كيف نتخلص من الضغوط النفسية والتوتر

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 12 مارس 2023
كيف نتخلص من الضغوط النفسية والتوتر

الحياة مليئة بالمتاعب، هذا أمر واقع، الاعتراف به خير من إنكاره، كما أن هذه المتاعب اليومية تؤدي إلى تراكم الضغوطات النفسية، التي ستؤدي بدورها إلى ظهور الأزمات النفسية، والأعراض الصحية الناتجة عن الضغط النفسي، فضلاً عن إمكانية تطور هذه الأعراض النفسية إلى أمراض خطيرة، إذ يعتبر الاكتئاب أكثرها شيوعاً، لكن الحلول ليست معقدةً، وفهم المشكلة هو الخطوة الأولى من الحل، في هذا المقال، سنتعرف معاً على أسباب الإجهاد النفسي وكيفية التعامل معه وطرق التخلص من الضغط النفسي.

ما هو التوتر أو الإجهاد النفسي

يكون التوتر أو الضغط النفسي (بالإنجليزية: Psychological Stress)، أو الإجهاد والإرهاق النفسي، ناتجاً عن شعور بالتحدي أمام مخاطر تهدد الرغبات الطبيعية، ولا يأتي الإجهاد دفعة واحدة بل يكون تراكمياً.

فإذا استيقظت متأخراً عن موعد العمل، ستبدأ نوبة من الضغط النفسي نظراً لشعورك بالخطر، إضافة إلى أنك ستفكر في العواقب التي تتمنى ألا تحدث، مثل: التوبيخ أو الخصم من الراتب.

وربما يمتد تفكيرك إلى الراتب الناقص في نهاية الشهر، مما يسبب لك مشكلة عائلية، أو يمنعك من الحصول على اشتراك للقنوات الرياضية، كل هذه الأفكار ستسبب حالة من التوتر والضغط الشديد، تؤدي إلى تغيرات فيزيائية في إفرازات الجسم، كما تؤثر على فاعلية التفكير.

وغالباً ما يمتد أثر هذه الضغوط لبعض الوقت، حيث يرجع امتدادها إلى مدى شدة العامل المسبب لها ومدى ديمومته، وهناك العديد من الأسباب التي تسبب الضغط (بالإنجليزية: Stress)، سنأتي على ذكرها فيما يأتي. [1]

أسباب الإجهاد النفسي والتوتر

غالباً ما ترتبط مسببات الضغط والإجهاد النفسي بالبيئة المحيطة، وتتناسب مع شخصية كل فرد، فهناك بعض الأمور التي تشكل ضغطاً على الإنسان بشكل عام، وهناك بعض الأشياء التي تعتبر نسبية (وهي الأكثر)، حيث تختلف من فرد إلى آخر تبعاً لتكوينه النفسي، ومن الأمثلة على الضغوط النفسية العامة ما يأتي:

الأزمات المادية، ومرض أحد الأطفال، واقتراب موعد الامتحانات، وغيرها، حيث تسبب هذه الأشياء توتراً وإجهاداً نفسياً، يدفعك لفعل شيء ما لتجنب ما تخشاه، كأن تدخل إلى غرفتك وتبدأ الدراسة بدلاً من الخروج في رحلة مع الأصدقاء.

أما الأسباب التي تعتبر أكثر خصوصية، فهناك الضجيج مثلاً، الذي يشكل حالة من التوتر لدى البعض، فيما لا يؤثر على أشخاص آخرين، لكن الثابت أن الجميع يتعرضون لأنواع مختلفة من الإجهاد والضغط النفسي، حيث يكون الاختلاف الجوهري بمدى استمرار الإجهاد، وكيفية التعامل معه. [1]

طريقة التعامل مع الضغوط النفسية

كما ذكرنا؛ فإن الجميع يتعرضون لأنواع مختلفة من التوتر والضغط النفسي، كما أن هناك مهناً أو هوايات معينة تجعل الإنسان أكثر عرضةً من غيره لهذه الضغوط، فمهنة الطب مثلاً أو التمثيل تعتبر من المهن المربحة، لكنها أيضاً من المهن المجهدة جداً، التي تسبب ضغطاً نفسياً شديداً.

إلا أن المؤكد أن لكل نوع من هذه الضغوط النفسية طريقة ما لتجنب آثارها السلبية، فما هي أنواع الضغط النفسي وطرق تجنبها؟ هذا ما سنتناوله في الفقرات الآتية: [2]

التوتر الحاد أو الإجهاد النفسي الحاد (Acute stress)

لا يوجد أحد منا لم يختبر هذا النوع من التوتر، إنه الضغط النفسي الكبير الذي يصيبنا فجأة نتيجة تعرضنا لموقف معين، كأن تتعثر وتسقط في الطريق، أو أن ترتكب خطأ جسيماً في العمل، ستشعر بدوار مفاجئ وخوف وضغط كبير، يشبه شعور ركوب الأفعوان (القطار السريع) في مدينة الملاهي، عندما يهوي عمودياً من النقطة العالية إلى النقطة الأدنى.

لكن في العموم، يعتبر هذا النوع من التوتر يعد حميداً، حيث يختفي غالباً بزوال السبب، ويساعد في أغلب الأحيان على تدريب العقل والنفس، للتعامل مع هذا النوع من الحوادث في المرات المقبلة، كما أنه يعد من أكبر المحفزات على إيجاد الحلول الفورية للمشاكل، وغالباً ما يستغرب الشخص من الحل الذي وجده بلا تفكير وبسرعة فائقة.

فالحقيقة أن التوتر والضغط استنفر كل الطاقة الفكرية، حيث تبدأ هذه الآلية بالتطور منذ الطفولة، فإذا أفسد الطفل إحدى أدوات المنزل، غالباً ما يجد حلاً سريعاً ليتهرب من التوبيخ والتعرض للعقاب، كأن يحمل ما أفسده ويفتعل السقوط على الأرض، ثم يبكي، فيلهي بذلك الأهل عما أفسد، ويشغلهم بسلامته.

من جهة أخرى، يتميز هذه النوع من التوتر بعدم امتداده عبر الزمن، إلا في حالات معينة، كالاعتداءات الجنسية أو الجسدية، فيستمر هذا الضغط فترات طويلة، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية وأمراض عقلية خطيرة، وتسمى اضطرابات ما بعد الصدمة، أو اضطرابات الضغط الحاد (بالإنجليزية: (ASD) Acute Stress Disorder). [2]

نوبات التوتر الحاد أو الإجهاد الحاد المتكرر (Episodic acute stress)

يكون هذا الضغط الحاد أمراً متكرراً بشدة عند بعض الأشخاص، وذلك يتعلق بطبيعتهم أكثر مما يتعلق بطبيعة المؤثر الخارجي، فتكون استجابتهم للأحداث مبالغاً فيها، لدرجة أنها تعطي نفس آثار التوتر الحاد، وهذه الحالة تثبت بعض الصفات في الشخصية، مثل: الغضب السريع، والقلق الدائم، وقد تتطور إلى حالة هيستيرية.

كما تتميز هذه النوبات بامتداد زمني أطول واتصال فيما بينها، فعندما يتعرض الشخص إلى نوبة التوتر قد تفسد نهاره بأكمله، وإذا بحثت في قائمة أصدقائك على موقع فيس بوك ستجد بينهم ذلك الصديق النزق الذي يقضي نهاره كله في الاعتراض والشكوى والتأفف من أبسط الأشياء. [2]

التوتر التراكمي أو الضغط النفسي المزمن (Chronic Stress)

يصاب الإنسان بالتوتر المزمن نتيجة استمرار سبب التوتر الحاد، فيتحول الضغط النفسي إلى عرضٍ دائم، له آثار نفسية خطيرة، إضافة إلى الآثار الصحية المدمرة، فالشخص في هذه الحالة لم يتمكن من إيجاد الحل لسبب التوتر، بل إنه لم يتمكن من الابتعاد عن السبب المثير للضغط.

كما يجري في حال إخفاء الجرائم، أو الزواج الفاشل، إضافة إلى حالات الفقر، أو المعاناة الوظيفية، حيث يجد الشخص نفسه أمام سبب التوتر بشكل يومي، حتى يصل إلى مرحلة يكتسب فيها عدة صفات ناتجة عن هذا الضغط النفسي المزمن كالكآبة أو الشعور بالضيق النفسي الدائم، ولهذا النوع من الضغط النفسي نتائج خطيرة على الصحة النفسية والجسدية. [2]

أضرار التوتر والإجهاد النفسي المستمر

للتوتر آثار صحية مباشرة كآلام المعدة، والصداع، وتشنج القولون العصبي، إضافة إلى آثار مزمنة، مثل: الاكتئاب، والغضب...إلخ، كما يعتبر التوتر المزمن أكثر أنواع التوتر خطورة، الذي ينتج عن المسببات المستقرة للضغط النفسي الحاد.

ويؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية، أبرزها أمراض القلب، والجلطات، وأمراض الرئة، وتليف الكبد، كما يعتبر أحد المسببات الرئيسية للاكتئاب الحاد، وانعدام الرغبة أو القدرة الجنسية، فضلاً عن كونه من أبرز دوافع الانتحار.

أما النوع الثاني (نوبات التوتر) فهو أقل ضرراً، لكنه يسبب العديد من المشكلات النفسية المزمنة، وقد يهدد المكانة الاجتماعية للشخص الذي يعاني منه، نتيجة تصرفاته الانفعالية، وبذلك يعتبر النوع الأول (التوتر الحاد) أكثر الأنواع أماناً، إلا في الحالات المستمرة التي ذكرناها سابقاً حيث يتحول إلى توتر مزمن. [3]

كيف يمكن التخلص من التوتر والضغط النفسي

أدرك المجتمع الحديث خطورة الضغوط اليومية التي يعاني منها غالبية الأشخاص، فبدأت حملات التوعية بأساليب التخفيف من آثار الضغوط المتناوبة أو المزمنة.

كما تم إنشاء جمعيات خاصة حول العالم تساعد الناس على التخلص من الضغوط النفسية، والتصدي لأخطاره الصحية والاجتماعية، منها مجتمع إدارة الضغوط الإنجليزي (بالإنجليزية: The Stress Management Society)، الذي يقدم العديد من الخدمات المجانية في سبيل التخلص من الضغط النفسي، فما هي النصائح التي يمكن أن تساعدك على التخفيف من التوتر والضغط النفسي؟

يطلق الباحثون صفة إدارة التوتر (بالإنجليزية: The Stress Management) على العملية التي يقصد منها التخفيف من أثر الضغط النفسي، بما أن التعامل مع الضغط شيء لا بد منه، ومن المستحيل التخلص من الضغوط اليومية بشكل كامل.

فالأسلم هو إيجاد الصيغة المناسبة للتعامل مع الضغوطات النفسية والتوتر، إليك بعض النصائح للتخفيف من آثار الضغط النفسي، والخروج من حالة الضيق التي يسببها: [3]

الحركة تخفف من أعراض الضغط النفسي

يلجأ الإنسان إلى الحركة للتخفيف من التوتر والضغط النفسي، إذ تشير دراسة نشرتها منظمة (Help Guide)، إلى أن ممارسة الرياضة وخاصة المشي والجري تساعد في التخلص من التوتر والتخفيف من الضغوط النفسية، كما أنها تساعد على التخفيف من مشاكل النوم والقلق المزمن.

من جهة أخرى، تأتي أهمية الحركة للابتعاد عن سبب التوتر المباشر، فالتوتر يرتبط بالأماكن والأشخاص، وهذه آلية دفاعية بديهية أيضاً، حيث يلجأ الإنسان دائماً إلى الابتعاد عن مصدر التوتر أو المكان الذي يسبب له التوتر.

الاسترخاء من أهم مضادات الضغط النفسي

 هناك العديد من طرق الاسترخاء (بالإنجليزية: Relaxing Activity)، بعضها لا يحتاج للكثير من الخبرة أو التدريب، يكفي أن تختار موسيقى هادئة، وتستلقي في حديقة المنزل أو حتى في غرفة النوم، كما أنَّ بعض طرق الاسترخاء تحتاج إلى بعض التدريب، مثل: اليوجا.

وستجد الكثير من الدورات التدريبية لتستطيع استخدام هذه الرياضات والأنشطة في الاسترخاء والتخفيف من الضغط النفسي، كما يعتبر الاستجمام أمراً مفيداً جداً في التخفيف من أعراض التوتر المزمن أو نوبات التوتر.

فإذا كنت تعاني من الضغط الوظيفي، احصل على إجازة، واخرج في رحلة إلى البحر أو الجبل، وإن لم تسمح ظروفك المادية بذلك، يكفي أن تجرب مكاناً جديداً، وليكن مجانياً.

التواصل مع الآخرين يقلل من الإجهاد النفسي

يولد الضغط النفسي رغبة في الانعزال والوحدة، كما يعتبر حافزاً قوياً للإفراط في التدخين، أو تعاطي الكحول والمخدرات، لكن مقاومة هذه العزلة سيكون لها آثار إيجابية، فالتواصل مع الناس قد يرفع عنك الكثير من الأعباء، ويساعدك على تجديد نشاطك والتفكير في حلول أكثر منطقية من الهروب، عن طريق المهدئات أو المخدرات، لذلك ابحث عمن تحب، واجلس معهم.

الراحة عنصر مهم للجسم وللنفسية

يجب أن تحصل على حقك من الراحة، فالإجهاد الجسمي المتزامن مع الإجهاد النفسي، سيكون له آثار كارثية على صحتك البدنية والنفسية، خذ إجازة عندما تشعر بحاجة لذلك، وخذ حصة كافية من النوم، لتخفف من آثار الضغط النفسي.

الاستشارة النفسية تخفف من الإجهاد النفسي

ربما تعتقد أنك لست بحاجة لزيارة الطبيب النفسي؛ ذلك ليس دقيقاً، فزيارة الطبيب، أو المستشار النفسي، ستساعدك على التخفيف من أعراض الضغط النفسي الحاد، خاصة عندما يكون التوتر متناوباً، أو مزمناً.

وذلك لأن التوتر المزمن، يؤدي إلى سلسلة من الاضطرابات النفسية المزمنة، وقد تكون النتائج كارثية أكثر مما تتصور، ولا بد من وضع حد لهذا التوتر، لأن التوتر يولد التوتر (بالإنجليزية: Stress begets stress).

لا تنتظر حتى يبلغ التوتر مرحلة مزمنة

في بحث فريد نشره موقع (Spiritual Research Foundation)، يشير إلى مسبب رئيسي للتوتر المزمن، والوصول إلى الاكتئاب الناتج عن الضغوطات النفسية، حيث يكمن السبب في التراكم؛ فإذا كان الشخص يعاني من مشاكل زوجية، دون أن يتوصل إلى حل للتعامل معها، كما يعاني من مشاكل مالية لا يستطيع التأقلم معها.

ويحاول أن يتعايش مع هذه الضغوط، ثم يتعرض لضغط إضافي، كأن يطرد من عمله، سينهار تحت هذه الأحمال الثقال، والمطلوب هنا أن يحاول الشخص عدم الجمع بين المشاكل، والبدء بالحل مع بدء المشكلة، كي لا يستنفد طاقاته، ويصل إلى مرحلة الانهيار.

ختاماً، لن يكون تجاهل الإجهاد النفسي هو الحل، ولا إهمال التوتر سيؤدي إلى نتيجة مرضية، الحل هو مواجهة المشكلة والاعتراف بها، كما أن استشارة الاختصاصيين أمر لا غنى عنه، لأن المقالات التي ستجدها على شبكة الإنترنت تقدم وصفاً للحالة العامة، أما الحالة الفردية، فتحتاج إلى جلسات خاصة، فهي فريدة في مكان ما، حتى وإن انطبقت عليها الصفات العامة.