الغيرة عند الأطفال أعراضها وطرق التعامل معها

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
الغيرة عند الأطفال أعراضها وطرق التعامل معها

يرغب الأطفال عادةً بأن يتعامل معهم الآخرون على أنهم محور الحياة، وأن يتركز حولهم كل ما فيها من حب أو اهتمام؛ لا يرغبون فقط بل ويشعرون بحقيقة هذه الفكرة أيضاً، فيتعلقون بها ويقومون بكل ما من شأنه الحفاظ على قيمتهم لدى الآخرين، وعندما يأتي أحد أو شيء ما ويأخذ منهم هذه الميزة لسبب أو آخر من الطبيعي أن ينزعجوا ويشعروا بالغيرة، ربما يصل بهم الأمر، أن ينتفضوا غضباً في محاولة لاسترداد مكانتهم المفقودة والدفاع عنها، وفي هذا المقال نوضح لك أعراض الغيرة عند الأطفال وأسبابها وأنواعها وطرق علاجها.

مشكلة الغيرة عند الأطفال

يمكن أن نعرّف الغيرة عند الأطفال على أنها انفعال أو شعور سلبي تجاه أمر أو شخص معين، ويتميز هذا الشعور بالنظرة السلبية نحو الذات والآخرين؛ فينظر الطفل لذاته على أنه أقل شأناً وحظاً من أقرانه، وينظر للآخرين على أنهم يملكون الكثير من الأشياء التي يفتقدها في شخصه أو أسرته أو قدراته أو ممتلكاته.

وتقوم الغيرة على مجموعة من مشاعر الغضب والأنانية والحسد والتوتر الدائم، وعادةً ما يحدث هذا الانفعال عند ملاحظة الطفل أن الشخص الذي يغار منه يتمتع بأشياء ومميزات هو لا يملكها ويفتقدها.

ومن هنا، فإن شعور الغيرة قد يؤدي إلى الغضب، وربما بعض التصرفات العدوانية أو كبت مشاعر الحقد والكراهية في بعض الأحيان تجاه مسبب الغيرة، هذا بالإضافة إلى أن الطفل الغيور يشعر بالنقص عن الآخرين وقد يفقد جزءاً من ثقته بنفسه.

أعراض الغيرة عند الأطفال

الغيرة هي انفعال طبيعي موجود لدى كل البشر صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، فمن لا يشعر بهذه الغيرة يمكن أن يوصف بأنه مريض ولديه برود في مشاعره، ولكن يبقى هذا الانفعال طبيعياً طالما كانت التصرفات التي يعبر عنه من خلالها طبيعية، ولكن عندما يصبح التعبير عن هذه المشاعر زائداً عن حده ومبالغ فيه ويأخذ أشكالاً مؤذية للذات والآخرين، يمكننا هنا تسمية هذا الانفعال بالغيرة المرضية (بالإنجليزية: Pathological Jealousy).

ومن هنا يمكن تصنيف أعراض الغيرة إلى نوعين؛ الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية، وسنتناولهما بالتفصيل فيما يأتي:

الغيرة الطبيعية

  • الانزعاج في حال حضور من يغار منهم الطفل، فالطفل الذي يغار من المولود الجديد سيشعر بالانزعاج، كلما رآه في أحضان والديه ويهتمان به.
  • الحسد والحزن والاكتئاب لفترة ودرجة محدودة، ويحدث ذلك إذا استمر الطفل بالتفكير في الموقف الذي أدى لشعوره بالغيرة باستمرار كحال التلميذ الذي يغار من زميله المتفوق.
  • محاولات إثبات الذات، من خلال تطوير القدرات وزيادة الرغبة في المنافسة بهدف التفوق على الشخص الذي يغار منه.
  • محاولات التقليل من قدرات ومميزات الشخص الذي يغار منه، كالتربص بأخطائه، فعندما يخطئ الزميل المتفوق في الدراسة مثلاً في حل أحد التمارين في المدرسة، تجد الطفل الذي يغار منه يبالغ بالسخرية منه وتحجيم قدراته.
  • الكذب بدافع إظهار قدرات وإمكانيات غير محدودة وغير واقعية، كالأطفال الذين يكذبون على أصدقائهم حول المركز الذي يتمتع به والداهم، أو الألعاب والملابس التي يملكونها وهذا ما يسمى بالكذب الادعائي.
  • الطفل الغيور يحاول لفت الانتباه إليه بشكل دائم، كالحديث بصوت مرتفع أو إثارة المشاكل باستمرار والشجار مع الزملاء والأقران والأخوة.

الغيرة المرضية

  • تصرفات تعبر عن النكوص، وذلك مثل: مص الأصابع، وقضم الأظافر، والتبول اللاإرادي.
  • الاعتداء على الشخص الذي يغار منه، فالطفل الذي يشعر بغيرة كبيرة من المولود الجديد؛ قد يحاول إيذاءه كأن يقرصه أو يعضه أو يضربه في حال غياب الوالدين.
  • الاستسلام لنوبات الغضب الحادة لأتفه الأسباب.
  • السرقة، مثل سرقة ممتلكات زميل المدرسة المتفوق حتى يزعجه أو سرقة النقود من الوالدين، كي يصرفها أمام الأطفال الذين يغار منهم، لتعويض شعوره بالنقص والدونية.
  • إضمار مشاعر الحقد والكراهية، وهذا يفسر الدخول في منافسات ومشاحنات كلامية مبالغ فيها مع الشخص الذي يغار منه ومعارضته في كل شيء دون وجود أسباب أو حجج مقنعة.

أسباب الغيرة عند الأطفال

عند الحديث عن الأسباب التي تدفع الطفل نحو سلوك الغيرة، لا يمكن تحديد سبب بيولوجي أو نفسي أو اجتماعي نفسر من خلاله شعور الغيرة عند الأطفال، إذ إن أسباب الغيرة متغيرة بحسب الموقف أو العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر في طريقة التعبير عنها، لذلك يمكننا تصنيف أسباب الشعور بالغيرة عند الأطفال إلى نوعين، وهما كالآتي:

أسباب تتعلق بالطفل نفسه

  • الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس، وهذا ما يدفع الكثير من الأطفال للغيرة من كل المحيطين بهم من أطفال آخرين وكبار أيضاً.
  • الخوف من فقدان المكانة في المجتمع المحيط به، فالطفل اعتاد أن يتمتع بمكانة ومميزات معينة، وعند شعوره بأن هناك شيئاً ما سيهدد مكانته من الطبيعي أن يشعر بالغيرة والانزعاج.
  • شدة الأنانية عند بعض الأطفال وحب التملك والاستئثار بالرعاية والاهتمام؛ فالكثير من الأطفال يرغبون بأن يكونوا محور اهتمام ومديح وإطراء الجميع ولا يريدون أن يروا غيرهم يتمتع بهذه المميزات.

أسباب تتعلق بالبيئة الخارجية

  • قدوم مولود جديد إلى الأسرة.
  • ظروف الأسرة الاقتصادية، فبعض الأسر لا تستطيع تأمين الكثير من احتياجات طفلها بينما يلاحظ الطفل وجود ما ينقصه عند رفاقه وزملائه فيشعر بالغيرة.
  • تفضيل بعض الأطفال على الآخرين، مثل تفضيل الذكور على الإناث أو العكس أو تفضيل الابن الأكبر أو الأصغر.
  • مقارنة الطفل بأطفال آخرين، إذ يقع بعض الآباء والأمهات في هذا الخطأ اعتقاداً منهم أن هذه المقارنة ستحفز الطفل على المنافسة والتقليد، ولكن هذه المقارنة كثيراً ما تأتي بنتائج عكسية على شخصية الطفل وثقته بنفسه.
  • كثرة الحديث عن أحد الأطفال وتوجيه المديح له.

أنواع الغيرة عند الأطفال

تتنوع المواقف التي يشعر فيها الأطفال بالغيرة بتنوع الأسباب التي تؤدي لهذا الانفعال، فهناك الغيرة التي تتعلق بالعواطف أو الممتلكات أو الإمكانيات، كما يوجد من أنواع الغيرة ما يتعلق بالأهمية والرغبة في إثبات الذات، وبذلك يمكننا تحديد أنواع الغيرة عند الأطفال، وهي كما يأتي:

  • الغيرة من المولود الجديد: وهذا النوع يعتبر الأكثر شيوعاً بين الأطفال، حيث يلاحظ الطفل أنه بدأ يخسر عناية والديه لصالح الطفل المولود، وبالتالي يعتقد أنه فقد حبهما أيضاً.
  • الغيرة من الزملاء الذين يتفوقون في التحصيل الدراسي: ويتمتعون بالاهتمام من قبل المعلمين والوالدين.
  • غيرة الإناث من الذكور: فالكثير من الأسر، خاصة في المجتمعات النامية تفرق بين أطفالها على أساس الجنس، وهذه المسألة تؤدي إلى غيرة الإناث من الذكور، وبالتالي حدوث العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية.
  • غيرة الأخوة من الأخ المدلل: لأي سبب (المريض أو الأصغر سناً أو الأكبر، الذكر الوحيد أو الأنثى الوحيدة).
  • غيرة الطفل من أحد أقرانه أصدقاء اللعب أو زملاء الدراسة أو الأقرباء: بسبب تمتعه باهتمام أكبر من قبل الكبار أو لامتلاكه الألعاب أو الملابس والكثير من الأغراض الأخرى.
  • غيرة الطفل عند ملاحظة أن والديهم يهتمون بطفل غريب: سواء كان من الأقرباء أو الجيران أو من أبناء الأصدقاء.
  • غيرة الطفل الذكر من والده أو الأنثى من أمها: وهذا ما تحدث عنه عالم النفس المعروف سيغموند فرويد في إطار نظريته عن عقدتي أوديب وألكيترا النفسيتين، فالطفل يغار من والده عندما يلاحظ توجه اهتمام والدته نحو الوالد؛ وبنفس الطريقة تشعر الطفلة بالغيرة من أمها لأن والدها يهتم بالأم وتشعر بأن هذا الاهتمام من حقها.

علاج الغيرة عند الأطفال

ينزعج كثير من الآباء والأمهات من شعور الغيرة لدى أطفالهم، ولكن عندما تمعن النظر في أسبابها، يمكنك ملاحظة أن الأهل في بعض تصرفاتهم أو الكثير منها هم أنفسهم من يغذون هذا الشعور لديهم، لذلك عندما ترغب بمواجهة مشكلة الغيرة عند طفلك ما عليك سوى التعامل بصبر معه، ومن ثم اتباع مجموعة من الخطوات الوقائية، التي نذكر بعضها فيما يأتي:

  • حاول تعزيز ثقة طفلك بنفسه ومساعدته على تطوير قدراته وتنمية شخصيته، كي يتمكن من التفوق على من يغار منهم.
  • تجنب مقارنة طفلك بالأطفال الآخرين والتقليل من إمكانيته وإعلاء شأن إمكانياتهم بهدف تحفيزه على تقليدهم والاقتداء بهم، فهذه المسألة تعتبر من أكثر الأشياء التي تزعج الأطفال وتشعرهم بالنقص والغيرة.
  • لا تؤنب طفلك أمام الأطفال الآخرين، خاصة إذا كان يغار منهم؛ فهذا سوف يشعر الطفل بالخجل ويزعزع ثقته بنفسه، ويجعله يعتقد أنه أقل شأناً منهم، وربما يعتقد أنهم يسخرون منه.
  • اغرس في طفلك قيمة القناعة والرضا عن النفس، فالكثير من الأسر ذات الإمكانيات الاقتصادية المحدودة لا تستطيع أن تؤمن لطفلها الكثير من الألعاب والأغراض، التي يراها عند أصدقائه وأقرانه، ولا يمكن مواجهة هذه المسألة إلا من خلال تعليمه بأن القناعة كنز لا يفنى وتعويده على الرضا بالحال.
  • ازرع في طفلك روح المنافسة، ولكن عند تعرضه للفشل يجب أن تعلمه تقبل ذلك بصدر رحب وروح معنوية عالية، إذ إن هناك دائماً فرصة أخرى للنجاح ويجب عدم الشعور باليأس.
  • حاول أن تشعر طفلك بأهميته وأنه مقبول لدى الجميع، كما ينبغي أن تشعره بأن الآخرين ليسوا أفضل منه، فالأفراد يختلفون في قدراتهم فما ينقصه من الطبيعي أن يكون موجوداً لدى غيره، ولكن من جهة أخرى فما هو موجود لديه ينقص الكثيرين غيره.
  • حاول أن تشيع أجواء العدالة والمساواة بين الأطفال في المنزل أو المدرسة، وعدم تمييز أحد عن الآخر في المعاملة أو في الحقوق والواجبات.
  • لا تؤنب طفلك أو تتعامل معه بقسوة لأنه يشعر بالغيرة من المولود الجديد؛ بل يجب أن تشعره بأن أخاه الأصغر سناً هو مسؤوليته ويتوجب عليه رعايته والاهتمام به، كما يجب ألا تشعره بأنه فقد قيمته بعد قدوم المولود الجديد إلى الأسرة، وحاول أن تشرح له أن هذا المولود هو طفل ضعيف ويحتاج إلى العناية، وهذه المسألة لن تؤثر على مكانته لديهم.
  • لا تدلل طفلك بشكل مبالغ فيه وعوّده على أن كل شيء له ومن حقه، وأن عليه واجبات ومسؤوليات يجب أن يلتزم بها.

وبذلك نكون قد أوضحنا ماهية شعور الغيرة عند الأطفال وأعراضه وأسبابه وأنواع الغيرة وكيفية علاج الغيرة عند الأطفال، فاحرص على غرس الثقة في نفس طفلك، ولا تقارنه بمن حوله مهما كانت الظروف، وأشعره بأهميته لديك، وابتعد كل البُعد عن تدليل طفلك بشكل مبالغ فيه.