التهاب الكبد الفيروسي

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 07 يونيو 2021
التهاب الكبد الفيروسي

يعتبر التهاب الكبد الفيروسي السبب الأكثر شيوعاً لالتهابات الكبد حول العالم، وقد قُسّم إلى خمسة أنواع تبعاً للفيروس المسبب له وهي: A ، B ، C ، D و E.

هذا ويعد الخمج بفيروسي A  و B الأوسع انتشاراً قياساً لباقي الأنواع. تختلف أسباب العدوى وكيفية الانتقال بين نوع وآخر.

ويمكن القول أن بعض حالات التهاب الكبد الفيروسي تتراجع بمفردها دون أي تدخل علاجي، وفي حالات أخرى يمكن لهذا الالتهاب أن يستمر لفترة تزيد عن ستة أشهر.

ليدخل في مرحلة الإزمان التي تزيد مخاطر حدوث التشمّع (Cirrhosis) وسرطان الخلية الكبدية (Hepatocellular carcinoma).

 

لمحة عامة عن وظائف الكبد وتأثير أذياته المختلفة عليها

يعد الكبد واحداً من أهم الأعضاء التي تلعب أدواراً هامة ومتعددة في جسم الإنسان، حيث يقوم بتخزين وتنظيم إنتاج السكريات والشحوم.

إضافة إلى إنتاج عوامل التخثر الدموية واستقلاب الكحول وبعض الأدوية وتخليص الجسم من المواد السامة. ينتج الكبد كذلك بروتين الألبومين (أهم البروتينات المصلية).

كما يتدخل في تنظيم مستويات كولسترول الدم وهرمون الدرق والهرمونات الجنسية. وعليه فإن الأمراض التي تؤثر على الكبد مهما كانت أنواعها فهي ستؤثر حكماً على وظائفه المختلفة.

لينحدر أداؤه بشكل قد نستطيع تقصيه أثناء الفحص السريري (ضخامة الكبد) وعبر نتائج الفحوصات المخبرية (ارتفاع بعض الأنزيمات الكبدية الموجودة بشكل طبيعي ضمن خلاياه إثر تأذيها).

نشير إلى أن الأذيات الكبدية قد تتطور بشكل خطير مسببة قصوراً في وظيفة الكبد (Liver Failure) قد يكون شديداً ومسبباً للوفاة.

 

إلتهاب الكبد الفروسي A

يسبب الخمج بهذا الفايروس التهاباً كبدياً معتدلاً أو شديداً، ويعتبر محدداً لنفسه عادة ويندر له أن يتطور إلى الإزمان الذي يقود بنسبة كبيرة إلى حدوث التشمع الكبدي أو الخباثات.

كما نوّهت منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن خطورة الخمج (العدوى) بهذا الفايروس ترتفع في الأوساط التي تقل فيها أهمية التوعية بنظافة الأطعمة ومياه الشرب.

ولا سيّما أن انتقال هذا الفايروس يتم عبر السبيل البرازي- الفموي، الذي يعتمد على تناول الأطعمة والمشروبات الملوثة به، إذ يمكن لهذا التلوث أن ينجم مثلاً عن إهمال المصاب لغسل يديه بعد استخدام المرحاض.

وتحضير الطعام وطهيه بدرجة حرارة لا تكفي لقتل الفيروسات.

يمكنه كذلك أن يساهم بنقل الفيروسات إلى الطعام المطهيّ عبر تقديمه بيديه الملوثتين إلى أفراد أسرته وأصدقائه.

أما عن البيئات التي تفتقر إلى التوعية والخدمات الصحية، ستتلوث مياه الشرب والأغذية ببراز الأفراد المخموجين، ولا ننسى أيضاً أن التماس القريب والمباشر مع المصابين سيساهم بدوره في نقل العدوى إلى الأصحاء.

تبلغ حضانة هذا الفايروس في الجسم حوالي 12 إلى 50 يوماً إلى أن تظهر الأعراض الخاصة بالتهاب الكبد الفيروسي، والتي يشتكي منها البالغون عادة بنسبة تصل إلى 80% من حالات خمج هذه الفئة العمرية.

بينما تبقى الإصابة غير ملحوظة بنسبة 70% لدى معظم الأطفال تحت عمر الست سنوات مع حالات قليلة سُجّلت فيها اتضاح الأعراض وظهورها عندهم.

أعراض الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي A

تتماثل أعراض التهاب الكبد الفيروسي بين أنواعه الخمسة، غير أنها تمتاز عن بعضها البعض بواسطة المشعرات المخبرية التي تساعد الأطباء على تأكيد تشخيص التهاب الكبد الفيروسي.

ويستعرض موقع (CDC) الأعراض الخاصة بهذا الالتهاب لتشمل:

  • التعب والوهن العام.
  • نقص الشهية.
  • الترفع الحروري (ارتفاع درجة حرارة الجسم).
  • الغثيان والإقياء.
  • الآلام البطنية.
  • براز فاتح اللون.
  • اللون اليرقاني (الأصفر) الملاحظ على الجلد وصلبة العين (بياض العين).
  • بول غامق اللون.
  • الآلام المفصلية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الأعراض تستمر في حالة التهاب الكبد الفيروسي A لفترة تقل عن شهرين، وفي حالات نادرة يمكنها أن تبلغ الإزمان (أي إذا تجاوزت 6 أشهر) رافعة بذلك خطورة حدوث التشمع الكبدي والتسرطن.

مقاومة ومناعة الجسم ضد التهاب الكبد الفيروسي A

تقوم وظيفة جهازنا المناعي عموماً على حماية العضوية (أعضاء الجسم)؛ من العوامل الممرضة والأجسام الغريبة التي تتعرض لها بين حين وآخر، ويدافع الجهاز المناعي بوسائل مختلفة وطرق متنوعة.

كأن ينتج أضداداً نوعيّة موجهة نحو العوامل الممرضة بغية مهاجمتها والقضاء عليها، وعليه يقوم الأطباء بإجراء تحاليل مخبرية لمريض يشتبهون بإصابته بالتهاب الكبد الفيروسي A بحثاً عن أضداد نمط (IgM)  في مصله لتأكيد التشخيص.

وبشكل إضافي، يمكن الاعتماد على تفاعل البوليميراز المتسلسل (Polymerase Chain Reaction) لتشكيل نسخ متعددة لجزء من الحمض النووي بغية إيجاد RNA الخاص بفيروس التهاب الكبد A لديه أيضاً.

ويقتضي التنويه أن الإصابة بفايروس التهاب الكبد A سيؤمن مناعة دائمة ضده تجعل الفرد محمياً من تكرار الإصابة.

الوقاية وعلاج التهاب الكبد الفيروسي A

حتى الآن، لا يوجد علاج دوائي خاص ونوعي يشفي المرضى من التهاب الكبد الفيروسي A، هذا ويمنع استخدام الأدوية التي تستقلب كبدياً في علاج الآلام أو ارتفاع الحرارة لدى المريض كالباراسيتامول مثلاً.

وتلك المستعملة لإيقاف الإقياءات أيضاً تحت توصيات من منظمة الصحة العالمية (WHO)؛ نشير إلى ضرورة تعويض السوائل والشوارد لدى المريض منعاً من حدوث التجفاف التالي للإسهالات والإقياءات لديه.

يتوفر لقاح مضاد لالتهاب الكبد الفيروسي A، الذي يتألف بشكل أساسي من الفيروس بشكله غير المفعّل، وقد أقرت الجهات الطبية المعنية في أمريكا بإعطائه بدءاً من عمر 12 شهراً فما فوق.

وتأتي أهميته في الانخفاض الملحوظ الذي سجلته الولايات المتحدة الأمريكية لانتشار الوبائيات المتعلقة بالتهاب الكبد الفيروسي A بنسبة 95% عام 1995.

ينصح بإعطاء هذا اللقاح بشكل ضروري إلى الأفراد المسافرين لمناطق ينتشر فيها هذا المرض بشكل كبير، إضافة إلى المضعفين والمثبطين مناعياً الذين ستشكل إصابتهم بهذا المرض تهديداً كبيراً لصحتهم.

يمكن إعطاء الغلوبيولين المناعي لتوفير حماية مؤقتة تقارب ثلاثة أشهر قبيل السفر مثلاً إلى المناطق الموبوءة.

تبقى للنظافة أهمية كبرى في تأمين الوقاية ضد التهاب الكبد الفيروسي نمط A، كما أن الالتزام بقواعد الصحة العامة سيحد من نقل وانتشار وتلقي العدوى بشكل كبير.

كغسل اليدين الجيد بالماء الفاتر والصابون قبل تحضير الطعام وأثناءه وبعد الانتهاء منه وقبيل تقديمه، وبعد الخروج من المرحاض وتغيير حفاضات الأطفال، إضافة إلى التأكيد على نظافة السطوح المنزلية والأدوات.

 

طرق انتشار العدوى بالتهاب الكبد الفيروسي B

ينتشر هذا الالتهاب بشكل واسع حول العالم، وتكمن خطورته في إزمانه وإمكانية استمراره لفترات طويلة تتجاوز ستة أشهر في بعض الحالات المرضية.

رافعاً بذلك خطورة حدوث التشمع وسرطانة الخلية الكبدية (Hepatocellular Carcinoma). إحصائياً، يبلغ عدد الوفيات الناجمة عن التهاب الكبد الفيروسي B المزمن حول العالم ما يقارب 786 ألف شخص وفقاً لما نشره موقع (CDC).

يتواجد هذا الفايروس بعد الخمج به في سوائل الجسم كالدم والسائل المنوي والمفرزات المهبلية، لينتقل بذلك من المصاب إلى السليم عبر الممارسات الجنسية.

واستعمال الحقن الملوثة بدم المصاب في محلات صنع الأوشام ( Tattoos) ولدى متعاطي المخدرات.

إضافة إلى عمليات نقل الدم المخموج بهذا الفايروس إلى السليمين منه، ومشاركة الأدوات الشخصية مع الآخرين كشفرات الحلاقة وفرشاة الأسنان. من جهة أخرى.

يستطيع هذا الفايروس أن ينتقل من الأم المصابة إلى جنينها أثناء الولادة (الانتقال العاموديّ)، كما أن للأدوات الطبية السنية أو الجراحية المخموجة بهذا الفايروس دور مهم في نقل العدوى للأصحاء.

نشير بالضرورة إلى أن العطاس والسعال والعناق لا تسبب الخمج بهذا الفايروس، ويغيب دور السبيل البرازي-الفموي في نشر العدوى أيضاً.

ترتفع خطورة الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي B لدى الأطفال المولودين لأمهات مصابات به، كذلك لدى الكوادر الطبية في المشافي والمستوصفات المعرضين لوخزات مفاجئة بإبر استعملت مسبقاً لسحب عينات دموية لمريض مخموج مثلاً.

إضافة إلى متعاطي المخدرات الوريدية أو الذكور غير الممنعين الذين يمارسون الجنس مع ذكور مصابين، إلى جانب تعدد الشركاء الجنسيين لدى متغايري الجنس (Heterosexuals).

ولانغفل الإمكانية العالية للخمج بهذا الفايروس عند السفر إلى الأماكن الموبوءة التي تنتشر فيها حالات التهاب الكبد الفيروسي B بشكل واسع.

كما أن التماس القريب والمباشر مع مرضى الإزمان سيساهم في نقل العدوى لدى الأصحاء أيضاً.

أعراض التهاب الكبد الفيروسي B

لالتهاب الكبد الفيروسي B نفس الأعراض التي تعرفنا عليها سابقاً في التهاب الكبد الفيروسي A، وهي تظهر عادة بعد فترة حضانة تعادل 90 يوماً بشكل وسطيّ، علماً أن حدوثها يعتمد على عمر الأفراد المخموجين بهذا الفايروس.

حيث تظهر لدى الأطفال بعمر خمس سنوات فما فوق بنسبة تترواح بين 30 إلى 50%، في حين يبقى الأطفال تحت سن الخمس سنوات لا عرضيين في أغلب الحالات.

يمكن لهذا الالتهاب أن يتطور في بعض الحالات إلى الشكل المزمن، رافعاً بذلك خطورة حدوث تشمع الكبد (Liver Cirrhosis) أو الإصابة بسرطانة الخلية الكبدية.

ووفقاً للإحصائيات التي ذكرتها منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن 80-90% من الأطفال بعمر السنة يطورون الحالة الالتهابية إلى الإزمان.

غير أن 30-50% فقط ينتقلون إلى مرحلة الالتهاب المزمن إذا خمجوا قبل أن يبلغوا من العمر ست سنوات.

تجدر الإشارة إلى أن 95% من البالغين المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي B سيحققون شفاءً تاماً ونسبة منهم تقل عن 5% يطورون الحالة إلى الإزمان.

نظراً لصعوبة تمييز أنماط التهاب الكبد الفيروسية عن بعضها باعتمادنا على الأعراض السريرية المتشابهة فيما بينها، تأتي أهمية الفحوص المخبرية في التشخيص الأكيد والمميز بين هذه الأنواع.

يبحث الأطباء في مصل المصاب عن المستضد (يشير إلى البروتينات الموجودة على سطح الأجسام الغريبة.

والتي يميّزها جهازنا المناعي فور دخولها إلى جسدنا ليطلق الفعاليات التي تهدف إلى الدفاع عن الجسم والقضاء على هذه العوامل الممرضة والغريبة) السطحي HBsAG الخاص بهذا النوع من الالتهاب الكبدي الفيروسي.

إضافة إلى الضد IgM الموجه نحو المستضد الداخلي HBcAG، كما يبدي مرضى هذا الالتهاب ارتفاعاً مصلياً ملحوظاً للمستضد HBeAG.

الذي يشير إلى قدرة الفايروس على تضاعفه بأعداد كبيرة ومنبهاً إلى خطورة هؤلاء الأفراد وقابليتهم الشديدة في نقل العدوى إلى الأصحاء.

هذا و يعتبر استمرار ارتفاع HBsAG لمدة ستة أشهر على الأقل علامة هامة تنبه الأطباء إلى الخطورة العالية لانتقال هذا الالتهاب إلى مرحلة الإزمان.

الوقاية وعلاج التهاب الكبد الفيروسي B

لا يوجد علاج نوعي مخصص لالتهاب الكبد الفيروسي B بشكله الحاد، بل يقوم تدبيره بشكل أساسي على تأمين راحة المريض وتوفير الغذاء الصحي المتوازن له وتعويض السوائل المفقودة.

يلجأ الأطباء إلى استعمال أدوية مضادة للفيروسات عند انتقال الالتهاب إلى شكله المزمن، نذكر منها Tenofovir الذي يثبط تكاثر الفيروسات ضمن الخلايا الكبدية وتحدد جرعاته الخاصة من قبل الأخصائي المشرف على حالة المريض.

يمكن في حالات قليلة أن تضاف حقن الانترفيرون كوسيلة علاجية بالمشاركة مع مضادات الفيروسات، وهي وسيلة غالية الثمن وليست ضرورية في كافة الحالات كما أشرنا.

يتوفر لقاح مضاد لالتهاب الكبد الفيروسي B يعطى لحديثي الولادة مباشرة بعد ولادتهم أو خلال 24 ساعة منها.

هذا وتوصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بضرورة أخذ اللقاح من قبل الأطفال والمراهقين غير الممنعين تجاه التهاب الكبد الفيروسي B فور انتشار المرض وتفشيه في منطقتهم.

يؤمن هذا اللقاح حماية لفترة طويلة تصل إلى 20 سنة وربما مدى الحياة، وهو مقسم على 3 أو أربع جرعات محددة بشكل دقيق ضمن جدول التلقيح الخاص بالتهاب الكبد الفيروسي.

أثبت لقاح التهاب الكبد الفيروسي B فعالية كبيرة في منع حدوث المرض لدى الأفراد الممنعين به، وأوردت منظمة الصحة العالمية أن تطور الإزمان قد انخفض لدى الأطفال الممنعين بشكل كبير جداً.

إلى أن وصلت نسبة الوصول إلى الإزمان إلى 1% وربما أقل لديهم.

بعد أن تعرفنا معاً على الأسباب والعوامل المساعدة لانتقال هذا الفايروس، نستطيع الاستنتاج أن لضرورة فحص الدم وتأكيد خلوّه من العوامل الممرضة أهمية كبرى في وقاية الأفراد المحتاجين لنقل الدم.

إضافة إلى ضرورة انتباه الكوادر الطبية والعاملين في المجال الصحي أثناء التعامل مع الحقن العضلية أو الوريدية وعمليات سحب الدم أو نقله.

من جانب آخر، تلعب التوعية الجنسية دوراً كبيراً في وقاية الأفراد من كافة أشكال الأمراض التي يحتمل انتقالها عبر الممارسات الجنسية غير الآمنة.

تأتي في مقدمتها فائدة الحد من عدد الشركاء الجنسيين وأهمية استخدام الواقيات (Condoms) التي تمنحنا أماناً وحماية قد تصل إلى 98% من الأمراض المنتقلة بالجنس.

في ختام المقال... لقد استعرضنا آلية الانتقال الخاصة بكل من فايروسي التهاب الكبد A و B، مع طريقة العلاج المتبعة حالياً لكل منهما.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار