قصة بناء الكعبة المشرفة

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 18 أكتوبر 2023 آخر تحديث: الإثنين، 01 أبريل 2024
قصة بناء الكعبة المشرفة

الكعبة هي البيت الحرام زادها الله تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة، هو اسم للبيت العتيق خاصة سُميت بذلك لاستدارتها وعلوها. فما هي قصة بناء الكعبة وما هي الحقب الزمنية التي مرت بها؟ تابعوا المقال لتعرفوا تفاصيل أكثر عن قصة بناء الكعبة المشرفة.

قصة بناء الملائكة للكعبة

لقد بنيت الكعبة المشرفة 5 مرات على مر التاريخ؛ أولهم بناء الملائكة للكعبة وقيل إن آدم عليه السلام هو من بنى الكعبة أولاً بمعونة الملائكة. وقد جاء في كتاب أخبار مكة للأزرقي أن الكعبة المشرفة كانت فوق الماء قبل أن يخلق الله تعالى السماوات والأرض بأربعين سنة ومنها دحيت الأرض، وفي قول آخر إن قواعد البيت خلقت قبل الأرض بألفي سنة، ثم بسطت الأرض من تحتها.

وقد رُوِي عن زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما أن رجلاً من أهل الشام سأله عن كيفية بدء الطواف حول الكعبة، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَيْنَ هَذَا السَّائِلُ؟ فَأَوْمَأْتُ إِلَى الرَّجُلِ، فَجَاءَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: «عَمَّا تَسْأَلُ؟» قَالَ: أَسْأَلُكَ عَنْ بَدْءِ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ لِمَ كَانَ، وَأَنَّى كَانَ، وَحَيْثُ كَانَ، وَكَيْفَ كَانَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبِي: «نَعَمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟» قَالَ: مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: «أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟» قَالَ: فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: «فَهَلْ قَرَأْتَ الْكِتَابَيْنِ؟» يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، قَالَ أَبِي: " يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ، احْفَظْ وَلَا تَرْوِيَنَّ عَنِّي إِلَّا حَقًّا، أَمَّا بَدْءُ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠] فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ أَخَلِيفَةٌ مِنْ غَيْرِنَا، مِمَّنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَيَتَحَاسَدُونَ، وَيَتَبَاغَضُونَ، وَيَتَبَاغَوْنَ؟ أَيْ رَبِّ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ مِنَّا، فَنَحْنُ لَا نُفْسِدُ فِيهَا، وَلَا نَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَلَا نَتَبَاغَضُ، وَلَا نَتَحَاسَدُ، وَلَا نَتَبَاغَى، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، وَنُقَدِّسُ لَكَ، وَنُطِيعُكَ، وَلَا نَعْصِيكَ " فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا تعلمون }

فَظَنَّتِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ مَا قَالُوا رَدًّا عَلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ قَدْ غَضِبَ مِنْ قَوْلِهِمْ فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَطَافُوا بِالْعَرْشِ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ، فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فَنَزَلَتِ الرَّحْمَةُ عَلَيْهِمْ، فَوَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَ الْعَرْشِ بَيْتًا عَلَى أَرْبَعِ أَسَاطِينَ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَغَشَاهُنَّ بِيَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْبَيْتُ الضُّرَاحَ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةَ: طُوفُوا بِهَذَا الْبَيْتِ، وَدَعُوا الْعَرْشَ، قَالَ: " فَطَافَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالْبَيْتِ المعمور، وَتَرَكُوا الْعَرْشَ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَعَثَ الْمَلَائِكَةَ فَقَالَ لَهُمْ: ابْنُوا لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ بِمِثَالِهِ وَقَدْرِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ خَلْقِهِ أَنْ يَطُوفُوا بِهَذَا الْبَيْتِ، كَمَا يَطُوفُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ. [1]

قصة بناء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام للكعبة

ذُكرت قصة بناء الكعبة على يد إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية؛ "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"، أما في السنة النبوية فقد جاء أنَّ إبراهيم حين أخبر ابنه إسماعيل -عليهما السلام- بأمر الله -تعالى-، وافق إسماعيل أباه على امتثاله أمر ربِّه، فقال إبراهيم لابنه: "أوَ تُعينني، قال: وأُعينك، قال إبراهيم: إنَّ الله أمرني أن أبني ها هنا بيتاً له".

ثم قام إسماعيل بإحضار الحجارة إلى أبيه إبراهيم عليهما السلام ليرفع قواعد البيت حتى إذا ارتفع البناء جاء إسماعيل بحجر ليرقى عليه أبوه وهو يبني، وظلا يرددان " رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" حتى أنهيا البناء.

قصة بناء قريش للكعبة

لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، الْحُلُمَ، أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شررة مِنْ مِجْمَرَتِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ، فَاحْتَرَقَتْ حجارة الكعبة. فتشاورت كبار قريش فيما بينهم في هدم الكعبة لإصلاح الضرر، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَتُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الْإِصْلَاحَ؟ أَمْ تُرِيدُونَ الْإِسَاءَةَ؟ فَقَالُوا: بَلْ نُرِيدُ الْإِصْلَاحَ. قَالَ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى، لَا يُهْلِكُ الْمُصْلِحَ. فردت عليه فَمَنْ ذَا الَّذِي يَعْلُوهَا فَيَهْدِمَهَا؟ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَنَا أَعْلُوهَا فَأَهْدِمُهَا. فَارْتَقَى الْوَلِيدُ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ وَمَعَهُ الْفَأْسُ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ.

فلم يحدث له مكروه جراء الهدم، فساعدوه على الهدم، وقاموا ببنائها مرة أخرى. فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ: أَيُّ الْقَبَائِلِ لها الشرف في رَفْعَهُ، حتى كاد الحرب تنشب بينهم. فاقترحوا: : تَعَالَوْا نُحَكِّمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا من هَذِهِ السِّكَّةِ. فإن النبي صلى الله عليه وسلم أول الحاضرين إليهم فَحَكَّمُوهُ، فَأَمَرَ بوضع الحجر الأسود في الثوب، وأَمَرَ سَيِّدَ كل قَبِيلَة فَأَعْطَاهُ نَاحِيَةَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْتَقَى هُوَ، وَأَمَرَهُمْ أن يرفعوه إليه ليضعه في مكانه. [2]

قصة بناء عبد الله ابن الزبير للكعبة

حين غزا أهل الشام مكة زمن يزيد بن معاوية احترقت الكعبة، فأبى عبد الله ابن الزبير إلا أن يجدد بناءها على القواعد القديمة معتمداً على ما سمعه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ تقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوى على بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه).

فبدأ ابن الزبير بحفر تحت الكعبة حتى أظهر أساسيات الملائكة وتركه مكشوفاً ليشهد عليه الناس، فبنى عليه الكعبة وأدخل عليه الحجر. وكان طول الكعبة في الماضي 18 ذراعاً فقام بقصره ليصبح 10 أذرع.

قصة بناء الحجاج للكعبة

وبنيت الكعبة للمرة الخامسة والأخيرة في عهد الحجاج؛ فقال النووي في وصف آخر بناء للكعبة: "والخامسة: بناء الحجاج بن يوسف الثقفي، وهذا هو البناء الموجود اليوم، وهكذا كانت الكعبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم". فبدأ بناء الكعبة في زمن الحجاج عندما قتل ابن الزبير، إذ إن الحجاج كتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير قد رفع الكعبة على أسس الملائكة.

فكتب إليه عبد الملك: إنَّا لسنا من تلطيخ ‌ابن ‌الزبير في شيء أي: إنَّا لسْنا في شَيءٍ مِن المُؤاخَذةِ بما اقتَرَفه واجتَرَمه ابنُ الزُّبيرِ مِن هدْمِ الكعبةِ؛ يَعني إنَّا بُرآءُ ممَّا تَلطَّخَه مِن جَريمةِ هدْمِ البيتِ. فأمر الحجاج أن يترك ما زاد من طولها، وأمَّا إدخال الحجر فأمره أن يردَّه إلى ما كان عليه من قبل أي: فاهدِمْهُ، وأَعِدْهُ إلى بِنائِهِ الأوَّلِ كما كان على عهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وسُدَّ الباب الثاني الذي فتحه ابن الزبير. [3]

الأسئلة الشائعة

لماذا أمر الله سيدنا إبراهيم ببناء الكعبة؟

يقول الإمام ابن كثير: أمر الله إبراهيم عليه السّلام أن يبني له بيتاً، يكون لأهل الأرض كتلك المعابد لملائكة السماوات، وأرشده الله إلى مكان البيت المهيأ له المعين لذلك منذ خلق السماوات والأرض. 

ما الحكمة من بناء الكعبة المشرفة؟

جعل الله تعالى البيت الحرام مثابة للناس وأمنا وطمأنينة ومكانا يلتقي فيه الناس ويتجمعون لعباده ربهم وتشتاق إليه أرواحهم وتحن إليه قلوبهم كما دعا النبي إبراهيم عليه السلام ربه "فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ"

من أين جاء الحجر الأسود في الكعبة؟

الحجر الأسود جاء به جبريل إلى إبراهيم عليهما السلام من السماء ليوضع في مكانه من بيت الله الحرام. وقد كان ذو لونٍ شديد البياض يوصف بأنّه أشدّ بياضاً من اللّبن، فاسودّ من خطايا بني آدم. 

أُعيد ترميم وبناء الكعبة بضع مرات عبر التاريخ المُدون حتى ظلت حتى يومنا هذا على نفس البناء كما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي قصة بناء الكعبة الكثير من الدروس والعبر المستفادة منها أن منها وإليها تكون مناسك الحج والعمرة في دين الإسلام، والتسليم المطلق لأوامر الله تعالى منذ زمن آدم عليه السلام وحتى الوقت الحاضر إلى جانب إحياء سنة الأنبياء في بناء الكعبة بدون التكلف.

موضوعات ذات صلة:

شاهدي أيضاً: أدعية عند الكعبة

  1. "كتاب أخبار مكة للأزرقي" ، منشور على موقع shamela.ws
  2. "كتاب دلائل النبوة للبيهقي" ، منشور على موقع shamela.ws
  3. "مقال "قصة بناء الكعبة"" ، منشور على موقع dorar.net
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار