تعلم أسس التعامل مع كبار السن

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

لا شك أن الشيخوخة هي نهاية دورة حياة الإنسان والمرحلة الأخيرة من العمر بعد فترة الشباب، وكما يُقال "للسن أحكامه" فإن المسنين في هذه المرحلة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وقلة الحركة والنشاط، وانعدام القدرة على تجديد القدرات، ونلاحظ أن أغلب أجدادنا أو آبائنا الكبار في السن يبدون في أغلب الأحيان غاضبين ومتوترين وحساسين جداً، لذا نوضح لك في هذا المقال كيفية التعامل مع كبار السن وأسباب عصبيتهم وغضبهم وكيفية الحد منها وأهم التصرفات التي يجب عليك تجنبها عند التعامل معهم.

كيفية التعامل مع كبار السن

تعد مرحلة الشيخوخة انقلاباً واضحاً في الأدوار بين الآباء والأبناء، ما يتطلب من الأبناء الاعتناء المضاعف بوالديهم المسنين، والتحلي بالصبر والمرونة أثناء التعامل معهم وخدمتهم. [1]

لذا نقدم لك أهم الطرق التي يجب عليك اتباعها مع والديك المسنين، حسب ما أوصت به أوربيلينا جارسيا، المنسقة وخبيرة الرعاية في مركز الرعاية سانت بارناباس في نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية في مقال لها، وذلك كما يأتي: [1]

رعاية الوالدين وتبادل الأدوار

من المهم أن تقتنع بفكرة أن الدور الذي أداه والداك من أجلك البارحة، ستقوم أنت بتأديته اليوم من أجل راحتهم، حيث ستنقلب الأدوار وتصبح مضطراً لقبول تصرفات ذات طابع فكري قديم يفرضها والداك عليك.

المسنون يبدون عواطفهم بشكل أكبر

احرص على مراعاة مسألة العاطفة والأحاسيس التي تُثار في قلوب المسنين فجأة، فالمسنون غالباً ما يصبحون منفتحين أكثر على الحياة روحياً وعاطفياً في مرحلة الشيخوخة، ويظهرون حبهم بشكل مفرط لم يظهر من قبل، وربما لا يعبرون عنه إطلاقاً ويظلون منطوين على أنفسهم، لذا عليك أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار وتتوقعه لتحسن التصرف معهم.

قد يغضب الأهل من فقدان السيطرة

ضع في ذهنك أن والديك كانا يفرضان سلطتهما الأبوية عليك من قبل، أما الآن فقد اختلفت المعايير، وأصبحت أنت من تُملي أوامرك وتعليماتك عليهما، الأمر الذي سيغضبهما نتيجة لفقدانهما سيطرتهما على الأجواء المحيطة بهما، لذا تجنب غضبهما وحاول أن تكون مستوعباً لهما.

استشارة الأهل والأخذ برأيهم

اجعل والديك دائماً يشعران بأن مكانتهما محفوظة، وأظهر تقديرك الدائم لهما، وأخبرهم بأنه لا يمكن أن يتغير مهما تقدما في العمر، وكذلك استشرهما دائماً في معظم الأمور وأشعرهما بأنك تأخذ بآرائهما.

الحرص على عيش حياة صحية

فكر بنفسك واعتنِ بصحتك، وبالتالي ستتمكن من رعاية والديك بشكل أفضل، فمثلاً تناول معهم الطعام واقضِ بعض الوقت في الخارج بعيداً عنهم، لتستريح وتهدئ أعصابك، حينها ستتمكن من العودة إليهم بروح مرنة ولطيفة.

وغالباً ما يكون هناك تحديات وعواطف أكبر يجب عليك مواجهتها، مثل: الإحساس بالذنب، والعزلة، والكآبة، والإحباط، والتوتر في علاقتك مع الآخرين، ولكن يمكنك أن تتخطى ذلك من خلال عنايتك بصحتك وأخذ قسط كافٍ من النوم والسماح للآخرين بمساعدتك في رعايتهم وعدم الخجل بشأن ذلك فراحتك مهمة أيضاً في عنايتك بوالديك المسنين.

كيفية التعامل مع كبار السن العنيدين

عند الحديث عن كيفية التعامل مع كبار السن عندما يعاندون مع ذويهم ويرفضون المساعدة والرعاية اللازمة، يجب الوقوف أولاً على الأسباب التي تدفعهم لمقاومة مساعدة الآخرين لهم والعناد معهم، إذ إن معظم كبار السن حينما يقبلون رعاية الآخرين لهم، يتخلون بذلك عن خصوصيتهم واستقلاليتهم. [2]

الأمر الذي يجعلهم يضطرون للتأقلم مع عادات جديدة لم تكن موجودة في حياتهم من قبل، مما يشعرهم بالخوف والضعف وأحياناً الغضب، نتيجة حاجتهم للآخرين طوال الوقت أو شعورهم بأنهم أصبحوا عبئاً على من يعتني بهم، فيحاولون مقاومة تلك الأفكار برفض ما يقدمه الآخرون لهم من دعم ومساعدة. [2]

وربما تدفعهم بعض المشكلات الذهنية كتراجع الذاكرة والقدرات المعرفية (التي تتمثل في الإصابة بالخرف أو ألزهايمر) إلى صعوبة التعبير عما يحتاجون فيتجنبون الاستعانة بالآخرين من الأساس، ويميلون إلى الكآبة والعزلة. [2]

ومن أفضل الطرق الممكنة لجعل كبار السن يقبلون رعايتك لهم، أن تحاول التقرب منهم والتحدث معهم بلطف دون قلق أو خجل، وأن تسألهم عن احتياجاتهم التي يريدونها باستمرار وتحفزهم على أن يطلبوا ما يريدون من دون أن يفكروا بشيء، كما أنه من المهم أن تتبع الطرق الآتية عند التعامل مع  كبار السن: [2]

  • حاول أن تحدد نوع المساعدة المطلوبة من قبلهم بشكل دائم، والأمر الذي يحتاجونه بالضبط لتقوم به على أكمل وجه.
  • كن جيد الاستماع لهم، واختر الوقت المناسب للتحدث معهم، كي تفهمهم جيداً.
  • استفسر عن الأشياء والخدمات المفضلة لديهم، كي تقوم بها من أجلهم قدر المستطاع، في حال عجزت عن القيام ببعضها.
  • اطلب العون من أصدقائك أو أفراد أسرتك، فمن الممكن أن يتمكن أحد غيرك من إقناعهم بقبول المساعدة.
  • لا تستسلم إن لم يتجاوبوا معك بالحديث في هذه المرة، وحاول أن تتحدث معهم في وقت لاحق.

فعندما يتعامل كبير السن مع أحد أفراد أسرته يشعر بالراحة أكثر من تعامله مع أحد العاملين في منظمات الرعاية، وهذا سيخفف من إعراضه ورفضه تلقي الرعاية، حيث يختلف نمط الرعاية في البلدان العربية عن باقي البلدان الأخرى، فعادةً ما يتم الاعتماد على الأسرة في رعاية كبار السن في البلدان العربية. [2]

وذلك لأن معظم الأسر العربية لا يقبلون أن يتركوا رعاية آبائهم المسنين لمنظمات الرعاية ومأوى العجزة، وبالتالي هناك آثار ربما ستكون سلبية على المدى البعيد رغم حساسية الموضوع في بلداننا العربية. [2]

ففي دراسة أجريت جامعة كينغ البريطانية في لندن عام 2016، أظهرت أنه من المتوقع لسكان المنطقة العربية أن يهرموا بشكل سريع خلال العقود القليلة المقبلة، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد اهتمام كافٍ بهذه الظاهرة في تلك البلدان. [2]

كما أشارت إلى أن هذا الازدياد في نسبة الهرم سيترافق مع حالات عديدة من الاعتلال الصحي والعجز، وبما أن معظم دول المنطقة العربية في هذه الحالات يعتمدون على الأسرة، وخصوصاً النساء، في العناية بكبار السن، فقد يواجهن تغيرات اجتماعية وديموغرافية تعيق قدرتهن على توفير الرعاية الصحيحة المناسبة لكبار السن. [2]

أسباب العصبية الزائدة عند كبار السن

من أهم الأسباب التي قد تسبب غضب كبير السن وتجعله عصبياً جداً وصعب المراس كالطفل المدلل، ما يأتي: [3]

الاكتئاب يسبب غضب كبار السن

تعتبر الإصابة بالاكتئاب سبباً رئيسياً للغضب عند كبار السن، فمثلما يغضب كبار السن الطبيعيين، يغضب أيضاً المسنون المُصابون بمرض الاكتئاب، ففي دراسة أجريت في جامعة تشونجام الوطنية بكوريا الجنوبية، للتحقق من نسبة الغضب المنتشرة بين المسنين المصابين بالاكتئاب.

أثبتت الدراسة أن نسبة الغضب عند كبار السن الذين يعانون من مرض الاكتئاب مرتفعة أكثر من المسنين الطبيعيين، ويعود ذلك إلى كثرة التجارب والمواقف التي كانوا قد مروا بها في حياتهم، حيث ترتبط شدة الاكتئاب بشكل حتمي بحالة الغضب والانفعال وسيطرة المسن على ردود فعله.

الصعوبة في التكيف عند المسنين

من الأسباب أيضاً التي يمكن أن تغضب كبار السن، نمط الحياة الذي اعتاد عليه المسن، فمثلاً يمر وقت صعب على تكيف المتقاعدين مع نمط حياتهم الجديد بعد ترك العمل، لأنهم كانوا يجدون ذاتهم في وظائفهم القديمة، التي كانت تمثل لهم عاملاً إيجابياً في حياتهم، وتشغلهم عن الكثير من الأمور التي ربما تتعبهم وتشغل تفكيرهم.

وفي دراسة أجريت في جامعة ستانفورد في بالو ألتو بكاليفورنيا بالتعاون مع وزارة شؤون المحاربين القدامى بالولايات المتحدة الأمريكية، حول مدى تأقلم كبار السن مع متغيرات الحياة السلبية في مجال الصحة والعلاقات الشخصية والترتيبات المالية، حيث وفرت حلولاً لتأقلم كبار السن مع متغيرات الحياة، سواء كانت إيجابية أو سلبية وتفعيل عمليات التكيف مع الظروف الطارئة في حياتهم.

كذلك حدد كبار السن من خلال هذه الدراسة أشد حدثاً سلبياً وقع معهم سابقاً في المجالات الثلاثة السابقة، حيث وصفوا كيفية تأقلمهم ومسايرتهم لتلك الأحداث وتعاملهم مع الضغوط المحيطة بهم.

كما أن الأفراد المسنين الذين كان لديهم دافع مواجهة الضغوط وتحديها كانوا أكثر احتمالية للاستفادة من تلك التجارب، أما الأفراد الذين عانوا منها واختاروا أن يتنحوا جانباً بلا مواجهة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

وهذا الأمر هو الذي يؤثر على صحتهم، وخصوصاً في هذه المرحلة الحساسة من العمر، وبالتالي كل هذه النتائج تمثل أساساً لخطوات وقائية للمساعدة في حماية كبار السن من الضغوط الأكثر تأثيراً في مرحلة الشيخوخة.

العوز المادي يغضب المسنين

من الممكن أن تكون الضغوط المالية الناتجة عن انخفاض الدخل بعد التقاعد من المؤثرات التي تجعل المتقاعدين (كبار السن) غاضبين ومتوترين، وهذا قد يرتفع إلى اشتداد نوبات الغضب التي ستؤدي ربما إلى حالات من العنف الجسدي ضد الأبناء أو الزوجة.

كيف تتجنب غضب والديك المسنين

من أهم الأمور التي يجب عليك تجنبها عند غضب والديك المسنين ما يأتي: [3]

  • الاستعانة بطبيب نفسي متخصص، والقيام بفحوصات وعلاج كل المشاكل العقلية أو العاطفية، وأخذ الدواء المناسب.
  • قد يرفض بعضهم طرق العلاج الحديثة، لذا عليك بعلاج نفسي لسلوكهم يُدعى بالعلاج المعرفي، من قبل طبيب نفسي، حيث إن هذا العلاج سيكون مقبولاً أكثر من ناحيتهم.
  • التحقق من الصحة البدنية والعاطفية، من خلال إيجاد نمط حياة صحي لهم، فحرمان أجسامهم من النوم يمكن أن يزيد من غضبهم، لذا من الضروري أن يناموا لمدة لا تقل عن 6-8 ساعات كل ليلة.
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، التي تعتبر طريقة فعالة لتفريغ الضغط الداخلي، والتخلص من التوتر الذي قد يؤدي إلى نوبات الغضب، فمن الأمور المفيدة لصحتهم الجسدية القيام بالتمارين من 20-30 دقيقة كل يوم، وحتى لو مارسوها لبضعة أيام خلال الأسبوع.

نصائح التعامل مع كبار السن

في بعض الأحيان، قد يقوم كبار السن بتصرفات محرجة وغير مقبولة، بل ربما يصل من يعتني بهم إلى مرحلة الجنون من شدة غرابة تصرفاتهم، ورغم ذلك علينا أن نعتني بهم ونحترمهم دائماً دون أن نشعرهم بأنهم مزعجون، لذا نقدم لك فيما يأتي أهم النصائح التي يجب اتباعها والتصرفات التي يجب تجنبها عند التعامل مع كبار السن: [1]

  • لا تناقشهم بشكل مستمر حول شيء أو موضوع ما عجزوا عن تذكره، فغالباً ما ينسى كبار السن ما قد قاموا به، منذ فترة سواء كانت طويلة أو قصيرة، فربما يُصابون بالخرف.
  • احذر من الضغط عليهم بكلامٍ قاسٍ، عندما لا يتمكنون من القيام ببعض المهام بأنفسهم، فمثلاً إن عجز والدك المسن عن إحضار كوب ماء، وطلب منك ذلك، معبراً عن عدم قدرته على جلبه، لا تلُمه على أنه لا يريد أن يخدم نفسه بنفسه.
  • لا تسخر أو تسبب لهم الإحراج عندما لا يتمكنون من استخدام بعض الأجهزة التكنولوجية الحديثة.
  • لا تشعرهم بأن حديثهم سخيف، واحرص على الإصغاء إليهم جيداً.
  • تجنب أن تتذمر منهم عندما يكررون الأحاديث المعتادة وقصص حياتهم من الماضي.
  • من أكثر الموضوعات التي تزعج والديك المسنين، أن تتحدث معهم حول موضوع الإرث قبل مماتهم بطريقة جارحة تشعرهم بالحزن والانزعاج.
  • لا تجيب على أسئلتهم بطريقة غير لائقة عندما يسألونك حول موضوع ما.

في الختام، بعد أن تعرفت معنا على كيفية التعامل مع كبار السن وأسباب غضبهم وعصبيتهم الزائدة وكيفية تجنبهم، اعلم أن آباءنا المسنين هم مرآة لنا في المستقبل، وسنمر بما يمرون به في هذه المرحلة من العمر، لذلك يجب علينا أن نسعى بكل ما نملك من رضا لرعايتهم والعناية بهم.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار