ارتفاع الحرارة لدى الأطفال

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
ارتفاع الحرارة لدى الأطفال

يعتبر ارتفاع الحرارة عند الأطفال عرضاً شائعاً يؤدي إلى قلق جميع الأمهات فور ظهوره، ما يجعلهن يسرعن لطلب المساعدة الطبية الفورية، ويمكن لارتفاع الحرارة أن يستمر لدى الطفل مدة تتجاوز الأسبوع دون معرفة سبب الإصابة بعد إجراء الفحوصات اللازمة، مما يدفع الطبيب للبحث عن أسباب أخرى لارتفاعها، وفي هذا المقال نوضح لك أشهر أسباب ارتفاع الحرارة عند الأطفال وأعراضه وطرق علاجه والوقاية منه.

ارتفاع الحرارة عند الأطفال

قدّم موقع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال مقالاً فسّر فيه آلية ارتفاع الحرارة، إذ إن هناك مركزاً مسؤولاً عن تنظيم حرارة الجسم طبيعياً لدى جميع البشر يقع في منطقة الوطاء ضمن الدماغ.

ونتيجة للإنتان أو الأمراض الالتهابية، يرفع المركز نقطة ضبط درجة الحرارة لتتجاوز الحد الأعلى المعروف لها (أي 38.2 درجة مئوية)، وعليه تستشعر المستقبلات الحرورية انخفاضاً في حرارة الدم الطبيعية إثر هذا التغير، لتظهر مجموعة من الأعراض التي ترفع معدل الاستقلاب، الذي يزيد بدوره من إنتاج الحرارة في الجسم.

كحدوث القشعريرة التي تتطلب جهداً عضلياً منتجاً للحرارة، إضافة إلى إفراز الهرمونات الغدية كالتيروكسين والأدرينالين من الدرق ولب الكظر على الترتيب، اللذين يساهمان في زيادة معدل الاستقلاب لدى الإنسان، كما أن الأوعية الدموية تنقبض تحت تأثير الجهاز العصبي الذاتي، ويكون لها دور بارز في إنقاص التبدد الحراري والحفاظ عليها.

يُذكر أن حرارة الجسم قد ترتفع بطرق أخرى مغايرة للآلية السابقة، فيحدث ذلك مثلاً عندما يكون الإنسان في بيئة حارة مرتدياً ثياباً سميكة، أو حينما تزداد نسبة الرطوبة في الهواء خلال الجو الحار، مما يعيق عملية التبخر التي تتبدد الحرارة من خلالها.

ومن المعروف أن حرارة الجسم لها قيمة ثابتة يتسم الإنسان السّليم بقدرته على الحفاظ عليها ضمن المجال الطبيعي المعروف لها، وتتراوح قيمتها بين 35.6 إلى 38.2 درجة مئوية، وأي قيمة تبلغها درجة الحرارة إن زادت أو نقصت عن هذا المجال تشير إلى مشكلة سببت عائقاً أمام مركز ضبط الحرارة في الحفاظ عليها ضمن المجال الطبيعي.

جدير بالذكر أن قيم درجات الحرارة قد تختلف لدى الإنسان على مدار اليوم الواحد، تبعاً لمستويات الاستقلاب وإفراز الهرمونات لديه، ولكنها يجب أن تظل ضمن المجال الطبيعي لها.

كيفية قياس الحرارة عند الأطفال

يستخدم مقياس الحرارة (بالإنجليزية: Thermometer) لمعرفة قيمة درجة الحرارة لدى الكبار والصغار، الذي يتنوع بين الرقمي والزئبقي والزجاجي، وتنصح الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بأفضلية استخدام المقياس الرقمي عند الأطفال.

أما عن الأماكن المعتادة لقياس درجة حرارة الجسم، فهي تتعدد لتشمل الطريقة الفموية والشرجية والإبطية والطبلية (وضع الميزان ضمن القناة الأذنية بتماس مع غشاء الطبل)، إلى جانب إمكانية وضع المقياس تحت الإبط عند الأطفال في جميع الأعمار.

غير أن الأطباء يشيرون إلى دقة الطريقة الشرجية لقياس الحرارة عند الأطفال، لا سيما الذين لم تتجاوز أعمارهم 4 أشهر، بينما يمكننا اللجوء إلى وضع المقياس تحت اللسان، كي نتحرى درجة الحرارة لمن بلغت أعمارهم 4 أشهر فما فوق، علماً بأن الطريقة الشرجية ستبقى الأفضل والأدق لدى هذه الفئة العمرية.

ويعتبر القياس التالي لاستهلاك الطفل لمشروبات ساخنة أو باردة عائقاً أمام تطبيق الطريقة الفموية، إضافة إلى ضرورة الحرص على تنفس الطفل أنفياً قبيل تطبيقها، وينبغي التأكيد على أن المفهوم العام لارتفاع الحرارة عند الأطفال يقوم على زيادة قيمة الدرجة المقاسة شرجياً لدى الطفل عن 38 درجة مئوية، أو إذا بلغت 37.8 فما فوق فموياً.

أسباب ارتفاع الحرارة عند الأطفال

تتنوع الأسباب المسؤولة عن ارتفاع الحرارة عند الأطفال، وفيما يأتي ندرج لك أشهرها:

  • الإنتانات (الأخماج): الفيروسية أو البكتيرية، التي تتنوع أشكالها وفقاً لنوع العامل الممرض المُسبب لها، والعضو المتأثر بها، فنجد مثلاً:
  1. ارتفاع الحرارة عرضاً بارزاً لالتهابات الأذن الوسطى الخمجية.
  2. التهاب اللوزتين عند الأطفال.
  3. التهاب السحايا.
  4.  إنتانات الطرق التنفسية (التهاب القصيبات الشعرية لدى حديثي الولادة، والسعال الديكي، وغيرها).
  5. إنتانات السبيل البولي (التهاب حويضة وكلية).
  6.  إنتانات السبيل الهضمي البكتيرية والفيروسية.
  • ارتفاع الحرارة التالي لتناول بعض الأدوية.
  • ارتفاع الحرارة بعد الوجود في بيئة حارة (كأن يمشي الطفل كبير العمر في أوقات الذروة صيفاً).
  • ارتفاع الحرارة التالي لأخذ التطعيم (اللقاح).
  • ظهور الحمى عند الأطفال ذوي المناعة الضعيفة إثر وجود أمراض دموية.
  • ارتفاع الحرارة يمكن أن يكون عرضاً لحالات أقل انتشاراً من الإنتانات عند الأطفال، مثل: الحمى الرثوية (وهي مرض مناعي ذاتي يصيب مجموعة من أنسجة الجسم من بينها المفاصل وشغاف القلب والجملة العصبية المركزية).

أعراض ارتفاع الحرارة عند الأطفال

أشرنا سابقاً إلى أن ارتفاع الحرارة هو عرض واحد من مجموعة الأعراض والعلامات الخاصة بإصابة الطفل بإنتان أو مرض التهابي ما، وعليه فقد يشترك ظهور الحمى مع أعراض أخرى، أبرزها ما يأتي:

  • سوء الحالة العامة للطفل وتعبه الواضح.
  • اهتياج الطفل مع الصراخ والبكاء الشديدين.
  • الميل للنوم لساعات أكثر من المعتاد.
  • التعب والوهن وقلة النشاط والشعور بالألم.
  • قلة الشهية أوعدم الرغبة في أخذ الرضعات.
  • الإصابة بالإسهال.

ولا ننسى أيضاً مجموعة الأعراض والعلامات الخاصة بالمرض الأساسي الذي أدى لارتفاع الحرارة، كالطفح الجلدي مثلاً في الحمى القرمزية، أو الآلام البطنية والنزوف النقطية على الساقين المترافقة مع ارتفاع حرارة طفيف في فرفرية هينوخ شونلاين (مرض وعائي التهابي يحدث بآلية مناعية ذاتية ويصيب الأوعية الدموية الصغيرة)، أو السعال والآلام الصدرية الناتجة عن الالتهاب الرئوي، أو السيلان الأنفي والاحتقان في مرض الإنفلونزا، وغيرها من الأمراض.

عوامل خطر لارتفاع الحرارة عند الأطفال

من الضروري طلب المساعدة الفورية من المشفى أو طبيب الأطفال في الحالات الآتية:

  • إذا بلغت الحرارة عند الطفل 38 درجة مئوية فما فوق، ولم يتجاوز عمره 3 أشهر.
  • إذا بلغت الحرارة عند الطفل 39 درجة مئوية فما فوق لدى طفل يتراوح عمره بين 3-6 أشهر.
  • استمرار ارتفاع الحرارة عند الطفل أكثر من يوم، على الرغم من اتخاذ جميع التدابير المنزلية اللازمة.
  • ظهور علامات الجفاف على الطفل مثل: غؤور العينين وجفاف الجلد والأغشية المخاطية، ونقص الإدرار البولي، وقلة عدد مرات تغيير الحفاضات.
  • عند ظهور الاختلاجات (وهي تقلصات عضلية لا إرادية معممة) التالية لارتفاع حرارة الجسم.
  • عند حدوث علامات نقص الأكسجين على الطفل مثل: زرقة الجلد والشفاه.
  • ترافق ارتفاع الحرارة مع أعراض أخرى كصعوبة تحريك الرقبة (صلابة النقرة)، وآلام الحلق، وآلام الأذن، والطفح الجلدي، والصداع الشديد.
  • غياب الوعي عند الطفل أو عدم استجابته للمؤثرات المحيطة به.

تشخيص ارتفاع الحرارة عند الأطفال

يفحص الطبيب طفلك فحصاً سريرياً شاملاً لجميع أجهزة جسمه، ويتحرى عن العلامات التي توجهه إلى وجود مرض أو عدة أمراض قد تكون مسؤولة عن ارتفاع الحرارة عند الطفل.

ويطلب الطبيب بدوره فحوصات مخبرية (دم، وبول، وراسب، وفحوصات مناعية)، وإشعاعية (صورة صدرية بأشعة X مثلاً)؛ ليؤكد بشكل أدق الأسباب المرضية للحمى، ولا ننسى أيضاً أخذه للعينات من البؤر الإنتانية وإجراء الزروعات لتحديد نمط العامل البكتيري المسبب للمرض بغية اختيار المضاد الحيوي الأنسب لعلاجه.

وبشكل عام، عليك أن تعرفي أن اختيار نوع الفحوصات المخبرية والإشعاعية يعتمد على المرض المشتبه به من الطبيب، وبعد طمأنتك عن حالة الطفل، ويمكن للطبيب أن يضع الخطة الدوائية العلاجية الخاصة بالحالة المرضية لديه، كوصف المضاد الحيوي المناسب لنوع العامل البكتيري الإنتاني.

مع تأكيد الطبيب على ضرورة تعويض السوائل والشوارد لطفلك، وقد يكتب ضمن الخطة أيضاً أدوية خافضة للحرارة، مثل: الباراسيتامول أو الإيبوبروفين، ويتوجب عليك أن تلتزمي بالجرعات التي حددها الطبيب، دون زيادة أو تعديل عليها أو على عدد مرات تناولها.

علاج ارتفاع الحرارة عند الأطفال منزلياً

يمكنك تخفيف وطأة ارتفاع الحرارة عند الأطفال منزلياً، من خلال تخفيف سماكة الألبسة والأغطية التي تضعينها على طفلك؛ التي تمنعه من خسارة الحرارة عبر التبخر، كما يمكنك أن تستخدمي قطعاً قماشية مبللة بالماء الدافئ على جسمه، لمساعدته على خسارة الحرارة بالطريقة ذاتها.

وتوصي الهيئات الطبية بضرورة تجنّب وضع الكمادات الباردة أو الكحولية أو نقع الأطفال بأحواض مائية باردة، والاستعاضة عن ذلك باستخدام القطع القماشية المغمورة في الماء الفاتر أو غسل وجه الطفل وجسمه بالماء، ولكن يجب قبلها أن تتأكد بطرف يدها من مدى ملائمة حرارة الماء لطفلها.

وخلال هذه الإجراءات البسيطة، لا تنسي أن تتابعي تطورات درجة الحرارة عند طفلك، باستخدام المقياس المناسب، ويمكنك استخدام خافضات الحرارة الفموية مثل: الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) أو الإيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen)، وذلك بعد استشارة الطبيب المختص الذي يحدد الجرعة المناسبة وعدد مرات الاستخدام بما يتناسب مع عمر الطفل ووزنه.

ولا تستخدمي أبداً الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) لخفض الحرارة، لما له من مخاطر ومشكلات صحية يلحقها بأعضاء طفلك وأجهزته، من بينها الأمراض الكبدية، ومن المهم جداً تعويض الماء الذي خسره الطفل عبر سطح الجلد والرئتين أثناء ارتفاع الحرارة.

وذلك بزيادة عدد رشفات الماء التي تقدمينها لطفلك أو زيادة عدد رضعاته إن كان رضيعاً، ولا تقدمي أبداً الشاي أو الصودا لطفلك كوسيلة لتعويض الماء المفقود منه، أما عن الشوارد التي يخسرها الطفل بعد الإسهال والقيء الشديدين، فينصح الأطباء باستخدام محاليل خاصة تحوي الشوارد الضرورية، التي لا يوفرها الماء العادي لطفلك.

وعادةً ما يتحسن الإدرار البولي لدى الطفل نتيجة لتعويض السوائل ويصبح لونه فاتحاً، أما في حالات الجفاف الشديدة، فلا بد من إسعاف الطفل إلى أقرب مركز صحي أو مشفى لتعويض السوائل وريدياً.

الوقاية من ارتفاع الحرارة عند الأطفال

نظراً لأن غالبية أسباب ارتفاع الحرارة عند الأطفال تعود لعوامل إنتانية، يمكنك تعليم الطفل الأكبر عمراً اتباع قواعد الصحة العامة وتنشئته عليها، وهي كما يأتي:

  • غسل اليدين بالماء الفاتر والصابون قبل الطعام وبعده، وبعد الانتهاء من اللعب والخروج من المرحاض.
  • تغطية الأنف والفم بمنديل قبل العطاس والسعال.
  • تناول الخضراوات والفواكه الطازجة بعد غسلها جيداً.
  • تجنب استهلاك الكثير من الوجبات السريعة والأطعمة من الباعة الجائلين.

وبالنسبة لك، يمكنك أن تتخذي بعض التدابير الوقائية كي تحمي طفلك الأصغر عمراً (حديث الولادة ومن لم يتناسب عمره بعد كي يتبع قواعد الصحة العامة بنفسه)، وهي كما يأتي:

  • اغسلي يديك جيداً بالماء والصابون قبل حملك لطفلك وبعد تغيير حفاضاته.
  • احرصي على نظافة الأسطح المنزلية والأرضيات والسجاد التي يمكن لطفلك أن يطأها أو يحبو عليها.
  • اغسلي ألعابه وملعقته وصحنه وعقميها جيداً، لأنها من أكثر الأماكن التي تتجمع عليها العوامل الممرضة.
  • قدمي لطفلك الطعام الطازج الطري، وضعي له الحليب المبستر ضمن زجاجات معقمة بشكل جيد.

في الختام، تذكري أن ارتفاع الحرارة عند الأطفال عرض شائع ومتكرر الحدوث، وغالباً ما يرتبط بالإصابة بمرض فيروسي أو بكتيري، فلا تترددي أبداً في طلب المساعدة الطبية الفورية حالما تشعرين بتدهور حالة طفلك العامة، وظهور علامات الجفاف الشديد عليه، مع عدم استجابته لما حوله بشكل جيّد، أو عند ظهور أعراض أخرى مرافقة للحمى كالإسهال الشديد أو الطفح الجلدي أو صلابة النقرة.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار