مصر في العهد الإسكندري ودولة البطالمة (البطالسة) حتَّى الاحتلال الروماني

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
مصر في العهد الإسكندري ودولة البطالمة (البطالسة) حتَّى الاحتلال الروماني

تغير تاريخ العالم القديم بشكل جذري بسطوع نجم الإسكندر الكبير، حيث تمكن هذا الشاب من القضاء على الهيمنة الفارسية في الشرق القديم، لكنه في نفس الوقت أنهى عهد الممالك القديمة.

ولم تكن مصر بمعزل عن هذا التغيير، فكانت من أبرز محطات الدولة الهيلينية اليونانية، وقد استمرت سيطرة الإغريق على مصر ثلاثة قرون تقريباً عرفت بالعهد البطلمي أو عهد البطالسة نسبة إلى بطليموس الأول.

الذي ورث حكم مصر عن الإسكندر، فما هي ملامح هذه المرحلة؟ وكيف كانت نهاية دولة البطالمة وآخر حكامها الملكة كليوباترا السابعة؟.

قدم الإسكندر الكبير القرابين لآلهة الفراعنة وتوج نفسه إلهاً

أدرك الضعف مصر الفرعونية بعد أن كانت إمبراطورية تفرض سيادتها في كل اتجاه، فوقعت فريسة بيد الفرس في أيامها الأخيرة، لكن جيوش المقدوني كانت تزحف مبتلعة كل ما أخذه الفرس في الشرق القديم حتَّى مصر.

على الرغم من صغر سن الإسكندر (تولى عرش مقدونيا في العشرين تقريباً) إلَّا أنَّه كان عسكرياً فذاً وسياسياً محنكاً، وهذا أمرٌ واضح لنا من خلال إمبراطوريته الكبيرة التي أنهت تقريباً معظم الممالك القديمة، لكن في مصر اتضحت حنكة الإسكندر أكثر وأكثر.

دخل الإسكندر إلى مصر دون قتال يذكر، فبعد أن وصل إلى غزَّة بسهولة سنة 332 قبل الميلاد تابع طريقه إلى مصر التي كانت خاضعة لحكم الفرس، لكن الفرس استسلموا لجيش الإسكندر وانسحبوا، لتصبح مصر جزءاً من الإمبراطورية الهيلينية عام 331 قبل الميلاد.

ملامح الفترة الإسكندرية في مصر

في البداية كان حكم الاسكندر لمصر يبدو كأنَّه تخليص لها من الاحتلال الفارسي، خاصة وأن هناك علاقات عسكرية عميقة بين المصريين والإغريق في مجال عدائهم للفرس، لكن هذه المرة لم يكن الإغريق مرتزقة بل كانوا أصحاب إمبراطورية ممتدة في مشارق الأرض ومغاربها.

على الرغم من الويلات التي نتجت عن فتوحات الإسكندر بالنسبة لشعوب الممالك القديمة على المدى الطويل يمكن القول أن الاسكندر الكبير وجنوده كانوا الأجانب الوحيدين الذين لقوا قبولاً (نسبياً) من المصريين عندما طردوا الفرس سنة 332 قبل الميلاد.

من جهة أثبت الجيش المقدوني قدرته على التصدي للفرس، ومن جهة ثانية بدا الاسكندر محباً وطيباً بالنسبة للمصرين، حيث قام بزيارة المعابد وتوج نفسه على الطريقة الفرعونية بل وادعى النبوة والألوهة لنفسه، ومن بين القصص التي أشيعت عنه أنَّه ابن الملك آمون نفسه.

كما شرع الإسكندر ببناء واحدة من أهم مدن البحر المتوسط والتي حملت اسمه "الاسكندرية"، وقد أشرف بنفسه على بنائها وتخطيطها، لكن فعلياً لم يدم بقاؤه فيها كثيراً حيث غادر مصر في ربيع عام 331 قبل الميلاد مستكملاً فتوحاته.

تقاسم قادة جيش الإسكندر تركته وأسسوا ممالك مستقلة

لم يعش الاسكندر المقدوني طويلاً (365 وحتَّى 323 قبل الميلاد)، حيث توفي في بابل في قصر نبوخذ نصر، فاجتمع قادة جيشه ليجدوا منفذاً لهم يحافظ على وحدة الإمبراطورية ولا يقلص من شأنهم.

حيث وقع الاختيار على فيليب ارهيدودس وهو أخٌ غير شقيق للإسكندر، كما اتفق القادة أن يحكموا الولايات تحت ظل الإمبراطورية.

فعلياً كان القادة يحكمون هذه الولايات بصفتهم ملوكاً مستقلين، لذلك يدعو التاريخ كل دولة باسم الحاكم الذي ورثها عن الاسكندر، حيث نشأ صراع بين القادة العسكريين انتهى باغتيال ابن الاسكندر الصغير والملك فيليب ارهيدوس، وقيام ثلاث ممالك على أنقاض الإمبراطورية الهيلينية، أمَّا مصر فكانت من نصيب بطليموس مؤسس أسرة البطالمة في مصر.

حكم البطالمة في مصر (313 وحتَّى 30 قبل الميلاد)

كما ذكرنا فقد قام القائد العسكري وصديق الإسكندر الكبير بطليموس بن جولاس بتأسيس أسرة البطالمة التي حكمت مصر حوالي 280 سنة، واعتاد المؤرخون على تقسيم هذه المرحلة إلى ثلاث فترات؛ هي كالآتي:

  1. المرحلة الأولى فترة حكم البطالمة الأوائل من حوالي 323 وحتَّى 222 قبل الميلاد.
  2. المرحلة الثانية بين 222 وحتَّى 117 قبل الميلاد، وهي مرحلة بداية الانهيار.
  3. المرحلة الثالثة بين 117 حتَّى 30 قبل الميلاد، خلالها بدأ الرمان يتوغلون في مصر بناءً على استغاثة البطالمة لنصرة بعضهم على بعض، وانتهت بانهيار دولة البطالسة في عهد كليوباترا السابعة.

الملك المؤسس بطليموس الأول (323 وحتَّى 285 قبل الميلاد)

كان حكام مصر البطالمة الأوائل ينتمون إلى طبقة العسكر المتمرسين، لذلك كانت هذه المرحلة مرحلة توطيد استقلال مصر وتأكيد فصلها عن الإمبراطورية الهيلينية، هذا ما سعى له الملك المؤسس بطليموس الأول الذي أصبح ملك مصر رسمياً عام 305 قبل الميلاد.

داخلياً تابع بطليموس الأول ما بدأه الاسكندر من تقرب للمصرين من خلال احترام ديانتهم، فحافظ على الامتيازات الممنوحة للمعابد، وعاش المجتمع المصري متعدد الأعراق والديانات بهدوء نسبي في عهده.

كما أسس بطليموس مدينته في الصعيد بين سوهاج وجرجا وهي مدينة بطلمية التي كانت تعتبر العاصمة الثانية بعد الإسكندرية في عهد البطالمة، وأسس إلى جانب ذلك نظاماً إدارياً جديداً قسم البلاد إلى مقاطعات، ولكل مقاطعة من يتولى إدارتها، ولكل مجموعة من المقاطعات حاكم أول.

كما أنَّ بطليموس الأول لم يصل إلى حكم مصر ببساطة، بل خاض حروباً كثيرة مع الأسرة المقدونية التي كانت تطمح للسيطرة على مصر وضمها لما تبقى من تركة الاسكندر، هذا الصراع تكلل بانتزاع اعتراف القادة المقدونيين ببطليموس حاكماً على مصر، كما وصل حتَّى كردفان ودارفور في الجنوب.

بطليموس الثاني (285 وحتَّى 247 قبل الميلاد) صاحب منارة الإسكندرية

قبل وفاته تنازل بطليموس الأول عن العرش لابنه بطليموس الثاني على الرغم أنَّه لم يكن أكبر أخوته سناً، هذا ما أنشأ صراعاً داخلياً بين أبناء بطليموس الأول نتجت عنه معارك عدَّة استعان فيها الأخوة بأعدائهم لقهر بعضهم، والمفارقة أن لقب بطليموس الثاني كان "المحب لأخوته"!.

حكم بطليموس الثاني مصر بين عامي 285 و247 قبل الميلاد، عرفت خلال هذه الفترة أول تدخل للرومان في تاريخها من خلال المعاهدة التي أبرمها بطليموس الثاني مع الرومان سنة 275 قبل الميلاد، فضمن بذلك دعمهم له، علماً أنَّ الرومان لم يكونوا قد استطاعوا بعد فرض نفوذهم على البطالمة.

فعلياً تمكن الملك بطليموس الثاني من السيطرة على سورية حتَّى بحر إيجا بفضل الأسطول البحري القوي، لكنه عاد ليخسر بعض ما سيطر عليه في معركة خاسرة سنة 257 قبل الميلاد، وعموماً يمكن القول أن الحرب سيطرت على حكم بطليموس الثاني.

إلى جانب نشاطه العسكري الكبير حاول بطليموس الثاني أن يمنح الإسكندرية مزيداً من الاهتمام لتكون حاضرة العالم، ومن أبرز أعماله فيها أنَّه أدخل تحسينات مهمة على البناء، من بينها منارة الاسكندرية التي تعتبر من عجائب الدنيا السبع القديمة، كما أنَّه كلف المؤرخ المصري مانيتون بتدوين تاريخ الفراعنة، وهو صاحب تقسيم الأسرات المصرية المعتمد حتَّى الآن.

بطليموس الثالث "المُحسن" (247 وحتَّى 222 قبل الميلاد)

لم يرث بطليموس الثالث عن والده العرش فحسب، بل ورث عنه أيضاً نشاطه العسكري ورغبته التوسعية، فخاض حملات ناجحة باتجاه سوريا وآسيا الصغرى سنة 246 قبل الميلاد.

ثم واجه محاولة لطرده من سوريا انتهت بتوقيع اتفاقية سلام مع سلوقس الثاني، احتفظ من خلالها بفتوحه بآسيا الصغرى ودمشق وطرابلس وقبرص.

مع هذا المجد العسكري وما ترتب عليه من منافع لدولة البطالمة استحق بطليموس الثالث لقب المحسن، لكن مع موته عام 222 قبل الميلاد انتهى عصر الازدهار في الدولة البطلمية.

بطليموس الرابع "المحب لأبيه" (222 وحتَّى 204 قبل الميلاد)

مع وصول بطليموس الرابع إلى عرش مصر بدأت الأمور تأخذ منحىً آخر، فمن جهة كان الملك الجديد "ضعيفاً ومنحلاً" كما يذكر الدكتور سمير أديب في كتابه (تاريخ وحضارة مصر القديمة).

ومن جهة ثانية صعد إلى الحكم ملوك أقوياء في مقدونيا وسوريا، هما ملك مقدونيا فيليب الخامس وملك سوريا السلوقية أنطيخوس الثالث العظيم.

تحالف الملكان وقررا إنهاء عهد دولة البطالمة في مصر، وكانت المرة الأولى التي يضطر فيها البطالمة للاستعانة بجنودٍ مصريين إلى جانب جيوشهم الأصلية في عام 217 قبل الميلاد، والتي يعتبرها المؤرخون نقطة تحول في تاريخ دولة البطالمة نتيجة إيقاظهم الحنين لدى المصريين لأمجادهم العسكرية الفائتة.

شهد عهد بطليموس الرابع ثورات وتوترات داخلية، كما كان الملك نفسه غارقاً بالمجون وغير قادرٍ على إقناع المصريين بأهليته، فكانت فترة حكمه التي استمرت حتَّى وفاته الغامضة سنة 204 قبل الميلاد بمثابة المسمار الأول بنعش الدولة البطلمية.

دور الانحلال في عهد البطالمة

ورث بطليموس الخامس عن سلفه وضعاً غير مستقر، فقد خسرت الدولة مستعمراتها الخارجية باستثناء قبرص وبرقة، وبدأ بطليموس الخامس محاولة جديدة لاستمالة المصريين من خلال نقل العاصمة من الإسكندرية إلى منف (ممفس)، كما استعان بالمصريين في مناصب عليا.

ويعود حجر رشيد الشهير إلى هذه الحقبة، وهو عبارة عن بيانٍ أصدره المجمع الكهنوتي في منف لشكر وتقدير الملك بطليموس الخامس، وقد تم نقش النص باللغات المصرية الهيروغليفية والديموطيقية إلى جانب اللغة اليونانية، ما سهل على العالِم الفرنسي شامبليون فك رموز اللغة الهيروغليفية في القرن التاسع عشر الميلادي.

استقلال مدينة طيبة في مصر العليا

كما أعلنت مدينة طيبة الجنوبية الثورة على الحكم البطلمي منذ عهد الملك الماجن بطليموس الرابع، لكن الثوار اضطروا للاستسلام بسبب الفيضان، وربما أنَّهم أحسوا أن الملك بطليموس الخامس أفضل من سلفه، لكنَّه كان قاسياً مع ثوار طيبة، فأعلنوا استقلالهم عن البطالمة سنة 187 قبل الميلاد.

على الرغم أن البطالمة تمكنوا بصعوبة من إخماد ثورة طيبة إلَّا أنَّها كانت شرارة لعدَّة ثورات أخرى في مختلف أنحاء مصر، وبدأت القومية المصرية تنهض من جديد.

بطليموس السادس (180 وحتَّى 145 قبل الميلاد)

تزوج بطليموس الخامس من كليوباترا الأولى ابنة ملك سوريا السلوقية انطيخيوس الثالث، وأنجب منها بطليموس السادس الذي خلف أبيه سنة 180 قبل الميلاد تحت وصاية أمه، وكان لقبه "المُحب لأمه"، ومع كليوباترا الأولى دخلت الدماء الشرقية إلى الحكم فهي لم تكن مقدونية خالصة.

استقل بطليموس السادس بالحكم سنة 172 قبل الميلاد، وكان يحكم هو من منف فيما يحكم شقيقه بطليموس الثامن من الإسكندرية، واتحد الملكان لفترة لمواجهة سوريا قبل أن ينفرد بطليموس السادس بالحكم وحده، إلى أن توفي في حروبه لاستعادة جوف سوريا 145 قبل الميلاد.

بطليموس السابع ابن السادس وبطليموس الثامن شقيق السادس

كما ذكرنا فقد تزامن حكم بطليموس السادس مع أخيه بطليموس الثامن (يوارجتيس الثاني)، وبعد موت بطليموس السادس أخذ العرش ابنه بطليموس السابع وكانت كليوباترا الثانية وصية عليه، لم يستمر هذا الوضع إلا شهوراً قليلة حتَّى انفرد بطليموس الثامن بحكم مصر حتَّى سنة 116 قبل الميلاد.

كان بطليموس الثامن عنيفاً، حيث تخلص من ابن أخيه ومن ابنه ليصفو له الحكم، لكنه حاول في نهاية عهده أن يكون أكثر عدلاً وحكمة، كما أنَّه يعتبر فعلياً آخر من حكم مصر مستقلاً، ليبدأ نفوذ روما في مصر البطلمية يتوسع أكثر.

آخر ملوك البطالسة وانهيار دولتهم

تمكنت روما من إخضاع قرطاج عام 202 قبل الميلاد، وبدأت تعمل على انتزاع السلطة في كل إمارات وممالك المتوسط، ولا ريب أن مصر كانت القطعة الأكبر التي تطمح روما لالتهامها، خاصة وأن البطالمة كانوا قد دخلوا في مرحلة من الضعف لن يخرجوا منها حتَّى فنائهم في عهد كليوباترا السابعة.

والملوك الذين حكموا مصر بين بطليموس الثامن وكليوباترا السابعة هم:

  1. بطليموس التاسع "المنقذ الثاني"، حكم بالمشاركة مع أمِّه كليوباترا الثالثة من سنة 116 وحتَّى 107 قبل الميلاد، حيث حرضت والدته الشعب ضده وولت أخاه الإسكندر الأول بدلاً منه.
  2. بطليموس العاشر المعروف أيضاً بإسكندر الأول، هو شقيق التاسع وحكم أيضاً مع أمه كليوباترا الثالثة بين عامي 107 و101 قبل الميلاد، ثم انفرد في الحكم بعد وفاة والدته حتَّى سنة 88 قبل الميلاد، حيث ترك العرش وهرب من وجه الثائرين؛ فعاد سلفه بطليموس التاسع من منفاه في قبرص.
  3. حكم بطليموس التاسع مجدداً حتَّى وفاته سنة 80 قبل الميلاد، خلفته زوجته برنيقة وفق الدكتور ناصر الأنصاري في المجمل لتاريخ مصر، أو أنَّها كانت ابنته وفقاً للدكتور سمير أديب في المرجع السابق.
  4. حكمت برنيقة إذاً، لكنها اضطرت للزواج من ابن بطليموس التاسع الذي عاد من روما، ليصبح هو الملك بطليموس الحادي عشر. ومن القصص الغريبة في هذا العهد أنَّ بطليموس الحادي عشر قتل زوجته غدراً، فثارت ضده أهالي الإسكندرية وقتلوه في اليوم ذاته، بعد أن تجمهروا حوله وركلوه حتَّى الموت.
  5. وصل بطليموس الزمَّار (بطليموس الثاني عشر، دينيسيوس الصغير) إلى حكم مصر وهو أحد أبناء بطليموس التاسع غير الشرعيين، ثم تلته كليوباترا السابعة آخر ملوك البطالمة.

وصول كليوباترا السابعة إلى حكم مصر

بدأت روما تقترب أكثر من السيطرة على مصر في فترة ضعف الملوك البطالمة مستغلة الخلاف بينهم، حيث تقدم يوليوس قيصر قنصل روما آنذاك بمشروعٍ لمجلس الشيوخ يقترح ضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية، وكان الصراع بين كليوباترا السابعة وأخيها بطليموس الثالث عشر فرصة ذهبية للرومان.

ولدت كليوباترا السابعة (Cleopatra VII) عام 69 قبل الميلاد، وهي ابنة ملك مصر بطليموس الثاني عشر الزمَّار، حيث اعتلت العرش بالاشتراك مع أخيها الصغير بطليموس الثالث عشر بناءً على وصية والدها، وكانت آنذاك في الثامنة عشرة من عمرها، بينما كان شقيقها وشريكها في العاشرة تقريباً.

قصة كليوباترا ويوليوس قيصر

فعلياً كانت كليوباترا هي المتحكمة بالمُلك، وهذا ما لم يرق لمستشاري بطليموس الثالث عشر فتمكنوا من إبعادها، فلجأت إلى شرق مصر وأعدت جيشاً من البدو لتستعيد بهم عرشها، لكن وصول يوليوس قيصر إلى عرش روما عام 49 قبل الميلاد أفضى إلى اتفاقٍ بين الأخوة الأعداء هدفه التقرب إلى الإمبراطور الجديد طمعاً باستعادة أمجاد دولتهم.

تمكنت كليوباترا من استمالة يوليوس قيصر إلى جانبها، وفي هذه الأثناء اندلعت حرب الإسكندرية بينها وبين أخيها، فما كان من يوليوس قيصر إلَّا أن انتصر لحبيبته عام 47 قبل الميلاد، فقام بقتل بطليموس الثالث عشر وأتباعه.

عادت كليوباترا إلى الحكم مع أخيها الأصغر بطليموس الرابع عشر، وأنجبت من قيصر طفلها بطليموس قيصر (قيصرون) الذي حكم إلى جانبها حتى وفاتها، وكانت تعدُّه ليكون إمبراطور المستقبل.

قصة كليوباترا ومارك أنتوني

أعلن يوليوس قيصر سنة 44 قبل الميلاد نفسه حاكماً مطلقاً لروما وسط خلافات كبيرة في البيت الروماني الداخلي، فقام أعداؤه باغتياله في شهر آذار/مارس من العام نفسه، ونشب خلاف بين قادة جيشه؛ أوكتافيوس المعروف بـ (أغسطوس) الذي أراد ضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية من جهة، وماركوس أنطونيوس المعروف أيضاً بـ (مارك أنتوني).

بقيت عين كليوباترا تراقب هذا الصراع عن كثب لأنها عرفت أن نتائجه سترسم خريطة العالم، فحاولت كليوباترا التقرب من أنطونيو الذي وقع في حبها بعد أن ذهبت إليه خلسة أثناء زيارته إلى مصر، وتزوجها لاحقاً.

وقعت معركة أكتيوم عام 31 قبل الميلاد، بين أوكتافيوس وأنطونيوس حبيب كليوباترا وزوجها، لكن الرياح سارت عكس ما أرادت آخر ملكات البطالمة، حيث انتهت المعركة بهزيمة أنطونيوس عام 30 قبل الميلاد.

أقدم مارك أنتوني (أنطونيوس) على الانتحار، ثم تبعته كليوباترا بعد سماعها خبر هزيمته، حيث انتحرت بأن تركت أفعى الكوبرا المصرية السامة تلدغها في ذراعها أو يقال في ثديها، لتختتم بموتها عصر أسرة البطالمة في العاشر من آب/ أغسطس عام 30 قبل الميلاد، حيث وقعت مصر تحت حكم الرومان في عهد أوكتافيوس.

أخيراً... مع نهاية دولة البطالمة وبداية العهد الروماني دخلت مصر والعالم في مرحلة جديدة تماماً من الهيمنة الرومانية، وعلى الرغم من التأثير الكبير للحضارة الإغريقية في الشرق القديم إلَّا أن الرومان تمكنوا من الاستقرار فترة أطول واستطاعوا ترك أثر كبير في ثقافة شعوب المنطقة.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار