كيف نتغلب على طيبة القلب الزائدة؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 30 أكتوبر 2022

"طيبة القلب الزائدة" هي الإجابة النمطية لدى العديد من الناس عندما يُطرح عليهم سؤال "ما هو الجانب الذي تعانون منه في شخصيتكم؟"، وقد يكون الشخص مغروراً ومتكبراً وسيئ الطباع، ما يجعله بعيداً كل البُعد عن طيبة القلب، فإذا كنت تعاني حقاً من استغلال الناس لطيبة قلبك، تابع قراءة هذا المقال لتتمكن من التخلص من هذه المشكلة.

استغلال طيبة القلب

بالملاحظة البسيطة يمكن تتبع مدى استخدام صفة "طيبة القلب"، للتعبير عن الوقوع تحت الظلم والتضحية والإيثار إلى آخره من الصفات التي يحب معظم الناس أن يمتلكوها، بل يقولون إنهم يمتلكونها فعلاً. [1]

فإذا تابعنا المقابلات مع الفنانين والمشاهير، نجد أن الحديث عن طيبة القلب هو الصفة الغالبة لدى معظمهم، كذلك لا بد أن معظم الأصدقاء يشكون من طيبة القلب أيضاً، فإذا كانت كل هذه القلوب بيضاء وطيبة، أين هم الأشرار؟ [1]

لنتفق إذاً على وجود صورتين من استغلال صفة طيبة القلب: [1]

  • إما أن يتم استخدامها من باب المسكنة أو التظاهر بالضعف وقلَّة الحيلة، للوصول إلى أهداف معينة، أو للتهرب من بعض الصفات السيئة.
  • وإما أن يتم استخدامها نتيجة ميول نفسية للوقوع تحت الظلم بشكل دائم (المازوخية)، وغالباً ما يرفض الأشخاص في هذه الحالة أي حلول للتخلص من الظلم، وكأنهم مصابون بمتلازمة ستوكهولم.

صفات القلب الطيب

إذا كنت من أصحاب القلب الطيب، فلا بد أنك ستعرف ما الذي نتحدث عنه، فهذه الأمور هي ما تميز طيبي القلب عن غيرهم من مُدَّعي الطيبة: [1]

  1. الأشخاص طيبو القلب يجدون صعوبة كبيرة في الرفض، فهم يتجنبون قول (لا) قدر المستطاع، حتى عندما يتخذون قراراً داخلياً برفض أمر ما، يصلون إلى مرحلة المواجهة ويغيرون قرارهم فيقولون (نعم).
  2. يقف الأشخاص طيبي القلب عاجزين أمام الإهانات، ولا يستطيعون الدخول في سجالات طويلة من الأخذ والرد.
  3. يتمتع صاحب القلب الطيب بنظرة حالمة إلى الأمور، ويشعر بالصدمة في كل مرة تخيب بها آماله، وكأنها نهاية العالم، لكنه في الوقت نفسه يكون قادراً على الاستئناف والمواصلة بالأمل نفسه.
  4. يثق صاحب القلب الطيب في الناس بسرعة، ويسامح عن الأخطاء الكبيرة على الرغم من تكرارها.
  5. تتناقض صفة طيبة القلب مع مجموعة من الصفات الأخرى أبرزها الغرور والتكبر، فلا يمكن أن يمتلك شخص مغرور قلباً طيباً.
  6. يمتلك صاحب القلب الطيب حساً مرهفاً يجعله أكثر حساسية تجاه الأحداث العامة والقضايا الإنسانية.

كيف أتخلص من طيبة القلب الزائدة

المشكلة الأساسية التي يعاني منها من يمتلك طيبة القلب الزائدة تحدث نتيجة استغلال الآخرين لهذه الطيبة، بسبب عدم التعقل واعتماده على عواطفه بشكل كلي، وربما يؤدي ذلك إلى خسارة فرصة يستحقها، أو التعرض للاحتيال المالي أو الابتزاز العاطفي وغيره. [2]

من المؤسف أيضاً أن المحاكم لا تنظر في قضايا طيبة القلب، لذلك لا بد لنا أن يتعامل صاحب القلب الطيب بنفسه مع هذه الطيبة، من خلال توجيهها وعقلنتها والتخفيف من آثارها السلبية، دون أن يفقد جوانبها الجميلة، وذلك من خلال التركيز على النقاط الآتية: [2]

  • لا تتعامل مع طيبة القلب باعتبارها مشكلة

إذا كنت تعتقد أن طيبة القلب مشكلة، فأنت في المكان الخطأ، إذ إن طيبة القلب صفة جميلة يتمتع بها أشخاص قليلون في هذا العالم، فلا تسمح لأحد أن يستغل طيبتك أو يعكر صفوها، كل ما عليك فعله هو التحكم أكثر في انعكاس هذه الطيبة على تصرفاتك، لكن لا تتعامل معها وكأنها مرض يحتاج إلى علاج.

هذا يعني أنك لا يجب أن تشكو طيبة القلب، أو أن تعتبرها أمراً معرقلاً لك، فبكل بساطة يجب عليك إدارتها جيداً، والتفكير والتعقل خلال تعاملاتك اليومية، والحفاظ على طيبة قلبك.

  • ارفض ما لا تريده بصراحة وقل (لا)

أكثر ما يعاني منه طيبو القلب هو عدم القدرة على الرفض ببساطة، قد يُطلب منهم أمرٌ ما لا يريدونه، لكنهم يوافقون عليه حرصاً على مشاعر الآخرين، ربما يطلب منك زميلك في العمل أن تحل محله في المناوبة، فتوافق على الرغم من شعورك بالإرهاق والتعب أو التزامك بموعد مع الطبيب، إذاً أنت طيب القلب.

يجب أن تدرك أهمية أن تقول كلمة (لا) في بعض الأمور، فهذه الكلمة سحرية لدرجة أنها تتحكم بمصائرنا أحياناً، ونقدم إليك فيما يأتي طريقة الرفض بلطف دون أن تجرح أحداً، ودون أن تشعر بالذنب: [2]

  1. فكر أكثر بالتزاماتك التي يجب أن تكون وفياً لها، وقل (لا) لكل ما قد يجعلك تُخل بوعودك أو مبادئك.
  2. قدم تبريراتك للآخرين، وغالباً سيقدرون رفضك، وإن لم يفعلوا ذلك، فهم من الأشخاص الذين لن يقدّروا القبول أيضاً.
  3. استخدم عبارات لطيفة لتقول كلمة (لا)، مثل: عذراً لا أستطيع، كنت أتمنى ولكن...، للأسف، معذرةً... إلخ.
  4. لا تشعر بالذنب تجاه الآخرين، لكن لا بد من أن تشعر بالذنب عندما تقصر في حق نفسك، لأنك لم تستطع أن تقول (لا).
  • كن أكثر عقلانية في تعاملك مع الأمور

الثقة في الآخرين والتوقعات الحالمة من الأمور التي يجب أن تسيطر عليها، فتذكر دائماً أن الناس خلقوا مختلفين عن بعضهم لا يشبه أحدهم الآخر، ولا يمكن أن يكون الخير صفة الجميع، والعكس صحيحاً.

لذا لا بد أن تكون حيادياً على الأقل في تعاملك مع الآخرين والأشخاص الجدد، ريثما تتعرف إليهم عن قرب بما يسمح لك أن تضع خطة مناسبة للتعامل معهم، هذا فيما يتعلق بالأشخاص.

أما إذا كانت عواطفك وطيبتك الزائدة تتحكم في قراراتك وتصرفاتك، فلا بد أن تبدأ من اليوم باستخدام الورقة والقلم، واتباع المفاضلة الورقية بين الخيارات، حيث يقوم الناس الذين يعتمدون على التحليل العقلي لاتخاذ القرارات بهذه العملية ذهنياً، لكن لأنك طيب القلب لا بد أن تستعين بورقة وقلم.

أنشئ جدولاً، وضع كل خيار في حقل مع سلبيات وإيجابيات كل خيار، وامنح نقاطاً متساوية لكل صفة سلبية وإيجابية مع رمز يميزها، مثلاً إذا كان القرار يتعلق بإنهاء علاقة الخطوبة، لا بد من التفكير بسلبيات وإيجابيات هذا القرار وتسجيلها على الورق، ثم المقارنة بين الخيارين بطريقة عقلانية، بحيث تصبح المشاعر عنصراً ترجيحياً لأحد القرارين.

  • الأنانية قد تساعدك أحياناً في تجنب الاستغلال

الأنانية صفة طبيعية لدى البشر، فسلوك الإنسان تحكمه الغائية، حيث يبحث الإنسان عن الفائدة التي سيحققها من كل تصرف أو فعل، كل ما في الأمر أن هذه الأنانية قد تصبح أمراً مبالغاً فيه عند بعض الناس.

أو أنها قد تكون معدومة لدى البعض الآخر، الذين يعانون من فرط الطيبة، لذلك لا بد من تغليب المصلحة الشخصية أحياناً، للتخلص من استغلال طيبة القلب على الأقل.

ختاماً، طيبة القلب ليست مشكلة أو تُهمة، ولو كانت كذلك لما حاول معظم الناس أن ينسبوا إلى أنفسهم هذه الصفة الجميلة والنادرة، لكن لا بد لأصحاب القلب الطيب أن يوازنوا بين متطلبات الحياة من تفكير براغماتي وطيبتهم، فلا يخسرون هذه ولا تلك.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار