التقليد عند الأطفال بين المتعة والتعلم

  • تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
التقليد عند الأطفال بين المتعة والتعلم

الأطفال يلاحظون، ويجدون المتعة في تقليد ما يلاحظونه، ويتعلمون من خلال التقليد، إن كان لديك طفل فاعلم أن تصرفاتك مراقبة على مدار الساعة، وهي قيد التجريب والاختبار طوال الوقت، فالطفل في مرحلة من عمره يقلد كل شيء يحدث أمامه، كلامك وتصرفاتك وإيماءاتك وحركاتك، كذلك ردّات فعلك الخاطئ منها والصحيح كلها تحت المجهر،  إذ يرى الطفل في التقليد فضاءً واسعاً للتجربة والمتعة والاختبار والتعلم، وفي هذا المقال، نوضح لك أسباب التقليد عند الأطفال وأهميته ومدى تأثيره وطرق التعامل معه.

أسباب التقليد عند الأطفال

يرتبط التقليد عند الأطفال بعدة أمور منها؛ رغبة الطفل في الظهور بمظهر الكبار، والتعلم ممن حوله واكتساب الخبرات، والغيرة من الأقران، والبحث عن الشبيه وغيرها، وهناك العديد من الأسباب التي تدفع الطفل الصغير لتقليد من حوله، من ضمنها ما يأتي: [1]

  • ملاحظة الطفل لوجود صفات مشتركة بينه وبين من حوله قد تدفعه لتقليدهم.
  • قد يتخذ الطفل التقليد وسيلة للمتعة واللعب والتسلية والتجريب.
  • قد يكون حب الطفل لوالديه أو أقرانه أو الشخصيات المؤثرة فيه الدافع وراء تقليده لهم.
  • تعد رغبة الطفل في لفت الانتباه أو إضحاك الآخرين أحد أسباب التقليد عند الأطفال.
  • تعتبر رغبة الطفل في التشبه بالصفات البطولية للشخصيات الكرتونية من أسباب التقليد عند الأطفال.
  • قد يكون رفض الطفل لبعض السلوكيات السلبية التي يقع فيها من حوله ورغبته في السخرية منهم أحد أسباب التقليد عند الأطفال.

أهمية التقليد عند الأطفال

يعتقد الأب والأم عادةً أن طفلهما عندما يقلد من حوله، فهو يحاول الحصول على المتعة والتسلية وهذا ما لا يمكن نفيه، ولكن خلال تقليده أيضاً يشبع فضوله ويجرب ما يلفت انتباهه، ويختبر العديد من المواقف والسلوكيات التي يلاحظها على الكبار أو في التلفزيون أو من بعض الأقران. [2]

ومن هنا يظهر لنا مدى تأثير التقليد على الأطفال بل ويساهم في بناء شخصية الطفل ويكسبه العديد من الخبرات، فبالتقليد يتعلم الطفل العديد من الأمور مثل ما يأتي: [2]

  • حسب بعض الدراسات، يتعلم الطفل الدور الجنسي وكيف يميز نفسه كذكر أو أنثى عن طريق التقليد، ويحدث هذا عندما تقلدك طفلتك وتجد معك نقاطاً مشتركة عديدة، أو عندما ترى أيها الأب أن طفلك يحاول محاكاة تصرفاتك وشخصيتك ليبدو كنسخة مصغرة منك.
  • يفيد التقليد عند الأطفال في تشكيل شخصية الطفل وإعطائه الشعور بالاستقلالية، فهو من خلال ملاحظة مواقف وآراء الآخرين، خاصة من يحبهم، يتعلم كيف يتصرف في مواقف معينة، وكيف يتخذ موقفاً تجاه أمر ما، ويكّون وجهة نظر حول موضوع معين.
  • يتعلم الطفل السلوكيات والتصرفات وردود الفعل تجاه المواقف المختلفة من خلال التقليد.
  • التقليد يساعد الطفل على تعلم الكلام واللغة؛ ليس فقط عندما يقلدك في طريقة الكلام، بل حتى عندما تقلده أنت، فبهذه الطريقة أنت تحثه وتحمّسه على تقليد الطريقة الصحيحة للكلام، وهكذا يتعلم اللغة واستخداماتها، فهو هنا يتعلم استخدام الضمائر في مكانها الصحيح عن طريق التقليد، ففي البداية يشير لنفسه بضمير الغائب أو ينطق اسمه فيقول مثلاً: (فلان يريد كذا مشيراً إلى نفسه) ثم يتعلم أن يقول (أنا أريد) ويفرّق بين نفسه والآخرين، وفي المرحلة التالية يتعرف على الفرق بين الذكر والأنثى في اللغة، ويبدأ باستخدام الضمائر (هي أو هو).

أضرار التقليد عند الأطفال

كل تصرفات الأطفال لها الهدف نفسه؛ التعلّم والتجربة، ولكن كل هذه التصرفات تحمل وجهاً آخر وهو الوجه السيئ، لذلك، وجب علينا معرفة السلبيات والمخاطر التي يمكن أن تحدث نتيجة لتقليد الأطفال لما يلاحظونه، وكيف يمكن تفاديها: [3]

  • قد تقترب الطفلة من الفرن أو الغاز وهي تحاول تقليد والدتها في الطبخ، يمكن تفادي هذه المشكلة من خلال تأمين كل مصادر الخطر في المنزل، مثل: فصل الكهرباء عن الأجهزة عند الانتهاء من استعمالها أو إغلاق إسطوانة الغاز، فإن كان لديك أطفال في منزلك يجب عليك تأمين كل مرافقه.
  • قد يسرق الطفل في مرحلة طفولته المتأخرة مفتاح السيارة ويحاول تشغيلها؛ وهنا من الأفضل أن تتحدث مع الطفل وتقنعه بمدى خطورة هذا الأمر، وإن لم يجدِ الكلام نفعاً، فيمكن مثلاً: وضع مفتاح مزيف أمامه وإبعاد المفتاح الحقيقي عنه، لأنك إذا أخفيت المفتاح فقط، فإن الطفل سيبحث عنه ويتفنن في إيجاده ليجد المتعة في الانتصار والحصول عليه، وهنا سيتعلم سلوك السرقة.
  • قد يكتسب الطفل سلوكاً عدوانياً لاحظه على والده أو إحدى الشخصيات التي أعجب بها في التلفزيون أو من أقرانه، ما يدفعه لتجريبها، وهذا يفسر نوبات الغضب التي تنتابه عندما يحول الوالدان دون تحقيقه لما يريد، فإذا استجبت له في هذه الحالة، فإنك تعلمه أن يكرر هذا السلوك دائماً فهو سيرى أنها طريقة مجدية لفرض قوته في الوصول على ما يريد.
  • قد يتعلم الطفل قيماً خاطئة عن طريق التقليد، كأن يرمي المهملات على أرضية المنزل تقليداً لما لاحظه على أحد والديه، وهنا يجب علينا مراعاة التصرف بشكل صحيح في العديد من الأمور، فنحن مُراقبون دائماً وهناك من يتعلم من تصرفاتنا.
  • القيام بتصرفات معينة أو التدخل في أحاديث قد لا تناسب سنه أمام الغرباء؛ ما قد يسبب إحراجاً للوالدين في كثير من الأحيان.

إن كل ما سبق يدفعنا للانتباه جداً لتصرفاتنا ومراعاة وجود أطفالنا ومراقبتهم لنا، لذا من المهم أن تكون قدوة جيدة لطفلك الصغير.

نصائح للتعامل مع التقليد عند الأطفال

من شابه أباه فما ظلم، فمن الطبيعي أن يحاول أطفالنا تقليد معظم تصرفاتنا، ربما بعضنا يُعجب بذلك، وقد يجده البعض الآخر أمراً مزعجاً، وفي الحالتين لا فائدة من منعه، وعوضاً عن ذلك حاول توجيه طفلك بطريقة إيجابية، ويمكنك اتباع النصائح الآتية: [4]

  • إذا كنت لا ترغب أن يقلد طفلك أحد سلوكياتك أو تصرفاتك، حاول ألا تريه تصرفك هذا، ويمكنك تأجيله لوقت لاحق بدلاً من منعه أو عقابه.
  • هناك العديد من الأمور التي نفعلها يومياً كالتدخين أو الصراخ بصوت مرتفع أو بعض التصرفات العنيفة عندما تجتاحنا نوبات غضب، كل ذلك يعتبر أمثلة خاطئة قد يلاحظها الطفل علينا ويجدها جذابة للتجريب، وبالتالي يجب علينا كبالغين مراجعة تصرفاتنا أمام الطفل لضمان عدم وقوعه في مثل هذه الأخطاء.
  • على الجانب الآخر، هناك مجموعة من السلوكيات التي يجب أن يتعلمها الطفل كالعناية بالأسنان والترتيب والنظافة واللباقة في الحديث والعديد من الصفات والتصرفات المحمودة؛ فلنكثر من القيام بهذه التصرفات أمام أطفالنا حتى يقلدوها، مع تعزيز هذا السلوك الإيجابي لديهم من خلال المكافأة دون أن نقدمها له على أنها رشوة، كي لا نخلق منه شخصية مادية انتهازية.

وبذلك نكون قد أوضحنا أسباب التقليد عند الأطفال ومدى أهميته وتأثيره على الطفل، فمن جانب يمكن اعتباره وسيلة تعليمية؛ يكتسب من خلاله الطفل العديد من الخبرات والمعارف، ومن جانب آخر، يعد التقليد مصدراً للخطر والإزعاج وتعلم السلوكيات الخاطئة، نود التأكيد على أهمية اتباع الوالدين للنصائح التي ذكرناها من خلال توجيه هذا السلوك وتحويله من لعبة إلى نهج تربوي تعليمي يمكن من خلاله نقل الكثير من المعارف إلى الطفل.