أهمية الحوار بين أفراد الأسرة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 25 نوفمبر 2019
أهمية الحوار بين أفراد الأسرة

قد يظن الكثيرون أن الحوار داخل الأسرة ليس من الأمور ذات الأهمية، أو التي تستحق التوقف عندها، لكن الحقيقة خلاف ذلك، إذ أن الحوار الأسري من المفاتيح الأساسية لاستمرار العلاقة الزوجية بصورة جيدة وناجحة، وجعل علاقة أفراد الأسرة في أفضل حالاتها، لكن ذلك يحققه الحوار الأسري الناجح والصحيح.

في حين أن الحوار الأسري الذي يتم بصورة خاطئة تخلو من الاحترام، قد يؤدي إلى نتائج عكسية تدمر العلاقات الأسرية، وتزيد الشرخ بين أفراد الأسرة الواحدة بدلاً من أن تعزز أواصر المودة بينهم، لذلك فالحوار الأسري من مفاتيح الحلول القريبة والبعيدة عن متناول اليد في آنٍ واحد، إذ أن كيفية إجراء الحوار داخل الأسرة، وتوقيته، والطرق المستخدمة فيه، تلعب الدور الرئيسي في جعل الحوار مثمراً أم لا، فما أهمية الحوار الأسري؟ وكيف يمكن جعله حواراً مثمراً؟.

أهمية الحوار داخل الأسرة

إن الحوار الأسري يتضمن كل ما يدور بين أفراد الأسرة من نقاشات وحديث حول أمر ما يمس الأسرة بأكملها أو أحد أفرادها، فيتم خلاله توضيح العقبات والمشاكل ومن ثم النقاش حول أفضل الحلول، قد يكون الحوار حول مشروع يمس مستقبل الأسرة، فيتبادل أفراد العائلة الآراء والأفكار بغية التوصل إلى رأي يجتمعون عليه جميعهم، بذلك يكون الحوار جسراً يعمق الصلة بين أفراد الأسرة، ويزيد أواصر المودة، ومن أهم ما يمكن أن يقدمه الحوار الأسري:

1- الحوار الأسري يشكل أساساً للعلاقات الحميمة

إن الحوار الأسري بما يتضمنه من نقاش وتبادل للآراء والأفكار يمكن أن يكون سبيلاً أساسياً لتوطيد العلاقات الأسرية وجعلها أكثر حميمية، إذ أن اجتماع أفراد الأسرة والحديث بأشياء تمس أفرادها يساعد في كسر كل الحواجز التي قد تولد بينهم، وقد تؤدي في حال عدم كسرها إلى جعل المسافة كبيرة بين أفراد الأسرة، ومن ثم تضعف العلاقة الأسرية شيئاً فشيئاً.

2- الحوار الأسري مفتاح للعلاقات الزوجية الناجحة

يشكل الحوار الأسري مفتاحاً لنجاح العلاقات الزوجية، حيث يشكل تراكم المشاكل دون حوار سبباً في حدوث سوء الفهم والاختلاف فيما بعد، فتتولد المشاكل التي قد تدمر الأسرة أو العلاقة الزوجية، حيث أن الحوار بين الزوجين ينخفض بالمشاكل الزوجية إلى أدنى درجاتها، لأن الزوجين يقرران معاً ويفكران معاً.

كما يواجهان كل ما يمس أسرتهما معاً، وهذا يقوي العلاقة الزوجية، ويجعلها أكثر متانة ونجاحاً أيضاً، حيث تصبح ثقافة الحوار أساساً يلجأ إليه الزوجان في كل مشكلة تقف في وجههما، حيث أن غياب الحوار بين الزوجين كثيراً ما يؤدي إلى انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق، بسبب سوء الفهم وعدم مناقشة الأخطاء ووضع الحلول لها، و عدم التعود على تقبل الآخر.

3- الحوار الأسري يساعد في تنشئة الأطفال تنشئة صالحة

فإذا كان الوالدان متفقين كما أشرنا سابقاً على كل التفاصيل فسينشأ الطفل في بيئة يسودها الاتفاق والهدوء، كما أن الحوار يؤتي ثماره من خلال مناقشة مستقبل الأطفال وطريقة تربيتهم.

ومن ثم مناقشة المشاكل التي يتعرض لها الأطفال سواء في المدرسة أو مع أقرانهم ووضع الحلول لها، كما أن نشوء الأطفال في جو تسوده ثقافة الحوار يجعلهم يحترمون تلك الثقافة، ومن ثم يكبرون على احترام أهلهم واحترام إخوتهم، ومناقشة الأهل حول تفاصيل حياتهم.

4- زيادة الاحترام بين أفراد الأسرة وتعميق أواصر المودة

من أهم الأمور التي تسهم في نجاح العلاقات الأسرية هي مسألة الاحترام، وهو ما يخلقه الحوار الأسري، إذ يجعل كل فرد يتعلم ثقافة الإصغاء إلى الآخر، وثقافة تقبل وجهات النظر المختلفة، بهذه الحالة ينشأ الأفراد على احترام بعضهم، كما أن الحوار والمواجهة بين أفراد الأسرة تزيد من التقارب بينهم، وتجعل كل فرد يتفهم الطريقة التي يفكر بها الفرد الآخر، فيتجنب ما يمكن أن يسبب له الإزعاج أو يؤدي إلى التصادم.

أهم قضايا ومواضيع الحوار الأسري

بالطبع أنه لكل أسرة نمط وطبيعة علاقات تختلف عن الأخرى، كما لكل أسرة مشاكلها، وطريقة تفكير أفرادها، التي تختلف من أسرة إلى أخرى، ومعها تختلف طبيعة الحوار الأسري وأيضاً القضايا التي تتم مناقشتها، لكن من أهم القضايا والتي تكاد أن تكون واحدة في جميع الأسر _وإن اختلفت بعض المعاير أو أشكال وطرق الحوار_، هي:

  • تربية الأطفال

تعد من أولى الأمور التي يناقشها الوالدان، من حيث الطريقة التي سيربون الطفل عليها، والأمور التي سوف يتجنبونها، وأيضا يشمل ذلك قيام كل طرف بتوضيح الجوانب الجيدة والسلبية في طريقة تربية الأولاد، والاتفاق على أنسب الطرق من أجل ذلك.

  • الدخل والقرارات المالية

من أكثر الأشياء التي تناقش داخل الأسرة، لا سيما الأب والأم هي مسألة توزيع الدخل، وكيفية ترتيب الأولويات التي سيتم إنفاق المال عليها، أو كيفية زيادة الدخل حتى يتناسب مع احتياجات أفراد الأسرة، ويرتبط بذلك كيفية ادخار الأموال واستثمارها.

  • القرارات الشخصية التي تمس أحد أفراد الأسرة

قد تكون تلك القرارات متعلقة بوقوع أحد أفراد الأسرة بمشكلة، فيطرح الموضوع أمام أفراد الأسرة لإسداء الآراء والنصائح، وتبيان الإيجابيات والسلبيات في تصرفه، ومساعدته على تجاوز المشكلة، وقد يكون القرار مرتبط بفرصة عمل لأحد أفراد الأسرة، فيطرح الموضوع على أفراد الأسرة، حتى يقدم له كل فرد وبحسب خبرته نصيحته، وحتى يحصل على التشجيع الكافي في حال تردده، وهذه القرارات الشخصية ترتبط بالأسرة كلها وبمستقبلها ولا تنحصر في إطار الفرد فقط.

  • الخلافات الأسرية

وقد تكون هذه الخلافات بين الوالدين أو الأبناء، فيكون الحوار الأسري ضرورة لا يستغنى عنها في هذه الحالة، بغية تقريب وجهات النظر، وتوضيح الأخطاء التي ارتكبها كل طرف لتفاديها مستقبلاً.

  • الحوار الأسري المثمر والصحيح

قد يكون الحوار سبباً لمزيد من الاختلافات والمشاكل الأسرية في حال توجيهه بشكل خاطئ، أو عدم التعامل الصحيح أثناء الحوار، ما يسبب تفاقم المشاكل وغياب الحلول، في حين أن الحوار الإيجابي والذي يتم بشكل صحيح؛ يؤتي ثماره ويساعد في إنجاح العلاقات الأسرية، وتجاوز المشاكل والعثرات، فما أسس الحوار الأسري الناجح؟

قواعد وأسس الحوار الأسري الناجح

إن من المفاتيح البسيطة والأساسية في الحوار الأسري الناجح، هو أن يصغي كل فرد من أفراد الأسرة إلى الفرد الآخر وهو يدلي برأيه، دون مقاطعته أو إظهار التململ من حديثه، إنما ينبغي الاستماع بشكلٍ جيد وتفهم كلامه جيداً حتى في حالات عدم الاتفاق مع ما يقول أو يطرح، فالإصغاء الجيد يضفي طابعاً من الاحترام على الجو العام للحوار وهو أهم الأسس والمفاتيح للدخول في حوار ناجح يلتزم كل طرف فيه باحترام الآخر والاستماع إليه، ومن ثم تقبل وجهة نظرته.

1- ضبط النفس والابتعاد عن الانفعال

وهو ما يطلبه الحوار حول مشكلة تمس أحد أفراد الأسرة، أو في الحوار حول خطأ قام به أحد أفراد الأسرة، وفي هذه الحالة يكون ضبط النفس وعدم الانفعال عنصراً أساسياً في التوصل إلى الحلول واستيعاب المشكلة بشكل كامل، لأن الانفعال في هذه الحالات سيزيد سوء التفاهم، ويبعد الحوار عن مجراه الرئيسي، كما يؤدي إلى فقدان الاحترام في الحديث، وفي العلاقة الأسرية بشكل عام، فيؤدي الحوار إلى نتائج عكسية.

2- أن يضع كل فرد نفسه مكان الآخر

ويكون ذلك بأن يتصور كل فرد من أفراد الأسرة نفسه مكان الآخر حتى يحس بما يحس، ويتفهم وجهة نظره بشكل أكبر، عندها يفهم كل أفراد الأسرة وجهة نظر بعضهم البعض، كأن يتصور الزوج نفسه بمكان الزوجة وما يقع عليها من مسؤوليات والعكس صحيح، فعندها يتفهم الآخر بطريقة أفضل؛ يصبح الحوار أكثر تقبلاً من كلا الطرفين.

3- الوضوح في الحوار والابتعاد عن التهرب

من أهم الأسس التي تجعل الحوار مثمراً هي الوضوح في طرح موضوع النقاش، وعدم استخدام الأسلوب المبطن الذي لا يعبر عن المشكلة للطرف الآخر بصورة واضحة، فتنشأ الالتباسات، ويبتعد الحوار عن مجراه الرئيسي، وفي هذه الحالة الأفضل أن يطرح كل فرد من أفراد الأسرة رأيه بطريقة واضحة وشفافة؛ حتى يفهم كل الأفراد الآخرين مباشرة، ومن ثم يقدمون آرائهم أيضاً بصورة واضحة بناءً على رأيه، فتتضح المشكلة أو القضية التي تناقش بشكلٍ أفضل.

4- الابتعاد عن هدف إثبات الذات في الحوار

إن غاية الحوار الأسري تقريب وجهات نظر أفراد الأسرة، ووضع حلول للمشاكل العالقة، أو التخطيط لمسائل تخص المستقبل..، لذا فإن الهدف ليس أن يظهر كل شخص نفسه بأنه هو الذي يملك الحلول وأن وجهة نظره هي الأفضل (في حال نقاش إحدى المسائل أو المشروعات التي تمس مستقبل الأسرة).

أما في حال محاولة حل مشكلة بين طرفين في الأسرة (سواء الأب والأم أو الإخوة..)، فإن إثبات الذات يكون بالتغلب على الآخر بالنقاش فقط لإثبات أن وجهة نظره هي الصحيحة وأن الآخر هو الخاطئ، فيصبح الهدف من الحوار فقط كيف يستخدم كل طرف أسلوبه بهدف التغلب على الآخر وإثبات ذاته، فيبتعد الحوار عن مجراه، ويصبح أشبه فقط بمنافسة غير مثمرة.

لذا يكون من الأفضل لأفراد الأسرة أن يضعوا نصب أعينهم الهدف الرئيسي للحوار، أو المشكلة الرئيسية التي تناقش، ويحددوا قبل البدء لماذا هم يتحاورون؟ ومن ثم يتقبل كل طرف رأي الطرف الآخر، حيث يستخدم أفراد الأسرة الحوار التشاركي وليس التسلطي.

5- توضيح الإيجابيات والسلبيات في رأي الآخر

لكي يكون الحوار مثمراً ويغطي كل جوانب الموضوع الذي تتم مناقشته، على الأفراد _ وبعد أن ينهي الطرف الآخر طرح رأيه_ مناقشة رأيه بأن يسدي كل فرد بما لمسه من إيجابيات أو سلبيات في رأي الطرف الآخر، وكلٌّ يتبادل الأفكار بشكلٍ منظم، وبذلك يتوسع النقاش ويغطي كل جوانب الموضوع، كما يتم بذلك حصر كل سلبيات وإيجابيات الموضوع، ومن ثم يتم ترجيح الرأي الأقل سلبية، و وفق ما توصل إليه نقاش الأفراد.

أخيراً... يشكل الحوار الأسري أساساً لنجاح العلاقات بين أفراد الأسرة من خلال تعزير الاحترام والمودة بينهم، أيضاً من خلال تبادل الآراء والأفكار التي تساهم في تحقيق أهداف الأسرة، ولكن الحوار الناجح يقوم على عدة أسس كتقبل رأي الآخر، والإصغاء الجيد، كذلك ضبط النفس والوضوح؛ حتى يكون مثمراً يحقق الأهداف المرجوة منه، في حين أن الحوار السلبي الذي لا يكرس القيم التي ذكرت يؤدي إلى خلاف ذلك، ويؤثر على العلاقات الأسرية بشكلٍ سلبي أيضاً.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار