الرضا غاية تدرك

  • تاريخ النشر: الخميس، 16 أبريل 2015 آخر تحديث: الإثنين، 07 فبراير 2022
الرضا غاية تدرك

لأن القهوة قادرة على تغيير مزاج العالم، فهي حتماً قادرة على التحكم بمزاجي أيضا، وحين تملأ رائحة القهوة المكان مضافٌ إليها نكهة حضور أمي، أشعر بموجة سعادة تندفع مسرعة يرميني رذاذها بكل ما هو جميل، وحين أكون بعيدة وترسل أمي لي صورة فنجان قهوتها أضحك، وأشعر أيضا بالسعادة، فقهوتي تصعد إلى الخيال وتعيد ترتيب الواقع ليبدأ نهاري وتنثر الرضا على يومي، أليس الوقت الذي نمضيه في ضيافة فنجان القهوة مع من نحب يهدينا الرضا؟

استنكرت صديقتي مقالاَ قرأته؛ كيف أن حكماء الهند كانوا يطلبون من أولادهم أن يقوموا بعملٍ خيِّر كل يوم دون أن يحددوا ما هو، كمساعدة شخص محتاج، أو دفع أذى. ليس هذا ما توقفت عنده، أكثر ما أثار حفيظة أمومتها أنهم كانوا يعاقبون أطفالهم إن اكتشفوا في نهاية اليوم أنهم أفلتوا فرصة تقديم المساعدة إلى الغير.

ربما كانت أمومتها على حق، لكني رأيت من عاداتهم ما هو أقل جرما وأعظم فعلا من العقاب، هنالك إعجاز فطري يسمى "الرضا"، حكماء الهند كانوا يدربون في الحقيقة أولادهم على بلوغ الرضا عن النفس، عن الروح، الرضا عن ما هم عليه، ليس هناك ما قد يدهشك ويثير رضاك على ما أنت عليه بقدر أن ترى من هو في أشد الحاجة إلى ما اعتقدت أنه من البساطة امتلاكه وكأنه في متناول الجميع.

هذا الإعجاز قادر على إحداث ثورة في روحك، املأ مخزون الرضا، فرضاك عن نفسك ليس مفتاح السعادة، بل مفتاح روحك نحو الإنسانية هو أن ترى أجمل ما لديك وتعكسه على الآخرين، هو قوة لا يمكلها إلا أقوياء النفس والروح.

ليس عليك سوى أن تنظر في ميزان ما تملك، لديك حتما ما قد يرضيك ولا يملكه غيرك، إن كان غيرك أكثر منك مالاً فقد يكون حرم من نعمة النوم، إن كان أكثر منك جمالاً، ربما حرم من نعمة العائلة.

الرضا غاية تدرك بكل ما تعني الكلمة من حب، أليس تبسمك في وجه أخيك صدقة؟ وهل هناك أسهل من حل هذه الشيفرة السحرية.

بدلاً من خربشة التشاؤم على صفحات أفكارنا، لننظر إلى حياتنا من نافذة الرضا فسندرك أنْ ثمة سراَ ما يجمع السعداء، وأكاد أجزم أنه الرضا، وعلينا أن لا نيأس من رحمة أنفسنا على أنفسنا.

يقول آرثر شوبنهاور: "من النادر أن نفكر فيما نملك، بل نحن نفكر فيما ينقصنا".

وأيضاً من جلنار، قالت لي: نعم، أريد أن أتزوج
 
 
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار