النكاف عند الأطفال (أبو دغيم أو أبو كعب)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 07 أبريل 2024
النكاف عند الأطفال (أبو دغيم أو أبو كعب)

يعد النكاف (بالإنجليزية: Mumps) واحداً من أكثر الإنتانات الفيروسيّة شيوعاً التي تصيب الإنسان في مرحلة الطفولة، فغالباً ما يتضخّم فيه وجه الطفل، مما يعطيه منظراً قد يشبه وجه الهامستر، ويسمّى مرض النُّكاف أيضاً "أبو كعب" أو "أبو دغيم"، وقد انخفضت نسبة الإصابات به حول العالم، نظراً لتوافر اللقاح المضاد له، الذي يؤمن مناعة تصل نسبة قوّتها إلى 95%، وتدوم فاعليتها مدة قد تزيد عن 10 سنوات.

كيف تحدث العدوى بفيروس النكاف وما مدة حضانته

يستطيع الطفل الحامل للفيروس المسؤول عن مرض النكاف (بالإنجليزية: Paramyxovirus)، أي قبل أن تظهر عليه الأعراض السريرية الخاصة بالمرض، أن ينقل العدوى لغيره عن طريق اللعاب، من خلال العطاس والسّعال والمفرزات الأنفيّة والتماس المباشر مع المريض وأغراضه. [1]

مدة حضانة فيروس النكاف

تمتدّ فترة الحضانة التي تفصل بين استقرار الفيروس في جسم الطفل، حتى تضاعفه بالعدد اللازم لظهور الأعراض السريرية المميزة إلى نحو 14-21 يوماً. [1]

الآلية الإمراضية لفيروس النكاف

يصل الفيروس إلى جسم الطفل عبر واحد من طرق العدوى التي استعرضناها آنفاً، أي عبر السبيل التنفسي ليستقر في مخاطيته، ويبدأ بالتضاعف ضمنها بأعداد كبيرة. [1]

ثم يدخل بعدها إلى المجرى الدمويّ مسبباً تفيرس الدم (بالإنجليزية: Viremia)، ويسبح عبره وصولاً إلى الأنسجة الغديّة المختلفة في جسم الإنسان، وعلى رأسها الغدد اللعابية (النكفيّة، وتحت الفك، وتحت اللسان). [1]

ولا يقتصر الأمر عليها فحسب، بل يمكنه أن يعلق أيضاً ضمن الغدد الدمعيّة والخصيتين والمبيضين والثديين والبنكرياس، حتّى إن الدماغ والسحايا المحيطة به قد تتعرض لخطر الإصابة بفيروس النكاف، إذا ما تمكّن من اجتياز الحاجز الدموي الدماغي في المراحل المتقدّمة من المرض. [1]

الفئة العمريّة المستهدفة

يمكننا القول إن جميع الأفراد سواء كانوا صغاراً أو كباراً معرضين لخطر الإصابة بمرض النكاف، ما لم يتلقوا اللقاح المانع لحدوثه، غير أن فئات الأطفال لها الأفضلية عادةً في حدوث هذا المرض مقارنة بغيرها، لا سيما ممّن كانت أعمارهم بين 5-14 عاماً، ونادراً ما نجد حالات تحدث فيها إصابات بفيروس النكاف تحت عمر السّنة. [1]

أعراض مرض النكاف عند الأطفال

  1. يبدأ مرض النكاف عادةً على هيئة صفات عامّة تتشابه كثيراً مع أعراض نزلات البرد الشائع، التي يطلق عليها طبيّاً الأعراض البادرية.
  2. يشتكي الطفل خلالها من صداع وآلام عضلية ومفصليّة معمّمة في كامل الجسم مع تعب ووهن ملحوظين.
  3. يشعر الطفل بنقص في شهيته، مع ارتفاع طفيف جداً في درجة حرارة جسمه.
  4. بعد أيام قليلة من ظهور الأعراض البادريّة، تتجلى أعراض النكاف بشكل واضح وفي مقدّمتها الآلام الشديدة على مستوى الغدة النكفية التي تترافق مع آلام في الأذن، لا سيما أثناء المضغ، وتترافق مع صعوبة وألم عند البلع.
  5. يحدث ارتفاع شديد في درجة الحرارة لدى الطفل، فقد تزيد عن 38 درجة مئوية في بعض الحالات.
  6. بعد نحو 12 ساعة من شكوى الآلام، تظهر الضخامة النكفيّة في جهة واحدة غالباً، لتعقبها الجهة الأخرى بعد عدّة ساعات إلى أيّام، لا سيما أن نصف حالات الضخامة النكفية تكون ثنائيّة الجانب، إنما تبدأ واحدة قبل الأخرى، أما عن الغدتين تحت الفك وتحت اللسان، فنادراً ما تلتهبان في سياق الإصابة بمرض النكاف. [2]

يُذكر أن الحرارة المرتفعة تنخفض خلال يومين إلى أسبوع من ظهورها، كما أن الضخامة النكفيّة تتراجع بشكل تدريجيّ لتختفي تماماً بعد نحو 6-10 أيام من حدوثها. [2]

مضاعفات مرض النكاف عند الأطفال

لا يقتصر مرض النكاف على إصابة الغدد اللعابيّة فحسب، بل يمكن في بعض الحالات أن تنتشر الإصابة إلى أنسجة غديّة أو مناطق أخرى في جسم الطفل مسببة بعض المشكلات بها، وفيما يأتي ندرج لك أبرز مضاعفات مرض النكاف عند الأطفال: [3]

  • التهاب الخصية والبربخ عند الطفل الذكر (Orchitis and Epididymitis)

قد يحدث التهاب الخصية والبربخ في 25% من حالات إصابة الأطفال الذكور بمرض النكاف، وذلك بعد سن البلوغ (بالإنجليزية: Puberty)، بينما تندر الحالات التي نجد فيها التهاب الخصية لدى الأطفال، في سياق حدوث هذا المرض.

يتظاهر الالتهاب على هيئة ضخامة خصويّة في جهة واحدة غالباً، وبشكل تالٍ لضخامة واضحة في الغدة النكفيّة، إضافة إلى احمرار الجلد المغطي للخصية وإيلامها الشديد، كما يشتكي الطفل المريض من ارتفاع درجة حرارته مع آلام تتركز في القسم السفلي من بطنه والشعور بالغثيان والقيء.

  • التهاب المبيض (Oophoritis)

يحدث هذا الالتهاب لدى 5-10% من الطفلات المصابات بمرض النّكاف بعد سنّ البلوغ، يظهر على هيئة ارتفاع في درجة الحرارة مع غثيان وقيء وآلام بطنية شديدة، وقد يلتبس التهاب المبيض الأيمن أحياناً مع التهاب الزائدة الدودية لدى الطفلة، مما يتطلب فحصاً دقيقاً من الطبيب المختص.

  • التهاب البنكرياس (Pancreatitis)

نسبة مشاهدته قليلة جداً في سياق حدوث النكاف لدى الأطفال، يتصف بحدوث آلام حادة وفجائيّة في القسم العلوي من بطن الطفل، إضافة إلى قلة الشهية والغثيان والقيء.

ويُظهر فحص عينة دموية مأخوذة من الطفل المريض ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة خمائر البنكرياس (الليباز، والأميلاز)، مما يشير إلى وجود التهاب حاد في البنكرياس.

  • التهاب السّحايا والدماغ (Meningitis and Encephalitis)

قد يحدث هذا الالتهاب بعد ضخامة الغدة النكفية أو قبلها، وقد يظهر بشكل منفرد ونادر دون ضخامة ملحوظة أبداً في الغدة النكفيّة، يظهر التهاب السحايا بارتفاع في درجة حرارة الطفل مع الشعور بالصداع والقيء وحدوث العلامات السحائية المميزة.

في حين يشير حدوث الاختلاجات إلى وصول الالتهاب للبرانشيم الدماغيّ وتأذيه، ويُظهر فحص السائل الدماغي الشوكي (CSF) زيادة ملحوظة في تعداد الكريات البيضاء اللمفاوية، إضافة إلى ارتفاع طفيف في نسبة البروتين مع بقاء السكر في مستوياته الطبيعيّة.

  • التهاب العصب السّمعي الدهليزيّ أو العصب الثامن (Vestibulocochlear Nerve)

يحدث هذا الالتهاب على مستوى أذن واحدة في أغلب الحالات، ويظهر على هيئة دوار وقيء واضطراب في توازن الطفل المريض، مع نقص في قدرته على السمع قد يصل في أحيان قليلة إلى حدود الصّمم.

  • مضاعفات أخرى نادرة قد تترافق مع النكاف

من ضمنها: شلل العصب الوجهي، ومثلث التوائم، وشلل العصب الحجابيّ وأعصاب المثانة، التي يعد حدوثها نادراً جداً في سياق النكاف، ولا تُشكل خطراً على سلامة الطفل.

تشخيص مرض النكاف عند الأطفال

يسأل الطبيب عن ظروف إصابة الطفل بالمرض، ويبدأ بعدها بفحصه سريرياً، ليتقصى عن أهم الأعراض والعلامات المميزة لمرض النكاف، وعلى رأسها ضخامة الغدة النكفية وآلامها الشديدة. [2]

كما يقيس درجة حرارة الطفل ويبحث عن الأعراض الأخرى النادرة محاولاً نفيها، كي يتأكد من عدم تدهور حالة الطفل، وعدم انتشار الفيروس إلى أنسجة غدية أخرى في جسمه. [2]

ويتأكد تشخيص الطفل المريض بالنكاف عبر أخذ عينات من الدم أو البول أو السائل الدماغي الشوكي، حيث يمكن عزل الفيروس منها، كما يلاحظ في فحص العينة الدموية تناقص في تعداد الكريات البيضاء العام مع ارتفاع مميز على مستوى اللمفاويات منها. [2]

يبحث الطبيب أيضاً عن الأضداد (بالإنجليزية: Antibodies) التي تسبح في عينة المصل المسحوبة والموجهة ضد فيروس النكاف لمهاجمته، يمكن أيضاً لخميرة الأميلاز اللعابي أن ترتفع في سياق ضخامة الغدة النكفية والتهابها، غير أن الأميلاز البنكرياسي يرتفع بشدة مع الليباز إذا ما حدث التهاب للبنكرياس بشكل تالٍ للضخامة النكفيّة. [2]

علاج مرض النكاف عند الأطفال

لا يتوافّر حتى الآن علاج فعّال وموّجه ضد فيروس النكاف للقضاء عليه، بل يعمد الأطباء إلى اتباع خطوات العلاج المتوافق مع الأعراض الظاهرة كوصف المسكنات الألمية وخافضات الحرارة بشكل يتناسب مع الفئة العمرية للطفل المريض. [1]

إضافة إلى تعويض السوائل والشوارد التي خسرها الطفل بعد حدوث القيء لديه، وذلك بالاعتماد على تقديم المياه على مدار اليوم، أو تنويع المشروبات بشرط ألا تحتوي على كافيين أو أحماض عالية. [1]

فلا ينبغي تقديم عصير البرتقال أو الحامض للطفل المصاب، إذ يزيد من حدة آلام الغدة النكفية لديه، ويمكن لإعطاء الكورتيزونات أن يفيد الأطفال الذكور إذا ما أصيبت الخصية بالتهاب حاد في سياق مرض النكاف. [1]

يُنصح الأطفال المصابون بالراحة التامة والبقاء في الفراش، ريثما يستردون عافيتهم، وينبغي على أولياء الأمور أن يؤمنوا لهم إذناً لغيابهم المؤقت من المدير أو أحد معلميهم في المدرسة، بهدف حماية زملائهم من الخطر الكبير لانتشار العدوى فيما بينهم. [1]

كما يمكن للكمادات الباردة أن تخفف من حدة الضخامة وشدة الآلام التي تحدث للغدة النكفيّة، وذلك بوضعها لفترات متلاحقة خلال فترة الالتهاب. [1]

اللقاح الموجه ضد مرض النكاف

لقد ساعد اللقاح الموجه ضد فيروس النكاف في الحد كثيراً من تفشيّ العدوى وانتشارها بين الأطفال، إضافة إلى تخفيف تعداد الحالات المسجّلة عالمياً والمصابة بالمرض. [4]

ويتوافر اللقاح عادة في عبوة تحوي داخلها اللقاح الموجه أيضاً ضد الحصبة والحصبة الألمانية، وتعطى الجرعة الأولى حقناً تحت الجلد في عمر 12-15 شهراً، بينما تقدّم الجرعة التالية في عمر 4-6 سنوات. [4]

طرق الوقاية من إصابة الأطفال بمرض النكاف

  • وجّه طفلك دوماً إلى ضرورة غسل يديه بالماء الفاتر والصابون بعد الانتهاء من اللعب خارج المنزل، وقبل تناول الطعام وبعده.
  • الفت انتباه طفلك إلى أهمية استعمال المناديل الورقية عند العطاس والسعال.
  • اهتم بتعقيم الأسطح والأرضيات وألعاب الأطفال بشكل دوريّ.
  • لا تجعل طفلك المريض يذهب إلى المدرسة أو الحضانة حتى يسترد عافيته؛ وذلك لحماية الأطفال والمعلمين من انتشار العدوى. [4]

وبعد أن تعرفت معنا على أعراض مرض النكاف وطرق تشخيصه وعلاجه والوقاية منه، نود التأكيد على أن النكاف مرض فيروسيّ المنشأ، وهو يؤثر بشكل أساسيّ على الغدد اللعابية وعلى رأسها النكفية، غير أن أعضاء أخرى قد تتأثر وتتضرر إذا ما انتشر الفيروس عبر الدم، لذا من المهم اتباع سبل الوقاية من المرض وتلقي اللقاح المضاد له.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار