العيد الوطني السوداني.. وحدة الاحتفال رغم الانفصال

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الإثنين، 01 يناير 2024
العيد الوطني السوداني.. وحدة الاحتفال رغم الانفصال

ارتبط تاريخه بتاريخ مصر، منذ دخول جيش والي مصر محمد علي باشا إليه خلال فترة الاحتلال العثماني، محققاً بذلك وحدة وادي النيل، احتله البريطانيون بعد احتلالهم مصر، وحصل على استقلاله كدولة في الأول من شهر كانون الثاني/يناير عام 1956.. إنه السودان.

الاحتفال بالعيد الوطني في السودان

يحيي السودانيون في الأول من شهر كانون الثاني/يناير من كل عام ذكرى الاستقلال، وجلاء المستعمر البريطاني عن أرضهم، حيث يستذكرون معاناتهم من الاستعمار ونضالهم ضده، وصولاً لنجاحهم في الحصول على الاستقلال، حيث يزينون الشوارع وشرفات المنازل بالأعلام الوطنية، ويطلقون الألعاب النارية، إضافةً للمشاركة في المعارض الدولية، مثل المعرض الدولي للميلان، حيث تنبع أهمية هذا المنتدى الاقتصادي الاستثماري وفق وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور من أنه يظهر قدرات وإمكانات السودان الاقتصادية من خلال توافر العديد من الثروات في أراضيه على رأسها النفط- الذهب- اليورانيوم- والأراضي الخصبة.

النشيد الوطني السوداني

سعى السودان كغيره من البلدان لامتلاك نشيداً وطنياً خاصاً به، حيث كتب كلماته الشاعر سيد أحمد محمد صالح، كما لحّنه أحمد مرجان، واعتمده السودان بعد الاستقلال في عام 1956.

نحن جند الله جند الوطن إن دعا داعي الفداء لم نخن

نتحدى الموت عند المحن نشتري المجد بأغلى ثمن

هذه الأرض لنا فليعش سوداننا علماً بين الأمم

يا بني السودان هذا رمزكم يحمل العبء ويحمي أرضكم

العلم الوطني السوداني

يتكون علم السودان الذي اعتمد بعد الاستقلال في الأول من شهر كانون الثاني/يناير عام 1956، من ثلاثة أشرطة أفقية متساوية العرض بألوان الأحمر والأبيض والأسود، إضافةً لمثلث متساوي الساقين أخضر اللون، حيث تستند ألوان العلم السوداني على علم الثورة العربية الكبرى ضد الاحتلال العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى.

وتحمل ألوان العلم السوداني رموزا ودلالات، حيث يرمز اللون الأحمر لدماء الشهداء الذين ناضلوا من أجل الحرية والاستقلال، كما يرمز اللون الأبيض للسلام، في حين يرمز اللون الأسود لأهالي السودان ذوي البشرة السمراء، أخيراً يرمز اللون الأخضر لدين الإسلام الذي يعتنقه غالبية السودانيين، كما يرمز هذا اللون للزراعة.

أهم الأحداث التاريخية في السودان

الاستعمار البريطاني للسودان

دخل المسلمون السودان في عام 841، حيث أصبح جزءاً من الدولة العربية الإسلامية، ابتداءً بالعهد الراشدي فالأموي فالعباسي، خضع السودان بعدها للاحتلال العثماني من خلال عملية عسكرية قادها إسماعيل باشا بتكليف من والده والي مصر محمد علي باشا في عام 1820 معلناً وحدة وادي النيل، ولكن السودانيين رفضوا وجود الجيش المصري في بلادهم فقاموا بثورة المهدي بقيادة محمد بن عبد الله التي سيطرت على السودان في عام 1885، فاستعان حاكم مصر ببريطانيا لمواجهة الثورة فكانت النتيجة توقيع اتفاقية الحكم الثنائي للسودان بين بريطانيا ومصر في عام 1889، بالتالي احتلال بريطانيا للسودان.

مقاومة الاحتلال طريق الاستقلال

استغل البريطانيون اندلاع الحرب العالمية الأولى لإعلان الحماية على مصر والسودان في عام 1914، لكن السودانيين رفضوا الاحتلال البريطاني لبلدهم، وقاموا بعدة عمليات ضدهم أبرزها اغتيال الحاكم العام البريطاني للسودان (لي ستاك) في عام 1924، فاتهمت بريطانيا مصر بالاغتيال، وأخرجت الجيش المصري من السودان، فقامت ثورة مصرية سودانية بقيادة علي عبد اللطيف ضد بريطانيا في عام 1924، لكن بريطانيا قمعتها.

نقل السودانيون نشاطهم ضد المحتل البريطاني إلى السياسة خلال الحرب العالمية الثانية التي اندلعت بين عامي 1939 - 1945، فطالبوا بإشراكهم في الحكومة والبرلمان لكن بريطانيا رفضت، وبعد الحرب العالمية الثانية قررت بريطانيا الانسحاب من المستعمرات، لكنها كانت تخشى الوحدة بين مصر والسودان فسعت لدعم التيار الاستقلالي في السودان ضد التيار الذي يدعو للوحدة مع مصر، في هذه الأثناء قامت ثورة تموز/يوليو في مصر بزعامة جمال عبد الناصر في عام 1952 معلنةً تحويل مصر من مملكة إلى جمهورية، كما طالبت الثورة بجلاء القوات البريطانية عن مصر والسودان.

فكانت اتفاقية إنهاء الاحتلال البريطاني للبلدين في عام 1954، على أن يجري استفتاء لتقرير المصير في السودان يحدد المواطنون على إثره إما الاتحاد مع مصر في دولة واحدة، أو الاستقلال في دولة منفصلة، لكن البرلمان السوداني أعلن الاستقلال عام 1955، وطالب مصر وبريطانيا الاعتراف به، وهو ما تم فعلاُ، حيث انسحبت القوات المصرية والبريطانية من السودان في الأول من كانون الثاني/يناير عام 1956 الذي أصبح عيداً وطنياً لكل السودانيين.

​حرب أهلية وأزمة دارفور

لم يستقر الوضع السياسي والاقتصادي في السودان فترة طويلة بعد الاستقلال، حيث بدأت الانقلابات العسكرية في البلاد بهدف الوصول إلى السلطة، فكانت النتيجة ركود اقتصادي في بلد غني بالموارد، إضافةً لذلك ظهرت أزمات هدّدت وحدة السودان:

  1. الحرب الأهلية السودانية بين شمال السودان وجنوبه، بدأت عام 1958، عندما رفضت لجنة إعداد الدستور السوداني اعتماد الفدرالية، وقرار الرئيس السوداني إبراهيم عبود نقل عطلة الجنوبيين من الأحد إلى الجمعة، استمرت هذه الحرب حتى عام 1972، حيث وقع الرئيس السوداني جعفر النميري اتفاقية سلام مع سكان الجنوب، أعاد بموجبها العطلة إلى الأحد، وإعطاء جنوب السودان حكماً ذاتياً يضمنه دستور 1973، لكن هذه الاتفاقية لم تدم طويلاً، حيث أصدر جعفر النميري قراراً في عام 1983 بفرض الشريعة الإسلامية على كل أراضي السودان، فتجددت الحرب واستمرت حتى التاسع من شهر كانون الثاني/يناير عام 2005 بتوقيع اتفاق سلام، ينص على إعطاء السودان الجنوبي الحكم الذاتي مدة ست سنوات في نهايتها يجري استفتاء يقرر من خلاله مواطنو جنوب السودان، إما الاتحاد مع السودان، أو الانفصال عنه، فقرر الجنوبيون الانفصال في التاسع من كانون الثاني/يناير من عام 2011، ليكون الاستقلال الرسمي في التاسع من شهر تموز/يوليو عام 2011.
  2. أزمة دارفور في عام 2003، أسبابها عرقية وقبلية، حيث نشأ الصراع بين قوات الجنجاويد وهي ميليشيا مسلحة تابعة للقبائل العربية (البقارة والرزيقات)، وبين حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة التابعة للقبائل غير العربية (الفور والزغاوة والمساليت)، وفشلت الحكومة السودانية حتى عام 2016 في حل أزمة هذا الإقليم الذي يتميز بثرواته الباطنية المتنوعة.

حكام السودان من عام 1956 وحتى عام 2016

تولى السلطة في السودان ذات النظام الجمهوري عدداً من الرؤساء منذ الاستقلال في الأول من شهر كانون الثاني/يناير من عام 1956 حتى عام 2016، وهؤلاء الرؤساء هم:

مجلس السيادة

ويضم (عبد الفتاح محمد المغربي، محمد أحمد ياسين، أحمد محمد صالح، محمد عثمان الدرديري، سرسيو إيرو واني)، استلم السلطة منذ الأول من شهر كانون الثاني/يناير من عام 1956، حتى السابع عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1958، حيث قامت (حركة 17 نوفمبر).

الفريق إبراهيم عبود

استلم السلطة بانقلاب عسكري في السابع عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1958، واستمر في الحكم حتى السادس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1964، حيث أقيل من منصبه إثر ثورة تشرين الأول/أكتوبر الشعبية في عام 1964، تميز حكمه بإيقاف العمل بالدستور، وإلغاء البرلمان، وتقييد نشاط الأحزاب، أصدر قراراً بجعل عطلة جنوب السودان الجمعة بدلاً من الأحد، مما أدى لاندلاع حرب أهلية بين شمال السودان وجنوبه.

سر الختم خليفة

حكم السودان منذ السادس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1964، حتى الثالث من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1964.

إسماعيل الأزهري

حكم منذ الثالث من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1964 حتى الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو عام 1969، حيث استقال إثر ثورة (25 مايو)

جعفر النميري

أصبح رئيساً للسودان منذ الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو عام 1969 حتى السادس من شهر نيسان/أبريل عام 1985، أوقف الحرب الأهلية السودانية من خلال توقيعه اتفاقية سلام مع سكان الجنوب عام 1973، أعاد بموجبها العطلة إلى الأحد، وإعطاء جنوب السودان حكماً ذاتياً يضمنه دستور 1973، لكنه أصدر قراراً عام 1983 بفرض الإسلام على جنوب السودان الأمر الذي تسبب بتجدد الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه.

الفريق أول عبد الرحمن سوار الذهب

حكم السودان منذ السادس من شهر نيسان/أبريل عام 1985 حتى السادس من أيار/مايو عام 1986، تسلم السلطة بعد انقلاب الجيش على أن يسلمها لحكومة جديدة منتخبة، وهذا ما حصل.

أحمد الميرغني

حكم السودان منذ السادس من أيار/مايو عام 1986، حتى الثلاثين من شهر حزيران/يونيو عام 1989، حيث عزل من السلطة بانقلاب عسكري، أهم الإنجازات التي حصلت بعهده اتفاقية السلام في تشرين الثاني/نوفمبر 1988 بأديس أبابا ما بين (الحزب الاتحادي الديمقراطي) و (الحركة الشعبية لتحرير السودان) لوضع حد للحرب الأهلية في جنوب السودان، لكن الاتفاقية لم تنفذ لأن الحكومة السودانية رفضت تبنيها.

الجنرال عمر البشير

استلم السلطة منذ الثلاثين من شهر حزيران/يونيو عام 1989 حتى عام 2016، وقّع معاهدة سلام مع حركة تحرير السودان في التاسع شهر كانون الثاني/يناير عام 2005 لوضع حد للحرب الأهلية، ينص على إعطاء السودان الجنوبي الحكم الذاتي مدة ست سنوات في نهايتها يجري استفتاء يقرر من خلاله مواطنو جنوب السودان، إما الاتحاد مع السودان، أو الانفصال عنه، صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية عام 2008، لكنها لم تنفذ.

وبذلك نجد أن السودان مرّ منذ استقلاله في عام 1956 حتى 2016 بالكثير من الأحداث أبرزها الاضطرابات الأمنية في مناطق عدة، مثل: دارفور التي ما تزال مستمرة حتى عام 2016، إضافةً لجنوب السودان الذي انتهى فيه الصراع إلى إجراء استفتاء تقرير مصير اختار بموجبه غالبية السودانيين الجنوبيين الانفصال عن الوطن الأم السودان، وتأسيس دولة جنوب السودان، على الرغم من ذلك لا يزال لعيد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني وقع خاص لدى كل السودانيين في كل مناطقهم المضطربة والمستقرة- داخل الوطن الأم- والمستقلّة.