الوشم.. مِن عادة قديمة إلى ضرورة لمواكبة الموضة..

  • تاريخ النشر: الأحد، 09 مارس 2014 آخر تحديث: الإثنين، 07 فبراير 2022
الوشم.. مِن عادة قديمة إلى ضرورة لمواكبة الموضة..


وشم الجسم، عادة قديمة جداً، تتمثَّل في رسم رموز لها دلالات، خاصةً فوق أجزاء معيّنة من الجسد، حيث رسمته أغلب شعوب العالم، وخاصةً النساء. وهدفه الأولي شدّ انتباه الآخرين، والتميّز عنهم. وتطوَّرت هذه الظاهرة في عصرنا الحالي، وصارت تُستخدم في نواحٍ جمالية، كما أنها انتشرت في مراكز التجميل.. واللافت في الموضوع انتشار الوشم بين الشباب كثيراً، حتى إنه أصبح تقليداً أعمى عند بعضهم، متجاهلين مضاره الصحية وغير مكترثين لعدم وجود بيانات توضح مما مصنوعة مواد الوشم.
 

 مواكبة الموضة..
تحت شعار "مواكبة الموضة" وباتجاه تقليد العادات الغربية، يسعى مراهقون كثر وراء وضع الوشم على أجسادهم، حيث تعتبر رهف.ك (17 عاماً)، أنَّ الوشم بات أحد مقومات التجميل الرئيسة في حياة الفتاة والشاب، قائلة: "أصبح الوشم آخر صيحات موضة هذا العصر، فمن دون أي تردّد، وبعد رؤيتي أصدقائي يضعون أشكالاً ورسوماً جميلة، قصدت مركز التجميل، وقرَّرت وضع وشم الفراشة على كتفي، ولا أمانع وضعه فوق أيِّ مكان أختاره، كون الوشم جعلني مميّزة عن فتياتٍ غيري، وأنا لا أريد إزالته إطلاقاً"..
 

 أضرار بالجملة..
 تسبِّب المواد المُستخدمة في الوشم، التي تحقن تحت الجلد، أمراضاً عدة، حيث يقول الدكتور أنور دحدل، اختصاصي التجميل: "إنَّ رسم الوشم عبر حقن مواد ذات صبغات ملونة داخل طبقات الجلد لتصبح إبرَها على تماس مباشر مع الدم، يسبِّب مشكلات واختلاطات متنوعة، منها احمرار الجلد وتورّمه، مع آلام مختلفة، وارتفاع درجة الحرارة، ونزّ مادة قيحية.. كما تعدُّ المكورات العنقودية والعقدية إيجابية الغرام العامل الأساس المُمرض، ويمكن لتلك المواد أن تسبِّب تفاعلات الحساسية؛ كالتهاب الجلد الأرجي، وفي الحالات الشديدة تمتدُّ نحو كامل الجسم مسبِّبة صدمة تألّمية يمكن أن تهدِّد الحياة، وتلك التفاعلات قد تظهر في شكل مبكر أو بعد أسابيع وسنوات عدة"..

الوشم.. مِن عادة قديمة إلى ضرورة لمواكبة الموضة..

 أعراف متوارثة..
لاتذكر فاطمة.د (60 عاماً) متى رسمت الوشم على وجهها، حيث تقول: "رغم أني لا أذكر متى وضعت الوشم فوق وجهي ويدي، لكني متأكِّدة أنَّ ذلك حصل منذ نحو 45 عاماً، وقبل زواجي ببضع سنوات، إذ طلبت والدتي أن ترسم لي "الوشّامة" (وهي مَن تقوم برسم الوشم)، فوق وجهي، وأذكر يومها أني تألَّمت كثيراً، وكان من الطبيعي تورُّم مكان الرسم أياماً عدة، حتى يظهر الوشم أخيراً باللون الأخضر المعروف كما رسمته "الوشّامة"، وهو من أهم العادات الموجودة في مجتمعنا"..
** تحديد هوية
استخدم بعضهم الوشم بغية أغراض أخرى غير التجميل، كالخوف من الضياع أو الموت دون هوية تدلُّ على الشخصية، حيث يقول ماهر.ط (30عاماً): "وضعت وشماً فوق ذراعي وكتفي كُتب فيه اسمي وعنواني ورقم هاتفي، وذلك بهدف تجنُّب البقاء مجهول الهوية حالة تعرُّضي إلى حادث قد يمحو معالم وجهي، فأنا كثير التجوال والأسفار، وأرى حوادث مروعة ضاعت فيها ملامح الشخص المصاب، لذلك رسمت ذلك الوشم من باب الحيطة لا أكثر"..
 

 الأسود المخضر..
بغية تغيير بعض ملامح شكلها، وعملها بنصيحة إحدى صديقاتها، وشمت رنا.م (24 عاماً) حاجبيها، وعليه تتحدَّث عن تجربتها مع الوشم قائلة: "منذ نحو سنة ونصف السنة أردت تغيير شكل حاجبي. فقصدت أحد الصالونات كي أرسم تاتو فوقهما، وكانت المفاجأة أنه لم يمضِ شهر واحد حتى تحوَّل لون الوشم، الذي كان لونه أسود، إلى الأخضر الغامق، ما سبَّب لي إحراجاً كبيراً أمام عائلتي وأصدقائي، وحاولت كثيراً إخفاء ذلك اللون عبر وضع الأصبغة والكحل، لكن دون جدوى، فاضطررت أخيراً إلى إزالته"..

 التاتو.. سبب الإيدز!
لم تدرِ ريتا.د (24 عاماً) أنَّ التاتو الذي كانت تحلم برسمه سيقتل زهرة شبابها قبل تفتّحها. فتروي قصتها بمرارة وآلم قائلة: "وضعت أغلب صديقاتي التاتو فوق حواجبهن، وعلى أجسادهن، دون أن يحدث لهن أيُّ مكروه، إلا آلام الوشم المعروفة، وذلك شجَّعني على وضع تاتو فوق حاجبَي غير الظاهرين تماماً، حيث اعتقدت أنه سيغيِّر حياتي نحو الأفضل، وبعد إخبار والدي رسمته عند أحد محلات الوشم، الذي تبيَّن لنا فيما بعد أنه غير مرخّص، لكن ذلك كان أخف المصائب، حيث أُصبت بمرض الإيدز بسبب إبرة الوشم التي تحمل الفيروس، وأعيش الآن حالة صعبة من مرض وألم وندم كبير نتيجة قراري الذي جلب لي أبشع وأصعب الأمراض"..

 جرأة وتخلّف فكري..
تحوَّلت موضة التجميل إلى هوس عند الشباب في عصرنا الحالي، وبات الشاب الذي لايواكب موضة التاتو متخلفاً، وهذا ما يراه طوني.ع (25 عاماً)، حيث يُعتبر هذا العصر عصر التطوّر والحريات، ما جعل طوني يملأ جسده برسومات مختلفة، منها ما له دلائله، ومنها ما هو عبارة عن رسم جميل لا أكثر.. وعن الانتقادات التي يتعرَّض إليها فيقول: "أنا لا أردُّ على الانتقادات التي تُوجَّه إلي. فأنا على قناعة تامة بالوشوم التي وضعتها، وأعتبر مَن ينتقدني شخصاً لا يملك الجرأة ولا الحرية ليفعل ما فعلت، رغم وجود شبان كثر يرسمون على أجسادهم، فهي ظاهرة انتشرت كثيراً في عصرنا الحالي، ولعل بعض الفتيات لديهن نظرة مختلفة عن الشاب الواشم".. وترى رنا، ج (طالبة جامعية- 25 عاماً) أنه "من الجميل أن يهتمَّ الرجل بمظهره الخارجي ويواكب الموضة، وألا يكون رجلاً تقليدياً، لكن بعيداً عن التاتو الذي يشعرني بالنفور من الشاب، حيث اعتبره متأثّراً بالرجل الغربي بعيداً عن شرقيته"..


شكل خرافي..
 لأساتذة الشريعة الإسلامية رأيهم في موضوع الوشم، حيث يؤكِّد بعضهم أنَّ الدين يحرِّم الوشم. يقولون: إنَّ التجميل أو الزينة بقصد الغش والتدليس، محرَّم شرعاً، بينما للأشخاص الذين يبغون من خلاله إزالة التشوّهات والتداوي فلا ضرر منه، وهو مشروع، مؤكِّدين أنَّ المجتمع العربي حالياً يواجه هجمة شرسة تستهدف تعطيل قواعد المعتقدات الاجتماعية عبر الوشم، حيث يعتقدون أنَّ رسوماته تمنع الحسد، زاعمين أنه يزيد الشعور بالثقة، وخرافات غيرها، إلى جانب أنَّ الوشم يشوِّه خلق الله، كما أنَّ الوشم انحراف فكري وسلوكي أصاب بعض الشباب، ويعود سبب الوشم، بأنواعه الغريبة، إلى انتشار الأمّية الدينية، لذا يجب توعية الشباب بخطورة ذلك، وأهمية الرجوع إلى منهج الإسلام القويم بغية تجنُّب معصية الله وإضرار أنفسهم..


بالصور: تاتو القدم ... صيحة جديده روجت لها الفناتات
بالصور.. مشاهير عالميون رسموا الأوشمة "التاتو" بالعربية