التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 17 أكتوبر 2022
التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

يعتبر التهاب الأنف التحسسي (بالإنجليزية: Allergic Rhinitis) حالة شائعة بشكل كبير بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-6 سنوات، إذ يبالغ الجهاز المناعي لديهم في ردات الفعل الموجهة ضد عوامل تحسسية توجد في البيئة الخارجيّة المحيطة بهم، فيما يُلاحَظ لدى الأطفال تحت عمر السنتين حساسيّة مفرطة عادة تجاه العوامل التحسسية الداخليّة في المنزل الواحد، وتجدر الإشارة هنا إلى دور العوامل الوراثية في الإصابة بالتهاب الأنف التحسسي، وهذا ما يفسّر ظهور المرض لدى بعض الأطفال دون غيرهم، وفي هذا المقال نوضح أسباب التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال وكذلك أعراضه ومضاعفاته وعلاجه وطرق الوقاية منه.

أسباب التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

تتنوع الأسباب والعوامل التي يمكنها أن تطلق ردات فعل تحسسيّة في الأنف عند الأطفال، نذكر منها ما يأتي: [1]

  1. العوامل المحسسة الداخلية: كالغبار المتراكم على أثاث المنزل وسطحه، ووبر الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب، والعث المنزلي أيضاً.
  2. العوامل المحسسة الخارجية: كغبار الطّلع، ولسعات بعض الحشرات كالنّحل.
  3. العوامل المخرّشة: دخان السجائر، والدخان المنبعث من عوادم السيارات، ورائحة العطور.

كيفية حدوث التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

يتطلب حدوث ردات الفعل التحسسية تعرّض الأطفال الذين يملكون قابلية تحسسية وراثية؛ للعوامل المحسسة مهما كان نمطها ولفترة زمنية معقولة، ثم يبادر الجهاز المناعي بإطلاق الضد المناعيّ (IG E) الموجّه ضد العوامل التحسّسية. [1]

ليلتصق هذا الأخير على مستقبلات خاصّة له تتوضع على سطح الخلايا البدينة (بالإنجليزية: Mast Cells) التي تسبح في دم الإنسان، مما يؤدي إلى انفتاح الخلايا البدينة وتحرير محتوياتها إلى داخل المجرى الدمويّ (الهيستامين، واللوكوترين، والبروستاغلاندين PG E2). [1]

وعندما تصل هذه المواد إلى الطبقة المخاطيّة التي تبطن داخل الأنف، فإنها تتسبب في تهيّج الغدد المخاطية الموجودة ضمنها مع الأعصاب والأوعية الدموية والجيوب الوريديّة، معطية مجموعة الأعراض الأوليّة الخاصة بالتهاب الأنف التحسّسي، ويُطلق على هذه العملية المناعية الطور الباكر من التهاب الأنف التحسسي. [1]

بينما يحدث الطور المتأخر من الارتكاس التحسسي عند الأطفال بعد 4-8 ساعات من التعرض للمادة المسببة للتحسس، حيث تبعث الخلايا البدينة المنفتحة إشارات (كيموكينات) إلى الخلايا المناعية الالتهابية، كي تستدرجها إلى البؤرة المخاطية المتهيّجة داخل الأنف. [1]

لترتشح هذه المخاطية فيما بعد بالخلايا الأسسيّة (بالإنجليزية: Basophils) والإيوزينيّة (بالإنجليزية: Eiosinophils)، يمكن في بعض الحالات التي يستمر فيها التحسّس لفترات طويلة أن تتأذى المخاطيّة الأنفيّة معطية بذلك أعراض وعلامات مميّزة تدل على وجود الإزمان التحسسي. [1]

أنواع التهاب الأنف التحسسي

لتوضيح أنواع التهاب الأنف التحسسي بشكل مبسط يمكننا تصنيفه إلى نوعين، وهما كالآتي: [2]

  1. التهاب الأنف التحسسي الفصلي (Seasonal Allergic Rhinitis): الذي يحدث عادة في فصل الربيع تحت تأثير غبار الطلع (عامل محسس خارجي) المحمول بالهواء الذي يستنشقه الطفل الصغير، ويُطلق عليه أيضاً حساسية الربيع.
  2. التهاب الأنف التحسسي الدائم (Persistent Allergic Rhinitis): الذي يعتبر مسؤولاً عن 40% من جميع الحالات المرضية المسجلة حول التهاب الأنف التحسسي، وغالباً ما تسببه العوامل المسببة للتحسس الداخلية منها (بالإنجليزية: Indoor Allergens) أكثر من الخارجية (بالإنجليزية: Outdoor Allergens)، كالعث والغبار المنزلي وفضلات الحيوانات وأوبارها.

عوامل تزيد خطورة التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

  • وجود تاريخ عائلي للتحسس، كأن يشتكي أحد الأبوين أو كلاهما من أمراض تتعلق بربو قصبي أو إكزيما تأتبية مثلاً.
  • ارتفاع نسبة (IG E) الكليّ في مصل الطفل إلى أكثر من 100 وحدة دولية في الملليلتر الواحد.
  • إدخال الأغذية والمستحضرات الصناعية باكراً إلى النظام الغذائي للطفل خلال فترة الرضاعة.
  • الرضع والأطفال الذين يكونون موجودين باستمرار في بيئات يكثر فيها تدخين السجائر.
  • تربية الأطفال في المجتمعات الصناعية الملوثة.
  • الجو الداخلي المحيط بالطفل والغني بالعوامل المحسّسة (العث المنزلي والغبار أو وبر الحيوانات الأليفة). [2]

الفئات العمرية المستهدفة

يعتبر التهاب الأنف التحسسي حالة شائعة لدى الأطفال بمختلف فئاتهم العمريّة، غير أن ذروة الحدوث تتركز بشكل أساسي على الأطفال ما بين 6-10 سنوات، وبشكل متساوٍ بين الذكور والإناث. [2]

أعراض التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

يمكن أن تظهر على الطفل الذي يعاني من التهاب الأنف التحسسي بعض الأعراض والعلامات المرضِيّة، وهي كالآتي: [1] [4]

  • سيلان أنفيّ رائق.
  • احتقان أنفيّ يشتدّ ليلاً.
  • العطاس الشّديد والمتكرّر.
  • حدوث التنفس الفموي.
  • الشخير أثناء النوم.
  • وجود حكّة أنفيّة وعينيّة.
  • التهابات متكررة للحلق (بالإنجليزية: sore Throat).
  • فقدان بسيط لحاسة الشمّ والتذوق.
  • الإصابة بالصداع.
  • السعال المستمر.

تشخيص التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

يعمد الطبيب الفاحص إلى أخذ التاريخ المرضي التفصيلي من وليّ الأمر والطفل معاً مستفسراً عن الأعراض التحسسية التي يشكو منها الطفل، إضافة إلى تحديد الفترة الزمنية التي ظهرت فيها مع مدة استمرارها، دون أن يهمل أهمية معرفة العوامل المسؤولة عن إطلاق ردة الفعل التحسسية المناعيّة لدى الطفل المريض، سواء كانت داخلية أم خارجية أو مخرّشة. [3]

يُظهر الفحص السريريّ للطفل المريض علامات قد تشير إلى وجود التهاب تحسسي في الأنف، كوجود حلقات منتفخة وهالات سوداء تحت عينيه، وفتحه لفمه باستمرار محاولاً بذلك تأمين هواء كافٍ للتنفس، تعويضاً منه عن الاحتقان الأنفي الذي يعيق عملية مرور الهواء عبر فتحتي الأنف. [3]

يضاف لها الوذمة الواضحة في الملتحمة العينية مع احمرارها الناجم عن الحكّ المستمر وزيادة الدموع المفرزة من العين (دُماع زائد)، يمكن للطفل في حالات أخرى أن يبدي أعراضاً وعلامات تتعلق بالتهاب الأذن الوسطى لديه، هذا ويظهر فحص الأنف بالمنظار الضوئيّ واحدةً أو أكثر من العلامات الآتية: [3]

  • مفرزات أنفيّة رائقة شفافة اللون، ونادراً ما يتحول لونها إلى الأصفر أو الأخضر.
  • ضخامة القرينات الأنفيّة، نظراً لحدوث الوذمة المخاطيّة.
  • قد تظهر البوليبات (بالإنجليزية: Polyps) في المراحل المزمنة والمتقدمة من المرض.

تجدر الإشارة إلى أن الطبيب قد لا يحتاج في جميع الحالات إلى إجراء فحوصات مخبرية، لتأكيد التشخيص، طالما أشارت المعطيات السريرية والقصة المرضية الدقيقة بشدة نحو التهاب الأنف التحسسيّ، وفي الحالات التي يبقى فيها التشخيص موضع شكّ ويتطلب الإثبات الدقيق فيلجأ الطبيب إلى إجراء واحد أو أكثر مما يأتي: [3]

  • اختبارات التحسس الجلدية (Skin Testing): وسيلة تشخيصية نوعيّة يضع الطبيب خلالها أنواعاً مختلفة من العوامل المحسسة على بشرة الطفل المريض، وعادة ما تجرى على الظهر أو السطح الخارجي لذراع الطفل، ويراقب ردة الفعل التحسسية التالية لتماس الجلد مع المادة.
  • التحري عن أضداد (Ig E) في مصل المريض: حيث تبدي ارتفاعاً ملحوظاً قد لا يكون دقيقاً جداً في تحديد العامل المحسس المسؤول عن الأعراض، كما هو الحال في الاختبارات التحسسية الجلديّة.
  • التحري عن وجود الإيوزينات: وذلك يكون في المفرزات الأنفية أو اللطاخة المأخوذة من مخاطية الأنف المتحسّسة.

مضاعفات حساسية الأنف عند الأطفال

يمكن لالتهاب الأنف التحسسي أن يطوّر في بعض الأحيان حالات مرضية خاصة تستدعي رعاية طبيّة كاملة، وخوفاً من تفاقمها، نذكر لك منها ما يأتي: [4]

  • التهاب الجيوب الأنفية المزمن عند الأطفال.
  • حدوث الربو القصبيّ لدى 40-60% من مرضى التهاب الأنف التحسسي.
  • التهاب الأذن الوسطى المتكرر.
  • ضخامة اللوزتين الحنكيتين والناميات الأنفية في الحالات المزمنة.
  • مشاكل نفسية واجتماعية عند الطفل تؤثر على تحصيله العلميّ والمدرسيّ.
  • الصداع والتعب المعمّم الذي يعيق الطفل عن ممارسة نشاطاته اليومية، والمواظبة على الدوام المدرسيّ.
  • قلة النوم التي تنجم عن الأعراض التحسسية التي تحرم الطفل من نوم ليليّ هادئ ومستمر، لا سيّما الانسداد والاحتقان الأنفيّ الشديد.

علاج التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

يلجأ أطباء الأطفال حالياً إلى تطبيق الخطوات العلاجيّة الثلاثة الآتية في سبيل تدبير الحالات المرضية الخاصة بالتهاب الأنف التحسسي، نستعرضها وفقاً للآتي: [4]

1. ينصح الطبيب والديّ الطفل بأهمية تجنب طفلهما لجميع أشكال العوامل المسببة للتحسُّس، التي تزيد من اشتداد الأعراض التحسسية لديه.
2. يصف الطبيب بعضاً من الأدوية التي تخفف حدّة الالتهاب والأعراض التي تظهر في سياقه تدريجياً، منها ما يأتي: [4]

  • مضادات الهيستامين من الجيل الثاني (بالإنجليزية: Anti-Histamines)؛ مثل لوراتادين أو سيتريزين التي تعطى على شكل أقراص فمويّة.
  • مضادات الهيستامين التي تعطى عبر الأنف مباشرة: ومنها الأزيلاستين.
  • الستيروئيدات القشرية السكرية التي تعطى على شكل بخاخات ضمن الأنف مباشرة، نذكر منها البيكلوميتازون والفلوتيكازون والتريامسينولون.
  • الأدوية التي تضبط حالة الخلايا البدينة وتحول دون انفتاحها، ومنها كرومولينات الصوديوم التي تعطى أيضاً على هيئة بخاخات أنفية ولعدة مرات في اليوم الواحد.
  • الأدوية التي تثبط فاعلية اللوكوترينات، مثل كالمونتيلوكاست (بالإنجليزية: Montelukast) الذي يحول دون انطلاق الفاعلية الالتهابية الخاصة باللوكوترينات (مواد مناعيّة تنطلق في سياق الحالات الالتهابية والتحسسيّة).

3. يمكن للطبيب أن ينصح أيضاً بإعطاء اللقاحات المضادة لحالات التحسس عند الأطفال، إضافة إلى عرض الفائدة الجيدة من غسيل فتحتي الأنف بمحلول السالين الملحي الذي يخفف من الوذمة الالتهابية بنسبة 50% في حالات التحسس الأنفي.

أما عن العمليات الجراحية فمن غير الشائع إطلاقاً إجراء عمليات جراحية تخفف من حدة التحسس الحاصل لدى الأطفال، غير أن الطبيب قد يرجح عملية استئصال القرينات المتضخمة أو البوليبات الأنفية إذا ما ظهرت في المراحل المتقدمة والمزمنة لالتهاب الأنف التحسسي. [4]

الوقاية من التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال

ننصح والدي الطفل المعرّض لحدوث التهاب الأنف التحسسيّ بضرورة تجنيب أطفالهم جميع أشكال العوامل المسببة للتحسُّس التي توجد داخل المنزل وخارجه، إضافة إلى تثقيف الطفل حيال حالته المرضيّة وأهمية اطلاعه على مجموعة العوامل التي يمكنها أن تتسبب بحدوث الأعراض المرضيّة لديه. [3]

كما ينبغي أن يتم التعاون مع المشرف الصحي في المدرسة لحماية الطفل من العوامل المحسسة وتأمين الدعم الإسعافي السريع، إذا ما ظهرت الأعراض التحسسية لديه أثناء الدوام، تجدر الإشارة إلى ضرورة تنقية الهواء باستمرار في المنطقة التي يتواجد فيها الطفل لا سيّما خلال فصل الربيع، إضافة إلى الامتناع عن التدخين بجوار الطفل خوفاً من تخريش مخاطيته الأنفية. [3]

في نهاية المقال، استعرضنا معاً مجموعة العوامل المسؤولة عن حدوث التهاب الأنف التحسسي عند الأطفال، وأشرنا كذلك إلى الأعراض والعلامات السريرية التي تحدث في سياق هذا المرض الشائع مشيرين بدورنا إلى أهمية حماية الطفل من التعرض المستمر للعوامل المسببة للحساسية تحقيقاً للفائدة المرجوّة من الأدوية المستعملة لعلاج الأعراض المرضيّة.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار