آثار استخدام الوسائل التكنولوجية على الأطفال

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 14 ديسمبر 2022
آثار استخدام الوسائل التكنولوجية على الأطفال

مع بداية القرن الحالي والتطور التكنولوجي الهائل والمتسارع، ظهرت وسائل مختلفة تؤثر بقوة في تنشئة الطفل وتربيته، مثل: التلفزيون والهواتف الذكية والإنترنت ووسائل الاتصال والتواصل المتعددة وألعاب الفيديو، فأصبحت هذه الوسائل بمثابة معلمين جدد ينشأ معها أطفالنا، ومن الواضح أن هذا التطور المفاجئ المتسارع والمستمر أحدث فجوة زمنية كبيرة بين الطريقة التي تربينا عليها والطريقة التي يتربى عليها أولادنا، فالحقيقة أن طفل اليوم ينهل من هذه التكنولوجيا بكل ما تحتويه من سلبيات وإيجابيات، وفي هذا المقال نستعرض معاً أسباب انجذاب الأطفال للوسائل التكنولوجية الحديثة وسلبياته وإيجابياته ومخاطر إدمان التعرض لها.

لماذا ينجذب الأطفال إلى استخدام التقنيات الحديث

هناك عدة أسباب لانجذاب الأطفال إلى استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، من أهمها ما يأتي: [1]

الوسائل التكنولوجية صممت لتكون ملفتة

عند العمل على تصميم أي برنامج أو منتج تكنولوجي حديث، فإن الاعتبار الأول يعطى في هذه المرحلة لعناصر الجاذبية ولفت الانتباه إلى هذا المنتج، والهدف من ذلك تسهيل عملية تسويقه وتشجيع المستهلك على تجريبه.

فعند تصميم لعبة حديثة للأطفال؛ نرى أن المصممين يجرون العديد من الدراسات لاكتشاف أفضل الألوان والمؤثرات الصوتية وأكثرها جاذبية بالنسبة للمرحلة العمرية التي تصمم لها هذه اللعبة.

الوسائل التكنولوجية مليئة بوسائل التسلية

يلجأ بعض الأطفال لاستخدام الوسائل التكنولوجية بدافع التسلية، فبعض الأهالي يمنعون أولادهم من الذهاب للعب خارج المنزل، وهم بذلك يشجعون الأطفال على ملء أوقات فراغهم باستخدام هذه الوسائل.

سهولة استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة

وسائل التكنولوجيا سهلة الاستخدام، ويجد فيها الطفل ما يتناسب مع أفكاره ورغباته وخياله، وبالتالي يؤدي هذا لاندماجه فيها واستمتاعه بما تقدمه من برامج وألعاب.

ملء وقت الفراغ الكبير عند الأطفال

بعض الأطفال لديهم وقت فراغ كبير، ولا يجدون ما يفعلونه خلال يومهم ويشعرون بالملل، فلا يجدون طريقة للتسلية إلا وسائل التكنولوجيا المتعددة، كألعاب الفيديو والإنترنت أو التلفزيون والهواتف الذكية.

مخاطر إدمان الأطفال على الوسائل التكنولوجية الحديثة

لا تقتصر آثار إدمان الأطفال على استخدام وسائل التكنولوجيا في جانب محدد من حياة الطفل، إذ إن تأثير التكنولوجيا على الأطفال متعدد في جوانبه؛ فمنه المادي والاجتماعي والنفسي والصحي والتعليمي والتربوي، لكن يمكننا تقسيم هذه المخاطر والآثار إلى 3 مجموعات رئيسية، تتمثل فيما يأتي: [2]

الآثار الصحية لاستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة على الأطفال

1. زيادة معدلات السمنة بين الأطفال

في دراسة أمريكية جاءت ضمن بيان يحدد مجموعة من التوصيات حول آثار الإدمان على مشاهدة التلفاز من قبل الأطفال والمراهقين والتي وضعتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال.

تبين وجود علاقة بين إدمان الطفل على مشاهدة التلفزيون وإصابة الطفل بالبدانة وضعف في بعض عضلاته ومفاصله بسبب قلة الحركة، وهذا ينعكس على نشاطه ويسبب في كسله.

2. التأثير السلبي على صحة عيون الأطفال

كما أن التحديق المركز والمستمر في شاشات التلفاز أو الهاتف أو الكمبيوتر؛ وما يصدر عن هذه الأجهزة من أضواء مختلفة وألوان كثيرة بمستويات متباينة بين المعتم والناصع، يؤدي لإرهاق العين وقصورها الوظيفي مع الزمن.

3. التأثير على مهارات الطفل الحركية

 إضافة لذلك فإن استخدام الأطفال للأدوات والأجهزة التي تحتوي على أزرار سواءً في الألعاب أو وسائل الدردشة يكون له آثار ضارة على أصابعه ومهاراته الحركية.

4. التسبب في ضعف التركيز

قد يؤدي الجلوس الطويل أمام شاشات التلفزيون أو الكمبيوتر إلى ضعف التركيز بشكل عام بالإضافة لخلق شخصية عصبية متوترة تشعر بالاكتئاب، وهذا ما يفسر كثرة الشرود لدى بعض الأطفال وتعرضهم لاضطرابات النوم.

الآثار التربوية والتعليمية للوسائل التكنولوجية الحديثة على الأطفال

  • يعتبر تقصير الطفل في واجباته المدرسية، بسبب رغبته في اللعب أو مشاهدة التلفزيون أو استخدام الأطفال للإنترنت من أكثر المشاكل التي تواجه الوالدين بعد التقدم التكنولوجي الهائل في السنوات الأخيرة.
  • بعض المشاهد العنيفة التي يراها الطفل في برامج التلفزيون أو الألعاب قد تلقى إعجاباً لديه، وبالتالي يسعى لتقليدها، وهذا يؤدي إلى تكوّن شخصية عنيفة وعدوانية وربما خطرة في المستقبل عندما يكبر.
  • قد يتعلم الأطفال بعض القيم والأخلاقيات الخاطئة، سواء من البرامج التلفزيونية التي لا تتناسب مع سنهم، أو من مواقع الإنترنت وبعض وسائل التواصل التي لا تخضع لأي رقابة في ما تعرضه على الأطفال والمراهقين.
  • قد تصور بعض السلوكيات الخاطئة على أنها تصرفات بطولية تعجب الطفل وبالتالي قد يحاول الطفل تقليدها، فقد يخطط للسرقة بعد أن رأى شخصية تلفزيونية سارقة تتمتع بالذكاء والاحترام.
  • اعتماد الأطفال على التكنولوجيا الحديثة للقيام بواجباتهم المدرسة يضعف نمو مهاراتهم الذهنية، مثل: الاعتماد على الحاسبة الآلية للقيام ببعض العمليات الحسابية.
  • سهولة الوصول للمعلومة التي يريدها الطفل من خلال الإنترنت مثلاً يخلق لديه شخصية اتكالية لا تقدر أهمية العلم والدراسة والبحث.

الآثار الاجتماعية للوسائل التكنولوجية الحديثة على الأطفال

  • الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة كوسيلة تسلية من قبل الأطفال يقلل من الوقت الذي يقضيه الطفل باللعب مع الأطفال الآخرين؛ وبالتالي ضعف قدرته على تكوين علاقات الصداقة والمشاركة.
  • إدمان الطفل على ألعاب الفيديو أو مشاهدة التلفاز يقلل الوقت الذي يقضيه طفلك مع الأسرة، وبالتالي يؤدي ذلك إلى ضعف الروابط الأسرية مستقبلاً، وهذا ما يفسر حالات التفكك لدى بعض الأسر التي يرتفع لديها معدل استخدام التكنولوجيا.
  • العزلة الاجتماعية وعدم الرغبة بالاختلاط مع الآخرين، فالطفل يجد متعة أكبر في قضاء وقته مع جهاز اللاب توب أو التابلت وألعابه، فهو يملك مستوى أعلى من السيطرة على هذه الأجهزة وخيارات أوسع في نوع التسلية التي يريدها.

كيف يمكن الاستفادة من التقدم التكنولوجي في تربية الطفل

مع كل ما ذكر لا يمكن إغفال فوائد التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في تطوير مهارات طفلك وتوسيع مداركه ومعارفه، إذا ما استطعت توجيه استخدامه لها والتحكم بمحتوى ما تقدمه له من برامج وألعاب وتقنيات، فعن طريق هذه التقنيات يمكن أن يتعلم الطفل الآتي: [3]

تعلم الطفل البحث عن المعلومات

يتعلم طفلك كيف يبحث عن المعلومات التي يريدها بنفسه دون أن يحتاج لمساعدة أحد، فكل ما يحتاج معلومة جديدة حول أي شيء يمكنه إيجادها بسهولة عبر شبكة الإنترنت.

وصول الطفل لألعاب مسلية ومفيدة

كما يمكنك توسيع معارف وثقافة طفلك عن طريق بعض الألعاب التي تعتمد على فكرة الأسئلة والأجوبة للانتقال بين مراحلها المختلفة وإلى مستويات أعلى من خلال  الإجابة عن تلك الأسئلة، مثل البرنامج التلفزيوني من سيربح المليون، الذي أصبح على شكل تطبيق صالح للكمبيوتر أو الهواتف الذكية.

بعض الألعاب تنمي مواهب الطفل وقدراته

وهناك بعض ألعاب وبرامج الألغاز التي تساعد في تنمية مهارات التفكير المنهجي والتخطيط وحساب الاحتمالات وحل المشكلات لدى الأطفال مثل: لعبة التومبرايدر المعروفة التي تعتمد على حل الألغاز المصورة في بعض الحضارات القديمة كالحضارة الفرعونية مثلاً، وهذه اللعبة تنمي مهارة التفكير والتخطيط عند الأطفال.

ويمكنك توجيه طفلك ليتعلم استخدام برامج التصميم والرسم أو البرمجة، مثل: برامج تصميم المنازل أو الألعاب أو تعديل الصور على الفوتوشوب.

تعلم الطفل لغات جديدة من خلالها

توجد برامج وألعاب أو فيديوهات يمكن أن تساعد الطفل على تعلم اللغة مثلاً، مثل البرامج التي تحتوي على حروف أي لغة والكثير من الكلمات في استخدام هذه الحروف وطريقة لفظها وترجمتها.

فآثار التكنولوجيا الحديثة لا تقتصر على سلبيات وأضرار، إنما تحتوي هذه الآثار على فوائد أيضاً، ويعتمد أثر استخدامها السلبي أو الإيجابي؛ على طريقة تعاملنا معها ككبار، وتوجيهنا لأطفالنا إلى الطرق الصحيحة التي يمكن الاستفادة من خلالها من هذه التقنيات الحديثة.

الوقاية من إدمان الأطفال على استخدام الوسائل التكنولوجية

لا فائدة في منع طفلك من مشاهدة التلفزيون أو استخدام  الإنترنت أو ممارسة ألعاب الفيديو، فمن جهة أنت بهذه الحالة تمنعه من مواكبة التطور والحداثة، ومن جهة أخرى، فإن استخدامه لهذه الأدوات أمر محتوم وإن لم يكن الآن ففي وقت لاحق، وإن لم يكن أمامك سيلجأ لاستخدامها في السر والخفاء، فمن الأفضل أن توجه استخدامه لهذه الأجهزة وتراقب محتواها ويمكن أن يحدث ذلك من خلال اتباع ما يأتي: [1]

  • حاول أن تملأ فراغ طفلك بأنشطة مفيدة له، مثل: ممارسة الرياضة أو الرسم أو اللعب مع أقرانه؛ فمن خلال هذا يتناقص الوقت الذي يقضيه الطفل أمام التلفزيون أو الكمبيوتر من جهة، ويمارس أنشطة صحية تعوض الكسل الناتج عن استخدامها من جهة أخرى.
  • شجّع طفلك على اللعب مع أصدقائه في الحي أو المدرسة، للحفاظ على علاقاته ومهاراته الاجتماعية.
  • ساعد طفلك في استذكار دروسه وعمل واجباته المدرسية، كي لا  يضطر للجوء إلى التقنيات الحديثة لإتمامها.
  • وجّه طفلك إلى المواقع والبرامج التي يمكنه أن يجد فيها المتعة والمعرفة معاً.
  • نظّم أوقات طفلك وضع له مواعيد محددة لمشاهدة برامج التلفزيون أو ممارسة ألعاب الفيديو أو الدخول لشبكة الإنترنت وعوّده على الالتزام بها.
  • سن قوانين وأنظمة رقابية على المنتجات التكنولوجية؛ يراعى فيها ما يقدم للأطفال، خاصة في برامج التلفزيون ومواقع الإنترنت المخصصة للأطفال.
  • وضع سياسات تمنع الأطفال من الوصول لبعض البرامج والمواقع ذات المحتوى الذي لا يناسب سنهم.

من الضروري إعطاء إدمان الطفل على استخدام وسائل التكنولوجيا ما يستحقه من أهمية، لكن لا داعي للقلق الشديد، فالحياة تتطور وطفلك سيعيش حياة مختلفة عن التي عشتها أنت، لذلك يجب أن تعطيه فرصته ليجرب ويختبر ويتعلم من خلال هذه الوسائل مع مراعاة توخي الحذر وفرض الرقابة، لأنه يجب أن يتعرف على كل جديد، فبدلاً من منعه عنها تماماً، يمكنك أن تكون معه بكل خطوة، وحاول أن تكون صديقاً له يشجعه على التعلم ويبعده عن ارتكاب الأخطاء.

وبذلك نكون قد تناولنا التقدم والتطور التكنولوجي في السنوات الأخيرة وما صاحبه من آثار سلبية وإيجابية على الأطفال، فقد انعكس سلباً على صحة الأطفال وتعليمهم وتربيتهم وكذلك علاقاتهم الاجتماعية من جهة، وانعكس بشكل إيجابي على توسيع معارفهم وتنمية مهاراتهم ومعلوماتهم من جهة أخرى.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار