أسباب الوهن العضلي الوخيم وعلاجه

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 07 مارس 2023
أسباب الوهن العضلي الوخيم وعلاجه

يعد الجهاز العصبي جهازاً معقداً ومتكاملاً يقوم بالوظائف الحسية والحركية والتفكير المجرد، وهذا كله يتم عبر تكامل عمل عدة أجزاء يعتمد كل منها على الآخر، ففي حالات الحركات الجسدية مثلاً، يتحكم بها الجهاز العصبي عن طريق إعطاء أوامر حركية تصدر من المخ، وتهبط منه بالتدريج مروراً بأجزاء أخرى من الجهاز العصبي المركزي، وصولاً إلى الأعصاب المحيطية التي تنتهي على العضلات بنقاط ربط تدعى اللوحة المحركة، التي تنقل الإشارات العصبية المحركة إلى العضلات، فكيف يمكن أن يؤثر اختلال هذا السبيل المتكامل على عمل العضلات المختلفة؟ ذلك ما نجيب عنه في هذا المقال.

ما هو الوهن العضلي الوخيم

يعرف مرض الوهن العضلي الوخيم (بالإنجليزية: Myasthenia Gravis) على أنه مرض مناعي ذاتي مزمن يسبب ضعفاً في العضلات الهيكلية (بالإنجليزية: Skeletal Muscles)، والعضلات الهيكلية هي العضلات المدعومة بالهيكل العظمي والقابلة للتحريك بشكل إرادي، مثل: عضلات الذراعين واليدين والقدمين الضرورية للحركة.

كذلك عضلات جدار الصدر الضرورية لعملية التنفس، وهذا ما يفرقها عن عضلة القلب ذات الفاعلية الذاتية أو العضلات الحشوية، مثل: المعدة والأمعاء التي لا نملك القدرة على تحريكها.

الصفة المميزة لهذا المرض هي الضعف العضلي الذي يتفاقم مع النشاط الجسدي، وتتحسن الأعراض بعد فترة من الراحة.

في أغلب الأحيان، يشمل المرض عضلات الأجفان والعضلات المحركة للعينين، إضافة إلى العضلات التي تتحكم في تعابير الوجه والمضغ والكلام والبلع، يصل هذا المرض أيضاً إلى العضلات المتحكمة بالتنفس وحركة الأطراف.

لا يوجد علاج شافٍ لهذا المرض حتى يومنا هذا، إلا أن الأدوية المتوافرة مفيدة في تحديد الأعراض وتخفيف شدتها بالنسبة للمرضى، وبالرغم من الاسم المخيف للمرض إلا أن معظم الحالات ليست وخيمة كما يوحي اسمها، إذ يتمتع الكثير من المرضى بحياة طبيعية أو شبه طبيعية. [1]

أعراض مرض الوهن العضلي الوخيم

يمكن أن يصيب المرض الأفراد من الجنسين ومن جميع الفئات العمرية، إلا أن الشائع هو تشخيص المرض لدى النساء تحت عمر 40 سنة والرجال بعد عمر 60 سنة، أما عن أعراضه فقد تشمل واحداً أو أكثر مما يأتي: [1]

  • انسدال الأجفان: أي أن عيني المريض تقومان بالإطباق بمفردهما بعد فترة من اليقظة، لدرجة أن المريض يمكن أن يحتاج استخدام يديه في فتح عينيه.
  • الرؤية المشوشة أو المزدوجة: يحدث ذلك بسبب ارتخاء العضلات التي تحرك العينين وتجعلهما تركزان على هدف واحد، إضافة إلى العضلات التي تتحكم بعدسة العين، وبالتالي تغيير التركيز عند النظر إلى أجسام قريبة وبعيدة.
  • تبدل التعابير على الوجه: قد يظهر النعاس أو العبوس على وجه الشخص عندما ترتخي عضلاته.
  • صعوبة البلع وتغير الصوت: بسبب إصابة عضلات الفكين والعنق واللسان.
  • ضيق النفس: بسبب عدم كفاية عمل العضلات المسؤولة عن التنفس.
  • الضعف العضلي العام: في الذراعين واليدين والقدمين والعنق وحتى الأصابع.

بالرغم من أن المرض يمكن أن يصيب مختلف العضلات الهيكلية، فإن العضلات المتحكمة في حركة العينين والأجفان والتعابير الوجهية والبلع هي الأكثر تأثراً، وأحياناً تكون بداية المرض مفاجئة وفي مناطق متعددة من الجسم؛ مما يثير الحيرة لدى المريض والأطباء قبل وضع التشخيص.

في معظم الحالات، يكون العرض الأول الذي يلاحظه المريض هو ضعف عضلات العينين، أما عند مرضى آخرين قد تكون صعوبة البلع هي العلامة الأولى.

وتختلف درجة الضعف العضلي في الوهن العضلي الوخيم بين مريض وآخر بشكل كبير كما ذكرنا، بدءاً من شكل محدود من ضعف العضلات المحركة للعين إلى ضعف عضلي معمم يهدد بالوفاة. [1]

أسباب مرض الوهن العضلي الوخيم

يعتبر الوهن العضلي الوخيم مرضاً عصبياً عضلياً، يصنف ضمن طيف أمراض المناعة الذاتية (وهي الأمراض التي يقوم فيها الجهاز المناعي للمريض بالتعرف على بعض الأنسجة الطبيعية في الجسم على أنها أنسجة غريبة ويهاجمها على أساس ذلك).

في هذه الحالة، تقوم الأجسام المضادة (بالإنجليزية: Antibodies) (وهي مركبات كيميائية ينتجها الجهاز المناعي وتلعب دوراً رئيسياً في مهاجمة الأحياء الدقيقة الممرضة أو السموم).

وذلك بالقضاء على الناقل العصبي أستيل كولين (بالإنجليزية: Acetylcholine) في منطقة الربط بين الفروع النهائية للأعصاب مع العضلات (الوصل العصبي العضلي)، وهذا ما يعيق نقل الأوامر الحركية بشكل طبيعي إلى العضلات مما يتسبب في ضعفها.

لا يعلم العلماء حتى اليوم السبب الذي يدفع الجهاز المناعي البشري للقيام بذلك لدى المرضى، إلا أن بعضهم يقترح فرضية العامل الإنتاني المحرض (أي حدوث إصابة سابقة بنوع من البكتيريا والفيروسات، مما يحرض الجهاز المناعي على التعرف على هذا العامل الممرض والقضاء عليه، فيقضي بالخطأ على الأسيتيل كولين أيضاً). [2]

علاج مرض الوهن العضلي الوخيم

لا يزال الشفاء التام للمرض غير قابل للتحقيق حتى اليوم، لكن التقنيات العلاجية الموجودة حالياً يمكن أن تساعد المريض على التعايش مع المرض وتجاوز الأعراض، ومن الخيارات العلاجية المتاحة: [2]

العلاج الدوائي

المجموعتان الدوائيتان اللتان تستخدمان على أوسع نطاق في العلاج هما مجموعة الستيرويدات القشرية (بالإنجليزية: Corticosteroids) والأدوية الكابحة للمناعة (بالإنجليزية: Immunosuppressants).

تفيد هذه الأدوية في كبح فاعلية الجهاز المناعي، وتخفيض فاعليته المدمرة للأستيل كولين إلى أقل حد ممكن، وهناك أيضاً مجموعة دوائية أخرى أشهر أدويتها بيريدوستيغمين (بالإنجليزية: Pyridostigmine) تعمل بطريقة أخرى على رفع مستويات ذلك الناقل العصبي.

استئصال التيموس (Thymectomy)

التيموس أو التوتة (بالإنجليزية: Thymus) هو أحد أعضاء الجهاز المناعي، يوجد في القسم الأمامي العلوي من الصدر خلف عظم القص (بالإنجليزية: Sternum) في الجزء الأمامي من العمود الفقري.

ويمكن أن يكون متضخماً أو حتى حاو على أورام لدى مرضى الوهن العضلي الوخيم، إذ تؤكد مؤسسة الوهن العضلي الوخيم الأمريكية على أن هناك 10-15% من مرضى الوهن العضلي الوخيم مصابون أيضاً بأورام في التيموس (هذه الأورام سليمة في معظمها لحسن الحظ).

لذلك يفيد استئصاله في التخلص من دوره المناعي الذاتي في إنتاج الخلايا المناعية والأجسام المضادة التي تهاجم الأستيل كولين.

تبديل البلازما

البلازما هي القسم السائل الشفاف من دم المريض (أي دون الكريات الحمراء والبيض والصفيحات الدموية) وتحتوي ضمنها الأجسام المناعية المضادة للأستيل كولين.

يفيد هذا العلاج في تحسين وضع المريض على المدى القريب، إلا أن صعوبة إجرائه بشكل متكرر تجعل استخدامه محدوداً إلا في الحالات الخطيرة الإسعافية، أو من أجل إنقاص الأجسام المضادة إلى أقل مستوى ممكن قبل القيام بعمل جراحي، من أجل الوقاية من حدوث نوبة أثناء العملية.

كيفية تخفيف شدة مرض الوهن العضلي الوخيم

هناك مجموعة من الإجراءات المخففة للأعراض يمكن للمريض أن يتبعها بمفرده، وهي: [2]

  • الراحة: يؤدي الحصول على قسط كاف من الراحة في الحفاظ على الضعف العضلي ضمن حدوده الدنيا.
  • تغطية إحدى العينين: هذا الأمر قد يكون مفيداً بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون عملاً يحتاج إلى النظر بشكل دقيق مثل القراءة أو الحرف اليدوية الدقيقة، حيث تؤدي تغطية إحدى العينين إلى زوال ازدواج الرؤية، إلا أن استشارة طبيب العيون ضرورية قبل القيام بإجراء كهذا.
  • تجنب التوتر والتعرض للحرارة: إذ يمكن أن يؤدي أي منهما إلى زيادة الأعراض وتدهور الحالة.

هذه العلاجات لا تقضي على المرض بشكل كامل، لكن بعض المرضى يدخلون بعد فترة من العلاج في حالة هجوع للمرض، في هذه الفترة، تختفي الأعراض ولا يحتاج المريض إلى أي نوع من العلاج خلال فترة الهجوع تلك.

ختاماً، لم يبق إلا الإشارة إلى ضرورة إخبار الطبيب بجميع الأدوية التي تتناولها في حال كنت مصاباً بالوهن العضلي الوخيم؛ وذلك للتأكد من كون هذه الأدوية لا تزيد الحالة سوءاً أو تحرض حدوث نوبات الضعف العضلي، كما أن اتباع خطة العلاج بشكل مثالي يفيد في السيطرة على مخاطر المرض والتخفيف من آثاره التي قد تعيقك عن ممارسة نشاطات حياتك بشكل طبيعي.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار