أنا وأبي وفطيرة البطاطا المحروقة.... والسعادة!

  • تاريخ النشر: السبت، 04 يوليو 2015 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
أنا وأبي وفطيرة البطاطا المحروقة.... والسعادة!
في الحياة مواقف ولحظات كثيرة مرت إلا أنها بقيت راسخة في ذاكرتنا وتركت أثراً كبيراً في قلوبنا، مواقف صغيرة ربما ولكنها قد علمتنا قيماً كبيرة أصبحت قواعداً نتبعها في حياتنا المقبلة.
 
إحدى هذه المواقف والتي حدثت في طفولتي، جعلتني أتعلم كيف أن علي تقبل أخطاء وهفوات الآخرين دون أن أغضب منهم أو ألومهم. ذلك أنني إنسان غير كامل مثلهم، ويمكن أن أخطئ أيضاً.
 
ففي مساء أحد الأيام، جلسنا على طاولة الطعام لتناول العشاء الذي حضرته لنا أمي الحبيبة بعد يوم شاق وطويل من العمل.
 
وكانت أمي قد حضرت لنا مجموعة من الأطباق الشهية، البيض، والنقانق، وفطيرة البطاطا الطبق المفضل لدى والدي.
 
إلا أنني لاحظت بأن فطيرة البطاطا التي وضعتها أمي أمام أبي كانت محروقة بعض الشيء. وبعيني وقلب طفل انتظرت لأرى إن كان أحد غيري قد لاحظ الأمر.
 
كان أبي يتناول طعامه بشكل طبيعي ويبتسم لأمي معبراً عن امتنانه لها، ثم التفت إلي وسألني كيف قضيت يومي في المدرسة. ولم أعد أذكر بماذا أجبته حينها فقد كنت مشغولاً تماماً بمراقبته باستغراب شديد كيف كان يتناول طعامه ويتلذذ مع كل قضمة.
 
عندما اتنهيت من تناول الطعام في ذلك المساء، وغادرت الطاولة..سمعت أمي وقد كانت تعتذر لأبي عن حرقها لفطيرته المفضلة، ولن أنسى أبداً ما قاله لها : "حبيبتي ، لا تعتذري فأنا أحبها محروقة بعض الشيء وقد كانت لذيذة جداً."
 
في وقت لاحق من تلك الليلة وقبل أن أخلد إلى النوم، ذهبت لأقبل أبي وأتمنى له  ليلة سعيدة. وسألته عما كان يشغلني و إذا ما كان يحب حقاً فطيرة البطاطا المحروقة؟
 
ضمني والدي  بين ذراعيه، وقال: " يابني أمك عملت كثيراً اليوم وقد تعبت بالفعل لتحضر لنا هذا الطعام. وبالإضافة إلى ذلك فإن حرق الفطيرة قليلاً لا يؤذي أحدا "!
ثم أضاف: اسمع يابني إن الحياة مليئة بالأشياء غير الكاملة، ولا يوجد على وجه هذه الأرض إنسانٌ كامل. و أنا لست الأفضل إطلاقاً، فأنا أيضاً أخطئ وقد أنسى أعياد الميلاد والذكريات السنوية الهامة تماماً مثل أي شخص آخر. ولكن الأمر الذي تعلمته على مر السنين هو كيف أتقبل من أحبهم بكل ما فيهم، وكيف أتقبل أخطاء الآخرين واحترم اختلافاتهم وهذا هو أحد أهم  الأسرار لخلق بيئة صحية وبناء علاقات دائمة بينك وبين من حولك عمادها الحب والاحترام والقبول والرضا!
 
السعادة الحقيقية لا تنبع من تناول فطيرة بطاطا شهية، وإنما من تقبل الآخر بحب عندما يقدم لك فطيرة محروقة!
 
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار