مصادر التاريخ المصري ومواضع ذكر مصر في القرآن الكريم

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021
مصادر التاريخ المصري ومواضع ذكر مصر في القرآن الكريم

لعبت مصر دوراً جوهرياً في رسم مسار الحضارة البشرية منذ بداية المدنيَّة، هذا ما جعل المؤرخين الإغريق والرومان يقصدون مصر ليتعرفوا على البلاد صاحبة الحضارة الأم التي انتقلت إليهم بحراً، ولا نعتقد أن حضارة قديمة حظيت بالاهتمام الذي حظيت به مصر الفرعونية، وإن كان هذا الاهتمام قد تضاءل في فترة من الفترات إلَّا أنَّه عاد بقوة مع حملة نابليون على مصر أواخر القرن الثامن عشر.

في هذه المادة؛ سنتعرف معاً على أصل تسمية مصر وعلى أسماء مصر الأخرى، كما سنحاول وإياكم أن نسير مع ذكر مصر في التاريخ بالتدريج وصولاً إلى حملة نابليون ونتائجها المباشرة على تاريخ مصر والأبحاث الأثرية والتاريخية في وادي النيل.

ما أصل اسم مصر؟ ولماذا سميت Egypt؟

عرفت مصر باسمها هذا كما ورد في النصوص الآشورية والآرامية والعبرية، كذلك كان هذا الاسم هو الذي ذكر في القرآن الكريم في خمسة مواضع سنذكرها لاحقاً، أمَّا اسمها بالمصرية القديمة فهو (كِم أو خِم KEM) والذي يعني الأرض السوداء نسبة إلى لون تربتها الخصبة.

وبنفس المعنى أطلق اليونانيون على مصر اسم ايجيبتوس الذي يعني أيضاً الأراضي السوداء، ومنه جاء اسم ايجيبت Egypt وفق ما تذكر مراجع مختلفة منها المجمل في تاريخ مصر لمؤلفه الدكتور ناصر الأنصاري، كذلك كتاب تاريخ مصر الحديث لمؤلفه جرجي زيدان.

كما يذكر جرجي زيدان في المرجع نفسه أن الشعب العبراني كان يطلق على هذه الأرض اسم مصرايم، وأنَّ معنى تسمية العبرانيين لمصر مشتق من قولهم (صر) والتي تعني الضيق والشدة، وتصبح اسم مكان مع إضافة الميم (مصر) بمعنى أرض الضيق والشدَّة؛ لما لاقاه فيها العبرانيون قبل رحيلهم عنها مع النبي موسى عليه السلام، فيما يقول المسعودي مؤلف (مروج الذهب) أن مصرام هو أحد ملوك مصر الأوائل قبل الطوفان.

أما أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم يذكر في كتابه (فتوح مصر) أن مصر هو حفيد حام ابن نوح عليه السلام، ولمَّا نادى نوحٌ ابنه حام فلم يجبه دعا الله أن تكون ذرية حام عبيداً لذرية سام الذي أجابه، عندها انضم إلى نوح حفيده مصر بن بيصر بن سام، فدعا نوح له:

"اللهم إنَّه قد أجاب دعوتي، فبارك به وبذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أمُّ البلاد وغوث العباد التي نهرها أفضل أنهار الدنيا، واجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم وقوِّهم عليها".

ويعتقد أن كلمة مصر مشتقة من كلمة "مِجر أو مِشر" التي تعني المحصَّن أو المحمي؛ ذلك لأن موقعها الجغرافي محمي بحدود طبيعية من البحرين والصحارى والجبال، ربما لذلك أيضاً قيل "مصر المحروسة".

أما في اللغة العربية وفقاً لما يذكره معجم مختار الصحاح للرازي فمِصر هي المدينة المعروفة تُذكَّر وتؤنَّث وجمعها أمصار، والمِصران الكوفة والبصرة، وإذا قيلَ أنَّ فلاناً مصَّر الأمصار تمصيراً بمعنى مدَّنَ المدن.

المحروسة، أمُّ الدُّنيا، هبة النيل.. ألقاب استحقتها مصر

إلى جانب اسمها الذي عرفت به (مِصر بكسر الميم أو فتحها) فهي تعرف أيضاً بأرض الكنانة وكنانة الله في الأرض، حيث أنَّ الكنانة هي جعبة السهام، كما عرفت بالأرض المكنونة أي المحمية - كما ذكرنا - وربما لذلك عرفت بالمحروسة.

كما أنَّ هناك رأي يقول أن المحروسة هي القاهرة وليست مصر كلها؛ ذلك لأنَّها بنيت خصيصاً لإقامة الفاطميين الملوك وعائلاتهم فكانت لذلك محروسة، كما أطلق عليها المؤرخ اليوناني هيروديت الشهير بأبي التاريخ اسم (هبة النيل) عندما زارها في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد فترة وقوعها بيد الفرس.

وقد استحقت مصر لقب أمّ الدُّنيا، فيكاد يجمع الباحثون أنَّ مصر هي أقدم دولة متكاملة كائنة في العالم المعاصر، حيث استمرت منذ تأسيسها قبل أكثر من سبعة آلاف عام وحتَّى وقتنا الحالي كدولة تمتلك العناصر الثلاثة (الأرض والشعب والحكومة) دون انقطاع.

هذا لا ينفي وجود حضارات أقدم أو مدن أقدم لكنها لم تصل إلى ما يمكن أن نطلق عليه دولة أو أنَّها اندثرت ولم تتمكن من الاستمرار - هذا ما يؤكد عليه الدكتور ناصر الأنصاري في كتابه المذكور سابقاً - من هذه الحضارات مثلاً حضارة بلاد الرافدين التي توازي الحضارة المصرية تقريباً، لكنها كانت أبعد قليلاً عن التأثير بالعالم لفقدانها الاتصال المباشر بالبحر، كما أنَّ هناك مدناً مثل أريحا الفلسطينية تعتبر الأقدم في العالم، إضافةً إلى دمشق التي تعتبر أقدم عاصمة مأهولة بالسكان حتَّى الآن دون انقطاع.

مصادر التاريخ المصري

من بين أهم مفرزات الحملة الفرنسية التي قادها نابليون على مصر أنَّ تاريخ مصر القديمة أصبح موضوع بحث اعتقد الباحثون فيه آنذاك أنّه سيغير نظرتهم إلى التاريخ والحضارة والإنسانية، وهذا ما حصل فعلاً حيث توالت الأبحاث والتنقيبات في مناطق مختلفة من مصر حتَّى يومنا هذا، فكشفت عن العديد من النقوش والمخطوطات التي بينت بدورها الكثير من تفاصيل الحياة في تلك العصور ومدى تأثير مصر القديمة في بناء الحضارة الإنسانية.

كما كانت المكتشفات المصرية مرشدة إلى حضارات أخرى كانت على اتصال معها، وخلال الفترة الواقعة بين نهاية القرن السابع عشر وحتَّى يومنا هذا تعرَّف العالم على منابع الحضارة في بابل ووادي النيل من خلال سلسلة طويلة من الأبحاث والتنقيبات ليكتشفوا أيضاً الصلات بين حضارات الشرق القديم.

لكن هل كانت مصر مجهولة قبل هذه الأبحاث والتنقيبات؟! بالطبع لم تكن مجهولة، فهي - كما ذكرنا - الدولة الأقدم التي لم تشهد انقطاعاً باستمراريتها، كما تميز تاريخها بعدم وجود فجوات زمنية كبيرة، فإذا أردنا أن نتتبع ذكر مصر في التاريخ؛ نبدأ مع المؤرخين اليونانيين والرومان الذين قصدوا مصر في القرن السادس قبل الميلاد.

يضاف إلى ذلك ذكر مصر في القرآن ضمن قصص تبين بعضاً من عظمة ملكها، ثم المؤلفات التي وضعها مؤرخون مصريون في عصر الدولة الإسلامية، وأخيراً الاكتشافات الأثرية التي بدأت مع الحملة الفرنسية وما تزال مستمرة حتَّى اليوم وما نتج عنها من كثافة لمؤلفات تتحدث عن مصر القديمة وتاريخها، سنتوقف وإياكم مع هذه المصادر بالترتيب المذكور حتَّى نصل إلى الحملة الفرنسية.

رأي المؤرخ الإغريقي هيرودوت أبو التاريخ

كان المؤرخ الإغريقي هيكاتيوس الملطي من أقدم المؤرخين الذين زاروا مصر من اليونان سنة 520 قبل الميلاد وفق ما يذكر الدكتور محمد إبراهيم بكر في كتابه (صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم)، فكتب الملطي عن الحياة المصرية، وكان ميالاً لديانة آمون بعد أن أقام مع كهنتها، لكن يبقى أبرز من زار مصر من مؤرخي اليونان هو هيرودوت صاحب لقب "أبو التاريخ" الذي زار مصر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد.

كما ذكرنا سابقاً كانت مصر تحت الاحتلال الفارسي عندما زارها هيرودوت، وكانت "حضارة تميل إلى الغروب"، حيث تنقل هيرودوت في مصر حتَّى وصل إلى أسوان، كانت فترة إقامته في مصر أربعة أشهر دوَّن خلالها ما سمعه وما رآه، إذ كان يأخذ ما يريده عن الكهنة الذين احتكروا المعرفة والعلم في تلك الأيام، ثم جمع كل ما رآه وسمعه في كتاب ضخم (تمحيص الأخبار)، وقد لفت انتباهنا تعليق الدكتور محمد إبراهيم بكر على مؤلف هيرودوت هذا، حيث يقول:

"وبدا واضحاً كيف أضحت الكتابة المصرية مجرد رسومٍ وصور، وإلى أي مدى صارت العقائد وكأنها ألغاز سيطر عليها السحر، وبدت الآثار القديمة وكأنَّها غريبة في دارها، وكانت حصيلة كل ذلك صوراً مشوهةً لمصر القديمة قدمت للعالم الإغريقي ومنه إلى العالم القديم".

والقصد من هذا القول أن هيرودوت لما وصل إلى مصر كان يدون أخباراً غامضة عن حضارة أقدم من القائمة لحظة وصوله، حتَّى أن المتواجدين في مصر كانوا ينظرون إلى أسلافهم وهم يشعرون بغموض حياتهم تلك غير قادرين على استخدام تعاليمهم أو حتَّى لغتهم بنفس الطريقة التي كانت تستخدم فيها عند ابتكارها، كما أن الفترة التي مكثها هيرودوت لم تكن طويلة بما يكفي ليسبر الحقائق كما يجب، خاصةً وأنَّه ليس من أبناء مصر الأقدر على فهم تفاصيلها.

كتابة مانيتون عن مصر

كانت فتوحات الإسكندر في القرن الرابع قبل الميلاد نقطة تحول في تاريخ العالم وتاريخ الشرق بشكل أساسي، حيث كان للإسكندر في مصر حكايات كثيرة أبرز ما بقي منها مدينة الإسكندرية الصامدة على البحر المتوسط، ثم تقاسم القادة العسكريون في جيش الإسكندر التركة بعد وفاته، فأخذ بطليموس الأول مصر (البطالمة نسبة له)، وفي سنة 286 ق.م كلف الملك بطليموس الثاني كاهناً مصرياً من معبد ايزيس بكتابة مؤلف تاريخي عن مصر القديمة، وكان هذا الكاهن هو مانيتون.

بذلك يعتبر مانيتون أقدم مؤرخ وطني مصري، كان يتقن لغة بلاده المصرية إلى جانب اللغة اليونانية، فقام بالبحث في المعابد ومحفوظاتها إلى أن انتهى بوضع كتابه Aigyptiaka وهو واحد من أهم كتب تاريخ مصر القديمة، حيث يعود له الفضل في تقسيم تاريخ مصر إلى أسر حاكمة (ثلاثين أسرة)، وهو التقسيم الذي اعتُمد من الباحثين اللاحقين.

فعلياً لم يصلنا من كتاب تاريخ مصر الذي أعدَّه مانيتون إلَّا قوائم بأسماء الملوك وأسرهم، ويُعتقد أنَّ المؤلف الأصلي فُقد في حريق مكتبة الإسكندرية، إذ وصلت أخباره من مؤلفين ومؤرخين آخرين بين القرن الأول والقرن الثالث الميلادي؛ منهم يوسف اليهوذي، جوليوس أفريكانوس، يوزيبوس.

رحالة ومؤرخون آخرون كتبوا عن مصر

كان الفيلسوف اليوناني أفلاطون من بين العظماء الذين زاروا مصر بحثاً عن الحكمة، حيث دخل إلى مصر نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، وكان يحمل معه الزيت بقصد التجارة، أمَّا بالعودة إلى الرحالة والمؤرخين يعتبر ديودور الصيقلي من أهم المؤرخين الذين كتبوا عن مصر في منتصف القرن الأول قبل الميلاد.

إضافة إلى الرحالة استرابون، وربما أبرزهم كان اليوناني بلوتارخ أو بلوتارخس Plutarch الذي كتب عن مصر في فترة وقوعها تحت حكم الرومان، وكتب عن أسطورة إيزيس وأوزيريس.

مواضع ذكر مصر في القرآن الكريم

لقد ذكرت مصر في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، حيث اعتمدنا على ما أحصاه الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، حيث يقول السيوطي: "قال ابن زولاق (مؤرخ مصري): ذكرت مصر في القرآن في ثمانية وعشرين موقعاً. قلت: بل أكثر من الثلاثين"، ثم يعدُّ السيوطي مواضع ذكر مصر في القرآن الكريم باسمها الصريح أو بما يدل عليه السياق.

فهي مذكورة خمس مرَّات باسمها (مصر) في المواضع الآتية:

1. سورة البقرة الآية61 "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ...".

وفي تفسيرها خلاف؛ فالقراءة الأولى مع تنوين كلمة مصر (اهبطوا مِصراً) المقصود فيها مصر من الأمصار لا مصراً بعينها، أي أنَّ الأمر جاء ليستقروا في أحد الأمصار أو القرى ليكون لهم ما يطلبون، أمَّا القراءة الثانية فقد تركت التنوين (اهبطوا مصرَ...) والمقصود منها مصر فرعون اليت هي مصر الحالية، والله أعلم.

2. سورة يونس الآية87: "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ".
3. سورة يوسف الآية21: "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً...".
4. سورة يوسف الآية 99: "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ".
5. سورة الزخرف الآية 51: "وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ".

أمَّا ذكر مصر في القرآن بغير اسمها الأصلي فجاء بصيغ عدة

إضافة إلى ذكرها صراحة كما في الآيات المذكورة سابقاً، ورد ذكر مصر بصيغ عديدة، منها عشر مرات ذكرت أنَّها الأرض (وكذلك مكنَّا ليوسفَ في الأرضِ)، ويقول السيوطي بل اثنتي عشرة مرة، إضافة إلى صيغ أخرى مختلفة سنتعرف عليها معاً كما ذكرها السيوطي وغيره:

  1. سورة يوسف الآية 30 وهنا ذكرت مصر "المدينة": "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبَّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ".
  2. سورة يس الآية 20: "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ".
  3. وعن قصة سيدنا موسى في مصر من سورة القصص الآية 15: "وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ".
  4. وفي الآية 18 من القصص: "فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ"
  5. سورة الأعراف الآية 123: " قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ".
  6. سورة يوسف الآية 55: "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ".
  7. وفي الآية 56 من سورة يوسف أيضاً جاء ذكر مصر بصيغ (الأرض) في قوله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ".
  8. وفي السورة نفسها الآية 80: "فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ".
  9. وفي صورة القصص أيضاً ذكرٌ لمصر بصيغة (الأرض) في الآيات 4 و 5: "إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5)".
  10. وفي صورة القصص أيضاً في الآية 19: "فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ".
  11. في سورة غافر ذكرت مصر أنَّها الأرض في الآية 26: "وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ".
  12. كذلك في الآية 29 من سورة غافر: يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ".
  13. سورة الأعراف الآيات: "وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ(127) قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)".
  14. وفي سورة الأعراف أيضاً قوله تعالى في الآية 137: "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ" وقال الليث بن سعد: هي مصر باركها بالنيل، وقال القرطبي: الظاهر أنًهم ورثوا أرض القبط، وقيل الشام ومصر.
  15. وذكرت أرض مصر أيضاً في سورتي الأعراف والشعراء (يريد أن يخرجكم من أرضكم).
  16. سورة المؤمنون الآية 50: "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ." والربوة هي مصر كما أخرجها ابن أبي حاتم وابن عساكر في تاريخه.

ذكر مصر عند المؤرخين المصريين والمسلمين

يذكر الدكتور البكر في المرجع المذكور سابقاً أن تاريخ مصر والشرق القديم "دخل في متاهة من النسيان" على حد تعبيره بعد أن كان موضع اهتمام المؤرخين اليونانيين، فلم يعد هناك الكثير من المهتمين بتأريخ الأحداث في هذه المنطقة بشكل خاص، بل وردت إشارات وملاحظات فقط ضمن سياقات مختلفة.

وربما من أبرز أسباب هذه الفجوة التدمير الذي تعرضت له الآثار المصرية خاصة في عهد الإمبراطور الروماني ثيودسيوس الأول في القرن الرابع الميلادي، حيث أمر بتدمير الآثار الوثنية في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية بعد أن تبنت المسيحية كديانة رسمية للدولة، لكن ذكر مصر لم ينقطع من الكتب التي تحدثت عن مواضيع مختلفة.

عاد ذكر مصر بين المؤرخين العرب كمادة أساسية للبحث، فتفرغ بعض الباحثين لإعادة تدوين تاريخ مصر، منهم المقريزي (وهو مؤرخ مصري ولد عام 1363 وتوفي سنة 1442 ميلادية)، حيث وهب المقريزي سنينه للبحث في تاريخ مصر، فكتب العديد من المؤلفات من أبرزها (المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار) المعروف بخطط المقريزي، إضافة إلى (البيان والإعراب عمَّا بأرض مصر من الأعراب).

كما أنَّ هناك عدَّة أسماء بارزة من رحالة العرب الذين زاروا مصر مثل ابن بطوطة، إضافة إلى مؤرخين آخرين أمثال الحافظ جلال الدين السيوطي الذي ألَّف كتاب (حسن المحاضرة في تاريخ مصر القاهرة) والذي كانت لنا معه وقفة فيما سبق.

حملة نابليون على مصر وأثرها التاريخي

قام نابليون باحتلال الإسكندرية عام 1798، وكانت حملته تهدف إلى قطع طرق التجارة على الإنجليز والسيطرة على مصر لحرمان الإنجليز من موقعها الاستراتيجي، وبغض النظر عن كون نابليون جاء إلى مصر محتلاً إلَّا أنَّ حملته قدمت لمصر مجموعات من الاكتشافات التاريخية المهمة، إضافة إلى بعض الاختراعات التي دخلت إلى المنطقة العربية للمرة الأولى عن طريق مصر مثل المطبعة العربية الأولى.

كما ضمت حملة نابليون فريقاً من العلماء والباحثين بلغ 150 عالماً، فضلاً عن مجموعة من الرسامين المحترفين، فبدأ هؤلاء أبحاثهم في مختلف المناطق المصرية، وكان الرسامون يصورون ما يشاهدونه بدقة حتَّى تُوجت جهودهم هذه بمجموعة أسفار "وصف مصر".

شامبليون وحجر رشيد

لعبت المجموعة التي عُرفت بكتاب وصف مصر دوراً رئيسياً في إعادة الحضارة المصرية القديمة إلى الواجهة، وجددت الرغبة لدى الباحثين في التعرف أكثر على هذه المنطقة من العالم والعودة إلى ما ذكره المؤرخون القدماء في محاولة لسد الفجوة التاريخية، ومن أبرز الباحثين الذين ساهموا في اكتشاف أسرار الحضارة المصرية كان العالم الفرنس جان شامبليون (Jean-François Champollion).

حيث تمكن شامبليون من فكِّ رموز النقوش الهيروغليفية المدوَّنة على حجر رشيد، وحجر رشيد هذا وجده أحد الضباط الفرنسيين أثناء حفر الخنادق بالقرب من مدينة رشيد عام 1799، وهو قطعة من البازلت تحتوي على نص منقوش بثلاث لغات هي الهيروغليفية، الديموطيقية وهي اللغة المصرية الشعبية، إضافة إلى اللغة اليونانية حيث يعود نقش الحجر إلى القرن الثاني الميلادي في عهد البطالمة اليونانيين.

كان النص عبارة عن مرسومٍ أصدره كهنة منف تمجيداً للملك بطليموس الخامس بمناسبة جلوسه الأول على العرش، لكن ما هو أهم من معنى النقش نفسه أنَّه أتاح لشامبليون أن يفك رموز اللغة الهيروغليفية ليعلن عام 1822 عن وصوله إلى حلِّ شيفرات اللغة المصرية القديمة.

استمر شامبليون في أبحاثه حتَّى وفاته عام 1832 عن عمر يناهز الثانية والأربعين فقط، لكنه بذلك أسس لمرحلة جديدة من الأبحاث التاريخية أصبحت فيما بعد فرعاً مستقلاً من علوم التاريخ يعرف بالمصريات.

ختاماً... قدم الفرنسيون هدية قيمة للحضارة المصرية برفع الستار عن أسرار كثيرة ربما كانت ستبقى طي الكتمان إلى الأبد، لكن في نفس الوقت لم يتنازل الفرنسيون ببساطة عن حصتهم في هذه المكتشفات، بل كانوا قد بدأوا فعلياً بنقل الآثار المصرية إلى بلادهم لولا أنَّ حملتهم فشلت واضطروا إلى تسليم ما جمعوه للإنجليز.

ومن بين ما سلموه كان حجر الرشيد، ولم يقف الأمر عند نقل الآثار المصرية من قبل الاحتلال، بل اجتمع صائدو الآثار ونهبوا وخربوا العديد من المباني الأثرية في مصر، إضافة إلى تقديم بعض هذه المقتنيات كهدايا للمتاحف في تلك الأيام، لذلك نجد المسلَّات المصرية تزين أكبر المدن في العالم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار