيفاء المنصور، والذي يعرض ضمن برنامج العروض الخاصة. الفيلم هو دراما تاريخية تدور أحداثها في قرية نجدية خلال بدايات القرن العشرين، ويروي قصة معلمة شابة تكافح من أجل تأسيس أول مدرسة للبنات في قريتها، في مواجهة رفض المجتمع الذكوري.

البوستر الرسمي لمهرجان مالمو

هيفاء المنصور، المعروفة عالميًا بفيلمها "وجدة"، تعود بهذا العمل لتأكيد مكانتها كصوت نسوي سعودي يعبر عن التحولات الاجتماعية والسياسية من خلال سردية سينمائية محكمة وذات بُعد إنساني عميق.

الرحيل إلى الجنوب:  لمسة وثائقية من علي السمين

في الجانب الوثائقي، يشارك المخرج علي السمين بفيلمه الجديد "الرحيل إلى الجنوب"، الذي يتناول قصة لاجئ يمني يستقر في نجران، ويؤسس مشروعًا موسيقيًا يهدف للتقريب بين الثقافات الخليجية والقرن الإفريقي. يُعرض الفيلم في قسم السينما التوثيقية الجديدة، ويتميز ببنائه السردي الرشيق وموسيقاه الحيّة التي تدمج الإيقاعات اليمنية بالخليجية في قالب مؤثر.

برنامج ليالي الفيلم السعودي: جسر فني وثقافي

من أبرز مبادرات المشاركة السعودية أيضًا برنامج "ليالي الفيلم السعودي"، الذي تنظمه هيئة الأفلام بالتعاون مع إدارة مهرجان مالمو، ويهدف إلى تسليط الضوء على الأفلام السعودية القصيرة والناشئة.

يُعرض خلال البرنامج أكثر من عشرة أفلام قصيرة تم اختيارها بعناية لتمثيل التجارب الشبابية الجديدة في الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو.

من بين هذه الأعمال يبرز فيلم "الزمن المفقود" للمخرج محمد السلمان، والذي يعالج فكرة التلاشي الوجداني في علاقات الحب المعاصرة. كما يُعرض فيلم "ظل" للمخرجة الشابة دانا الخطيب، وهو عمل صامت يعتمد على الصورة فقط، في تجربة تجريبية حظيت بتقدير في مهرجانات خليجية سابقة.

أفلام سعودية من إنتاج مشترك

ضمن قسم "آفاق عربية"، يعرض فيلم "حجان" للمخرج المصري أبو بكر شوقي، وهو عمل من إنتاج مشترك بين السعودية ومصر والأردن، من بطولة عبد المحسن النمر وأسماء جلال.

يروي الفيلم قصة صبي ينتمي لقبيلة بدوية ويتورط في عالم سباقات الهجن، في حكاية تعكس الصراع بين الطموح والواقع الاجتماعي، وتم تصويره في صحراء تبوك، حيث لعبت المناظر الطبيعية دورًا محوريًا في خلق الجو العام للعمل.

صناعة واعدة تقودها طاقات شبابية

تؤكد هذه المشاركة المكثفة أن السينما السعودية لم تعد مجرد ظاهرة محلية أو مشهدًا حديث الولادة، بل أصبحت صناعة متكاملة تتغذى من دعم رسمي كبير، وتمضي بخطى ثابتة نحو التدويل. ومن خلال مهرجانات مثل مالمو، تتاح الفرصة للمخرجين والمنتجين السعوديين لبناء شبكات تعاون مع نظرائهم من العالم العربي وأوروبا، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام الإنتاج والتوزيع.

السينما السعودية في مهرجان مالمو

إن مشاركة المملكة في مهرجان مالمو للسينما العربية ليست فقط عرضًا لأفلام، بل هي تظاهرة فنية وثقافية تعكس طموحات وطن بأكمله في ترسيخ مكانته السينمائية عالميًا. ومع كل دورة جديدة، تزداد المساحة التي تحتلها السينما السعودية في الخريطة الدولية، لتكون جزءًا من رواية جديدة تكتبها الكاميرا السعودية بلغة بصرية شجاعة وحس إنساني عميق.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار