نقابة المهن التمثيلية تنعي فتيات حادث المنوفية (القصة)

  • تاريخ النشر: الأحد، 29 يونيو 2025
نقابة المهن التمثيلية تنعي فتيات حادث المنوفية (القصة)

تقدّمت نقابة المهن التمثيلية، برئاسة الدكتور أشرف زكي، بخالص التعازي والمواساة لأسر ضحايا حادث المنوفية المروع، الذي حصد أرواح 19 شخصًا بينهم 18 فتاة وسائق حافلة صغيرة كانت تقلّهن للعمل في مزارع العنب المخصصة للتصدير.

نعي نقابة المهن التمثيلية

وأكد بيان النقابة أن "زهورًا من بنات مصر رحلن قبل الأوان"، مُعربًا عن تضامن جموع فناني مصر مع أهالي قرية السنابسة بمركز منوف، الذين استيقظوا على كابوس حقيقي أودى بأرواح بناتهم أثناء رحلة البحث عن لقمة عيش كريمة.

فتيات الطريق الاقليمي

النجوم ينعون فتيات العنب

تحوّلت حسابات نجوم الفن في مصر إلى دفاتر عزاء مفتوحة، بعدما سارع عدد كبير من الفنانين إلى نعي الفتيات التسع عشرة اللاتي فقدن حياتهن في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، وهنّ عائدات من يوم عمل شاق في جني محصول العنب، مقابل أجر يومي لا يتجاوز 130 جنيهًا لتغطية نفقات الدراسة أو تجهيز بيوتهن المنتظرة.

وعبر حسابها على منصة "X"، شاركت الفنانة ياسمين صبري كلمات ودعاء جاء فيه: "لا حول ولا قوة إلا بالله.. حبيباتنا في الجنة ونعيمها إن شاء الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. ربنا يصبر الأهل والأحباب".

الفنان أحمد حلمي نشر رسالة مواساة عبر صفحته على "فيسبوك"، عبّر فيها عن صدمته قائلاً: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. خالص عزائي لكل أسر وأهالي ضحايا الطريق الإقليمي.. ربنا يصبركم ويقويكم.. ربنا يرحمهم.. خبر صادم ومؤسف وموجع جدًا".

بدورها نعت الفنانة دنيا سمير غانم الضحايا عبر حسابها في "إنستغرام"، وكتبت: "البقاء لله ضحايا حادث المنوفية.. ربنا يصبر أهلهم ويرحمهم برحمته الواسعة ويسكنهم فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون".

أما الفنان تامر حسني، فاختار أن يشارك جمهوره رسالة مؤثرة عبر خاصية القصص المصوّرة بحسابه في "إنستغرام"، قال فيها: "شهداء لقمة العيش.. 19 بنت راجعين من شغلهم اللي يوميته 130 جنيهًا عشان يساعدوا أهاليهم ويقفوا على رجليهم ويبدأوا حياتهم.. مع كل الحزن والألم يارب صبر أهاليهم.. أسألكم الدعاء لهم بالرحمة والفاتحة".

فتيات الغنب في مصر

"مشهد جنائزي" يلف قرية السنابسة

في شوارع قرية السنابسة، خيّم الصمت على البيوت، وبدت الدموع هي اللغة الوحيدة القادرة على وصف الوجع. أسرٌ ودّعت بناتها فجأة، وسط مشاهد جنازات جماعية تحفر في الذاكرة صورًا لن تُمحى بسهولة.

قصة هؤلاء الفتيات بدأت في الصباح الباكر ليوم الجمعة، حين استقلّت 22 فتاة سيارة أجرة يقودها شاب من أبناء قريتهن، متجهات إلى مزارع العنب. بين ضحكات خافتة وهمسات عن أجرٍ يومي بالكاد يغطي نفقاتهن، لم تتوقع أي منهن أن نهاية الطريق ستكون مأساوية.

"حبيبة" الناجية: "لقيت نفسي على الأسفلت"

وسط جثامين الضحايا وأصوات سيارات الإسعاف، كُتب لحبيبة الجيوشي النجاة. برغم جراحها، ظلت شاهدة على تفاصيل اللحظات الأخيرة: "مش فاكرة حاجة.. فوقت لقيت نفسي مرمية على الأسفلت"، قالتها وهي تتحسس أماكن الألم في جسدها، لكنها تعلم أن الألم الأكبر ليس كسور العظام بل فراق صديقاتها وقريباتها.

تؤكد حبيبة أن السيارة كانت محمّلة فوق طاقتها الاعتيادية: "كل كرسي عليه خمس بنات.. ما بين أربعة قاعدين والخامسة على رجل إحداهن".

رحلة العمل اليومية تحوّلت بلمح البصر إلى فصل مؤلم، بعدما اخترقت شاحنة نقل "تريلا" الحاجز الفاصل واصطدمت مباشرةً بحافلتهن.

تقصير وإهمال يطرقان أبواب المسؤولين

الكارثة لم تمر دون مساءلة. النيابة العامة حبست سائق الشاحنة المتسبب في الحادث بعد أن أثبت التحليل تعاطيه موادًا مخدرة وقت التصادم. في المقابل، ارتفعت أصوات برلمانية وإعلامية غاضبة، أبرزها النائب كريم طلعت السادات، الذي حمّل الطريق الإقليمي وسوء حالته مسؤولية الدماء المسكوبة.

النائب طالب بتحرك حكومي عاجل لإعادة تأهيل الطريق، ووضع مطبّات ولوحات إرشادية وكاميرات رصد لتفادي تكرار الكارثة. الإعلامية لميس الحديدي بدورها شددت على ضرورة المحاسبة قائلةً: "دم الغلابة مش هيروح هدر"، فيما أكّد عمرو أديب أن "هذه الأرواح ليست أرقامًا".

ضحايا المنوفية السنابسة

وزير النقل يعود على عجل

استشعارًا لحجم الغضب، قطع وزير النقل الفريق كامل الوزير زيارته الرسمية إلى تركيا، ليصل القاهرة فجراً ويبدأ جولة ميدانية للطريق الإقليمي، مُعلنًا عن خطة لتطويره وإزالة كل المعوقات التي تقتل الأبرياء بصمت.

في السياق نفسه، وجّهت الحكومة بزيادة التعويضات لأسر الضحايا لتبلغ 500 ألف جنيه لكل أسرة، و70 ألف جنيه للمصابين، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

رحلة أجر يومي انتهت برحيلٍ جماعي

بنات قرية السنابسة رحلن بحثًا عن أجرٍ قدره 180 جنيهًا يوميًا، لكن المقابل كان حياتهن. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يخطف فيها الطريق أرواحًا بريئة، لكنها مأساة كشفت بوضوح أن الإهمال أخطر من السرعة، وأن غضّ الطرف عن الرقابة أخطر من زحام المقاعد.

بين دموع الأمهات وصمت الآباء، تبقى الحكاية جرس إنذار، بأن عشرات الأرواح لا تزال مهددة ما لم تتحرك يد الإصلاح سريعًا.

جنازة فتيات المنوفية

وفي وداعهن، التفت القرية حول بعضها، تستمد قوتها من ألمٍ لن يُنسى. وما بين نعي نقابة الممثلين وأصوات الإعلام والغضب الشعبي، يبقى الأمل في أن تتحوّل هذه الأرواح الطاهرة إلى رمزٍ يوقظ الضمائر، حتى لا يتكرر المشهد على طريقٍ آخر.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار