حِجَّة الوداع

في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة في 9 من ذي الحجة قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإلقاء خطبة وكانت الأخيرة للرسول عليه الصلاة والسلام قبل وفاته.

حِجَّة الوداع

انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في آخر خمسة أيامٍ من ذي القعدة إلى مكةَ قاصداً الحج، فلما عَلِمَ الناس بذلك ارتحلوا من كل حدبٍ وصوب ليلحقوا به عليه الصلاة والسلام، وليكسبوا أجر الحج معه، فكان العدد هائلاً لم يُرى مثله من قبل، فقد قيل أنه كان مع النبيِّ عليه الصلاة والسلام في تلك الحِجَّة أكثر من 100 ألف حاج، فوصلوا مكةَ في صباح اليوم الرابع من شهر ذي الحِجَّة، فدخل النبيُّ عليه الصلاة والسلام المسجد، وطاف به، ثم صلى ركعتين، ثم سعى بين الصَّفى والمروة، وأكمل مناسكه حتى جاء يوم عرفة، وقف في عرفة وخطب خطبته المشهورة التي قال فيها: إن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم كَحُرْمَة يومكم هذا في شَهرِكم هذا في بَلَدِكُم هذا، ألا كل شيء من أَمْرِ الجاهلية تَحْتَ قَدَمِي مَوضوع، ودِماء الجاهلية موضوعة، وإنَّ أوَّلَ دمٍ أَضَعُ مِنْ دِمائنا، دَمُ ابن ربيعة بن الحارث، كان مُسْتَرضعاً في بني سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْل، ورِبَا الجاهلية موضوع، وأول رِبَا أَضَعُ رِبَانَا، رِبَا عباس بن عبد المطلب فإنَّه موضوع كُلُّه، فاتقوا الله في النساء فإنَّكُم أخذتموهُنَّ بأمانِ الله، واسْتَحْلَلْتُم فُرُوجَهُنَّ بكلمة الله، ولكم عليهنَّ أن لا يُوْطِئْنَ فُرُشَكُم أحداً تكرهونه، فإن فعلنَ ذلك فاضربوهنَّ ضَرْباً غير مُبْرِح، ولهنَّ عليكم رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف، وقد تركتُ فيكم ما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تَسأَلون عنِّي فَما أنتم قائلون؟» قالوا: نَشْهَدُ أنَّك قد بَلَّغْت وأدَّيتَ ونَصحتَ، فقال بإصبعه السَّبَّابة يَرفعُها إلى السماء ويَنْكُتُها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات.
وكان النبيُّ من حينٍ إلى آخر يقول لأصحابه، خذوا عني سُنَّتي، فلعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا، وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أنَّ أجله قد قَرُب، فكان حريصاً على تعليم الناس أمور دينهم، وقد نزلت في يوم عرفة آياتٌ يُخبر بها الله نبيَّه والمؤمنين أن هذا الدين قد اكتمل، ثم بعد الانتهاء من مناسك الحجِّ رجع النبي ومن معه من أصحابه إلى المدينة.