التهاب الكبد الوبائي C وD وE

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 20 فبراير 2023
التهاب الكبد الوبائي C وD وE

لفيروس التهاب الكبد الوبائي (بالإنجليزية: Viral Hepatitis) 5 أنماط رئيسية، هي: (A، B، C، D، E)، اثنان منها فقط يحملان خطر الإزمان (أن يصبح المرض مزمناً) والتطور إلى خباثة أو قصور كبدي شديد، وهما فيروسا B وC، وتتنوع أساليب انتقال هذه الفيروسات إلى جسم الإنسان، كما تختلف المشعرات المخبرية التي تفرّق هذه الفيروسات الخمسة عن بعضها، غير أنها تشترك فيما بينها بالأعراض السريرية والتي لا يشترط ظهورها الأكيد لدى جميع المرضى، في هذا المقال نتحدث بشكل مفصل أكثر عن التهاب الكبد الوبائي C وD وE.

التهاب الكبد الوبائي C

لفتت منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى ازدياد تعداد المصابين عالمياً بالنمط المزمن من التهاب الكبد C، والذي بلغ 71 مليوناً حول العالم، مشيرة إلى أن أغلب الوفيات المرتبطة بهذا النمط الفيروسي تنجم بشكل أساسي عن المراحل المتقدمة وما يتبعها من تشمع كبدي وقصور وظيفي شديد في الكبد.

تكمن خطورة هذا النمط الفيروسي في قدرته على البقاء في جسم الإنسان لفترات طويلة نسبياً قد تفوق 6 أشهر، ناقلاً بذلك مستوى الحالة الالتهابية في الكبد إلى مرحلة الإزمان، مما قد يرفع كثيراً خطر حدوث التشمع الكبدي وسرطانة الخلية الكبدية.

وفي هذا الصدد، نشير إلى أن نسبة تصل إلى 50 -55% من المصابين بهذا النمط الفيروسي قد تتطور حالتهم إلى الإزمان، بينما لا يبلغ تعداد المصابين بالتشمع بين جموع حالات الإزمان غير 15-30% منهم وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية المذكورة أعلاه. [1]

الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي C

يصل هذا الفيروس إلى جسم الإنسان عبر استعمال الحقن الملوثة به، بشكل أساسي لدى متعاطي المخدرات وعمليات نقل الدم غير الآمنة، يضاف لها استخدام الأدوات الطبية غير المعقمة بشكل جيّد والحاوية على هذه الجزئيات الفيروسية، ويمكن للحامل المصابة بالتهاب الكبد الفيروسي C أن تنقل المرض لجنينها أثناء الولادة.

كما يمكن للتماس المباشر مع أدوات المصاب الشخصية كفرشاة أسنانه مثلاً أن تعرض الإنسان السليم لخطر انتقال الفيروسات إليه وذلك لقدرتها على إحداث نزف لثوي بسيط كافٍ لنقل الفيروسات الممرضة إلى الفرشاة.

وقد تشاهد حالات قليلة الانتشار تنجم عن الممارسات الجنسية مع الأفراد المصابين بالتهاب الكبد C وتعدد الشركاء الجنسيين. وعليه نستطيع القول إن فيروس التهاب الكبد C ينتقل بشكل أساسي عبر السبيل الدموي، ولا يتورط السبيل البرازي-الفموي أبداً في انتشار الفيروس بين فئات المجتمع، كما أن العناق وتناول الوجبات مع المصابين لا يحملان خطر انتقال العدوى إطلاقاً. [1]

أعراض الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي C

لا تظهر الأعراض المرضية الخاصة بالتهاب الكبد الفيروسي لدى نسبة عالية من مصابي النمط C قد تصل إلى 80%، وفي الحالات المتبقية من المرضى 20%، تبلغ فترة الحضانة 6-7 أسابيع ريثما تتجلى مجموعة المظاهر المتعلقة بالتهاب الكبد الفيروسي والمشتركة بين أنماطه الخمسة، وهي: [1]

  • التعب والوهن العام.
  • الحمى.
  • نقص الشهية.
  • الغثيان والإقياء.
  • آلام مفصلية.
  • آلام بطنية قد ترتكز في القسم العلوي الأيمن من البطن، أو قد تكون معممة شاملة.
  • حدوث ضخامة كبدية واضحة في بعض الأحيان.
  • تحول لون البراز إلى الأبيض، مع تبدل لون البول إلى الغامق (لون الشاي تقريباً).
  • ظهور اللون الأصفر اليرقاني على الجلد وبياض العين (الصُّلبة).

يتحرى الطبيب في العينة الدموية المأخوذة من المريض عن الأضداد المصلية التي يطوّرها جهازه المناعي كوسيلة دفاعية ضد فيروس التهاب الكبد C.

وبعد النتيجة الإيجابية لهذا الاختبار، يتابع الطبيب من خلال تحديد مستوى الضرر الذي بلغ الكبد عبر أخذ خزعة نسيجية (بالإنجليزية: Biopsy) لمشاهدتها بتكبير عالٍ عبر استعمال المجهر الضوئي؛ بغية إيجاد التبدلات التي طرأت على مكونات الكبد وتحديد درجة خطورتها، كحدوث التليف أو التشمع الكبدي. [1]

علاج التهاب الكبد الوبائي C والوقاية منه

لم يتوافر حتى اللحظة لقاح فعّال ضد فيروس التهاب الكبد C، إنما تقتصر المعالجة الطبية للمرضى العرضيين على استعمال الأدوية المضادة للفيروسات (بالإنجليزية: Antiviral Medicines) التي تساهم في شفاء ما يزيد عن نسبة 95% من مرضى هذا الالتهاب مع تخفيض احتمالية تطور الحالة إلى التشمع الكبدي، ومن ضمن هذه الأدوية: سوفوسبوفير (بالإنجليزية: Sofosbuvir)، وداكلاتاسفير (بالإنجليزية: Daclatasvir).

تبقى الوقاية خير ضمان من انتشار وباء التهاب الكبد الفيروسي C في المجتمع، وذلك عبر التخلص الفوري من الحقن الوريدية بعد استعمالها، إضافة إلى حرص الكوادر المخبرية الدائم على فحص العينات الدموية وتنقيتها من جميع العوامل الممرضة قبل تخزينها (فيروسي التهاب الكبد C وB، والجرثومة المسببة للزهري، وفيروس HIV المسؤول عن مرض الإيدز).

ولا ننسى أبداً أهمية التوعية الجنسية بالأمراض المنتقلة عبر الممارسات الجنسية غير الآمنة، والحد من ظاهرة تعدد الشركاء الجنسيين التي تحمل مخاطر كبيرة لانتقال جميع أشكال هذه الأمراض بما فيها التهاب الكبد الوبائي C. [1]

التهاب الكبد الوبائي D

قد يصاب الفرد بفيروس التهاب الكبد الوبائي D، إما بالمشاركة المتزامنة مع فيروس التهاب الكبد الوبائي B، أو كعدوى إضافية بعد إصابة الفرد مسبقاً بفيروس نمط B، غير أن أكثر الحالات يتشارك فيها معاً فيروسي التهاب الكبد B وD في الإمراضية، نظراً لحاجة فيروس D الشديدة إلى وجود النمط B بغية التضاعف وإكثار أعداده ضمن العضوية.

تجدر الإشارة إلى أن الخمج المشترك الذي يتورط فيه فيروسا B وD معاً في حدوث الالتهاب الكبدي هو أشد وطأة وحدّة وخطراً أيضاً من الإمراضية التي يسببها فيروس التهاب الكبد B بشكل معزول. [2]

الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي D

تتشابه طرق انتقال فيروس التهاب الكبد D كثيراً مع النمط B، فنلاحظ سيطرة جميع أشكال الأدوات والحقن الوريدية الملوثة في نقل العدوى إلى الأصحاء، إضافة إلى استعمال الأدوات الطبية الملوثة بجزيئات فيروس التهاب الكبد D.

كما أن الممارسات الجنسية غير الآمنة -بما فيها كثرة الشركاء الجنسيين لدى مغايري الجنس (بالإنجليزية: Heterosexuals) والنشاطات الجنسية التي يمارسها الذكور فيما بينهم مثليي الجنس (بالإنجليزية: Homosexuals)- ستساهم بشكل كبير في نقل الإمراضية.

كما أن الأم المصابة بالخمج الفيروسي المشترك (B وD معاً) ستنقل العوامل الممرضة لجنينها أثناء الولادة، ويُذكر أن لعمليات الأوشام (بالإنجليزية: Tattoos) ووضع الأقراط في أماكن مختلفة من الجسم (بالإنجليزية: Piercing) دوراً مهماً في نقل العدوى، لا سيما إن كانت الأدوات المستعملة لإجراء هاتين العمليتين غير معقمة بشكل جيّد وملوثة بالفيروسات. [2]

علاج التهاب الكبد الوبائي D

أشارت منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن مجمل الإصابات التي يسببها فيروس نمط D بمشاركته الآنية مع النمط B ستتعافى بشكل تام، ونادراً ما يتطور الالتهاب إلى طور الإزمان (أقل من 5%).

من جهة أخرى، يحمل الخمج بفيروس نمط D الذي يضاف إلى مرضى التهاب الكبد نمط B خطراً كبيراً (بالإنجليزية: Super infection) لاشتداد المرض وانتقاله إلى طور الإزمان، مما يعرض الفرد المصاب لمخاطر أشد تتعلق بسلامة الكبد وأدائه وظيفياً، كالتليف الكبدي والتشمع.

نعيد القول مجدداً أن الأعراض المرضية (إن ظهرت طبعاً لدى الأفراد) تتشابه حتماً بين أنماط الفيروسات الخمسة التي تتورط في إحداث التهاب الكبد، وحالما يشتبه الأطباء بالتهاب الكبد الفيروسي نمط D لدى الفرد، يسارعون لإجراء الفحوصات المخبرية التي تثبت صحة تشخصيهم المبدئي.

فنجد ارتفاع مستويات الأضداد (مواد بروتينية) التي يوجهها جهازنا المناعي بشكل نوعي تجاه هذا النمط الفيروسي، وهي الغلوبيولين المناعي (Ig G) و(Ig M)، ولمزيد من المعلومات المؤكدة، يتحرى الأطباء عن وجود الحمض النووي (RNA) الخاص بفيروس التهاب الكبد D في مصل المريض.

لا يوجد حتى الآن لقاح مضاد لالتهاب الكبد D، بل يبقى لحقن الإنترفيرون المديد (مواد بروتينية فعّالة في مواجهة العوامل الممرضة) دور أساسي في مجابهة فيروس التهاب الكبد D. [2]

الوقاية من التهاب الكبد الوبائي D

نستنتج بديهياً أن للابتعاد عن جميع الوسائل والطرق الكفيلة بنقل فيروس التهاب الكبد D (بشكل متشارك (بالإنجليزية: Coinfection) أو إضافي (بالإنجليزية: Super infection)) مع فيروس نمط B دور مهم في الوقاية، نذكر منها ضرورة استعمال الحقن الوريدية مرة واحدة مع تعقيم الأدوات الطبية وتلك المستعملة لإجراء الأوشام قبيل استخدامها.

يضاف لها تجنب جميع أشكال الممارسات الجنسية غير الآمنة صحياً مع استعمال الواقي الذكري (بالإنجليزية: Condoms) الذي يؤمن حماية بالغة من الأمراض المنتقلة جنسياً بنسبة تصل إلى 97%، وللكوادر الطبية المخبرية أيضاً مهمة كبرى تقوم على فحص أكياس الدم وتصفيتها من العوامل الممرضة قبل تخزينها.

ولا ننسى أبداً أهمية أخذ اللقاح الخاص بالتهاب الكبد الوبائي B في حماية الأصحاء من الإصابة المشتركة، لا سيما أن فيروس B ضروري جداً لتضاعف فيروس D ضمن العضوية كما أشرنا مسبقاً. [2]

التهاب الكبد الوبائي E

تتأثر جميع فئات المجتمع حول العالم بفيروس التهاب الكبد الوبائي E، غير أن البيئات النامية التي تفتقر بشكل أساسي إلى الخدمات الطبية الصحية، كدول آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا، ستتسع رقعة الإصابات فيها بشكل كبير.

ينتقل فيروس التهاب الكبد نمط E إلى أجسام الأصحاء عبر السبيل البرازي-الفموي، ليتورط الشراب والطعام الملوثان ببراز المصاب في نقل الإمراضية بين فئات المجتمع، وعليه فإن لاتباع قواعد النظافة والصحة العامة دوراً أساسياً في الحد من انتشار الوبائيات.

لقد سجلت حالات قليلة في الأدب الطبي لوحظ فيها؛ انتقال فيروس التهاب الكبد E بطرق أخرى، كتناول لحوم الحيوانات غير المطهية جيّداً والحاوية على الجزئيات الفيروسية، يضاف لها نقل الدم المخموج بفيروس التهاب الكبد E إلى الأصحاء، مع دور الأم المصابة في نقل العامل الممرض إلى جنينها أثناء الولادة.

ومع ذلك، يبقى السبيل البرازي-الفموي الوسيلة المسيطرة لنقل هذا العامل الممرض بشكل كبير بين أفراد المجتمع. [3]

تشخيص الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي E

تتراوح فترة الحضانة وسطياً بين 5-6 أسابيع ريثما تظهر الأعراض المتشابهة سريرياً بين الأنماط الفيروسية الخمسة المسببة لالتهاب الكبد، وتشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن المصاب سيبقى معدياً لغيره لفترة تستمر 3-4 أسابيع بعد تجلي الأعراض المرضية.

ينبغي التنويه إلى أن تطور الحالة الالتهابية الحادة إلى الإزمان تعتبر نادرة جداً في سياق الإصابة بفيروس نمط E، وعادة ما يحمل المثبطون مناعياً خطراً كبيراً في نقل مستوى المرض إلى المرحلة المزمنة، لا سيما أولئك الذين قاموا بعمليات زرع الأعضاء (بالإنجليزية: Organ Transplantation).

يتأكد الأطباء من إصابة الأفراد بفيروس التهاب الكبد E عبر إيجاد الغلوبيولينات المناعية (Ig M) في مصل المصاب، إضافة إلى إجراء تفاعل السلسلة المبلمر (بالإنجليزية: Chain Reaction Polymerase) الذي يقوم على إيجاد الحمض النووي (RNA) الخاص بفيروس التهاب الكبد نمط E في المصل أو البراز. [3]

علاج التهاب الكبد الوبائي نمط E والوقاية منه

لا يتوفر لقاح مضاد لفيروس التهاب الكبد E، ونادراً ما يحتاج المصابون به إلى البقاء في المشفى بغية الحصول على الدعم الطبي اللازم، وتتركز مهمة الأطباء بشكل أساسي على معالجة الأعراض الظاهرة من خلال تعويض السوائل والشوارد مع تخفيض الحرارة وتسكين الآلام.

أما عن الإصابات المزمنة لدى المرضى المثبطين مناعياً، فتشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى فائدة استعمال مضادات الفيروسات لعلاج المريض، كالريبافيرين (بالإنجليزية: Ribavirin)، كما أن لحقن الإنترفيرون دوراً مهماً في علاج هذه الفئة أيضاً. [3]

ختاماً، استعرضنا معاً الأنماط الفيروسية المتبقية والمتورطة في إحداث فيروس التهاب الكبد الوبائي، ونذكرك دوماً أن لطرق الوقاية الخاصة بكل نمط دور لا يستهان بأهميته في الحد من انتشار الوبائيات بشكل كبير، ولن ننسى أبداً أهمية استشارة الأطباء حول جرعات اللقاح الخاصة بنوعي A وB، وعن طرق التحصين الكافية واللازمة لمنع الإصابة عند الأصحاء قبيل سفرهم إلى مناطق موبوءة.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار