عيد المقاومة والتحرير في لبنان

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الخميس، 25 مايو 2023
عيد المقاومة والتحرير في لبنان

عانى لبنان باعتباره بلداً مجاوراً لإسرائيل الكثير، بدايةً استقبل عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين نتيجة نكبة فلسطين عام 1948، ونكسة حزيران عام 1967، كما تعرض للاجتياح الإسرائيلي 3 مرات في أعوام 1978، 1982، 1996، وآخرها كان عدوان تموز عام 2006، لكن ذلك لم يؤثر على إرادة اللبنانيين واستمرارهم في حب الحياة والتمسك بها، وذلك جنباً إلى جنب مع حب وطنهم واستعدادهم للدفاع عنه.

الاحتفال بعيد التحرير

يحتفل اللبنانيون في الخامس والعشرين من أيار/مايو كل عام بتحرير جنوب لبنان وانسحاب الجيش الإسرائيلي منه، حيث تنظم المسيرات والمظاهرات وترفع الأعلام اللبنانية وأعلام حزب الله وهو الحزب الذي قاد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. [1]

كما يُلقي الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله كلمة تؤكد أهمية هذا الإنجاز، وتفرد ساعات من البث المباشر في القنوات اللبنانية للحديث عن هذا اليوم وتذكر تلك اللحظات حين انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، وعاد اللبنانيون إلى مناطقهم بعد تحريرها مباشرةً. [1]

منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن إلى جنوب لبنان

بعد نكبة فلسطين عام 1948، استقر في لبنان أكثر من مئة ألف لاجئ فلسطيني، وفي عام 1964، تأسست منظمة التحرير الفلسطينية بهدف تحرير فلسطين من إسرائيل، وبعد نكسة حزيران/يونيو عام 1967، أصبحت المنظمة الفلسطينية أكثر إصراراً على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، ولا سيما بعدما أصبحت فلسطين بأكملها تحت الاحتلال الإسرائيلي. [1]

وقد كان مقر منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن، ولكن بعد أحداث أيلول/سبتمبر الأسود عام 1970 والاشتباك بين الجيش الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية انتقلت المنظمة إلى لبنان، مما تسبب في انقسام اللبنانيين على الموقف من المنظمة ونشاطها. [1]

فكانت أحد أسباب الحرب الأهلية اللبنانية في الثالث عشر من شهر نيسان/أبريل عام 1975، وقد دارت رحاها بين الجبهة اللبنانية بزعامة كميل شمعون، والقوات اللبنانية بزعامة بشير الجميل من جهة، والحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط ومنظمة التحرير الفلسطينية بجميع قواها وأطيافها من جهة أخرى. [1]

إسرائيل تحتل الجنوب

بعد انتهاء حرب تشرين/أكتوبر التحريرية عام 1973، استغلت إسرائيل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في الثالث عشر من شهر نيسان/أبريل عام 1975، واجتاحت لبنان عدة مرات، واحتلت على إثرها جنوب لبنان لمدة 22 عاماً، وهذه الاجتياحات كانت كالآتي: [2]

الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان (عملية الليطاني)

تحججت إسرائيل بالعملية الفدائية التي نفذّتها دلال المغربي ضد حافلة إسرائيلية على طريق السفر السريع حيفا - تل أبيب، التي قتل فيها 37 إسرائيلياً في الحادي عشر من شهر آذار/مارس عام 1978، فاجتاحت لبنان في الرابع عشر من شهر آذار/مارس عام 1978 واحتلت جنوب لبنان حتى نهر الليطاني.

وكان هدف هذه العملية، تدمير قواعد منظمة التحرير الفلسطينية، وإبعاد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وقد استمر هذا الاجتياح 7 أيام مُخلّفاً وارئه ألف ضحية من اللبنانيين والفلسطينيين، وكانت النتيجة صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425.

القرار الدولي 425 الصادر عن مجلس الأمن الدولي

صدر القرار الدولي 425 في التاسع عشر من شهر آذار/مارس عام 1978، بعد أن اطلع مجلس الأمن على رسالتي مندوب لبنان الدائم (س/12600، س/12606)، ورسالة مندوب إسرائيل الدائم (س/12607)، وبعد أن استمع إلى بياني المندوبين الدائمين للبنان وإسرائيل.

وكذلك جراء قلقه الشديد من تدهور الوضع في الشرق الأوسط، ومما قد يكون له من عواقب متعلقة بالحفاظ على السلام الدولي، نظراً لاقتناعه بأن الوضع الراهن يعرقل إحراز سلام عادل في الشرق الأوسط.

ومن أبرز ما تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 ما يأتي: [2]

  1. يدعو المجلس إلى الاحترام التام لسلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده المعترف بها دولياً.
  2. يناشد المجلس إسرائيل أن توقف فوراً عملها العسكري ضد السلامة الإقليمية للبنان، وأن تسحب على الفور قواتها من جميع الأراضي اللبنانية، في ضوء طلب الحكومة اللبنانية، تشكيل قوة مؤقتة تابعة للأمم المتحدة في الحال تخضع لسيطرتها، لتعمل في جنوب لبنان بقصد التحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة لبنان على تأمين عودة سلطتها الفاعلة إلى المنطقة، على أن يتم تشكيل القوة الدولية من أفراد من دول أعضاء في الأمم المتحدة.
  3. يطلب المجلس من السكرتير العام أن يقدم تقريراً إلى المجلس خلال 24 ساعة حول تطبيق هذا القرار.

اعترضت إسرائيل على القرار، لأنه لم ينتقد نشاط منظمة التحرير الفلسطينية المناهضة لإسرائيل، ولم تنفذ إسرائيل القرار الأممي، وسلّمت المناطق التي احتلتها لجيش لبنان الجنوبي (جيش لبنان الحر) بقيادة سعد حداد التابع لها.

ووضعت الأمم المتحدة قوات حفظ سلام تابعة لها في جنوب الليطاني، وخلال هذا الاجتياح تعمقت العلاقة بين إسرائيل والكتائب اللبنانية بزعامة بشير الجميل.

الاجتياح الإسرائيلي الثاني للبنان (عملية سلام الجليل)

كانت حجة إسرائيل هذه المرة محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي شلومو أرجوف في الثالث من شهر حزيران/يونيو عام 1982 في لندن، واتهمت تنظيم "أبو نضال" التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية الموجودة في لبنان.

واجتاحت إسرائيل لبنان للمرة الثانية تحت مسمى (عملية سلام الجليل)، وذلك في السادس من شهر حزيران/يونيو عام 1982، ووصلت هذه القوات إلى العاصمة بيروت، وخلال هذه الفترة انتخب البرلمان اللبناني بشير جميل رئيساً للجمهورية على الرغم من اتهام النواب المسلمين له في البرلمان بالعمالة لإسرائيل، وذلك في الثالث والعشرين من شهر آب/أغسطس عام 1982.

اغتيل بعد ذلك بشير الجميل قبل 9 أيام من استلامه السلطة أي في الرابع عشر من شهر أيلول/سبتمبر عام 1982، على يد عضو الحزب السوري القومي الاجتماعي حبيب الشرتوني.

فاحتلت إسرائيل بيروت الغربية في اليوم التالي، وأدخلت قوات من الكتائب اللبنانية إلى مخيمي صبرا وشاتيلا، حيث ارتكبت مجزرة بحق الفلسطينيين انتقاماً لمقتل زعيمهم، ثم انتخب البرلماني اللبناني شقيقه أمين الجميل رئيساً للجمهورية في الحادي والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر عام 1982، ووقع رئيس لبنان (اتفاق 17 أيار) مع إسرائيل.

اتفاق 17 أيار

تضمن اتفاق 17 أيار بين لبنان وإسرائيل البنود الآتية: [2]

  • إلغاء حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل.
  • الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان في فترة 8-12 أسبوعاً، بالتزامن مع انسحاب الجيش السوري ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
  • إنشاء منطقة أمنية داخل الأراضي اللبنانية تتعهد الحكومة اللبنانية بأن تنفذ ضمنها الترتيبات الأمنية المتفق عليها في ملحق خاص بالاتفاق.
  • تكوين لجنة أمريكية-إسرائيلية-لبنانية تشرف على تنفيذ بنود الاتفاقية، وتنبثق منها لجنة الترتيبات الأمنية ولجان فرعية لتنظيم العلاقات بين البلدين.
  • تكوين مكاتب الاتصال بين البلدين والتفاوض لعقد اتفاقيات تجارية.
  • امتناع كل من إسرائيل ولبنان عن أي شكل من أشكال الدعاية المعادية للبلد الآخر.
  • إلغاء جميع المعاهدات والبنود والأنظمة التي تمنع تنفيذ أي بند من بنود الاتفاقية.

تسبب اتفاق 17 أيار/مايو عام 1983 في نشوب الاقتتال الداخلي وانقسام المشهد السياسي بين الحكومة والرئيس أمين الجميل والمتمسكين بالاتفاق من جهة وجبهة الإنقاذ الوطني ومن ورائها سوريا الرافضين للاتفاق من جهة أخرى.

وتحت ضغط الرفض الشعبي اتفقت الفصائل اللبنانية على إلغاء اتفاق 17 أيار مع إسرائيل في الخامس من شهر آذار/مارس عام 1984، احتجت إسرائيل على إلغاء الاتفاق، وبقيت محتلة جنوب لبنان ورفضت تطبيق القرار 425 القاضي بانسحابها من جنوب لبنان، وبعد هذا الاجتياح انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس.

ظهور حزب الله المقاوم لإسرائيل

لم يستسلم اللبنانيون للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، فبدأت العمليات الفدائية، وكان أبرزها عملية سناء محيدلي، وهي مواطنة لبنانية فجرت نفسها في عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي. [3]

إذ اقتحمت محيدلي في التاسع من شهر نيسان/أبريل عام 1985، بسيارة بيجو 504 بيضاء اللون ومفخخة بأكثر من 200 كغم من التي إن تي، تجمعاً لآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر باتر–جزين، مفجرة نفسها وسط تجمع لجنود الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى لمقتل عدد من الجنود الإسرائيليين وجرح العشرات. [3]

وفي العام نفسه، تأسس حزب الله في لبنان أي عام 1985، كحركة مقاومة ضد القوات الإسرائيلية التي تحتل جنوب لبنان، حيث نفّذ العديد من العمليات الفدائية ضد الإسرائيليين مستخدماً أسلوب حرب العصابات (وهي حرب تعتمد على مهاجمة أعداد قليلة من نقاط تجمع العدو بشكل مفاجئ والقضاء عليها ومن ثم الاختفاء عن الأنظار). [3]

كما استخدم حزب الله أسلوب أسر الجنود الإسرائيليين، وقصف جنود الاحتلال بصواريخ محلية (الكاتيوشا)، وقد أسفرت عملياته عن اجتياح إسرائيل لبنان، فيما يُعرف بـ(عملية عناقيد الغضب) في الحادي عشر من شهر نيسان/أبريل عام 1996، بهدف القضاء على التنظيم الذي وصلت عملياته حد قصف المستوطنات شمال إسرائيل. [3]

وعلى الرغم من استمراره 16 يوماً أي حتى السابع والعشرين من شهر نيسان/أبريل عام 1996، لكن الاجتياح فشل في تحقيق هدفه، على الرغم من ارتكابه مجزرة (قانا) التي أودت بحياة عشرات المدنيين العزل. [3]

وانتهى هذا الاجتياح بتوقيع اتفاقية عناقيد الغضب مع لبنان تنص على امتناع الطرفين عن استهداف المناطق الحدودية للطرف الآخر، وتم تعيين لجنة لمراقبة الاتفاق تضم ممثلين عن سورية ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. [3]

هذه الاتفاقية منعت الهجمات الحدودية، ولكن لم تمنع المقاومة من استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحتل جنوب لبنان، حيث بقيت المقاومة مستمرة حتى انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان في الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو عام 2000، واعتبر هذا الإنجاز إنجازاً لكل اللبنانيين، وأعلن رئيس الوزراء اللبناني سليم الحص هذا اليوم عطلة رسمية في كل لبنان. [3]

مع طرد القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو عام 2000، فرّ مئات من المتعاونين اللبنانيين وأسرهم مع المحتلين، وقد عاد جزء منهم، حيث عوقبوا في المحاكم اللبنانية بتهمة العمالة لإسرائيل بالسجن. [3]

في الختام، لطالما شكّل الإيمان بقضية ما سبباً للفوز بها، فقد آمن اللبنانيون بأن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ستؤدي إلى زواله وهذا ما حدث له، لكن الإسرائيليين لم ينسوا ما حدث وحاولوا بعدها الانتقام في حرب جديدة هي حرب تموز عام 2006.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار