ما الهرم الغذائي وما فائدته

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 07 مارس 2023
ما الهرم الغذائي وما فائدته

جميعنا يرغب في تنظيم حياته صحيّاً بشكل مثالي، أو إعادتها إلى المسار الصحيح عند انحرافها لسبب أو لآخر، ولعل الخطوة الأولى في هذا الطريق هي وضع نظام غذائي منسق متوازن، لأن الغذاء الصحي هو حجر الأساس لحياة صحية سليمة، في هذا المقال سوف نتحدث عن الهرم الغذائي والإيجابيات والسلبيات عند اتباعه.

ما الهرم الغذائي ومم يتكون
الهرم الغذائي الأول الصادر عام 1992

لا يوجد تعريف موحد للنظام الغذائي الصحي كي يتبعه الجميع، وجدت عدة أشكال من المخططات الغذائية العامة في العالم منذ سبعينيات القرن العشرين، لكن أبرزها هو الهرم الغذائي (Food Pyramid) الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية (United States Department of Agriculture) أو اختصاراً (USDA) عام 1992، وهو الظاهر في الشكل السابق.

يحتوي هذا الهرم على مجموعات الغذاء المختلفة، متدرجة من الأسفل نحو الأعلى بحسب أهميتها في الغذاء اليومي والكمية الواجب تناولها يوميًّا كحد أدنى، أي يجب تناول كميات أكبر أو يحتاج الجسم لكميات أكبر من الأغذية الواقعة في قاع الهرم، لنتعرف بالتفصيل على كل من المجموعات الغذائية:

مجموعة الكربوهيدرات

تعد الكربوهيدرات أو النشويات هي المجموعة الكبرى، التي تشكل قاعدة هذا الهرم، هي كالخبز، الأرز والمعكرونة، وينصح بـ 6-11 حصة يومية من هذه الأغذية؛ مما أحدث ضجة كبيرة وردة فعلية عكسية تجاه هذا المخطط من قبل أخصائيي الغذاء، الذين أثار حفيظتهم عدد الحصص الكبيرة، واعتبروه مسؤولاً بشكل كبير عن انتشار البدانة بشكل مفرط في الولايات المتحدة، واتهموا وزارة الزراعة التي أصدرت المخطط، بالرشوة والانصياع لصانعي منتجات المعجنات والألبان، وزيادة حصصهم على حساب الخضار والفواكه التي كان من المفترض أن تشكل قاعدة الهرم.

مجموعة الخضار والفواكه

وهو المستوى الثاني، هنا يجب أن نفرق من الناحية الغذائية بين الخضار والفاكهة:

  • فالخضار هي الجزء من النبات الصالح للاستهلاك البشري ويملك قيمة غذائية، تتميز الخضار بطعم مقبول، إلا أنه ليس حلواً كالفاكهة، وينصح بكمية يومية تقدر بـ 3-5 حصص.
  • أما الفاكهة، فتعرف من الناحية الغذائية على أنها الجزء النباتي الحلو الذي يحمل البذور (وقد لا تحمل بذوراً في أحيان أخرى كالموز لأنه نتيجة اصطفاء صناعي عُدل وراثيّاً عبر عدة أجيال)، وينصح بتناول 2-4 حصص يومية.

مجموعة مشتقات الألبان والبروتينات

كما نرى في المخطط، يقسم هذا المستوى كسابقه إلى قسمين:

  • على اليسار يوجد قسم الألبان الذي يحوي الحليب، اللبن (الزبادي)، والجبنة كمثال، وتم تحديد 2-3 حصص يومية كعدد مثالي من هذه المجموعة الغذائية.
  • على اليمين نرى قسم البروتينات الحيوانية والنباتية، وذكرت في الرسم اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك، إضافة إلى البيض والبقوليات وبعض أنواع المكسرات، وينصح بتناول 2-3 حصص أيضاً من هذه المجموعة يوميّاً.

الدهون والزيوت والمحليات

وضعت هذه في قمة الهرم الغذائي للدلالة على قلة الكمية التي ينبغي علينا تناولها من هذه المواد الغذائية، أي بعبارة أخرى: علينا تجنب استهلاك هذه المواد الغذائية قدر الإمكان. [1]

إيجابيات أسلوب الهرم الغذائي

كان الهدف الأساسي من وضع مخطط الهرم الغذائي هو الوصول إلى حمية يومية مثالية تقريباً وبتعليمات سهلة الاتباع، وإيصالها إلى أكبر شريحة ممكنة من الأشخاص، لكن لعل ذلك أوقعهم في فخ التعميم المفرط، سنناقش الآن بعض الإيجابيات والسلبيات في مخطط الهرم الغذائي، وأهم هذه الإيجابيات:

  • إظهار التنوع وتوسيع الخيارات: إذ أكد نظام هرم الغذاء على أهمية النظام الغذائي المتوازن المتنوع عن طريق توزيع الأغذية في عدة مجموعات، ووضع عدد من الأمثلة على كل مجموعة مما يشجع على تنويع مصادر الحصول على الحد الأدنى من كل مجموعة غذائية.
  • وضع الحدود: ما يميز الشكل الهرمي عن غيره هو الفرق الواضح بين قاعدة الهرم وقمته، فهو يضع في القمة الأغذية الضارة والتي يجب الابتعاد عنها كالشحوم والزيوت، ومع أن بعض الزيوت النباتية غير المشبعة مفيدة جدّاً للوقاية من تصلب الشرايين وتثبيت الكوليسترول في الحدود الطبيعية، إلا أنه من الأفضل دوماً نصح الناس بالتخفيف من تناول الشحوم بشكل عام، لأنهم غالباً ما سيختارون الزيوت غير المفيدة عندما يترك المجال مفتوحاً. [2]

سلبيات نظام الهرم الغذائي

مع ذلك تعرض هذا النظام لنقد شديد للعديد من الأسباب التي كانت محقة في معظمها، وهذه أهم سلبيات الهرم الغذائي:

  1. الغموض في تحديد "الحصة" الغذائية: فهذا المصطلح مطاط ويفتقر لتعريف دقيق، يحتسب لوزارة الزراعة الأميركية وضع الكثير من الأمثلة على الحصة من كل غذاء، كنصف كوب من الأرز أو المعكرونة بالنسبة للكربوهيدرات، تفاحة أو موزة مثلاً بالنسبة للفواكه، لكن من الصعوبة تعميم هذا التعريف على جميع الأغذية، ويصبح شبه مستحيل إذا شملنا ضمنه مطابخ أخرى كالمطبخ الشرقي أو الإيطالي أو الصيني مثلاً، لأن ذلك يضاعف عدد الأطعمة الواجب تحديد الحصة منها إلى عدد يتعذر قياسه.
  2. اشتراك الأغذية في المكونات الغذائية: فتمثيل الهرم لا يحتسب البروتينات التي نتناولها عن طريق الألبان مثلاً، ولا يعطينا طريقة لتعديل مدخولنا اليومي من اللحوم حسب استهلاكنا من منتجات الألبان، وعلى صعيد آخر، هو لا يساعدنا على تعديل وارد الزيوت إذا اخترنا تناول البروتينات النباتية الحاوية على كمية كبيرة من الزيوت بدلاً من البروتينات الحيوانية، فهي لا تدخل ضمن القسم الخاص بالزيوت، وتزداد هذه المشكلة تعقيداً كلما تعددت الخيارات أمام المستهلك، وتنوعت المركبات الغذائية ضمن الصنف الطعامي الواحد.
  3. المبالغة الغريبة في تقدير الحصة اليومية من الكربوهيدرات والألبان: إذ يقال إن المخطط الأساسي لم يكن يبدو بنفس الشكل، وشكلت الخضار والفاكهة قاعدة الهرم، إلا أنه تعرض للضغط عبر اللوبيات الاقتصادية من أصحاب رؤوس الأموال المستثمرين في مجالي المعجنات والألبان الذين كانوا ليفقدوا الكثير من أرباحهم إذا نُشر ذلك النموذج وطبق على نطاق واسع، مما أفقده المصداقية لدى نسبة كبيرة من الشعب.
  4. عدم مراعاة المتغيرات: فهو لا يأخذ بعين الاعتبار عمر الشخص، وزنه، جنسه، طبيعة جسمه من الناحية الاستقلابية أو حتى نشاطه الجسدي اليومي، ولا يقدم تعليمات مفيدة فيما إذا كان الشخص يريد زيادة وزنه أو التخفيف منه مثلاً، كل هذه المشاكل تعذر الوصول إلى حل لها عبر هذا المخطط البدائي. [2]

نسخ محدثة للهرم الغذائي

My Pyramid

نظراً للانتقادات السابقة، وأخرى عديدة غيرها، عملت وزارة الزراعة على تعديل الهرم الغذائي الأصلي بناء على معطيات ودراسات جديدة، وأصدرت النسخة الجديدة منه في عام 2005 تحت عنوان (My Pyramid) والذي نشاهده في الشكل التالي:

الهرم الغذائي المعدل والصادر في عام 2005

لم يكن رد الفعل جيداً على نموذج عام 2005، فقد طرح عدداً أكبر من الأسئلة وفشل في الإجابة عن الكثير، لكن الأمر المميز فيه هو تلك الصورة لشخص يصعد الدرج، والمقصود منها أن الرياضة هي حجر الأساس في أي نظام غذائي.

My Plate

الهرم الغذائي الجديد نسخة عام 2011

تم تحديث نموذج الهرم الغذائي عام 2011 وأخذ شكلاً جديداً هو طبق الطعام تحت اسم (My Plate)، وهو يقسم المقدار اليومي المتناول من الطعام إلى حصص ضمن طبق للتقريب، وهذا التقسيم بحسب السعرات الحرارية، وليس بحسب حجم أو وزن الطعام، ووجه له نفس الانتقاد الخاص بالنموذج الأصلي بشؤون حصة الألبان الممثلة بكأس كبير مجاور للطبق، إذ لا تعتبر هذه الأطعمة واجبة يوميّاً، بل إن العديد من الأشخاص لا يتناولونها على الإطلاق.

الأمر الإيجابي الذي يزيد مرونة هذا النموذج، هو أنه لا يضع حصصاً محددة لكل طعام، بل يعبر عنها عن طريق الرسم، إذ يجب أن تكون الحصة من الخضراوات هي الكبرى نسبيّاً وتزيد عن ربع المدخول اليومي من السعرات الحرارية، تليها الحبوب بحوالي الربع، ثم الفاكهة واللحوم على الترتيب، أما منتجات الألبان وضعت كطبق جانبي غير محدد الكمية إلا أنها أقل أهمية من المكونات المذكورة ضمن الطبق. [3]

لا بد من الإشارة إلى كون فكرة الهرم الغذائي، كبرنامج بخطوط عريضة يصلح للجميع، هي فكرة مفيدة للمجتمع، وحددت في الأذهان الفرق بين الأطعمة "الجيدة" و"السيئة"، إلا أنها بعيدة جدّاً عن المثالية وتفتقر للتفصيل والخصوصية، لذلك يبقى الأهم في التغذية اليومية هو التنويع في الأطعمة المتناولة، وتجنب الأطعمة غير الصحية قدر الإمكان، والأكثر أهمية على الإطلاق هي الرياضة.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار