مفهوم الهوية الجنسية عند الطفل

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
مفهوم الهوية الجنسية عند الطفل

قد نصادف في حياتنا اليومية أمثلةً كثيرة لأطفالٍ يعانون شتى الأمراض النفسية أو الجسدية، والتي تكون في أغلب الأحيان طبيعية ولا خطر يحيق بالطفل منها، لكن عند التفكير في الأسباب أو مجرد المحاولة في البحث عن سبب صحي مقنع، سنجد أن أغلب المشاكل الصحية ترتبط في غالبيتها بمشاكل نفسية، أسبابها جهل مسؤولية الأبوين الحقيقية تجاه أبنائهم، والتي يجب تأديتها على نحوٍ يجعل الطفل في أحسن حالاته الصحية والجسدية، وتجنيبه الأعراض المجهولة التي قد تصيب الطفل ويلحق به ضررها حتى المراحل المتقدمة من العمر.

ليس بالأمر السهل أن ينجب كل رجل وامرأة طفلاً وينسبوه إلى خانة العائلة لزيادة النسل، كما ليس بالأمر المفرح رؤية نتاج العلاقة الزوجية الفاشلة أو التربية الجنسية القائمة على أساس غير صحيح يعكسه سلوك الطفل، لكن من الكفة الأخرى، من السهل على الأبوين أن يرموا عبث تفكيرهم وجهلهم في التربية على عاتق الطفل، أو اعتبارها مرضاً نفسياً، فعندما نرى طفلاً يحب اللعب مع الفتيات على سبيل المثال ويتصرف بطريقة معاكسة لسنه، أو نرى فتاةً تتصرف بذكورية زائدة، سنضع في خانة التفكير احتمالين اثنين، إما السبب في ذلك حرية فكرية جعلت الجنس يختلف؛ وهذا التفسير لعله مستبعد، أو أن الطفل لم يفهم جنسه على نحو جيد وجعله ذووه يعيش متناقض الهوية؛ ولعله التفسير الأكثر منطقية، هذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال حول فهم الطفل لهويته الجنسية وكيفية تصرف الأهل مع أبنائهم على نحو تربوي جيد.

مفهوم الهوية الجنسية للطفل

يولد الطفل؛ فيتم تحديد جنسه حسب خصائصه الفسيولوجية إن كان ذكراً أم أنثى، ويعبر عن جنسه من خلال تصرفاته وأفعاله، إلا أن غالبية الأطفال يجهلون هويتهم الجنسية التي تختلف عن الجنس البيولوجي، فالأخيرة تعني الخصائص الفسيولوجية التي ولدت مع الطفل وشكلت جنسه والتي تحددها الأعضاء التناسلية، في حين الهوية الجنسية تعني الطريقة التي يرى بها الطفل نفسه إن كان ذكراً أو أنثى، وكيف يستطيع قبول وفهم هذه الهوية الخاصة به التي تنعكس من خلال تصرفاته وأفعاله التي تعبر عن جنسه.

بينت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال من خلال أبحاثٍ لها، بأن الهوية الجنسية لدى الطفل تتطور مع المراحل العمرية:

  1. فبعد السنة الثالثة من عمره يصبح قادراً بسهولة على معرفة جنسه وتسمية نفسه ذكراً أو أنثى.
  2. في سن الرابعة يصبح لديه شعور ثابت بهويته الجنسية، في ذات المرحلة يعي تماماً الفرق بين الجنسين والأدوار والأشياء التي يقوم بها كل جنس في حياته اليومية، ويستطيع معرفة الأنشطة المحددة له على مختلف الأصعدة، فعلى سبيل المثال؛ تميل الفتاة إلى اللعب بالدمى والألعاب المنزلية، في حين يميل الصبي إلى اللعب بألعاب الجنود أو السيارات والشاحنات، في هذا السياق؛ على الآباء منح أطفالهم الفرصة لاستكشاف الأدوار المختلفة بين الجنسين، ومنحه الحرية لتجربة مختلف الأمور لتحديد الفرق بين الجنسين بنفسه، فبيئة الطفل المناسبة تضمن معرفته للتنوع بين الجنسين وفهم طبيعة كل جنس.

طرق تعبير الطفل عن هويته الجنسية

هناك الكثير من الطرق التي يعبر بها الأطفال عن جنسهم غير الدمى والألعاب التي يلعبون بها، منها الملابس، تسريحة الشعر، الاسم واللقب، السلوك الاجتماعي الذي يعكس العدوانية أو الوداعة أو التبعية، الايماءات والايحاءات الجسدية والتصرفات والعلاقات الاجتماعية، فقد يميل الطفل إلى تصرفات تختلف عن جنسه، أو يرغب في ارتداء لباس لا يناسب جنسه، أو التصرف بشكل مناقض لماهيته الجنسية، هذا ما يمكن تسميته بمفهوم الهوية الجنسية لدى الطفل.

بينت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أيضاً، بأن المجتمع أدرك مع الزمن أن الصورة النمطية للخصائص والسلوكيات الذكورية والأنثوية غير دقيقة، وتغيرت هذه النظرة مع الزمن، فكان مسموح للبنات بأن تلعب مع الدمى أو بأدوات الطبخ فقط، مما يجعل الأمر أكثر سلبية لديها، ومن المتوقع على الذكور أن يكونوا أكثر عدوانية عند حرمانهم من تجربة ما يرغبون به من الأمور التي يعتبرها المجتمع خاصة بالإناث كالطبخ والطهي على سبيل المثال، لكن الوضع اختلف اليوم، وما كان مقصوراً على الذكور أو الإناث فقط قد تغير، فأصبحت الإناث يتفوقن على الذكور في الألعاب الرياضية، والذكور يتفوقون على الإناث في الألعاب الفنية.

هنا نجد أن رغبات وقدرات الطفل تختلف عن المجتمع، إلا أنها أحياناً تتعرض للتمييز على أساس النوع الاجتماعي (الجندر)، فالأبوان يسعيان لأن يكون أبنائهم مقبولين اجتماعياً من خلال ممارسة ما يمليه عليه مجتمعه من عادات وتقاليد، لكن الطفل بجاجة للشعور بالرضا عن نفسه، فإذا لم يكن الفتى متفوق في المجال الرياضي، قد يكون لديه إمكانيات في مجالات أخرى ونقاط قوة قد لا تتناسب مع المجتمع وعاداته، إلا أنها تعتبر مصدر نجاح وقوة له، فبدلاً من قولبة الطفل ضمن التقاليد، يمكن مساعدته على تحقيق إمكانياته الفريدة.

تأثير البيئة على الهوية الجنسية لدى الطفل

أوضحت دراسة بأنه يتم تحديد جنس المولود أثناء فترة الحمل، فكل خلية في جسم الإنسان تحتوي على 46 كروموسوم من الحيوانات المنوية للأب وبويضة الأم، فهناك 22 كروموسوم في الحيوان المنوي ومثلها في البويضة، إلا أن الكروموسومات المتبقية هي التي تحدد جنس المولود، فقد تكون هذه الكروموسومات أساسية في تحديد الجنس، لكن القضية ليست هكذا فقط، فالجنس يتحدد من كيف نبدو، كيف نتصرف، وكيف نشعر؟.

ليس بالضرورة أن يحدد الجنس البيولوجي الهوية الجنسية منفرداً، فالبيئة تلعب دوراً كبيراً في تحديد جنس كل شخص، من المفاجئ أيضاً، أن بعض الحيوانات لا تحتوي على الكروموسومات المحددة للجنس، فقد تتحدد عن طريق الظروف البيئية وليس عن طريق تكوينها البيولوجي، فعلى سبيل المثال الشعب المرجانية والتماسيح والسلاحف والسحالي لا تحتوي حيواناتها المنوية على كروموسومات جنسية، إنما يتحدد الجنس من خلال حرارة العش أثناء الحضانة، كذلك الأمر بالنسبة للإنسان، فالبيئة المحيطة تلعب دوراً كبيراً في تحديد الهوية الجنسية، ولربما دوراً أساسياً، وهنا يكمن دور الأهل ويبرز ضرورة تركيزهم على إبراز الهوية الجنسية الصحيحة وبطرق صحيحة.

فالطفل لا يستطيع ملاحظة الصورة النمطية عن جنسه إلا في سن عامين أو ثلاثة أعوام، ثم يتطور مفهومه عن الجنس تدريجياً بعد سن الخامسة، يدرك بعدها أن التغييرات في الملابس أو تسريحات الشعر لا تشكل تغييراً في الجنس إنما تشكل الهوية الجنسية، ثم يبدأ الطفل بتكوين فكرة عن جنسه لتكوين علاقات اجتماعية مع ذويه وتحقيق التفاعل الاجتماعي، ويصبح في الفترة ذاتها راغباً في التفاعل مع أفراد جنسه واللعب بالأشياء النمطية والتقليدية كصبي أو بنت، في الفترة بين سبع وعشر سنوات يصبح أكثر إدراكاً لجنسه ويتعامل مع نفسه على هذا الأساس.

مراحل فهم الطفل لجنسه البيولوجي تبعاً لمراحل العمر

وجدت الباحثتان جودي بتنام وجوديث مايرز أن الطفل عند سن السابعة يصل لفكرة كاملة عن جنسه، إلا أنه قبل ذلك يمر بمراحل عدة حتى يصل لفهمه الكامل ويستطيع تكوين فكرة واضحة:

  1. في عمر 7 أشهر، يستطيع الطفل الرضيع أن يفرق بين الذكور والإناث من خلال الأصوات، فيستطيع التفريق بين صوت والده أو والدته.
  2. في عمر 12 شهر، يستطيع الطفل أن يفرق بين الرجل والمرأة من خلال الوجوه، فعندما يسمع صوت ذكوري ينظر إلى والده، وعندما تحدثه والدته ينظر إليها مباشرة، فينظر إلى المتحدث حسب إدراكه للصوت.
  3. في عمر السنتين، يدرك الطفل جنسه من خلال الصورة النمطية بأن تلعب الفتاة مع الدمى وترتدي لباساً مزيناً، في حين الصبي يلعب بالشاحنات وألعاب الذكور ويرتدي لباساً بسيطاً، ويتم تشجيعه على أن يكون قوي ونشيط، كما يتم تشجيع الفتاة بأن تبقى هادئة.
  4. في فترة 2- 3 سنوات، يستطيع الطفل أن يطور الهوية الجنسية ويحدد هويته إن كان ذكراً أو أنثى، وتسمية ما حوله من أفراد الأسرة والأصدقاء حسب جنسهم.
  5. في سن 3- 4 سنوات، يستطيع الطفل التفرقة بين الجنسين ووضع كل جنس في نطاق مختلف، فيعرف مثلاً بأن الشاحنات والسيارات للذكور، والدمى للإناث، ويستطيع فهم خاصية كل جنس.
  6. في سن 4 - 5 سنوات، يفهم الأمر من خلال الأنشطة، فيدرك الطفل بأن من يضع مكياجاً على وجهه فهو أنثى، ومن يحمل أثقال وأوزان يجب أن يكون ذكراً.
  7. في سن 6-7 سنوات، يظن الفتى أنه سيصبح امرأة كوالدته، والفتاة ستصبح كوالدها رجلاً، لكن فيما بعد يدرك أن هذا الأمر لا يتغير مع تقدم مراحل الحياة، فالرجل سيبقى رجلاً حتى ولو ارتدى لباس امرأة، ويصل بذلك إلى فهم كامل لطبيعة جنسه.

الصورة النمطية عند الطفل من الممكن أن تتعزز حسب البيئة التي ينشأ فيها

إن المجتمع الذي تعج فيه الصورة النمطية، يميل الأطفال فيه بانتظام إلى تبني أدوار الجنسين والتي تكون غير مصنفة بشكل واضح، أي التباس النظرة الصحيحة عن جنس الطفل، نظراً لسيادة العادات والتقاليد التي تسيطر على أفكار الناس وتساهم في تشكيل الصورة النمطية، فمن سن الطفولة إلى سن المراهقة يتعرض الطفل للعديد من العوامل التي تؤثر على سلوكه ومواقفه فيما يتعلق بأدوار الجنسين.

يتأثر إدراك الطفل للسلوكيات التي يقوم بها وفهمه لطبيعته الجنسية تبعاً للعديد من المؤثرات، التي تبدأ من الأسرة وتنتقل إلى المدرسة والأصدقاء والتلفزيون، إلا أن المكون والمؤثر الأساسي لهذا الأمر هي الأسرة والمنزل؛ فإذا كانت بيئة المنزل مرتبكة شيئاً ما، يجد الطفل أن قيامه بأدوار كلا الجنسين قد يكون أمراً أكثر فائدة من الالتزام الصارم بالأمور التقليدية لأحد الجنسين، والتي تفرضها المجتمعات على كل طفل.

يتعلم الأطفال في سن مبكرة ماذا يعني أن يكونوا ذكوراً أو إناثاً، من خلال العديد من الأنشطة والفرص والتشجيع والسلوكيات التي يتلقاها الطفل وتشكل بيئة تنشئته الاجتماعية، ويتعرض خلال فترة الطفولة إلى الكثير من الصور النمطية التي تفصل بين الجنسين، كالتي تحدثنا عنها سابقاً على سبيل الألعاب الخاصة بكل جنس، فالصورة النمطية عند الطفل من الممكن أن تتعزز حسب البيئة التي ينشأ فيها.

طرق تعامل الأبوين تؤثر على فهم الطفل للصورة النمطية ولطبيعة جنسه

وجدت الدكتورة ويت أن إحساس ومفهوم الطفل عن ذاته يتأثر بالعديد من المواقف والعادات والسلوكيات التي يتلقاها من بيئته المحيطة، فالأمور التي يشاهدها الطفل ويتلقاها، كطريقة ونمط تعامل الأهل معه وعلاقته مع والديه تقوي هذا الأمر وتنتقل لتصبح أكثر خطورة في المدرسة والمجتمع، فمفهوم الذات وتطوره لدى الطفل يتأثر بعوامل التنشئة الاجتماعية وظروف التربية التي يتلقاها، ومع تطور هذه العوامل تترسخ لدى الطفل العادات والصور النمطية عن الجنسين، فتصبح هذه المعتقدات جزء من ذات الطفل؛ هذا الأمر يعزز إدراك الطفل لجنسه ويزداد من خلال الآباء، فهم المحدد الأساسي في كيفية التعامل مع الجنسين وتحديد الأشياء التي تخص كل طفل في التعامل واللباس والتصرفات.

فمن بداية طفولتهم يتم توعيتهم على أن لكل من الجنسين تصرفات وأشياء خاصة تجعل كل منهم يختلف عن الآخر من الناحية الفسيولوجية والنفسية، فللوالدين تأثير كبير على تصرفات وسلوكيات الطفل، كما أن العلاقة بين الوالدين والطفل تعتبر إحدى التأثيرات طويلة الأمد والتي تستمر حتى البلوغ، وتعتبر واحدة من أكثر العوامل أهمية بالنسبة للطفل، فاتجاهات الآباء نحو أبناءهم لها تأثير كبير على الطفل وشعوره بنفسه واحترامه لذاته.

يستوعب الأطفال رسائل الأهل في التمييز بين الجنسين في سن مبكرة، ويدرك الطفل الصورة النمطية في سن عامين أو أكثر، فالكثير من الأطفال يشعرون بالقلق عند تمييز الأبوين لجنس ما دون الآخر، فهم من يشجعون أبنائهم على تعزيز الصورة النمطية لديهم عن الجنسين من خلال تشجيع الأولاد على اللعب بالشاحنات واللعب بالحديقة وعلى أن تكون غرفتهم مليئة بالألعاب الرياضية ولونها أزرق، بينما غرف الفتيات دائماً بلون وردي وتلعبن العاب الطهي والأعمال المنزلية واللعب بالدمى، فالآباء والأمهات يساهمون بشكل كبير وأساسي في تشكيل الصورة النمطية لدى الأطفال.

إضافة إلى التصرفات التي يظهروها أمام أطفالهم والتي يكون الكثير منها دون وعي وانتباه كافي، فعلى سبيل المثال؛ إذا كان الأب يرغب بأن يكون لديه طفل ذكر، يحاول أن يجعل فتاته تحب الرياضة، وترتدي لباساً ذكورياً شيئاً ما، ويجعل شعرها قصيرا، كذلك الأمر بالنسبة للأمهات اللواتي يجعلن طفلهن يتصرف كالفتاة في حركاته وأفكاره، قد يبدو الأمر طبيعياً إن كانت الفتاة تهتم بالرياضة، لكن ما ليس طبيعياً أن يزداد لديها الشعور الذكوري والرغبة بأن تكون رجلاً، كما وجدت الدكتورة ويت أن تأثير الآباء على الأطفال أكبر من تأثير الأمهات.

تغير الصورة النمطية عند المجتمع مع تغير الوقت

في دراسة أجرتها سارة شارتشالا (Sarah A. Chartschlaa) كأطروحة في قسم الدراسات العليا بجامعة لييبرتي عام 2004، بينت أن العديد من المجتمعات تفرض الأدوار على الطفل حسب الجنس، والمقصود بالأدوار، التصرفات والأفعال التي تنطبق على كل جنس، فيخرج الفتى من المشفى عند الولادة بلباسٍ أزرق والفتاة بلباس زهري اللون، كما تتعلم الفتاة قراءة قصص الأميرات والفتيات الصغيرات، بينما ينشأ الفتى على قصص التنين والمغامرات والسيوف فتتعزز هذه التنشئة مع تأثير الأسرة والمجتمع لتزداد الصورة النمطية لدى الطفل.

فالتنشئة الاجتماعية للأطفال تزيد في سن مبكرة وتتعزز في حياتهم اليومية، لكن منذ بداية هذا القرن اختلفت وجهة النظر ونظرة المجتمع عن العلاقة بين الجنسين لدخول المرأة سوق العمل والمساواة بين الجنسين، مما أدى إلى انخفاض القوالب النمطية بين الجنسين، إلا أن الأفكار عند الكبار لا زالت تؤثر على الأطفال في تشكيل الصورة النمطية الخاصة بهم، حيث وجدت الدراسة أيضاً أن الآباء الآن أصبحوا يميلون للإناث، في حين أن الأمهات تملن إلى الذكور، فهذا يظهر عدم اتباع الصورة النمطية بين الأطفال، وخلصت الدراسة إلى أن اختلاف الصورة النمطية بين الجنسين يكون حسب التربية والأهل والبيئة الخارجية.

التربية الأسرية والمفهوم الخاطئ لدى الطفل عن جنسه الصحيح

كل أسرة فريدة من نوعها، لكن مع التأثيرات الثقافية والاجتماعية والدينية، يصبح هناك تأثير أكبر على نمط حياة الأطفال، وعلماء النفس قسموا السلوك أو الشخصية الجنسية إلى 3 أقسام:

  • الجنس البيولوجي، أي تركيبة أجسامنا البيولوجية والتي تحددها الأعضاء التناسلية.
  • التعبير عن الجنس، من خلال اللبس والفعل.
  • الهوية الجنسية، أي ما نشعر به نحن من الداخل.

هذا الأمر ينطبق على الذكور والإناث والجنس الثالث الذي تضطرب لديه الهوية الجنسية، فعلى الرغم من أننا نعلم بأن في مجتمعنا جنسين فقط، إلا أن هناك جنس آخر، فليس كل طفل يرى جنسه بشكل صحيح وتناسبه هويته الجنسية، فالجنس عند هذا الطفل ليس كما أخبروه، إنما حسبما شعر هو من الداخل، وعلى الرغم من تأثير الأهل الكبير على الطفل، إلا أنهم لا يستطيعوا أن يغيروا هوية الطفل عن جنسه، وعندما نتحدث عن تأثير الأسرة على الطفل، فإننا نعني بالأسرة الآباء والأجداد والأقارب والأسرة الممتدة والأصدقاء، مما يعني أن هناك مجموعة كبيرة من البالغين الذين يؤثرون على الطفل.

وللأبوين تأثير قوي وفعال على النوع الاجتماعي للطفل، أي تصرفاته في المجتمع، إضافة للتأثير الكبير على الصحة النفسية والعقلية للأطفال واحترام الذات، كذلك الأمر بالتأثير على قرارات الأطفال في التحول جنسياً والحد من الانتحار والاكتئاب، كما أن لممارسات الوالدين دور هام في تأكيد إحساس الطفل بجنسه والشعور بالثقة بالنفس وبقيمة الذات، فهناك العديد من الخطوات التي تعتبر هامة في هذه المرحلة، أهمها خلق بيئة داعمة للأسرة؛ مثلاً فن جعل المنزل ملاذاً ومكاناً للأمن والدعم للطفل يعتبر العامل الأكثر أهمية الذي يعزز أساليب الحياة الصحية لدى الطفل والشعور بالرفاه، فهذه البيئة تخلق لطفلك عزل عن المصاعب التي يواجهها خارج المنزل، مما يجعله يتقبل جنسه بشكل صحيح.

إلا أن خلق هذه البيئة ليس بالأمر السهل خصوصاً إذا كنت تعاني من قبول هوية طفلك الجنسية أو التعبير عنه، الأمر الآخر؛ توفير الاحترام داخل الأسرة، فمن الضروري على الطفل أن يشعر بالاحترام والتقدير من الآخرين، احترام ما فيه من خصائص على الرغم من نوع جنسه، فيجب أن يجد ذلك أولاً في المنزل، وأن تتبع الأسرة خطوات تصحيحية بشكل تدريجي مدروس ومن خلال الاستعانة بخبراء في المجال لإجراء التصحيح المطلوب في حال وجود خلل في هم الطفل لهويته الجنسية بدون ترك تبعات نفسية.

أهمية التربية الجنسية للطفل في وقت مبكر من العمر

من الأمور التي تساعد الطفل على فهم هويته الجنسية، استيعابه لمفهوم الجنس بشكل عام، فلا تنتظر طفلك ليطرح عليك الأسئلة عن الجنس، فإذا لم يسأل قبل سن الـ 10 سنوات، قد يكون محرجاً وعليك تخليصه من هذا الأمر، ابدأ أنت بطرح أحاديث معه عن هذا الموضوع، مثل سؤالك له إن كان يعلم كيف أتى، أو التحدث معه عن امرأة حامل على سبيل المثال.

كن أميناً وصادقاً مع طفلك، فإذا سألك عن سبب ممارسة الجنس، فلا تكتفي بالإجابة لمجرد إنجاب الأطفال، فيمكنك إخباره بأن ممارسة الجنس تمنح الجنسين الشعور بالمتعة، وأنها من متطلبات الجسم لكلا الجنسين، وإذا سألك عن العلاقات المثلية وممارسة الجنس مع الجنس الواحد، يمكنك الاستعانة بالكتب لتوضيح هذا الأمر بشكل عقلاني، مع توضيح نظرة المجتمع لذلك والأضرار المرتبطة به بطريقة يستوعبها الطفل.

يمكنك مساعدة طفلك من خلال إخباره بأسماء أعضائه الجنسية ووظائف الجسم، هذا يساعدك على التواصل معه بشكل أفضل في هذا الموضوع، مع الأخذ في عين الاعتبار التفكير بالمعايير الجنسية المعنوية والأخلاقية والدينية الخاصة بك، حتى تتمكن من شرح وجهة نظرك لطفلك بشكل أفضل.

قد يكون من المفيد مناقشة هذه القضايا أولاً مع شريك حياتك، وإذا كان لكل منكم آراء راسخة حول القضايا الجنسية، فعليكما جمع الأفكار وتقديمها لطفلكما في الوقت المناسب لبدء التحدث معه، وإخباره على أن العلاقات بين الجنسين يجب أن تكون قائمة على احترام نفسك والشخص الآخر، واحترام مشاعر شريك حياتك، كما ننصح هنا باستشارة المتخصصين في هذا المجال.

مراحل فهم الطفل لموضوع الجنس وطبيعته واختلافه بين الذكر والأنثى

قدم مركز (SickKids) - مركز الرعاية الصحية والتعليم والأبحاث المخصصة للأطفال التابع لجامعة تورنتو الكندية بعض النصائح التي تخص الوالدين في الحديث مع أبنائهم عن قضية الجنس، فعندما تتحدث مع طفلك عن هذا الموضوع، يجب أن تختار الوقت المناسب والعمر المناسب أيضاً، ويجب أن يكون طفلك قد وصل لمرحلة يستطيع أن يستوعب هذه الأمور وما تقصده أنت.

  • في الطفولة في عمر السنتين، يكون الطفل قادر على تسمية أجزاء جسمه بما في ذلك أعضائه التناسلية، فالأطفال في هذا السن يستطيعون التفرقة بين الذكر والأنثى، لذلك يجب على الأبوين إرشاده لهذه الأمور.
  • أما في مرحلة الطفولة المبكرة في سن الخمس سنوات، يكون قادراً على فهم أساسيات مهمة، فيجب إخباره بأن المرأة والرجل يستطيعان معاً إنجاب طفل، وأن الطفل ينمو في رحم أمه، وأن هناك خصوصية حول أجسامهم لا يمكن أن يقترب منها كل الأشخاص، هذا لحماية الأطفال من التحرش الجنسي.
  • بينما في مرحلة الطفولة الوسطى من عمر 5-8 سنوات، يجب أن يعي الطفل دور النشاط الجنسي في العلاقات، وأن يتعرف على التقاليد الاجتماعية السائدة واحترام الخصوصية الجنسية، فالكثير من الأطفال يصلون لمرحلة البلوغ قبل سن 10 سنوات، لذلك يجب أن يكونوا على علم بأساسيات سن البلوغ في هذه المرحلة، من الضروري أن يعرف الطفل بعض المعلومات عن الجماع بين الجنسين وأهمية ذلك في الحياة الاجتماعية.
  • إلا أنه في المرحلة العمرية من سن 8-12 سنة، على الأطفال ذكوراً كانوا أم إناث معرفة المعلومات حول الجنس الآمن وما يجعل العلاقة الجنسية جيدة أو سيئة، في هذه الفترة يجب إرشادهم إن كان ما يظهر في وسائل الإعلام عن الجنس صحيح أو يروج بطريقة خاطئة، وإذا كانت واقعية أم لا.
  • لكن في سن المراهقة 13-18 سنة، يصبح المراهقون في مرحلة خطيرة، لذلك إذا تحدث الآباء مع أطفالهم عن هذا الأمر في مرحلة مبكرة، يكون من السهل على المراهقين العودة إليهم لحل بعض المشاكل الصعبة أو الخطيرة.

سن البلوغ وواجبات الأهل في هذه المرحلة

على الأطفال معرفة التغييرات التي تحدث لتركيبة الجسم في مرحلة البلوغ، فمن المهم أن يفهم طفلك مراحل التطور الجنسي التي من المرجح أن تحدث له في أعمار مختلفة حسب كل طفل، فهناك العديد من الأمور التي يمكنك القيام بها لمساعدته على التكيف مع التغييرات التي سوف تواجهه على نطاق التغير في شكل الجسم أو تركيبته الداخلية، والتغيرات التي تطرأ على أجسامهم وتركيبها البيولوجي وخصوصاً الإناث اللواتي يفرض عليهن سن البلوغ الدورة الشهرية والانتباه للتصرفات التي تحمي الفتاة في هذا العمر، إضافة إلى الانتباه لبعض الأمور التي يقوم بها الطفل عند بلوغه، فيشعر بالحرج والخجل عند التعري أمام والديه، وينجذب نحو الأصدقاء من نفس الجنس ويبدأ بالحديث معهم عن الجنس الآخر.

سن البلوغ يسبب بعض التغيرات الجسدية التي قد تكون مخيفة لطفل غير مستعد لذلك، إلا أن الأمر يكون مطمئنناً له عندما يعرف أن أسرته تلحظ التغيرات في جسده في مرحلة البلوغ وفي الوقت المناسب، ويبدأ الحديث عن سن البلوغ في سن التاسعة، فإذا كان الأبوين غير متأكدين أو ليس لديهم فكرة تامة عن الأمر وعن تغييرات البلوغ فالأفضل البحث عن ذلك والاستعانة بالكتب التي تعين في هذا الأمر، فعلى الفتى أن يعي من قبل ذويه الأمور التي تتعلق بأعضائه التناسلية والتغيرات التي تطرأ على تركيبة جسمه، والإناث أيضاً، يجب إرشادهن إلى الاختلافات الكبيرة التي تحدث في حياة الفتاة عند سن البلوغ.

خلاصة الأمر.. الطفل مخلوق بحاجة إلى رعاية خاصة، يتطلب عناية وتمهل لقراءة تفكيره، ويحتاج إلى مساعدة من جانب الأبوين، الذين عليهما البقاء على مقربة من الطفل، وتشجيعه على البوح بما يدور في رأسه، ومساعدته على حل مشكلاته في بداية الأمر قبل فوات الأوان.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار