الحبُّ في سن المراهقة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 14 فبراير 2024
الحبُّ في سن المراهقة

تتميز فترة المراهقة باكتشافات نفسية وجسدية كبيرة، تغيِّر نظرة الأطفال إلى أنفسهم وإلى محيطهم، كما تثبِّت هويتهم الجنسية والعاطفية تدريجياً، حيث يتميز سن المراهقة بعدد من الصفات العامة التي تنطبق على معظم المراهقين، أبرزها صعوبة التعامل معهم واندفاعهم نحو التجارب الجديدة، إضافة إلى ميلهم نحو التمرد، كما تكون مشاعر الحبِّ العاطفي تجاه الجنس الآخر من بين الأشياء التي يختبرها الأطفال مع تحولهم إلى مراهقين، لكن ما هي حقيقة الحبِّ في سن المراهقة؟ وهل من الممكن أن يستمر هذا الحبُّ بعد المراهقة؟ تابعوا معنا.

سن المراهقة وتكوين الشخصية

يحدث هذا الانقلاب لدى معظم المراهقين في الحالة الطبيعية، حيث يدخلون في مرحلة جديدة من تكوينهم الجسدي والنفسي، ابتداءً من سن الثانية عشرة وحتى العشرينات، لكن الفترة بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة هي الفترة الأكثر خطورة على تكوين المفاهيم والأفكار عند المراهقين.

أيضاً فيما يتعلق بالنمو الجسدي وتكوين الشخصية، وغالباً ما يختبر المراهقون مشاعر الحبِّ والعاطفة الجياشة تجاه الجنس الآخر في هذه المرحلة، وقد يصرِّح المراهق بما يشعر بالقول أو الفعل، كما قد يبقي مشاعره طيَّ الكتمان، لكن في الحالتين هو يختبرها، كما تساهم هذه التجربة في تكوين الكثير من المفاهيم العاطفية لديه، لذلك يجب أن يحرص الأهل على تخطي هذه المرحلة بسلام قدر الممكن، وبمساعدتهم وتوجيهاتهم، لكن ما هي الأسباب الحقيقية التي تجعل المراهق يقع في الحبِّ في هذا السن؟.

اكتشاف الجسد ونمو الدماغ

يبدأ الأطفال باكتشاف الخصوصية الجنسية لأجسادهم في سنٍ مبكرة، لكن هذا الاكتشاف يتحول إلى أفكار ومفاهيم مع بداية سن المراهقة، حيث يعرف المراهق تماماً الفرق بين الذكر والأنثى من الناحية الفيزيائية، ومن المفترض أن يمتلك معلومات وافية عن عملية التكاثر وحدود العلاقات الاجتماعية ومحاذيرها، حيث تساهم هذه الاكتشافات والمعلومات في ميله الإجباري نحو أقرانه المختلفين في النوع (في الحالات الطبيعية)، من جهة أخرى؛ فإن التغيرات التي تطرأ على نمو دماغ المراهقين تجعلهم مندفعين أكثر نحو الحب كما تذكر دراسة نشرها موقع (Psychology Today)، حيث ما تزال قدراتهم المعرفية وقدرتهم على المحاكمة الاجتماعية والمنطقية أضعف من أن يسيطروا على مشاعرهم وأفكارهم، لذلك نجد المراهقين يميلون لتجربة العديد من الأشياء في هذه السن، مثل المخدرات أو التدخين وغيرها من الأمور التي تساعدهم على اختبار حقيقة العالم من حولهم، وتفريغ الطاقات الكامنة فيهم.

الرغبة الجنسية والغرائز

يتعامل المراهقون بين 11-14 سنة مع اكتمال تكوينهم الجنسي، بوصولهم إلى سن البلوغ الجنسي في هذه الفترة، إضافة إلى اكتشاف الخصوصية الجنسية ومميزات الجسد، كما تشكِّل هذه الاكتشافات ضغطاً إضافياً على المراهقين، وقد تدفعهم إلى تصرفات مجنونة أحياناً، لأن هذه الطاقة الجنسية لا بد أن تجد طريقها للتعبير عن نفسها عملياً، حيث يشكِّل الدافع الجنسي جزءاً كبيراً من رغبة المراهقين في الدخول بعلاقة عاطفية، وهذا يعني خطورةً مضاعفةً على صحتهم النفسية إن لم يتمكن الأهل من إدارة هذه العلاقات، فالأطفال الكبار لم يدركوا بعد معنى المسؤولية تجاه الآخرين، وليسوا في مكان تحمل مسؤولية الحمل مثلاً! أو تحمل آلام الهجر بعد انتهاء علاقة من هذا النوع.

مصادر المعرفة المتاحة تعزِّز من قيمة الحبِّ عند المراهقين

الواقع أنَّ أغلب مصادر المعرفة المحيطة بالناس من مختلف الأعمار، تتخذ من الحبِّ وما يتفرع عنه موضوعاً أساسياً لها، ربما 90% من المسلسلات الدرامية تتحدث عن الحبِّ والعلاقات الغرامية التي تمثل الخط الدرامي الرئيسي لبناء قصة المسلسل أو الفيلم، حتى الروايات تخصص مساحةً كبيرة للخوض في هذه المشاعر، بل أنَّ هناكَ كتَّاب متخصصون في سرد قصص الحبِّ والخيانة ...إلخ، وقد نجد من يعتبر هذا التواجد الكبير لمفهوم الحبِّ في مصادر المعرفة انعكاساً لواقع الإنسان الذي يستند على العلاقة بين الرجل والمرأة بشكل كبير.

بينما قد يرى آخرون أنَّ تناول هذه المواضيع لا يتعدى كونه وسيلة تجارية تستغل مشاعر الناس، لا أكثر ولا أقل، لكننا لسنا في صدد نقاش ذلك، بل نسلط الضوء على تأثير الوجود الكثيف لقصص الحبِّ والغرام والهجر والخيانة وغيرها من المفاهيم المتفرعة عن الحبِّ على مشاعر المراهقين، حيث تعطي هذه المصادر قيمة كبيرةً للحبِّ عند المراهقين، خاصةً وأنَّهم لم يتمكنوا بعد من الموازنة بين مشاعرهم والحياة الواقعية، ذلك لا يعني التبخيس من قيمة الحبِّ نفسه، لكن المراهقين يحصلون على الرسائل والمعلومات التي تنقلها الدراما بشكل مجرد، مع قدرةٍ منخفضةٍ على التحليل المنطقي، أخفض حتى من قدرتهم عندما كانوا أطفالاً!.

لاحظوا مثلاً ردَّة فعل المراهقين في سن الثالثة عشر أثناء مشاهدتهم لمشهد يقدِّم فيه البطل التركي باقةً من الورد الأحمر لحبيبته بعد أن خانها مع صديقتها، ستجدون عيون المراهقين حالمةً وأفكارهم متقدة، كأنَّهم هم أصحاب القصة وأبطالها، وربما يمارسون المشهد لا شعورياً، فتنتظر المراهقة من حبيبها المراهق أن يحضر لها باقةَ الورد الحمراء تلك دون أن تفكر إن كان يملك ثمنها أصلاً، أو إن كان قد ارتكب ما يستحق الاعتذار فعلاً، حيث أنَّ المراهقين لم يمتلكوا بعد تصوراً منطقياً عن الحبِّ، ولا مفهوماً أخلاقياً مكتملاً عن الوفاء والخيانة، كل ما يعرفونه أنَّ باقة الورد الأحمر دليلٌ على الحبِّ والرومانسية.

لنعترف معاً أن المراهقين يجربون الكثير من الأفعال والمشاعر نتيجة ما يشاهدون ويسمعون، فالمراهق مثلاً يقف أمام المرآة خلسةً ويحلق لحيته قبل أن تنبت شعرةً فيها، فالمعلومة التي اكتسبها أن الكبار يحلقون لحاهم، لكنَّه لم يدرك سبب هذا الفعل! كذلك المراهقات اللواتي يضعن كريم مضاد للتجاعيد في السن الثانية عشرة!

ضغط الأقران والمحيط الاجتماعي يجعل المراهق باحثاً جاداً عن الحبِّ

يبحث المراهقون عن التقدير والقيمة الاستثنائية في المجتمع، لذلك يلجؤون إلى شتى أساليب إثبات الذات ولفت الانتباه، ويحاولون تحقيق الاندماج الاجتماعي، وإثبات الخروج من الطفولة عن طريق ممارسة كل ما من شأنه أن يمنحهم الشعور بالقيمة، فتتغير طريقة تعبيرهم عن أنفسهم بشكل كبير، ويقومون بمئات الأفعال التي تساعدهم على الاندماج الاجتماعي وتحميهم من شعور الغربة الاجتماعية والنبذ، فيتبادل الأطفال الكبار الأحاديث عن الحبِّ والتجارب العاطفية التي قد لا تكون حقيقية، مما يدفعهم إلى البحث الجاد عن الحبِّ.

وتكمن الخطورة في هذا البحث أنَّ المراهق إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح فهو محاط بالأخطار التي قد تنتج عن هذه العلاقات، من الجنس المبكر إلى الصدمة العاطفية والهجر...إلخ، فالمراهقون إذاً يشكِّلون محكمة اجتماعية لبعضهم البعض، يطردون من لم يخض علاقة الحبِّ خارج الجماعة، ويجبرون أنفسهم على الحبِّ للبقاء ضمن هذه الجماعة.

هل تستمر علاقات الحبِّ في سن المراهقة؟

تعتبر مرحلة الفطام بالنسبة للأطفال هي تجربة الحرمان الأولى، كذلك يعتبر انتهاء علاقة الحبِّ في سن المراهقة التجربة الأولى للهزيمة العاطفية أو الأزمة العاطفية، حيث يشير أغلب الباحثين أن أغلب العلاقات العاطفية في سن المراهقة هي علاقات مؤقتة ومحكوم عليها أن تنتهي بالفراق، ومنهم الدكتور (Carl E Pickhardt) في مقالة له على موقع (Psychology Today)، حيث تنتج هذه النهاية المحتومة للعلاقات العاطفية في فترة المراهقة عن عدَّة عوامل، تتعلق باختلاف إدراك المراهق للعلاقة مع الجنس الآخر خلال سنوات المراهقة، وتطور نظرته إلى نفسه وإلى الآخرين، إضافة إلى اختلاف الدوافع التي ذكرناها سابقاً جميعها.

فضغط الأقران الذي يبلغ ذروته، سيتراجع أمام استقلالية الشخصية التي يبنيها المراهق عاماً بعد عام، والمراكز العصبية في الدماغ تنمو حتى انتهاء سن المراهقة، كما ينخفض تأثير مصادر المعرفة المغرقة بالرومانسية طرداً مع ارتفاع القدرة على التحليل والتفكير المنطقي (في الحالات الطبيعية)، فضلاً عن اكتشاف مصادر معرفة جديدة وتطور طموحات الأطفال الكبار، لتنتقل من المدى القصير (الثياب، السيارات، النزهات....) إلى المدى البعيد (العمل في المستقبل، الموهبة...إلخ)، هذه الاختلافات التي تنمو بشكل تدريجي طيلة فترة المراهقة، تتناقض تماماً مع دوافع الحبِّ المراهق، ما يجعل احتمال استمرار علاقة الحب بعد سن المراهقة أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد.

ولنفس الأسباب؛ يعتبر الزواج المبكر جريمة اجتماعية بحق الأطفال المراهقين، لأنَّ كلَّ هذه الاختلافات في تكوين الشخصية والتكوين الجسدي لن تجد مكاناً لتنمو بشكل طبيعي، وإذا تصالح المراهقون مع الزواج المبكر سواء لأنَّه كان مفروضاً أو لأنَّه لم يكن مرفوضاً، فسيواجهون أزمات عائلية حقيقية بعد أن تختلف وجهات نظرهم حول كل الأمور دون استثناء.

كيفية التعامل مع الحبِّ في سن المراهقة؟

يجب أولاً أن نتفق على عدم اعتبار الحبِّ في سن المراهقة جريمة تستحق العقاب، أو ظاهرةً غير صحية تستوجب المكافحة، لأن هذه المشاعر تشكِّل جزءاً لا يتجزأ من نمو أطفالنا الكبار، ولا بد أن يمروا بهذه المرحلة من تكوينهم النفسي، إنَّها لا تختلف كثيراً عن تبديل الأسنان اللبنية، لكنَّها تبديل للأفكار وترسيخ للمفاهيم، لذلك لا يجب التعامل مع المراهق العاشق بعنف أو الاصطدام بمشاعره، لأنَّ ذلك لن يردعه عن الدخول في العلاقات التي لا يرغب بها الأهل، كما سيجعلنا نخسر فرصة المراقبة والمساعدة والتوجيه، وإليكم بعض الملاحظات للتعامل مع الحبِّ في سن المراهقة:

تبادلوا الأدوار مع المراهقين

يفقد الآباء ذاكرتهم البعيدة غالباً عندما يتعاملون مع الأطفال، فينسون تجربتهم العنيفة في سن المراهقة، ويغضون الطرف عن مشاعرهم الجياشة آنذاك، والتي تشبه إلى حدٍّ بعيد مشاعر أبنائهم المراهقين، ربما يجب أن يتذكر الأهل تلك المرحلة من حياتهم، وكم كانت مشاعرهم صادقة ورقيقة عندها، ليتمكنوا من فهم مشاعر أبنائهم والتعامل معها بطريقة سليمة.

يجب أن يمتلك المراهق معلومات حقيقية عن الحياة الجنسية

قد يشعر الأهل بالخجل من أن يخبروا أبنائهم بتفاصيل الحياة الجنسية، أو ربما يعتبرون ذلك معيب ومحرج لهم، لكن يجب أن نتوقف للحظة ونفكر مليَّاً، إذا نحن لم نخبرهم فمن الذي سيخبرهم؟! وكيف سيخبرهم؟!.

من المستحيل ألَّا يعرف الشاب أو الفتاة تفاصيل الحياة الجنسية، خاصةً وأن كل المعلومات الصحيحة والخاطئة متاحة بشكل كبير عبر شبكة الإنترنت، فضلاً عن المعلومات والمفاهيم المجانية التي توفرها شبكة الأصدقاء والمعارف، فإذا ترفَّع الأهل عن تثقيف أبنائهم جنسياً، فهم يتركونهم عرضة للمعلومات الخاطئة وللسلوكيات المنحرفة، ويتخلون عن دورهم التربوي لصالح ثقافة الشارع، التي قد تقضي على مستقبل أبنائهم العاطفي واستقرارهم الأسري فيما بعد.

لا تستخفوا بمشاعر المراهقين

من الأخطاء التي يرتكبها الأهل في التعامل مع مشاعر الحبِّ عند المراهقين أنَّهم قد يستخفون بتلك المشاعر، أو ربما يحاولون إقناع المراهق بزيفها، لكنها ليست مزيفة إنَّها مشاعر صادقة وربما تكون الأكثر صدقاً، لأنَّها تنبع عن عفوية وفطرية، لذلك لن يكون الحل بالتقليل من أهمية هذه المشاعر أو مهاجمتها، بل بمراقبة تطورها وأخذ دور الموجه لها لا دور القاضي الذي يريد حبسها.

تنمية مهارات المراهقين تساعدهم على تطوير إدراكهم

إن نزعة المراهق للاستقلالية تساهم في تخليه عن التفكير المنطقي بشكل شبه كامل، وانصرافه إلى غرائزه وأهوائه، لذلك يعتبر تعزيز مهارات المراهقين وتنمية معارفهم ومواهبهم أمراً جوهرياً، سيساعدهم على تطوير التفكير المنطقي عندهم، كما أنَّ إشراك المراهقين في الحياة العائلية باعتبارهم قد تخطوا مرحلة الطفولة سيجعل منهم أكثر مسؤولية ووعياً.

الاتصال الفعال بين الأهل والمراهقين

لا بد أنَّ معظمنا يدرك عدم جدوى العنف والصراخ في التعامل مع المراهقين، بل على العكس تماماً، حالة الصدام التي قد يواجهها المراهق قد تجعله أكثر تعنتاً وتمسكاً بالسلوكيات الممنوعة، لذلك لا بد من خلق خطوط تواصل فعالة مع المراهقين للتخفيف قدر الممكن من اندفاعهم وتحميلهم مسؤولية تصرفاتهم بالقدر الممكن، دون اللجوء إلى الطرق العنيفة، كما لا بد من نقاش العديد من المفاهيم والإجابة عن العديد من الأسئلة بهدوء وشفافية، لنضمن احتواء ثورة المراهقة.

ولنضمن وجودنا بالقرب من أطفالنا الكبار لإنقاذهم من الخطر وتوجيههم إلى الطريق الصحيح، فإذا أردنا مثلاً أن نحذر المراهقين من العلاقات الجنسية المبكرة، لا بد أن نشرح المخاوف المترتبة على هذا النوع من العلاقات، ولا بد أن يكون المراهق مدركاً إدراكاً عقلياً للحدود الاجتماعية أو الدينية، ليتمكن من التأقلم معها ضمن هامش التمرد الذي يمتلكه، أما الصراخ والعنف قد يخلق شخصية وديعة في المنزل تقابلها شخصية منحرفة خارجه، فيخسر المراهق بذلك عامل الرقابة الذاتية التي من المفترض أن تتكون تكويناً عقلياً مع تكوين المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية.

كيف سنتعامل مع المراهق في حالة الانكسار العاطفي؟

كما ذكرنا؛ فإن معظم علاقات المراهقين العاطفية تنتهي بالفشل، إما بسبب ما ذكرناه من عوامل تطورية طبيعية، أو نتيجة أحداث محددة كالخيانة أو انكشاف الأمر ومعارضة الأهل له...إلخ، لكن ما يجب أن ندركه كمسؤولين عن تربية أطفالنا الكبار، أنَّ الشعرة في العين تبدو كالجبل العظيم (كما يقول جلال الدين الرومي)، فالمراهق ينظر إلى هذا الفراق بطريقة مبالغ بها، ويعتبر نفسه قد مني بأكبر هزيمة في حياته، خاصةً أنَّه ما زال يؤمن بما تروج له المسلسلات عن الحبِّ الأول والأخير الذي لن يكون بعده حبٌّ.

وعن عدم قدرة الإنسان على الدخول في علاقة عاطفية جديدة إذا انكسر قلبه في المرة الأولى، وهذا ما ينافي المنطق والعلم والتجربة بشكل كبير، فمشاعر الحبِّ تحتاج إلى الكثير من الأسباب لتستمر، وإن لم تستمر في علاقة ما فهي قابلة للتولد ثانية، وستحتاج لسلسلة طويلة من الأسباب لتستمر أيضاً، والحبُّ الذي يستمر هو الحبُّ الذي تتوفر له هذه العوامل والأسباب، كالقدرة على التخطيط للمستقبل البعيد، التأكد من التوافق الفكري والاجتماعي والجنسي...إلى آخره، لذلك يجب التخفيف عن المراهق المنكسر، وتسليمه مفاتيح الحقيقة أنَّ الحب ليس تجربةً نادرة الحدوث، تكون مرَّةً واحدةً وتسقط السماء بعدها، كما لا بد من مساعدته على الخروج من هذه الأزمة العاطفية وتجاوزها بشتى الوسائل الممكنة، لذلك يجب:

  1. الابتعاد تماماً عن اللوم والشماتة أو الاستخفاف بالمشاعر.
  2. تفسير بعض الحقائق المتعلقة بالحبِّ والعلاقات العاطفية.
  3. اللجوء إلى المختص النفسي أمر بالغ الفائدة والأهمية خاصة مع تطور الأزمة النفسية عند المراهق.
  4. إنَّ حديثكَ مع ابنك المراهق أثناء المشي مساءً مهما كان موضوع هذا الحديث، سيساعده على تخطي هذه الأزمة والتعامل معها بنضج، ربما تحتاج أن تروي له كيف تعاملت معها أنت وكيف تخطيتها عندما كنت بسنه، ثم أخبره كيف التقيت بوالدته بعد سنوات طويلة، ساعده على التفكير بالمنطق والعقل.
  5. لا بد أن تتفهم الأمُّ مشاعر ابنتها المنكسرة، فغالباً ما تبالغ الفتيات في التعامل مع الهجر الأول، لذلك لا بد من توضيح الحقائق المغلوطة فيما يتعلق بالحبِّ والعلاقات العاطفية، ومساعدة الفتيات الصغيرات على إحلال التفكير المنطقي مكان الرومانسية الكلاسيكية، ربما ستحتاج ابنتكِ لسماع قصتكِ.

ختاماً... ستترك هذه المرحلة أثراً عميقاً في نفوس أطفالنا الكبار، كذلك لن ينسى الأهل كيف تخطى أبناؤهم مرحلة المراهقة، لكن يجب أن يحاول الأهل قدر الممكن تقريب تفكير المراهقين إلى الواقع، والتعامل معهم بطريقة تتوافق مع سنهم وتتفهم اندفاعهم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار